|
التجديد في الشعر العربي
صالح مهدي عباس المنديل
الحوار المتمدن-العدد: 7374 - 2022 / 9 / 17 - 11:41
المحور:
الادب والفن
ساد الشعر العربي بالوزن و القافية و اللفظ الجزيل و التعبير البليغ منذ تكامل اللغة العربية قبل الأسلام بقرنين من الزمان حتى سقوط الدولة العباسية و حلول الفترة التي سميت بالعصور المظلمة و كانت فعلا كذلك. حيث خيم على العالم العربي شبح اسود دام لمدة تزير على 600 عام. لاشك ان التدهور الأقتصادي و عدم الأستقرار السياسي هو العامل الرئيسي الذي ادى الى هذا الشكل من الذبول و الأضمحلال الفكري. ذلك الأضمحلال الذي شمل كل انواع الفعاليات الحضارية من الفن و الأدب و العمارة و العلوم. في تلك الفترة المظلمة لم نرى اديب او عالم او حتى مؤرخ يخبرنا بما حدث او ما كان يحدث في تلك العصور. امة كاملة تركت الكتاب و القلم و اتجهت الى الصحراء ليعود عصر البدواة بشكل اقسى مم مانت عليه حالة الأمة قبل الأسلام. حياة قاسية تتسم بالفقر المادي و الفكري. و شاعت الأميه و انتشر الجهل و عاد الناس الى عالم الخرافات و الجهل. بينما كانت اوربا في صراع التخلص من تلك الأفات حيث بدأ عصر النهضة في القرنيين السادس عشر و السابع عشر، كانت الأمة العربية تغوص في الأتجاه الآخر . و مما جعل تلك الفترة اسوأ هو موجات الطاعون و الجدري اضافة الى الصراعات القبلية و انتشار الفوضى بسبب انهيار الدولة. لم يهتم العثمانيين خلال خمسة قرون من هيمنتهم على المنطقة الا بامرين و هما جمع الضرائب و تجنيد الشباب لحروبهم التوسعية في اوربا التي لعبت الدور الأكيد في الأنهيار فيما بعد. انعدمت المدارس و اختفى الأدباء و العلماء و كأن لم تكن بغداد او القاهرة عواصم الدنيا في سالف الأيام. و جثت الكتب في الأقباء تجمع الغبار لا احد يعرف ما بداخلها. بالتأكيد لعب التطرف الديني دوره مثل تحريم العلوم و الرياضيات و اللجوء الى التصوف الذي اصبح من اكبر المذاهب على اختلاف انواعه. ا عتقد ان هذا لعب دور جدا كبير في في العزف عن الآداب و العلوم . تغيرت اللغة العربية في العصور المظلمة و تحولت الى لهجات متباينة و اختفت تماما اللغة الفصيحة لعدم الى استعمالها بسبب تدهور الأدب و تغير طبيعة الحياة ربما بسبب العودة الى الحياة القبلية التي كانت نتيجة مباشرة للحروب و بالذات تدمير بغداد و مدن الشام من قبل المغول و التتار و استيلاء المماليك على مصر و حكمهم الجائر و الأهتمام بالمصالح الشخصية في الحكم و انعدام الرؤيا المستقبلية السديدة. اصبحت الكلمة الدارجة هي و سيلة التعبير اليومي و المرور اما البلاغة فليس لها من يشتري او يبيع. و بذلك انعدم الحافز الأقتصادي لأستعمال الكلمة الفصيحة و الجملة البليغة و اندثر الأدب و الشعر ما باقي الفنون و العلوم. كان الأنعزال الجغرافي و عدم وجود وسائل نقل ذو دور مهم ، لم يعرف العرب ماذا كا يحصل في اوربا من وعي و نهضة، و حرمت الدولة العثمانية دخول الآلة الطابعة التي اكتشفت في القرن السابع عشر و لم تصل العالم العربي الا بع قرنين من الزمن. لعبت الآلة الطابعةً دورا محوريا في تطور العلم و الأدب و تحديث اسلوب الحياة و كذلك نشر المعلومة و نشر الكلمة الذي تبين فيما بعد انه عامل اساس في التطور. بقيت الأمة العربية في سبات حتى غزو نابليون لمصر و سفر رفاعة رافع الطهطاوي الى فرنسا حيث كان ذو عقل متفتح عاد الى مصر بالكثير مت التحديث و التفتح الذي ادى الى انشاء المدارس و الجامعات في عصر محمد علي. كانت هذه التطورات في مصر هي السبب الرئيس في انبعاث روح التحديث في الأدب العربي ادت الى ظهور شعراء افذاذ مثل محمود سامي البارودي و احمد شوقي و معروف الرصافي و جبران خليل جبران و عدد كبير من شعراء المهجر و ادباء المقالة و القصة. توج القرن العشرين بثلاثة احداث غيرت وجه الأدب العربي و هي جبران خليل جبران و جائزة نوبل لنجيب محفوظ و الظاهرة الأخيرة هي بدر شاكر السياب الذى ابتدع الشعر الحر . اعتقد ان السياب هو ظاهرة تجديد نادرة من نوعها في الشعر العربي. جرأة التغيير و التمكن من رسم صورة و مشهد شعري فريد من نوعه ، قلده الكثير و بالتاكيد انجحهم نزار قباني. للأسف يشهد الأدب العربي ركود شديد منذ منتصف القرن العشرين. بالتأكيد لدينا الكثير من الشعراء الذين يكتبون على الطريقة التقليدية من الرجز و السجع و لكن لا يوجد الا القليل من الناس من يقرأ الشعر، و ذلك بسبب العيوب التقليدية فيه و هي التقليد الممل ، غياب الجزالة و البلاغة و استعمال الكثير من الكلمات التي هي شبه العامية و أختفاء التجديد. القاريء يريد شيء جديد مختلف عن التقليد، لولا اعجوبة السياب لم يحصل تغيير ، تحمل السياب و نازك الملائكة هجوم من جميع الجهات من دعاة الجمود و التقليد لكن الموهبة الحرة اثبتت جدارتها لان القاريء يحب التغيير . صحيح ان السياب ظاهرة سحرية قد لا تتكرر لكن هذا لا يمنع من الدعوة للتغير . ربما يكون هذا بشكل نثر او خطابة او استعارات من الأدب القديم لأحياء المفردة الجزيلة و التعبير البليغ.
#صالح_مهدي_عباس_المنديل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مؤسس المدرسة
-
كيفية ايجاد حلول للمشاكل
-
التفكير النقدي
-
التفكير النقدي لطلبة الجامعات
-
التعليم في العالم العربي
-
الجامعة
-
المدارس
-
كلية الطب
-
اوجاع في بغداد الحصار
-
كي لا ننسى
-
النهر الغريب
-
لغة العيون
-
السامري
-
الضيف الثقيل
-
النسيان
-
سقوط الصنم
-
دنيا الفناء
-
مدينة تحتضر
-
الوحدانية
-
الجنون و المفكر
المزيد.....
-
مصر.. القبض على مغني المهرجانات -مجدي شطة- وبحوزته مخدرات
-
أجمل مغامرات القط والفار.. نزل تردد توم وجيري الجديد TOM and
...
-
“سلي طفلك الان” نزل تردد طيور الجنة بيبي الجديد 2024 وشاهد أ
...
-
فرانسوا بورغا للجزيرة نت: الصهيونية حاليا أيديولوجية طائفية
...
-
الحضارة المفقودة.. هل حقا بنيت الأهرامات والمعابد القديمة بت
...
-
المؤسس عثمان الموسم الخامس الحلقة 159 على ATV التركية بعد 24
...
-
وفاة الممثل البريطاني برنارد هيل، المعروف بدور القبطان في في
...
-
-زرقاء اليمامة-.. أول أوبرا سعودية والأكبر في الشرق الأوسط
-
نصائح لممثلة إسرائيل في مسابقة يوروفيجن بالبقاء في غرفتها با
...
-
-رمز مقدس للعائلة والطفولة-.. أول مهرجان أوراسي -للمهود- في
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|