أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين مبارك - الديمقراطية والوعي الشعبي














المزيد.....

الديمقراطية والوعي الشعبي


عزالدين مبارك

الحوار المتمدن-العدد: 7309 - 2022 / 7 / 14 - 20:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الكثير منا يستخدم مفردات لغوية مبهمة ولا يعرف مفهومها وكنهها وسياقها التاريخي مثل الديمقراطية والشعب اللتان أصبحتا على كل لسان وفي كل مقام يذكران هكذا بدون مدلول ومعنى.
والكل يتكلم باسم الشعب وكأنه كائن مادي الوجود وماثل أمامنا نصافحه ونتكلم معه ونستشيره ونأخذ منه الحكمة والمعرفة وهو يراقب اعمالنا على أرض الواقع ويمدنا بالنصائح والمشورة.
والجميع يتغنى بالديمقراطية ويلهج باسمها ومفتون بجمالها وعفتها ويلتمس ودها ولا يعرف حتى ملامحها ولم يلتق بها في يوم من الأيام على قارعة الطريق ليبادلها التحية والاحترام.
نحن نسقط في خطاباتنا مفردات ذات مدلول هلامي ورمزي بدون وعي راسخ في ذواتنا وبذلك لا نفارق سطح الأفكار وملامس الشفاه بحيث ليست لنا القدرة الفكرية والعملية في تصور الواقع والالتزام بالمعنى الحقيقي للمفردات التي نتفوه بها كما جاءت حسب السياق التاريخي .
فأهم من المفردات اللغوية التي تسير على شفاهنا كما تسيل المياه في النهر نتيجة اللغط والهرج الذي يحيط بنا هو الوعي التام بها وما تعنيه وهل نحن قادرون على الالتزام بما تفرضه من سلوك.
المشكلة الأخرى التي تعترضنا بعد تحديد المفاهيم هو القياس بالمعنى العلمي للكلمة فليس كل ما نقوله يخضع للضوابط العلمية لأن كلامنا المسترسل يأتي عن خبرة ذاتية محضة لا تعني غيرنا ولا يمكن تعميمها.
كما لا يمكن التكلم عن الديمقراطية في بيئة هشة وغير مستقرة وغير واعية بالمفهوم الحضاري لهذه الكلمة. فالديمقراطية التي تجعل من المواطن سيدا في بلاده وحرا في اختياراته وتصرفاته ومشاركا فعليا في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية دون خوف أو وصاية لا يمكن أن تكون واقعا ملموسا في بلاد ما زال أغلب سكانها أميون وجائعون ومهمشون.
فالنخب السياسية هي وحدها التي تتكلم عن الديمقراطية كمفهوم سطحي للكلمة لا يتجاوز حرية الكلام في بيئة مازالت تخشى من النقد والمحاججة والتفكير ورأي السلطة القائمة مقدس لا يمكن القدح فيه ولا التطاول عليه.
وهذه النخب التي هي أيضا من يستعمل كلمة الشعب وكأنها تقوم بقياس الإرادة الشعبية بصفة موضوعية وتنوب عنه وكأنها تملك تفويضا منه بل تتآمر عليه عندما تصل إلى السلطة والحكم وتضربه على قفاه بالعصا الغليظة وتستولي على الثروة لتوزعها على المريدين وأصحاب الولاء وقد حدث هذا مرارا عديدة في تاريخنا المعاصر.
وهذه التلاعبات اللفظية واللغوية تستهوي الكثير من الناس في محيط يطغى عليه الجهل وتنتشر فيه الأمية ونسب الفقر والبطالة فيه مرتفعة بحيث يسهل تزييف الوعي الشعبي وشراء الذمم وخداع المغفلين هذا إذا لم يقع تزوير إرادتهم بصفة بينة وجلية.
فالديمقراطية لا تعني شيئا إذا لم تكن مصحوبة بإرادة شعبية واعية وفي محيط تكون فيه نسبة الفقر ضعيفة ومنسوب الحرية مرتفع بحيث يكون الوعي الاجتماعي لعامة الناس وليس النخب فقط هو المحدد لإرادتهم وتفكيرهم فتكون اختياراتهم مستقلة عن إرادة السلط الحاكمة ومصالح النخب .
فاستقرار الوعي الجمعي لدى الناس والاستقلال الاقتصادي وحرية التعبير يمكن الأفراد من خلق إرادة واعية لتحقيق مبادئ وأهداف الديمقراطية الحقيقية وعندئذ يمكن القول أن هناك وعيا شعبيا متطورا ذا دلالة ومصداقية ونحن في تونس لم نصل بعد إلى هذه المنزلة وبذلك التكلم عن الديمقراطية والشعب محض هراء وترف في القول لدى النخب ومجرد تغريدات شفاهية لدى العامة.



#عزالدين_مبارك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوسيولوجيا السلطة في دول الهشاشة
- التعليم العالي وسوق الشغل والثورة الرقمية
- لماذا قيس سعيد يتغلب على جميع خصومه السياسيين؟
- إستفتاء 25 جويلية والجمهورية الجديدة
- مسار 25 جويلية والفرز بين عالمين في تونس
- السلطة والسلطة الموازية
- فخ الديون الخارجية : حالة تونس
- الصحافة والتحول الديمقراطي
- حدود شرعية الحكم
- المبادئ الأساسية للدستور التونسي الجديد (مقترح)
- الاقتصاد الجهوي لتحقيق العدالة الاجتماعية
- بؤس السياسة في واقع مهزوم
- لماذا يخافون من ديمقراطية الإستفتاء؟
- الحيل الشيطانية في الإدارة التونسية
- لماذا النخب القديمة تعادي مشروع قيس سعيد؟
- من يتذكر آلام سبايا الغزو الإسلامي؟
- الخديعة الكبرى
- محركات الدين :الغزو والجنس والتحايل على الإله.
- لماذا يصمت الإله أمام هول ما يرى؟
- القرآن نص زمكاني


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين مبارك - الديمقراطية والوعي الشعبي