أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - خليل قانصوه - مقابر و منازل -1-














المزيد.....

مقابر و منازل -1-


خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)


الحوار المتمدن-العدد: 7312 - 2022 / 7 / 17 - 19:33
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تشكل دراسة المقابر جانبا هاما في العلوم الإنسانية و الإجتماعية ، تحت عنوان الإنتروبولوجيا التي تجتذب بعض الأطباء . ولكننا لا ندّعي الإلمام بهذا الإختصاص ، فما نحن بصدده في هذا الفصل هو أقرب إلى الشهادة عيانا ،عن تحولات و متغيرات طرأت على قرية في لبنان في منطقة جبل عامل من خلال مقارنة بين المقبرة فيها كما كانت حتى سنوات 1960 و كما هي اليوم .
من المعروف أن المقبرة تعتبر مصدرا للمعلومات عن الحياة الإجتماعية بمفهومها الشامل للنواحي الثقافية و الماديةو السياسية و الدينية والصحية ، إلى حد أن بعض الباحثين يرون فيها تجسيدا للتوازن في فترة معينة بين سلطة الدولة و سلطة الدين و تأثير الفكر في المجتمع .
نكتفي بهذه التوطئة لنرتجع ما علق في الذاكرة عن مقبرة القرية :
ـ كانت المقبرة تحتل مساحة محدودة ، محاذية لساحة القرية، حيث كانت القبور ترابية أو مبنية من حجر أو من اسمنت ، بنسب متقاربة . فلا نبالغ في القول أنها كانت " مساحة خضراء " في وسط القرية ،فيها عدد من الأشجار الوارفة ، يلتقي فيها الأولاد للعب ، ولم يكن مستغربا أن يُطوّل فلاح لدابتها فيها .
ينطبق في الواقع ، على المقبرة في القرية العاملية مصطلح المجمّع . بدليل وجود ناد "حسينى " على ارضها ، تقام فيه مراسم الصلاة على المتوفي و مجالس العزاء ، بالإضافة إلى الندوات الحزبية العائلية . يحسن التذكير أن مجتمع القرية كان منقسما آنذاك إلى فريقين عائليين ، لكل منهما رايته التي يخرج خلفها في المناسبات إلى قصر الزعيم تعبيرا عن الولاء له ، و لكن كان هناك راية موحدة ترفع عندما يكون الفريقان متوافقين على موقف مشترك ، يخترق حدود الحزبية العائلية . ما يتوجب قوله أن هذه الرايات الثلاث كانت توضع معا في إحدى زوايا النادي الحسيني ، الذي كانت أبوابه مفتوحة دائما للجميع في وقت واحد أو مداورة في المناسبات الحزبية ، و كان الأولاد بلعبون في فصل الشتاء في بهوه .
الجدير بالملاحظة أيضا أن المجمّع كان يحتوي على بئر ، تسمّى " بئر الحمير " كانت ترمي فيها الحيوانات النافقة ، ثم تقفل شقوق غطائها بإحكام بواسطة الطين . هنا لا بد من القول أن القرية كانت نظيفة ، نتيجة نظام عيش مشترك ، فلاحي ، يتيح تدوير جميع الفضلات دون استثناء (الفضلات البشرية والحيوانية  : الماشية و الحمير و الدواجن ) .
نصل الآن في هذه الشهادة العيانية إلى و صف القبر . لمحنا إلى أن القبور كانت ما تزال في غالبيتها ترابية أو حجرية يمكن تفكيكها و إعادة أستخدامها أما القبور الإسمنتية فكانت قليلة ومتواضعة في أغلب الأحيان .
ما أن كان المنادي يعلن نبأ وفاة أحد سكان القرية ، حتى يتجمع عدد من الفلاحين في المقبرة ، بعد أن يكونوا قد أخرجوا أدوات الحفر المودعة هي الأخرى ، في النادي الحسيني ، ليختاروا مكانا مناسبا لدفن المتوفي ( بالقرب من أقربائه و ابناء عائلته . تحسن الملاحظة إلى أن درب مشاة تفصل مربعي الجبانة الفوقانية و الجبانة التحتانية ، حيث كان لكل لمربع موتاه على اساس الحسب و النسب ، نزولا عن رغبة ذوي المتوفي ) .
الجدير بالذكر أن الذين يحفرون القبر كانوا يجدون غالبا في الحفرة بقايا عظام بشرية ، مجهولة الهوية ، دليلا على قِدم السكن في القرية ، و على غياب وثائق تبين ذلك ، ناهيك من إفتقاد دولة مدنية تعنى بالأحوال الشخصية و بإعداد و حفظ مدوناتها . أما عن السلطة الدينية فحدث عن فشلها الذي لا يضاهيها فيه إلا دولة سلطان العسكر .
من المعروف في هذا السياق أن المتوفي المسلم يُنزل متلففا بثوب عتيق ، إلى مثواه الأخير . و هذا كان عبارة عن تجويف متوازي المستطيلات ، ارضه ترابية و جدرانه و سطحه مغطاة بصفائح حجرية تحمي دون إحكام ، الجثة المددة في داخله من التراب المُهال فوقها .
هذا عن المقبرة كما كانت حتى سنوات 1960 ، يتبع فصل عن المقبرة كما هي اليوم .




#خليل_قانصوه (هاشتاغ)       Khalil_Kansou#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوقت المقتطع
- التطبع و التطبيع -7-
- عن الفكر و الموقف في السياسة في حكم العراق و بلاد الشام .
- كيف أخْتلقَ - الشعب الإسلامي - فرنسا نموذجا
- فرقعة في أوكرانيا و أرق و جوع و عطش وظلام في الشرق الأوسط
- الحائط المسدود ، الدولة اللاوطنية (2)
- الإعصار
- نكران الوطن
- الولايات المتحدة و سياسة السّلب والتسليح و التدمير و التعمير
- عن الوباء السابق و الحالي و القادم
- عن الدين و الدولة ـ 2 ـ
- ملحوظات على شاطئ النورماندي
- العنف غير المتماثل
- الدولة اللاوطنية
- عن الدين و السياسة
- في مرحلة تفكيك الدولة !
- حروب الاطلسي في دول العروبة !
- الحروب الغشومة
- الحرب العبثية
- في خضم - صدام الحضارات -


المزيد.....




- الأردن.. جدل حول بدء تنفيذ نص قانوني يمنع حبس المَدين
- إيران تؤكد مقتل علي شدماني قائد -مقر خاتم الأنبياء- في غارات ...
- ما الذي حدث في غزة خلال 12 يوماً من المواجهة بين إيران وإسرا ...
- ألمانيا.. السوري المشتبه به بهجوم بيليفيلد عضو في -داعش-
- بزشكيان يؤيد منطقة خالية من الأسلحة النووية بما يشمل إسرائيل ...
- نيوزويك: هل كان قصف ترامب مواقع إيران النووية فكرة صائبة؟
- مقتل 17 جنديا في شمال نيجيريا إثر هجوم جديد على قواعد تابعة ...
- زيمبابوي تحطم الرقم القياسي بمبيعات التبغ لعام 2025 بأكثر من ...
- إريتريا تسعى لإلغاء ولاية المحقق الأممي لديها بعد إدانتها
- الفلاحي: المقاومة تركز على ضرب الآليات التي يصعب تعويضها خلا ...


المزيد.....

- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - خليل قانصوه - مقابر و منازل -1-