أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أحمد فاروق عباس - دار الافتاء الاقتصادية















المزيد.....

دار الافتاء الاقتصادية


أحمد فاروق عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7413 - 2022 / 10 / 26 - 19:54
المحور: كتابات ساخرة
    


كما توجد دار الافتاء المصرية للفتوى في أمور الدين ، توجد في مصر دار للفتاوى الاقتصادية ، وهى ليست هيئة عامة أو نظامية مثل دار الافتاء فى أمور الدين ، ولكن هى دار خاصة ، كما أن مجال الاشتراك والعمل فيها ميسور جدا ..

كل ما يستلزمه الأمر مجرد كتابة رسالة ماجستير أو دكتوراه في جزئية معينة فى فرع معين فى الاقتصاد ، أو قراءة كتاب أو كتابين فى الاقتصاد للقارئ العام ، وفى بعض الأحيان لا يحتاج الأمر أكثر من حساب على فيس بوك حتى يفتى إنسان ما فى مجال هو حتى بالنسبة للمتخصصين فيه مجال شديد التعقيد ، والاختلاف حتى بين كبار العلماء فيه لا يتوقف ..

الاقتصاد علم عويص وشديد التعقيد ، وعوامل عدم اليقين فيه مرتفعة جدا ..

والاقتصاد لافتة ضخمة تضم تحتها مجموعة متنوعة من العلوم .. مثل الاقتصاد الدولى ، اقتصاديات الصناعة ، النقود والبنوك ، الاقتصاد القياسى ، الاقتصاد الرياضى ، أسواق المال ، الاقتصاد الزراعى ، المالية العامة ، والتخطيط الاقتصادي ، التنمية الاقتصادية ، النظرية الاقتصادية ( الاقتصاد الكلى - الاقتصاد الجزئي ) ، الموارد الاقتصادية ، التطور والفكر الاقتصادى ، الحسابات القومية ... إلخ .
وفى كل علم من هذه العلوم نظريات وآراء وتفاصيل لا تحصى ..
ثم يأتى تطبيق كل ما سبق على الحياة الاقتصادية لبلد ما وفى ظروف معينة ..

لكن المجال العام أصبح مفتوحا على آراء شديدة الغرابة ، من كل من قرر ترك مجال عمله واهتمامه ، والكتابة او الحديث فى مجال يستدعى إستعداد خاص ، وجمع كميات كبيرة من الحقائق ومتابعة واعية ومستمرة للشئون الاقتصادية حتى يُستمع إلى كلامه بثقة ، وهو ما أصبح غير متوفرا حتى من المتخصصين مع الاسف ..

لذا فإننى على المستوى الشخصى أتهيب في أغلب الأحيان من التعليق على شئون الاقتصاد ، على الرغم من تخصصى فيه ، وافضل أن تكون كلمتى في صورة دراسة أو بحث أو كتاب ، حيث الكتابة أكثر انضباطا وأكثر تأنيا وأكثر عمقا ..

وقد قدمت في هذا الإطار دراسات متنوعة ، نشرت فى مجلات علمية محكمة من هيئات علمية مرموقة ، أو ألقيت فى مؤتمرات تجمع كبار المتخصصين في المجال ..

فدراسة موضوع اقتصادى تستدعى أن يجمع الدارس كمية كبيرة من الحقائق والبيانات والإحصاءات والمعلومات الحديثة ، مع خلفية علمية محددة فى مجال التخصص ، ثم اطلاع واسع على الأدبيات القديمة والحديثة في الموضوع الذى ينوى الحديث فيه ، ثم فهم عام لمجمل الظروف فى باقى قطاعات وأنشطة الإقتصاد الأخرى ، حتى لا يأتى كلامه مركزا على الجزء وينسى الكل ، حيث يرى الإنسان الشجرة الصغيرة ولا يرى الغابة التى تحتويها ..

ولكن فى مصر ليس لدى أحد الوقت أو الطاقة للالتزام بالأصول والتقاليد المرعية ، لذا يأتى الحديث والكتابة في الاقتصاد متسرعة ومتعجلة أحيانا ، وقصيرة النظرة أو بلهاء في أحيان أخرى ..

مرض الطفولة الإقتصادية ..

المشكلة الثانية - وقد صادفتها من منشور منتشر من يومين على الفيس بوك - أن كل من حاز درجة الماجستير او الدكتوراه فى الاقتصاد أو حصل على منصب التدريس لطلاب جامعة ما ، أصبح يرى أن من حقه أن تقدره الدولة وتسند إليه منصباً خطيراً ، وزير مثلا ، وإذا كان من المتواضعين فيطلب أن تستمع الدولة إلى رأيه ، وأن يؤخذ بنصائحه ، وإلا فإن البلد لا تقدر الكفاءات ..

وما أراه فى الحياة الأكاديمية المصرية يدعو للتعجب ، ونزعة البحث عن مناصب كبرى خارج الجامعة اغراء تمكن من كثيرين للأسف ، ومن الحق أن يقال أن ذلك المنحى الغريب لا يقتصر على الجيل الحالى من الاقتصاديين المصريين ولا حتى الجيل السابق ، ولكن وراءه تاريخ طويل ..

وقد بدء الأمر فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ، حيث كان كل من يتم تعيينه معيداً يرى نفسه مشروع وزير فى المستقبل ..

ولم لا .. وأمامه رجال مثل رفعت المحجوب ولبيب شقير وزكى شافعى ومحى الدين الغريب ويوسف بطرس غالى ومحمود محى الدين وغيرهم أصبحوا وزراء ، بغض النظر عن كفاءة بعضهم المشهود لهم بها ، أو آخرين لم يكونوا مثلهم ..

ولم يعد الأمر مقصورا على كلية الاقتصاد ، بل عم وانتشر إلى باقى الجامعات المصرية ، فالدكتور على لطفى أستاذ الاقتصاد فى تجارة عين شمس جاء رئيسا للوزراء في الثمانينات ، وجاء بعده مباشرة الدكتور عاطف صدقى أستاذ الاقتصاد والمالية العامة فى كلية الحقوق ، ثم الدكتور كمال الجنزوري أستاذ الاقتصاد الزراعى بمعهد التخطيط رئيسا للوزراء في التسعينات ..

واستمر الأمر حتى بعد الثورة ، ففى السنة التى حكم فيها الإخوان جاءوا بالدكتور المرسى حجازى وهو أستاذ الاقتصاد فى تجارة الإسكندرية وزيرا للمالية ، وعندما كشف الأستاذ أحمد السيد النجار سرقته لأبحاث علمية من آخرين ونسبتها لنفسه اضطر إلى ترك الوزارة ، وجاء الدكتور فياض عبد المنعم أستاذ الاقتصاد فى تجارة الازهر بدلا منه ..

وبعد ذهاب الإخوان تولى الدكتور حازم الببلاوى أستاذ الاقتصاد بحقوق الإسكندرية منصب رئيس الوزراء ، ومعه فى الوزارة الدكتور حسام عيسي أستاذ الاقتصاد بحقوق عين شمس ..

تاريخ وتقليد قديم ومستمر حتى الآن هو إذن ..

وهو ما أثر على أجيال كثيرة من الاقتصاديين المصريين يرون منصب الوزير حقهم الطبيعى ، وإذا تواضع البعض فيجب على الاقل أن تدعوه الدولة إلى مؤتمراتها ، أو - فى أقل القليل - أن يظهر ليلا على الشاشات فى برامج المساء ، مقدما رأيه الذى ينتظره الملايين ..
وإلا فالدولة لا تقدر العلماء ، ولا تعترف بالكفاءات !!

لا اعتراض لدى طبعا فى استعانة الدولة بمن يثبت كفاءته سواء في الجامعة أو فى غيرها ، ولكن ما قصدته هو التكالب على المناصب العامة من كثيرين ، ولدرجة أصبحت مضحكة فى حالات معينة ..

الغريب أن حائزى جائزة نوبل فى الاقتصاد ، وهم أرقى مستوى علمي في العالم فى مجالهم لا يصبحون رؤساء جمهوريات أو وزراء أو حتى رؤساء أحياء ، ولا يطالبون بذلك ..

ويرون أن من طبيعة الأمور أن يظل كل واحد منهم مع أبحاثه وعلمه وطلابه ، مقدما خدمته لمجتمعه ولبلده فى صورة اجتهاد متواصل ودراسات وكتب أصيلة تخدم تطور العلم فى عمومه ، أو تخدم تطور بلده بصورة أكثر استدامة وأصالة ..

ولا يرى واحد منهم أنه اذا لم يدخل البيت الأبيض أو ١٠ داوننج ستريت أو قصر الإليزيه رئيسا أو وزيرا فإن بلده لا تقدر العلماء ولا تعترف بالكفاءات !!

هذا المرض تمكن وانتشر عندنا فقط للأسف ، ومازال اغراء البحث عن المناصب العامة ممسكا بعقول وقلوب الكثيرين ، وسراب الجرى وراء مقعد الوزارة الحلم الذى يستحق من أجله التضحية بكل غال ..

دار الإفتاء الاقتصادية المفتوحة على مدار الساعة لكل من هب ودب ، ثم مرض الطفولة الإقتصادية ، مشكلتين عويصتين تواجهان الحياة الاقتصادية المصرية الحديثة ..



#أحمد_فاروق_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايات الغريب
- الديموقراطية السليمة ، والديموقراطية العميلة ، والديموقراطية ...
- لماذا لا يستطيع قادة الغرب مخالفة أمريكا ؟!
- سنوات التيه
- كيف حرق الإخوان كليتنا مرتين
- إختبار ام عقاب ؟
- مواقف وطرائف
- الإسلام السياسى فى ثوبه الشيعى
- الأفكار .. والأفعال
- تجربة حديثة .. وتجربة قديمة
- التفسير الطبقى للغناء
- المستقبل لمن ؟
- عندما يصبح الجميع ملائكة إلا مصر !!
- 6 أكتوبر 1973
- المعارضة أم التأييد .. أيهما أكثر إفادة ؟!
- إغلاق إذاعة لندن .. وذكريات لا تنسى .
- الحرب بين العصور
- متى يتعلم المعارضون المعارضة ؟!
- هجوم الخريف المعتاد .. لماذا نسى هذا العام ؟!
- وفاة القرضاوى


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أحمد فاروق عباس - دار الافتاء الاقتصادية