أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - قطار آخن 20














المزيد.....

قطار آخن 20


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 7411 - 2022 / 10 / 24 - 00:34
المحور: الادب والفن
    


ـ سأريك ما يمكن لك أن ترتديه قبل أن أتركك في هذه الغرفة وحيداً، ينبغي أن أساعد هنيلوري في المطبخ.
ـ هل أنت جادة فعلاً فيما تقولين؟
ـ بالتأكيد. انظر، هنا ثلاثة أزواج من الأحذية، مقاسها يناسب مقاس قدمك تماماً، أسود وأبيض وأزرق رمادي، هنا طقم كحلي مع كرافيت وقميص أبيض، هنا جِلباب عربي مع شال خفيف، هنا ثياب مضيف طائرة، هنا زي ضابط بحري وهنا الملابس الكاملة من الجلد الأصلي لسائق موتور جبلي وهنا ...

ـ هذا يكفي. قاطعها إبراهيم.
ـ لك أن تتقمص ما تشاء من شخصيات، لكن أرجو منك أن تسرع قليلاً.
ـ دقائق قليلة وأكون معكم.
ـ متشوقة لأرى ذوقك.
أحاطت أصابع يدها اليسرى برقبته، وقفت على رؤوس أصابعها، احتضنته، فضّت عذرية شفتيه بلسانها، ثم هدأت.
ـ باي باي، شاتسي (كنزي). همست الممرضة بعد أن صفعته برفق على مؤخرته الرياضية.
ـ باي، شاتس.
**

تَعَرَّى من ثِيابهِ، نظر إلى نفسه في المرآة:
هلْ ما زالَ تَغَضُّن الْوَجْهِ لدى رجال الشرق جذّاباً ومثيراً لاهتمام الأنثى؟
هلْ ما زالَ الرجل يعتز بشاربيه؟
هلْ ما زالت المرأة ترى في شاربيه الحماية والرجولة؟
هلْ ما زالَ الرجل يفتخر بالشعر الكَثّ على صدره؟
هلْ ما زالت المرأة ترى في شعر صدره مصدراً للإثارة؟
هلْ أصبحت النارجيلة رمزاً للمساواة بين المرأة والرجل في الشرق؟
ابتسم إبراهيم لوجهه في المرآة وهمهم:
ـ أوه .. شد ما تكلمت مع نفسي في هذين اليومين، أكثر مما تكلمت معها في أشهر عشرة.
**

في مراهقته كان يرغب أن يصير ضابطاً مهندساً في البحرية، وسامته وشخصيته تتناسبان مع هذا العمل، اللون الأبيض هو من ألوانه المُفضَّلة، النساء تعشق الحذاء الأبيض وهو يعشق النساء، السفر مع السفينة متعة بالنسبة له، ثم أن ضابط البحرية أقل الضباط عنجهية وأكثر الفئات العسكرية حباً للحياة، لم يرغب يوماً أن يكون ضابطاً في سلاح الجوّ رغم الشعار الشرقي الشوفيني "سماؤنا لنا حرام على غيرنا"، لم يصدّق شعاراتهم في حياته، حكام الشرق يكذبون حتى على أطفالهم، يهددون بحرق بلدانهم وقتل شعوبهم، لا يهددون وحسب، بل يحرقون الشجر والضرع ويقتلون الشعب ثم ينهبون كل ما يقع بين أياديهم.

شعار أكاديمية ضباط الجيش في ألمانيا مستمد من كلمات الروائي الألماني "تيودور فونتانه": "سُمُوُّ أشكال الحياة هو أن تخدم بِحُرِّية".

مُنِحَتْ المرأة الأقوى في العالم وأكثرهن نفوذاً، والحاصلة على شهادة الدكتوراه الفعلية في الفيزياء أربع عشرة شهادة دكتوراه فخرية أو أكثر، بالإضافة إلى عشرات الجوائز والتكريمات، ومع هذا فإنها بقيت تُخاطب في المحاضر الرسمية فقط بالسيدة المستشارة، أحياناً بالسيدة ميركل، دون مقدمات أو مؤخرات، ودون مقولة "ميركل أو نحرق البلد".

**
مَدّ إبراهيم يده اليمنى إلى الخزانة، أخرج منها بِذْلَة ضابط البحرية، ارتداها على مهل، البنطلون أولاَ ثم القميص، لبس جراباً من الحرير ثم وضع حذاء الجلد الأبيض في قدميه، أحاط رقبته بربطة العنق السوداء، عقدها عند حلقه في ثوان معدودات، زرّر القميص الأبيض طويل الأكمام، ارتدى الجاكِتّة، سوّى النجمة العسكرية على كتفه، وضع القُبَّعَة على رأسه، نظر في المرآة إلى صورة الضابط الأبيض وجلجلت ضحكته الرعدية، أدار قرص الهاتف الوهمي وطلب رقماً خاصاً، رفع قدمه اليمنى وخَبَطَ أرْضَ الغرفة، قدم التحية لنفسه وللقائد الوهم:

ـ تمام يا سيدي، سفينتي جاهزة للرحلة الغريبة، نعم يا سيدي، لا تقلق.

ـ قسماً بقطار آخن سأكون اليوم للمرأتين ضابط السفينة المحترم والرجل النبيل، سأمتِّعهن على ظهر سفينتي، ستكونان مسرورتين حتى التعب اللذيد، سأكون اليوم "ريتشارد جير" الثاني، مع فارق وحيد هو مكان الولادة، أنا ابن الشرق وهو ابن فيلادلفيا الأمريكية، ولما لا؟ فأنا أشبهه بعض الشيء، على الأقل حين كان شاباً، حتى أن قامتي أكثر امتشاقاً من قامته ولعلني أشدُّ بأساً وأعظم قوّةً منه.

سجائر غارغويل وأعواد الثقاب ورائحة النساء في كل زاوية، فتحَ إبراهيم الباب المطّل على بلكون صغير، دخل هواء بارد إلى رئتيه، أنعشه، ما زالت تمطر في الخارج، أشعل سيجارة، شّمّ دخانها، استنشقه بعمق عائداً بذاكرته للوراء، غالباً ما يرتبط إحساس الشّمّ الفعلي بقوة مع العواطف والذكريات والدوافع الهرمونية. رمى عقب السِّيجارة على أرض البلكون الرطبة بانفعال، انطفأ من تلقاء ذاته، أغلق الباب، لعن الشرق والغرب في سره، سوّى ياقة قميصه ومشى بخطوات واثقة متجهاً إلى صالون الاحتفال، وهو في الكوريدور وصله من المطبخ صفير إعجاب وحماس، زعقت السيدتان، الممرضة والشرطية، بصوتٍ سيكسي:
ـ واوووو... برافو إبراهيم، مدهش!
ثم أردفت الشرطية هنيلوري:
ـ تبدو ببذلتك البيضاء كتاجر مخدرات أميركي في قمة الوسامة.
عقّبت الممرضة سابينه:
ـ بل يبدو كالأخ التوأم "ريتشارد جير"، خذ مكانك في الصالون، دقائق وتجهز مائدة الاحتفال.
**



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قطار آخن 19
- قطار آخن 18
- قطار آخن 17
- قطار آخن 16
- قطار آخن 15
- قطار آخن 14
- قطار آخن 13
- قطار آخن 12
- قطار آخن 11
- قطار آخن 10
- قطار آخن 9
- قطار آخن 8
- قطار آخن 7
- قطار آخن 6
- قطار آخن 5
- قطار آخن 4
- قطار آخن 3
- قطار آخن 2
- قطار آخن 1
- خواطر قارئ تحت ظلال رواية (المُكْتَوي)


المزيد.....




- شباب سوق الشيوخ يناقشون الكتب في حديقة اتحاد الأدباء
- الجزيرة 360 تشارك في مهرجان شفيلد للفيلم الوثائقي بـ-غزة.. ص ...
- النيابة تطالب بمضاعفة عقوبة الكاتب بوعلام صنصال إلى عشر سنوا ...
- دعوات من فنانين عرب لأمن قطر واستقرار المنطقة
- -الهجوم الإيراني على قاعدة العُديد مسرحية استعراضية- - مقال ...
- ميادة الحناوي وأصالة في مهرجان -جرش للثقافة والفنون-.. الإعل ...
- صدر حديثا : كتاب إبداعات منداوية 13
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...
- ميسلون فاخر.. روائية عراقية تُنقّب عن الهوية في عوالم الغربة ...
- مركز الاتصال الحكومي: وزارة الثقافة تُعزّز الهوية الوطنية وت ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - قطار آخن 20