أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الدين والمدينة الفاضلة واوهام المنقذ الجبار ح2














المزيد.....

الدين والمدينة الفاضلة واوهام المنقذ الجبار ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7333 - 2022 / 8 / 7 - 00:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عندما طرحت الفلسفة العقلية صورة المجتمع الفاضل ووضعت تصوراتها العملية بتفاصيل كانت تظن أنها ممكنة التحقق بشرطين، الأول أن يتغير الإنسان من واقعه الذاتي ويضحي بتكيفه الكينوني لمصلحة التمتع بمجتمع مثالي يسلب منه حق تقرير المصير الفردي، والشرط الثاني أن لا يحاول الإنسان أن يغير التغيير بخطوة أخرى تخرج موضوع الفضيلة من دائرة الألتزام البدي، أي لا يتراجع أو لا يتقدم بتغيير أخر ينسف نتائج التغيير الأول، بدون الشرطين لا يمكن للمجتمع الفاضل أن يتحقق ولو أعيد الإنسان إلى نقطة البداية الأولى، وجرى تنشئته وإعداده مجددا بعيدا عن التجربة الذاتية ومنسلخا عن حقائق تكوينه، فالقضية لا تتعلق إذا بالصورة المثالية التي طرحتها الفلسفة لهذا المجتمع والتي سبق وإن تبنتها الأديان من قبل مع إقرارها المتكرر أن هذه الصورة لا يمكن تحققها بشكل ما، لأنها هدف غير ممكن مع طبيعة الإنسان أولا وهدف الدين الوجودي.
الفلسفة بعد أن رأت أن الصورة التي طرحها الدين لهذا المجتمع يعوزها وينقصها الحماس كما تظن، بادرت إلى تصور غاية في المثالية المفرطة في تبني اللا ممكن الديني، ولو رجعنا إلى شروط المجتمع الفاضل التي وضعها الدين وأولها أن يشاء الله، وثانيها أن يؤمن الإنسان بيقين مطلق أن لا طريق ممكن ومرتجى غير طريق الله والدين، فيلجأ حينئذ إلى المجتمع العبادي الإحساني الخيري، وهذا لا يمكن الجزم به ولا التيقن من حدوثه إلا بعد أن يستنفذ الإنسان كل محاولاته التجريبية، وعلى أكثر من صعيد وعلى أكثر من نسق وشكل وغاية وطريقة، فموضوع اليأس من تكوين المجتمع الفاضل كما ورد في الأديان ليس محصورا في رغبة الدين وحدها خارج طبيعة الإنسان ورغبته المتبدلة المتحولة المتطورة لأستمرار القلق والشك المصاحب لوجوده.
الفلسفة بمثاليتها أيضا لم تنتبه لما عرضه الدين من عدم القدرة على تحويل المتصور إلى واقع، بل كان الدين يرى في المتصور الخطابي النصي مجرد مشروع وتجربة تتعلق بالإنسان كجزء وليس الإنسان كقضية واحدة، من هنا الفشل الذي وقعت به الفلسفة المثالية بتبنيها محاولة خلق عالم الفضيلة بأداة واحدة هي الغاية في ذات الوقع، إنما ركزت في مشروعها على أفتراض جزمت أنه ممكن وقد يحدث في مرحلة تأريخية ما، وكل ممكن في الفلسفة المثالية يتحول مع المحاولة إلى واقع، عكس الدين بنى أفتراضه على أن المحاولة ممكنة لكن الأستحالة تتركز في النتيجة، بمعنى أن الأمر ممكن لو، وهنا وضع الفكر الديني كلمة لو التي هي أداة أمتناع بدل ما وضعت الفلسفة كلمة قد وهي أداة مصادفة وأحتمال.
نفس الإشكالية التي نجح الدين في تجاوزها من خلال الأعتراف بوجودها وعدم إنكارها، وقعت الفلسفة المثالية فيه دون أن تدرك أن تعديل أو إعادة نمذجة هذا التكوين بشكل أخر ممكنة أو محتملة الإمكان، حتى تقرر وضع الصورة التي تريدها أو تبشر بها كنظرية لصنع عالم مغاير وربما مختلف في أدواته وتعاطيه مع الواقع، الدين وبالرغم ممن يتهمه بعدم العلمية في أجزاء كثيره من نظرياته يثبت اليوم أنه الأقدر والأقرب لفهم الإنسان فرد ومجتمع وعلاقات واطر ونظام من الفلسفة، وحتى من العلوم المتعلقة بدراسة الإنسان من علم الأجتماع مثلا أو علم النفس لأنه يبني فرضياته ليس كوتها قدر مقدر أو حتم تاريخي، ولكن يتعاطى معها على ما يعرف بالمحفز الأختياري "من أمن فله إيمانه ومن كفر فعليه كفره" بعبارة النص الديني ."كل نفس بما كسبت رهين".
الواقعية العملية بلباسها الطبيعي كانت هي الميزة الفعلية للأديان في دعوتها لبناء المجتمع الفاضل كحلم وليس كحتم، أما توهمات وأفتراضات الفلسفة المثالية ومن خلال مثلا جمهورية أفلاطون الخيالية بقيت أسيرة الخيال الفكري دون أن تنزل للواقع، لأنها وبكل بساطة كانت مجرد حلم خالي من حوافز للعمل الواقعي، ومن هنا نقول وبحزم جازم أن مجتمع المدينة الفاضلة لا يمكن تحقيق قواعده الأساسية ولا حتى القدرة على العمل المستمر على ذلك في أنتظار تحقيقه ولو بعد كم من الزمن التأريخي لأنه يخالف منطق الوجود ومنطق خلق الإنسان ومنطق الحركة الجوهرية في الأشياء التي تعني أن كل شيء متحرك لا يمكن البناء عليه على أنه قابت أو سيثبت.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على سبيل الفرض والافتراض ح7
- الدين والمدينة الفاضلة واوهام المنقذ الجبار
- على سبيل الفرض والافتراض ح6
- على سبيل الفرض والافتراض ح5
- الموقف السياسي العرافي اليوم
- رسالة إلى حامل الأختام المقدسة
- غي خضم الوضع العراقي الراهن مواقف واراء
- على سبيل الفرض والافتراض ح4
- على سبيل الفرض والافتراض ح3
- على سبيل الفرض والافتراض ح2
- على سبيل الفرض والأفتراض
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 21
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 20
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 19
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 18
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 17
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 16
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 15
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 14
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 13


المزيد.....




- وزيرة الداخلية الألمانية تعتزم التصدي للتصريحات الإسلاموية
- مراجعات الخطاب الإسلامي حول اليهود والصهاينة
- مدرس جامعي أميركي يعتدي على فتاة مسلمة ويثير غضب المغردين
- بعد إعادة انتخابه.. زعيم المعارضة الألمانية يحذر من الإسلام ...
- فلاديمير بوتين يحضر قداسا في كاتدرائية البشارة عقب تنصيبه
- اسلامي: نواصل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة وفق 3 أطر
- اسلامي: قمنا بتسوية بعض القضايا مع الوكالة وبقيت قضايا أخرى ...
- اسلامي: سيتم كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العلقة بين اير ...
- اسلامي: نعمل على كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العالقة بي ...
- اللواء سلامي: اذا تخلى المسلمون عن الجهاد فإنهم سيعيشون أذلا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الدين والمدينة الفاضلة واوهام المنقذ الجبار ح2