أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عقيل الواجدي - التوظيف المتقن للشخصيات التاريخية قراءة في نصين للشاعرة مروة أبو سمعان















المزيد.....

التوظيف المتقن للشخصيات التاريخية قراءة في نصين للشاعرة مروة أبو سمعان


عقيل الواجدي

الحوار المتمدن-العدد: 7370 - 2022 / 9 / 13 - 13:06
المحور: الادب والفن
    


الشعرُ على مرّ أزمنته المدوَّنة احتفظ بتفوقه على باقي أجناس الكتابة شهرة وتصدر المشهد الحياتي حتى ما قبل التدوين فقد كان الشعر صنو الذاكرة لا يغادرها وحكمته التي ينشدها بما امتلك من ميزة تفرَّد بها عما سواه من أجناس الكتابة الأخرى ألا وهو سهولة الحفظ لدى المتلقي غير أنه تعسَّر أن يكون مباحا إلا لمن إمتلك كل مقومات الشعر من موهبة ورواية ورعاية .
الجمال وحده من يأسر الارواح ويذهب بها نحوه ، والكلمة التي تطرق باب الفكر فتفضي به الى مساحات من التخمين والتأويل وحدها من تستحق أن نمنحها الكثير الكثير من الاهتمام ، ولأني اعتدت أن اقرأ برويّة تصل بي حد المبالغة من أجل أن لا أغبن الكاتب جهده ولا أفقد متعة القراءة في زمن ندر فيه ان يمتعك كل ما تقرأ .
نصان لفتا اِنتباهي للشاعرة الفلسطينية مروة أبو سمعان هما ( وللأثافي قصائد ) و ( إرثنا ) المدونتان على صفحتها الشخصية اِمتلكا سمتين بارزتين تمثلتا باستخدامها لمفردات تفصح من خلالها عن سعة إطلاعها على الأدب العربي القديم ومعاجم اللغة اِضافة إلى توظيفها المتقن للشخصيات التاريخية بما يخدم النص بسلاسة من غير تكلف .
النص الأول معنون بـ ( وللأثافي قصائد ) متخذة من العنوان بُعداً دلاليا مرتكزا على حالة من الرسوخ – الذهني – والتلازم بين القصيدة كاِطار زمني لبيئة شاخصة – الأثافي – متمثلة بالأحجار التي هي ركيزة تلك البيئة ، لوحة تنسل ملامحها الى المخيلة تدرُّجاً كلما سبرنا أغوار النص .
تستهل الشاعرة النص بفعل مضارع والذي يستمر على طوال النص بدلالة حيوية واستمرارية تكشف لنا مدى الرغبة في رسم واقع – متخيل – آتٍ عبر صباحات مُلهمة بما أفاضت في الروح من شعور وشعر مستمد من ( وادٍ ) لطالما تكشَّف أثره عند من يؤمنون به ، فالصمت لايرممه الاّ الصوت – الفوضى – ولا توقد برودة الوحدة إلا أثافٍ تجتمع من حولها القلوب .
( يطرقُ الصباحَ بدِلة الحديث
حين عودته من وادِ عبقر
متأبطاً الفوضى
ليرمم صمت الديار ،
لتنجو من غارات الوحدة
يقدحُ النارَ في أثافيّ قديمة )
التاريخ الذي يلوح بتساؤلاته تقف الحقيقة حائلا أمامه ، لاحقيقة في هذا التاريخ إلا ما أعتقدناه ، فالتاريخ مكعَّبُ الوجه وما انسلّ منه إلينا يفصح عن بعض حقيقته من خلال تكرار نفسه ، التاريخ يعيد نفسه بديهية أثبتتها الأيام ، وهاهي شاعرتنا تضع تساؤلها ( لم لاتعترف بي ) إضاءة في عالم معتم تكاد تغيب عنا ملامحه إلا من إشارة ( تكتب بدموع العين العبسية ) وهي بلاشك إشارة الى الجحود الذي نال من اجتهد في أن يدفع نفسه ثمنا مقابل أن يُعترف به ، هو الخذلان اللامنتهي :
(( يُنادونَني في السِلمِ يا اِبنَ زَبيبَةٍ
وَعِندَ صِدامِ الخَيلِ يا اِبنَ الأَطايِبِ ))
اِمتلكت الشاعرة تقنية التصوير كأنما تدور بعدستها نحو الخفايا مما لا يلتفت إليه إلا القليل ، فالشخوص في النص ممسرحة تكاد تراها عَيانا ، هي البراعة في توظيف المفردة .
( يجول حامِ الذمار في ربوع الماضي
شاهراً سيفه الخارج من غمده دوماً
يرشق حوائط الليل بأسئلة
تُكتب بدموع العين .. العبسيّة
لم لا تعترف بي !
و التاريخ يلملم نفسه
حين ذكري ..
و تُرأب الصدوع باسمي !)

إن عملية اِسقاط النص على الواقع الذي قامت به الشاعرة كشف عن وعي جلي في إدارة النص بما ينسجم مع واقع معاش ، فكم من عنترة – الوطن – مخذول دائما ، وكم من شداد – وصولي – يتنصل عنه حينما تتعارض مع مصالحه ، وكم من إخوة – الأنظمة العربية – لايعدُون سوى أن يكونوا أخوة يوسف ، الخيبة التي رسمت ملامحها الشاعرة موجعة ، اتقنت توصيفها فلا الأثافي ولا القصائد يمكن أن تبعث الحياة في مشهد – الوطن – اَطَّره الحزن حدَّ الاحتواء .

(عبدةٌ أمي . . .
و أيامي بيضٌ يا أبي الذي نسيني ..
.
.
ابنُ شدادٍ أنتَ يا وطني
لا أثافي فيكَ ..
لا القصائد تجلو كِنزكَ السوداء
و لا تحوك لك ..أثواباً تليق
بالعذراء و يوسف الصِدِّيق ..
تلوك الحكايا دون ماءٍ
و لا يدقُ النهار ليلك ..
للمقهى فيك شجون و غصة ..
دون أن تُدَلِك لك الأحاديثُ
مواسمنا المتحجرة .. )



النص الثاني (اِرثنا ) : إمتاز النص بتعدد شخوصه وبالتالي تعدد دلالاته وبمجموع دالة أرادت الشاعرة إيصالها ، فبالرغم من التباين اللفظي للشخوص ( فالمعري برسالته ، وجرير والفرزدق بجدلية صراعهما ، والمسيح ومائدته ) إلا إنك لاتلبث أن تكتشف عن نقاط التقاء وتوافق دلالي .
اإنَّ اِتقان الربط بين الدلالات والمقدرة على توظيفها سمة لازمت شاعرتنا بداية من نصها الأول الى نصها الثاني الذي اتشح ( العمى ، الصراع و الفقد ) وهي سمات واقع نعيشه ، فكل ما فينا وما حولنا آيل نحو العمى والصراع والفقد ، هو الإرث الذي يتناسل مع الأزمنة ، وكانت الشاعرة موفقة الى حد بعيد في اختيارها للعنوان ، فهي قارئة بارعة للواقع .
لا أجمل من اَنْ تجد العذوبة ورقة الوصف في نص تخلله الحزن ، الانسيابية التي إمتاز به أسلوب الشاعرة يدفع بالمتلقي لتقصي كل مفردة ، يقف أمام تساؤلاتها ، ويصطف إلى جانب إجاباتها ، البراعة وحدها من تمنح النص كل هذا الجمال ، فالمولودون من ثقوب الناي وحدهم من يدركون أسرار الحزن ووحدهم من يحسنون البوح ، أفئدتهم التي اعتادت غياب الأحبة عنها يموسق الحزن انتظارهم على وتر من ترقب .

إرثنا
ـّـــــــ
يحل الغبارُ زائراً مضيافاً
لرسالة الغفران
المقعية في أتون النسيان . .
المورق لنا سنديانات و نارنج
.
.
يتوسل جرير كلمة
من فرزدقه
يناجي الأيام الخوالي .. /
كيف لي أن أحملَ نزق الصباح دونك . .؟!
و تسقط عبـ ــر ة
.
.
يتساءل الفؤاد المثقوب
من كثرة الغياب
أتكون رشوة الانتظار
نظرة فيها
جلاء الشك |
و الريب / . .
.
.
على عرش الأرق
يطوقنّا موسيقاره
/
على رسلك يا رجل !
.•°نحن الذين ولدنا من
ثـ
قـ
ـو
ب
الناي .•°
.
.
و أضحينا نضحكُ
ربات البيوت البواكيا
هو إرثنا خبز الكفاف
و العشاء الأخير
.
.
و لقد غدونا
بلا موائد ،
إذ رُفع المسيح . . . /

النصان ( وللأثافي قصائد ) و( إرثنا ) يستحقان الكثير من القراءة الواعية لشاعرة امتلكت كل مقومات التفوق .



#عقيل_الواجدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تراث منصور وبراعة ترويض المفردة
- حامد ثامر المسفر / رابطة الشعر العربي 1995-2001
- جعفر حاجم البدري / رابطة الشعر العربي 1995-2001
- الاستاذ جعفر حاجم البدري يترجم قصة ( لا ذاكرة للوطن )
- أثر ثقافة الشاعر في نمو النص ونضجه ، قراءة في قصيدة الشاعرة ...
- من شعراء رابطة الشعر العربي 1995-2001 / اسعد المطيري
- شعراء الحنظل المتمردون، رابطة الشعر العربي في ذي قار 1995-20 ...
- رابطة الشعر العربي ومنشورها العلني / للكاتب علي عبدالنبي الز ...
- الرابطة موقف وانجاز / الرابطة، هويّة التمرد / عبدالمحسن نهار ...
- الرابطة موقف وانجاز / الرابطة التي احببتها /القاص ابراهيم سب ...
- الرابطة موقف وانجاز / الجزء الخامس
- الرابطة موقف واِنجاز / الجزء الرابع
- الرابطة موقف وانجاز / الجزء الثالث
- الرابطة موقف واِنجاز / الجزء الثاني
- الرابطة موقف واِنجاز / الجزء الاول
- مقدمة مجموعة ميارنا للشاعر عقيل الواجدي
- مقدمة مجموعة (في ذمة الموج ) للشاعر علي مكي راضي
- وللجمال بقية --- قراءة انطباعية في نص ( وللخيال بقية ) للشاع ...
- ميارات عقيل الواجدي - بقلم عبدالمحسن نهار البدري
- انسيابية الكتابة في قصص محمد رسن صكبان


المزيد.....




- شاهد فنانة إيرانية توظّف الفن لخدمة البيئة والتعايش
- إسرائيل تحتفي بـ-إنجازات- الدفاع الجوي في وجه إيران.. وتقاري ...
- رحيل المفكر السوداني جعفر شيخ إدريس الذي بنى جسرًا بين الأصا ...
- المقاطعة، من ردّة الفعل إلى ثقافة التعوّد، سلاحنا الشعبي في ...
- لوحة فنية قابلة للأكل...زائر يتناول -الموزة المليونية- للفنا ...
- إيشيتا تشاكرابورتي: من قيود الطفولة في الهند إلى الريادة الف ...
- فرقة موسيقية بريطانية تؤسس شبكة تضامن للفنانين الداعمين لغزة ...
- رحيل المفكر السوداني جعفر شيخ إدريس الذي بنى جسرًا بين الأصا ...
- -ميتا- تعتذر عن ترجمة آلية خاطئة أعلنت وفاة مسؤول هندي
- في قرار مفاجئ.. وزارة الزراعة الأمريكية تفصل 70 باحثًا أجنبي ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عقيل الواجدي - التوظيف المتقن للشخصيات التاريخية قراءة في نصين للشاعرة مروة أبو سمعان