أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي عبد الحميد - (بيتر بروك) يستحضر كلكامش














المزيد.....

(بيتر بروك) يستحضر كلكامش


سامي عبد الحميد

الحوار المتمدن-العدد: 7363 - 2022 / 9 / 6 - 11:02
المحور: الادب والفن
    


مصادفة مفيدة أمر بها وأنا في خطواتي الأولى من مشروعي الجديد إعادة إخراج (ملحمة كلكامش) مع المجموعة نفسها من الشباب، التي قدمت (أيام الجنون والعسل) لخضير ميري، حيث لفت نظري وأنا أترجم كتاب جون وايتمور (الإخراج في مسرح ما بعد الحداثة) قيام المخرج الانكليزي الكبير (بيتر بروك) باستحضار مشهد من الملحمة الخالدة ذلك الذي يقاتل فيه كل من (كلكامش) وصديقه (انكيدو) المارد (خمبابا) رمز الشر على الأرض وذلك في موطنه (غابة الأرز) كان عمل (بروك) معنوناً (الغابة) وفيه راح يتصدى لشريعة الغاب حيث الفوضى والقتل والدمار والوحشية وغياب العدل والقانون هي المظاهر السائدة، لقد وجد (بروك) في ذلك الإرث الأدبي العراقي ما يمكن توظيفه ليعكس روح العصر، وهذا بالضبط ما أفكر به وأنا أتصدى لنص الملحمة للمرة الخامسة ومنذ عام 1976، حين قدمته في المسرح الصغير في أكاديمية الفنون الجميلة وبعدها مع أعضاء الفرقة القومية وحين قدمناها في دمشق وجه لي بعض النقاد نقداً جارحاً مدعين أنني كنت متحفيا في إخراجي للملحمة حيث التزمت بالدقة التاريخية في المنظر والملبس، وإنني لجأت إلى رسومات الرقم الطينية والى الحروف المسمارية كمصدر لبناء الصور المسرحية، وبوقتها علقت قائلاً: تقصدت المتحفية لأنني أردت أن اثبت صلاحية الملحمة للعرض المسرحي كما هو نصها الموجود على تلك الرقم وإنني حتما سأعيد إخراجها برؤى وأشكال مختلفة وهذا ما فعلته، وسأفعل هذه الأيام مع ثلة من الشباب المبتدأين.
لا بد من أن تكون رؤيتي الجديدة تتماشى مع روح العصر ومعطياته بلا تمسك بحذافير الملحمة وتاريخيتها والأفكار والفلسفات التي بثتها.
لا بد لي هذه المرة من أن اقرأ نص الملحمة قراءة تختلف عن القراءات السابقة وتلك مهمة صعبة بلا شك، حيث أن نص الملحمة يجبر المخرج على التمسك به بسبب غناه الفكري والفلسفي والبلاد وبسبب الصور المثيرة التي يرسمها. وهنا أكرر قولي بأن هذا النص تفوق على جميع النصوص التي ألقت اقتباساً من الملحمة، ابتداءً من نص مسرحية (الطوفان) لعادل كاظم، وانتهاءً بالنص الذي كتبه في فرنسا (محمد سيف).
أعتقد ليس أمامنا هذه المرة إلا أن نناقش ما في الملحمة من أفكار وشخصيات وأحداث برؤية معاصرة تجاه المعطيات الأسطورية ومنها فكرة خلق (انكيدو) وفكرة (الانتصار على خمبابا) و(قتل الثور السماوي) و(رفض كلكامش طلب عشتار الزواج منها) و(فكرة عشبة الخلود التي اختطفتها العقرب) وليس لنا إلا أن نفكر بكيفية معالجة الأحداث الهائلة التي تخللت الملحمة مثل: (قتال خمبابا) و(نزول الثور السماوي) و(اختراق جبل ماشو الذي يحرسه الرجال العقارب) و(ظاهرة الطوفان ونجاة اوتو نبشتم – نوح) ولا صلة لك منها بالواقع وإنما من صنع خيال من كتب الملحمة وهو مجهول، وبالمقابل هنالك أحداث واقعية يسهل تقبلها ومعالجتها مثل: (إغواء العاهرة لانكيدو وتحويله من وحش إلى متحضر) و(لقاء كلكامش بسدوري صاحبة الحانة) و(لقاء كلكامش بجده اوتونبشتم).
أمام المخرج هذه الأيام خيارات، فهو إما أن يلتزم بالظروف التي أتاحتها الملحمة وكما هي، ويقدم (فنطازيا) استعراضية مضخمة في جميع عناصرها - الشخوص والأماكن والظواهر الغربية، أو أن يعرب الملحمة من الواقع ويتخلص من كل ما هو خيالي بشكل ما.. وهذا ما حدث عندما أخرجتها بعنوان (الليالي السومرية) من إعداد الكاتبة المتنورة، (لطفية الدليمي) أواخر الثمانينات من القرن الماضي، أو أن يجمع بين الخيال والواقع معلقاً على عناصرها وتفاصيلها، وفي اعتقادي أن الأهم هو أن يلتزم المخرج قدر الإمكان بشخوص وأحداث الملحمة وببلاغة لغتها، فهي إرث ثقافي وفني وحتى فلسفي عظيم ينبغي احترامه ويجدر بنا إحياؤه.



#سامي_عبد_الحميد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسماعيل الشيخلي مصمم مبتكر للديكور المسرحي
- ماذا عن الرقص الدرامي (دراما دانس)؟
- كيف أصبح التجريب تقليداً والتقليد تجريباً؟!
- الكوميديا والتهريج
- كيف يطور الفنان المسرحي عمله؟
- المسرح التركي وكليوباترا
- أين هم الممثلون المسرحيون؟
- كاظم الساهر وملحمة كلكامش مرة أخرى!
- الخدمة العظيمة التي يقدمها المسرح للوطن
- منهج (لابان) في حركة الممثلين والراقصين
- الارتجال وأهميته في تلقائية أداء الممثل
- من رسائل الأصدقاء
- تساؤلات عن منظمات فنية عربية؟!
- استخدام التكنولوجيا في المسرح المؤيدون والمعارضون
- المسرح والسياسة
- ظاهرة التعري على المسرح
- متى يكون المسرح احتفالياً؟!
- المبتكرات الجديدة في المسرح
- في المسرح.. الثرثرة ضد الإبداع
- صلاح القصب مجدد مسرحي مؤثر


المزيد.....




- اكتشاف أقدم مستوطنة بشرية على بحيرة أوروبية في ألبانيا
- الصيف في السينما.. عندما يصبح الحر بطلا خفيا في الأحداث
- الاكشن بوضوح .. فيلم روكي الغلابة بقصة جديدة لدنيا سمير غانم ...
- رحلة عبر التشظي والخراب.. هزاع البراري يروي مأساة الشرق الأو ...
- قبل أيام من انطلاقه.. حريق هائل يدمر المسرح الرئيسي لمهرجان ...
- معرض -حنين مطبوع- في الدوحة: 99 فنانا يستشعرون الذاكرة والهو ...
- الناقد ليث الرواجفة: كيف تعيد -شعرية النسق الدميم- تشكيل الج ...
- تقنيات المستقبل تغزو صناعات السيارات والسينما واللياقة البدن ...
- اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة يحتفيان بالشاعر والمترجم الكبير ...
- كيف كانت رائحة روما القديمة؟ رحلة عبر تاريخ الحواس


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي عبد الحميد - (بيتر بروك) يستحضر كلكامش