أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين مبارك - التعليم العالي وسوق الشغل والثورة الرقمية














المزيد.....

التعليم العالي وسوق الشغل والثورة الرقمية


عزالدين مبارك

الحوار المتمدن-العدد: 7295 - 2022 / 6 / 30 - 15:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أحدثت العولمة ثورة على جميع المستويات والمجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وخلخلت القيم المتوارثة فأدخلت أنماطا جديدة من القيم والممارسات والعادات الاستهلاكية وتركت شرخا كبيرا في العلاقات بين الدول المتقدمة والدول النامية بحيث أصبحت التكنولوجيا وخاصة تكنولوجيا المعلومات والاتصال مهيمنة على حياة الأفراد والمؤسسات ودنيا الأعمال والأسواق وكذلك قطاع التعليم والمعرفة.
وقد فككت العولمة البنى الفكرية والعقلية للمجتمعات وأثرت على طرق التصرف في الموارد وسارعت من وتيرة التطور واتساع الفجوة الرقمية والعلمية بين عالم متقدم يأخذ بناصية العلم ويطبقه في حياته اليومية وبين عالم مازال يعيش الإرهاصات الأولى من التفكير العقلاني الحداثي بحيث ينام مع الأسطورة وإيديولوجيا قرون ما قبل التاريخ والكتابة ويصحو مع الخرافة والدجل وبديهيات الأمور وطاحونة الشيء المعتاد.
ورغم انتشار التعليم بتونس بمستوياته الثلاث وتطور عدد الخريجين من الجامعة في العديد من الاختصاصات فلم نصل بعد إلى الإبداع العلمي ومجتمع المعرفة على أرض الواقع فلم يقع توطين العلوم بالمؤسسات ولم يستفد تبعا لذلك المجتمع من البحوث الأكاديمية رغم قلتها وظلت نائمة على الرفوف. فبقي الإنتاج العلمي في أغلبه نظريا لا يتفاعل مع مشاكل المجتمع ولا يلبي طموحاته ويتماشى مع تطوره وأهدافه وقبع متقوقعا في أبراجه العالية ومجرد طريقة للحصول على مؤهل جامعي يمكن صاحبه من الترقية المهنية.
كما أن المؤسسات الاقتصادية لبثت منغلقة على نفسها لمدة طويلة تحت حماية ريع الدولة ودعمها وبعيدة عن مفهوم المزاحمة وجودة الخدمات في ظل اقتصاد داخلي محلي بدائي متخصص في الخدمات وخاصة السياحة وبيع المواد الأولوية الخام الفلاحية والاستخراجية كالقوارص والفسفاط وزيت الزيتون.
فلم يستفد الاقتصاد التونسي إلا قليلا نتيجة لما استثمره في التعليم وكانت الكلفة منذ الاستقلال مرتفعة مقابل العائد وذلك للفجوة الهائلة بين التكوين والحاجيات الفعلية للمؤسسة الاقتصادية.والسؤال المطروح بإلحاح هل المشكل متأتي من مستوى وكفاءة التعليم والخريجين أم من أن المؤسسة من الناحية الهيكلية وطريقة التصرف في الموارد لا يمكنها استيعاب المعارف التي تنتجها الجامعة؟
فالعلاقة بين الجامعة وسوق الشغل مازالت علاقة ملتبسة وغير واضحة ويكتنفها الغموض والضبابية وكل طرف يتهم الآخر بأنه المتسبب في هذا الوضع المتردي بحيث لم تتطور المؤسسات الاقتصادية لمزاحمة الأسواق الخارجية بعد أن دخلت البلاد في السوق المفتوحة تحت وطأة العولمة كما أن الإنتاج الصناعي وبعث المشاريع لم يرتق إلى تطلعات المجتمع للقضاء على البطالة المستفحلة. فهل هذا يرجع لعدم كفاءة الإطارات المتخرجة من الجامعة لنقص في التكوين الملائم أم أن المؤسسة عندها عزوف عن المخاطرة بالتغيير في نمط التصرف والحوكمة وتريد الاكتفاء بمستوى بسيط من العمل المألوف والمشكل متعلق بالهيكلة والقيادة والإستراتيجية؟
ففي القطاع الخاص والذي يغلب عليه النمط العائلي على مستوى التصرف والقيادة تتحكم الكلفة في عملية الانتدابات بحيث يحبذ قبول الإطارات المتوسطة عوض الإطارات العليا والمتخصصة التي تطلب أجورا مرتفعة لا تستطيع المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي يتكون منها في الغالب النسيج الاقتصادي التونسي مواجهتها على المدى الطويل.
والدراسات أثبتت أن الوظيفة العمومية والدواوين والمؤسسات العمومية هي التي تستوعب أغلب الإطارات المتخصصة وذات مستوى جيد من التعليم لكنها توظف في أعمال إدارية بحتة وهي بالتالي غير مفيدة بالنسبة للإنتاج الصناعي والتكنولوجي وغيره.
كما أن الجامعة مازالت تقوم بتكوين الطلبة تكوينا نمطيا حسب المعارف المتداولة والاختصاصات المتعارف عليها في العالم ولم تراع حاجيات السوق الداخلية والمؤسسات الاقتصادية ولم تطور أساليبها في التبليغ بحيث بقي التكوين النظري هو الغالب لشح الإمكانيات بالأساس.
وفي الأعوام الأخيرة بدأت تتبلور سياسة تتعلق بالأخذ بعين الاعتبار رهانات الاقتصاد المحلي لكنها بقيت محتشمة ومتعثرة والدليل على ذلك اتساع الفجوة بين العرض والطلب على مستوى سوق الشغل وبقاء نسبة البطالة مرتفعة.
كما أن المؤسسة لم تكن لها الرؤيا المستقبلية الواضحة والإستراتيجية الهادفة في ظل نظام تصرف مبني على الزبونية والعلاقات العائلية و الشخصية والولاءات وبقيت حبيسة هيكلية جامدة وغير متحركة.
وقد أثبت الواقع فشل تجربة تمكين المتفوقين في الدراسة من التوجيه لمدارس عليا متخصصة بالداخل والخارج لأن عودتهم للعمل بتونس غير متأكدة لأن عملية إدماجهم بالسوق الداخلية صعبة المنال لضعف الإمكانيات وعدم وجود بيئة حاضنة تمكنهم من الإفادة والتأقلم مع محيط جامد وراكد.
وقد استفادت المؤسسات الخارجية والعالمية والدول الأخرى بهؤلاء المتفوقين والمتخصصين والنوابغ بعد أن دفع المجتمع التونسي تكاليف دراساتهم واستثمر فيهم الأموال الطائلة وهذا يعد هدرا للموارد والمال العام وحوكمة غير رشيدة.
وقد بات من المؤكد مراجعة السياسة التعليمة على أسس جديدة تتماشى مع مخططاتنا الاقتصادية المستقبلية للرفع من مستوى كفاءة الخريجين وملاءمتهم لسوق الشغل الداخلية للرفع من الإنتاج والإنتاجية وتطور المؤسسة وبعث المشاريع الجديدة وغزو الأسواق الخارجية وتوطين التكنولوجيا والمعارف الجديدة والحد من الفجوة الرقمية.



#عزالدين_مبارك (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا قيس سعيد يتغلب على جميع خصومه السياسيين؟
- إستفتاء 25 جويلية والجمهورية الجديدة
- مسار 25 جويلية والفرز بين عالمين في تونس
- السلطة والسلطة الموازية
- فخ الديون الخارجية : حالة تونس
- الصحافة والتحول الديمقراطي
- حدود شرعية الحكم
- المبادئ الأساسية للدستور التونسي الجديد (مقترح)
- الاقتصاد الجهوي لتحقيق العدالة الاجتماعية
- بؤس السياسة في واقع مهزوم
- لماذا يخافون من ديمقراطية الإستفتاء؟
- الحيل الشيطانية في الإدارة التونسية
- لماذا النخب القديمة تعادي مشروع قيس سعيد؟
- من يتذكر آلام سبايا الغزو الإسلامي؟
- الخديعة الكبرى
- محركات الدين :الغزو والجنس والتحايل على الإله.
- لماذا يصمت الإله أمام هول ما يرى؟
- القرآن نص زمكاني
- لماذا النظام الرئاسي أنجع من النظام البرلماني في دول الهشاشة ...
- الإله الإبراهيمي خلطة عجيبة بين الذاتي والأسطورة والخيال.


المزيد.....




- رسوم جمركية بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي: تصعيد تجاري أمري ...
- أكبر عملية تبادل للأسرى بين أوكرانيا وروسيا منذ غزو 2022
- التايمز: روسيا تتفوق على أوكرانيا في تصنيع وتشغيل الطائرات ا ...
- مسؤولة أمريكية لـ-الجديد-: يجب نزع سلاح حزب الله قريبا وإلا! ...
- بعد صدور الحكم في قضية -عصابة الأجداد-.. كيم كاردشيان تؤكد: ...
- سوريا.. محافظ السويداء يقدم استقالته للشرع
- دواء جديد واعد لمرضى الكوليسترول غير القادرين على تحمل الستا ...
- أمراض يسببها التهاب اللثة
- هل تؤثر إشعاعات شبكات 5G على خلايا الجلد البشري؟
- الجيش الروسي يدخل بلدة يوناكوفكا في مقاطعة سومي بأوكرانيا


المزيد.....

- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين مبارك - التعليم العالي وسوق الشغل والثورة الرقمية