أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - أحمد فاروق عباس - أستاذ الجامعة ... نماذج















المزيد.....

أستاذ الجامعة ... نماذج


أحمد فاروق عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7328 - 2022 / 8 / 2 - 16:01
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


فى المهنة التى أنتمى إليها ، هناك نماذج مختلفة ، ومثلها مثل أى مهنة أخرى ، يعمل بها ويمارسها بشر ، وبها كل ما فى البشر من نوازع الخير والشر ، ونزوع إلي المُثل العليا ، أو تهاوى إلى التكالب على الحياة ومغانمها ..
وفيها نماذج متعددة ، وهى نماذج تمثل صورة الحياة باختلاف مراحلها وتقلباتها ، وتطور الزمن وما يفعله بالمهن ، كما يفعل فعله فى كل شئ آخر ..
وهذه بعض من تلك النماذج :
١ - نموذج " محطِّم التقاليد " الذى - ربما - يتحول مع مرور الزمن إلى رجل محافظ : وأبرز امثلته طه حسين ، الذى بدأ ثائراً وانتهى محافظاً ، فالرجل الذى بدأ حياته العلمية بكتابه العاصف " فى الشعر الجاهلى " الذي وصل فيه إلى نقاط لم يصل إليها شرقى من قبله فى النظر إلى التاريخ والدين ، نفس ذلك الرجل هو من كتب بعد ١٠ سنوات كتب مثل الفتنة الكبري والشيخان ، وتوقف العقل الكبير فى المنتصف خوفاً ورهبة من رد فعل الجماهير والمؤسسات معاً ، ومشى - كما غيره - فى طريق السلامة حتى آخر حياته ، ومثله وإن بدرجات أقل لمعاناً شخصيات جامعية مثل منصور فهمى ، ونصر حامد أبو زيد ، وهذا النموذج وإن كان شائعاً فى جامعات الغرب - حيث الحرية الفكرية فى الجامعة مقدسة ، ولا يستطيع من هو خارجها من الجماهير أو المؤسسات الدينية أو السلطة العبث بها - إلا أنه ليس شائعاً فى الشرق ..
تنتشر هذه النماذج فى الغرب وتقدم اسهاماتها ، وتضفى على الحياة الفكرية ومعها الحياة السياسية وكافة أوجه الحياة نوع من الحيوية ، والجدل والنقاش الهادئ أحيانا والصاخب أحيانا أخرى ..

٢ - نموذج " المتفاعل مع محيطه " فكراً وعملا ، ومن امثلته الدكتور لويس عوض أستاذ الأدب الانجليزى بأداب القاهرة ، وقد نشر د لويس فكره وترك أثره في جامعته أولاً ، وكان مثلاً يأخذ طلبته بعد المحاضرات للاستماع فى جلسات الجرامفون إلى الموسيقى الكلاسيكية العالمية ، محاولاً تربية وجدانهم بعد تربية عقولهم ، والانتقال من أشعار كيتس و ت اس اليوت ، وأدب برنارد شو وديكنز إلى موسيقى فاجنر وبيتهوفن وشوبان ، وبعد صدامه مع السلطة عام ١٩٥٤ تم فصله من الجامعة ، ليعمل بعدها مشرفاً على صفحة الرأى فى الأهرام ، ويفعل في الصحيفة الكبرى ما فعله فى الجامعة الكبيرة ، ومن ذلك النموذج أيضاً شخصيات مثل الدكتور عبد العظيم أنيس أستاذ الرياضيات بعلوم عين شمس ، وأحد أقطاب الحركة الاشتراكية والثقافية فى مصر من الخمسينات إلى التسعينات ، ومثله الدكتور أنور عبد الملك ، والدكتور غالى شكرى ، والدكتور جلال أمين أستاذ الاقتصاد فى الجامعة الأمريكية وغيرهم ..

٣ - نموذج " القابع في صومعته " ، الذي ترك الدنيا وما فيها ، وأغلق على نفسه باب بيته قارئاً وباحثاً ثم مخرجاً لمؤلفات عظيمة القدر ، وتاريخنا كله ليس به سوى شخص واحد ، كانت لديه الطاقة النفسية والعقلية لفعل ذلك ، وهو الدكتور جمال حمدان ، أستاذ الجغرافيا بجامعة القاهرة ، الذي عاد من بعثته في لندن ليعمل فى جامعته لسنوات معدودة ، يعود بعدها بعد صدامه مع قيادات الكلية والجامعة إلي بيته ، وليتفرغ إلى أعماله الكبيرة مثل : أنماط من البيئات ، واستراتيجية الاستعمار والتحرير ، ثم عمله الخالد " شخصية مصر .. دراسة فى عبقرية المكان " فى أربعة أجزاء ، وعدد صفحات تعدى أربعة ألاف صفحة ونصف ..
وقد تجاوز أثر د. جمال حمدان ألاف الطلاب الذين كان من الممكن أن يدرس لهم لو كان موجوداً فى كليته ، إلى التأثير فى عقول الملايين من أبناء مصر ، لقد كان رجلاً عظيماً ، ومازال وسيظل ..

٤ - نموذج " الباحث عن المناصب " ..
أساتذة الجامعة فى الدنيا كلها ينتمون إلى فئة الفنيين أو التكنوقراط ، ولا ينتمون إلى فئة السياسيين ، وفى الغرب مثلاً يعمل كثير منهم فى الإدارات والوزارات المختلفة فى نطاق تخصصاتهم كخبراء ، ولمدد محددة ، أما المناصب السياسية فلم يكن من العادة أن يتولاها أساتذة الجامعة ، باستثناءات محدودة جداً ، مثل الدكتور هنري كيسنجر ، الذى درس المحاسبة فى بلده ألمانيا ، ثم بعد هجرته إلى أمريكا درس العلوم السياسية والتاريخ ، وكتب رسالته للدكتوراه عن مترنيخ وصنع السلام بعد الحروب النابوليونية ، ليعمل مستشاراً فى حملة روكفيلر للرئاسة عام ١٩٦٨ ، وعند سقوطه عمل مع منافسه ريتشارد نيكسون مستشارا للأمن القومي ، ثم وزيراً للخارجية ، وهو نموذج غير متكرر في الغرب كثيراً ، لكنه نموذج متكرر - جداً - عندنا فى مصر ، والسبب أن وعى الطبقات الاجتماعية ونموها لم يصل إلى درجة تكوينها لأحزابها التى تدافع عن مصالحها عن طريق التنافس على سلطة القرار في الدولة ، واستئجار السياسيين الذين يمثلون تلك المصالح ويعبرون عنها ، ويعملون كرؤساء للجمهورية أو وزراء أو رؤساء محافظات ، ولما كان ذلك متعذراً فى مصر لعدم توفر شروطه الموضوعية ، كان اللجوء إلى " الخماسى الشهير " الذي يتولى أغلب المناصب السياسية فى مصر وهم : العسكريون - أساتذة الجامعات - الأمنيين - رجال القضاء - كبار موظفى الجهاز الإداري للدولة ( ومنهم مهن مثل المهندسين / الأطباء / الكيميائيين / الزراعيين ... إلخ ) ..
ومن هنا كان تطلع فئات من أساتذة الجامعة إلى العمل السياسى ، وتولى مناصبه الكبيرة ، وقد لعبت تلك الكأس برؤوس كثيرة ، أكل كثيرون منها الشهد ، وذاق كثيرون منها الدموع ..

٥ - نموذج " أستاذ الجامعة الموظف " ..
وليس فى ذلك تقليلاً من قيمة أحد ، فكلنا عشنا ونعيش في هذه المرحلة ، ولكنه تعبيراً عن ظاهرة تنفرد بها الجامعات المصرية ، وهى كثرة الأعباء الإدارية والتنظيمية على كاهل أستاذ الجامعة المصري طوال العام ، فمن العمل في التدريس ، إلى إعداد الامتحانات ، إلى الإشراف المباشر عليها ، إلى العمل في الكنترولات حتى ظهور النتيجة ، وامتحانات التخلفات والتصفية ، ثم الإعداد للعام الدراسي الجديد من وضع الجداول وطبع الكتب ... إلخ ، وهى مهام تستنزف قدرات أستاذ الجامعة العقلية والصحية ، ويجب القول أن الكثرة الغالبة من أساتذة الجامعة المصريين يدخلون ضمن هذه الفئة ، وهم ملح الأرض للجامعة المصرية ، وعلى أكتافهم وبمجهودهم تقوم الجامعات المصرية وتعمل ، وإن كانت اعباءهم الوظيفية تمنع امتداد اثرهم خارج حدود جامعاتهم ..

٦ - نموذج " أستاذ الجامعة المهاجر ، أو الباحث عن المال " ..
وليس فى ذلك ما يشين أيضاً ، فكلنا يعلم طبيعة وصعوبة الحياة فى مصر ، وكثرة أعباء الحياة المادية ، وهو ما فتح الباب أمام عشرات الآلاف منهم للعمل في الخارج ، ويعرف أساتذة الجامعة فى العالم المتقدم السفر إلى مهام علمية ، ولكن غيرهم يسافر بحثاً عن المال ، يرمم به حياته ، ويدفع به غوائل الزمن وتقلباته ..
.. وفى النهاية ، أي من تلك النماذج أفيد ، والأهم .. أيهم أبقى ؟



#أحمد_فاروق_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا تتعثر الديموقراطية فى العالم الثالث ؟
- كيرة والجن ..
- هل الديموقراطية هى الحل ؟ نعم ولكن ..
- المطالبة بالديموقراطية
- معضلة التنظيم السياسي
- تركيا .. وقصتها الطويلة معنا
- حرب الأفكار
- أشك !!
- الدرس الجديد
- أمر مريب ..
- جمال عبد الناصر وونستون تشرشل ..
- 30 يونيو 2013 ... أسئلة وأجوبة .
- المعنى الحقيقى لما حدث فى مصر فى 30 يونيو 2013 ..
- الديموقراطية الأمريكية
- العراق ولبنان .. وأسئلة حول الديموقراطية !
- لماذا يدافع الإخوان عن تركيا بهذه القوة ؟!
- الخداع في السياسة .. بين المتقدمين والمتأخرين
- قصتنا مع تركيا
- الوحش ينتفض مرة ثانية !!
- ابن تيمية ونحن والغرب


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - أحمد فاروق عباس - أستاذ الجامعة ... نماذج