أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين مبارك - المرض بالسلطة














المزيد.....

المرض بالسلطة


عزالدين مبارك

الحوار المتمدن-العدد: 7310 - 2022 / 7 / 15 - 13:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كلنا نحب السلطة ونسعى إليها كما نحب المرأة الجميلة الفاتنة ونرغب في ودها وقد تأتي على حين غفلة كالقدر المحتوم ونحاول بشتى الطرق الوصول إليها والتربع على كرسيها الوثير وعرشها دون التفكير في إكراهاتها واستحقاقاتها وأهدافها وأخطارها ومصائبها اللعينة. فالسلطة ببهرجها ودسائسها وغموضها جاذبة للنفوس فالكل يريد التمتع بحلاوتها وخطب ودها والبقاء في حضيرتها أكبر مدة ممكنة ولو باستعمال الحيلة والمكر والقضاء على شعب كامل والمشي على الجماجم.
فالسلطة كالمرض القهري الذي يصيب محترفي السياسة والتسلط فلا يفارقهم طوال حياتهم ويعيش معهم ويملك تفكيرهم وأحاسيسهم ويقض مضجعهم ليلا ونهارا حتى وإن اكتووا بنارها وأعماهم غبارها ونالوا ما نالوا من السخط الشعبي والتحقير.
ففي عالمنا العربي تعتبر السلطة نعمة النعم وقمة اللذة بحيث الجميع في خدمتها وطاعتها والتقرب منها والتذلل لها ومنحها النفس والنفيس لا رقابة عليها ولا محاسبة لها بيدها الثروة تعطيها لمن تشاء فترفع للقمة رعاع القوم وتذل عليته إلى أسفل السافلين وتجعل من الدولة ملكية خاصة لها والشعب خدما وعجما فيها.
فهذه السلطة المطلقة والمريضة بالقهر التاريخي الامبراطوري والسلطاني والتي ترتدي أقنعة الدين والعظمة الأسطورية قد أتت في غفلة من التاريخ بلا مشاريع ولا أهداف واستراتيجيا ورؤية حصيفة ضمن مؤامرات دولية وتحالفات مشبوهة بين القوى العظمى.
والسلطة بالمفهوم البائس للكلمة هو البحث عن غنيمة بغير استحقاق علمي أو عملي أو سياسي بحيث يكون الوصول إليها عن طريق الصدفة والانتهازية والمساندة الأجنبية لتمرير مشروع لا يخدم مصلحة الوطن بل مصالح شخصية أو فئوية أو دولية.
والسلطة أشكال وألوان فهناك السلطة الدينية والسلطة المعرفية والسلطة السياسية والسلطة الأبوية وسلطة القانون والحق بحيث تتعدد المفاهيم والاتجاهات ومكوناتها غامضة وملتبسة أمام العامة ولا نرى منها غير أطراف القميص والشعارات الرنانة.
ولا غرابة إن قلنا أن كل واحد منا يملك السلطة دون أن يعرف ذلك وأقربها منا السلطة الطبيعية كسلطة الأب والأم في العائلة وسلطة النفس والعقل على صاحبها فكما يسيء رئيس الدولة أو المؤسسة استعمال سلطته يفعل الشخص بنفسه أو الأب بأبنائه.
وإذا ما لم تتوفر السلطة السياسية أمام بعض الأفراد فهناك الأحزاب والمنظمات والنقابات وكل واحد يعتبر نفسه سلطان زمانه في مكانه ويقوم بنفس الأفعال المتاحة لرؤساء الدول أو أكثر والأغلبية منهم يعيش انفصاما قهريا بين ما يبوح به لمريديه وبين ما يبديه من ولاء وطاعة وانتهازية لصاحب السلطة وهذا يعد نفاقا وسلطة فاسدة بدون منازع.
ولفساد هذه السلط جميعا وانتهازيتها وكذبها على المواطن وعملها العشوائي الشللي بدون مشروع ورؤية صادقة وحكيمة وكل همها البحث عن الكرسي بأي ثمن والحصول على امتيازات مدفوعة من فبل المنخرطين ودافعي الضرائب مقابل الأوهام والخديعة لا يمكن الحديث عن سلطة راقية ومنتجة للحداثة والتطور.
فالسلطة في البلدان العربية بمفهومها القهري التسلطي والبائس تنتج مشهدا سرياليا من التخلف الفكري والعلمي والاقتصادي ولا تثمر غير الحنظل والمرارة والانحطاط حتى أصبحت دولنا كالجثة الهامدة وكقفر تصفر فيه الرياح وتمور فيه شتى صنوف الانحرافات والمشاهد المخزية.
ولا غرابة إذا في بقائنا من دون الأمم الأخرى الصاعدة منها والراسخة في التقدم في أسفل الحضارة وفي قاع العالم ننتظر رحمة من السماء ونحن نائمون في العسل والأحلام وفالحون فقط في الركض وراء الأوهام وجبارون طغاة أمام شعوبنا المقهورة الجائعة وسيوفنا على أعناقنا حادة وقاطعة ومهرولون بائسون طامعون أذلاء أمام السفارات الأجنبية لعل صك السلطة والرضاء يأتي من بين أيديهم في قفة العار والمذلة.
فالمرض القهري للسلطة يجعلها في خوف دائم من الرعية فتحتمي بالقصور والقلاع والعسس وترتمي في أحضان الأجنبي وتمنحه سلطة أخذ القرار مكانها لتبقى لها فقط سلطة فارغة ولهذا فأغلب الرؤساء يهتمون بالأمور التافهة وينغلقون على أنفسهم كالمصابين بالجذام أوالجنون إلى أن تحين ساعتهم عندما تنتهي مهمتهم فيقتلعون مثل الضرس المريض ويرمونهم في مزبلة التاريخ.
والغريب أن أكثر الناس لا يتعظون من أحداث التاريخ ولا يغيرون من عاداتهم السيئة كحبهم الأعمى للسلطة رغم علمهم بما قد تؤول إليه الأمور ظانين أن ما أصاب الآخرين لن يطالهم وهم محصنون وفي حماية الدول الأجنبية النافذة.
ولعنة السلطة كثيرا ما تأتي على عوارض يمكن التنبؤ بها واتقاء شرها وأهوالها فمجرد شرارة واحدة على أطراف البيدر يحترق الأخضر واليابس ويتحطم المعبد على الرؤوس.



#عزالدين_مبارك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بلادي أحبك
- الديمقراطية والوعي الشعبي
- سوسيولوجيا السلطة في دول الهشاشة
- التعليم العالي وسوق الشغل والثورة الرقمية
- لماذا قيس سعيد يتغلب على جميع خصومه السياسيين؟
- إستفتاء 25 جويلية والجمهورية الجديدة
- مسار 25 جويلية والفرز بين عالمين في تونس
- السلطة والسلطة الموازية
- فخ الديون الخارجية : حالة تونس
- الصحافة والتحول الديمقراطي
- حدود شرعية الحكم
- المبادئ الأساسية للدستور التونسي الجديد (مقترح)
- الاقتصاد الجهوي لتحقيق العدالة الاجتماعية
- بؤس السياسة في واقع مهزوم
- لماذا يخافون من ديمقراطية الإستفتاء؟
- الحيل الشيطانية في الإدارة التونسية
- لماذا النخب القديمة تعادي مشروع قيس سعيد؟
- من يتذكر آلام سبايا الغزو الإسلامي؟
- الخديعة الكبرى
- محركات الدين :الغزو والجنس والتحايل على الإله.


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين مبارك - المرض بالسلطة