أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رزان الحسيني - أزمة الترجمة، قلة الموارد أم شحّة التشجيع؟














المزيد.....

أزمة الترجمة، قلة الموارد أم شحّة التشجيع؟


رزان الحسيني
كاتبة ادبية وشعرية، ومترجمة.


الحوار المتمدن-العدد: 7266 - 2022 / 6 / 1 - 10:20
المحور: الادب والفن
    


لا يُخفى علينا أن الترجمة عملية معقّدة يُعيد المترجم فيها كتابة النص، ويقوم بتقمّص دور القارئ والكاتب معاً، ليُنتج ما يُسمى نصاً أدبياً، يرقى إلى كفاءة لُغته الأم. لأنها ليست مجرد تحويل الكلمات من لغةٍ إلى أخرى، بل أن يدخل المُترجم إلى عالم النص، ويغوص في ثقافته العامة، وحياته الشخصية، حيث يلتقي بالكاتب والمكتوب في آنٍ، حتى يقوم أخيراً بعملية الترجمة، وتطويع النص من لغته الأصلية إلى لغة المترجم بطريقته الأدبية، دون الابتعاد عن قالب النص الأصلي، ودون الالتزام المتزّمت في لغته الأم، ليصنع نصاً متوازناً ومتكاملاً.
ومع كون اللغة العربية نسيج عبقري، ومليئ بالمُفردات وطرق الوصفِ الحساسة، فإن المُترجم قد يقوم أحياناً بصنع نص جديد وهائل أدبياً مهما كان درجة تعقيد أو بساطة بناء النص الأصلي. وبالرغم من أهمية تلك العملية، فقد أظهرت الإحصائيات أن الكتب المُترجمة إلى العربية منذ عصر الخليفة العباسي المأمون حتى عصرنا الحالي قد بلغت 10 آلاف عنوانٍ فقط، أي ما يُوازي ما تترجمهُ أسبانيا في السنة الواحدة. وحسب آخر إحصائية في ثمانينات القرن الماضي، كان متوسطُ الكتبِ المترجمةِ لكلِّ مليون عربي هو كتاباً مترجماً واحداً في السنة. ولماذا نُصدم بإحصائيات الترجمة؟ في حين أن متوسط القراءة نفسها للفرد العربي لا تتجاوز ال6 دقائق سنوياً، أي كلُّ 80 عربيٍ يقرأون كتاباً واحداً فقط.

إن الأمرَ يتطلبُ منا نظرةً واحدةً إلى الفائزين سنوياً بجائزة نوبل للآداب، حتى نُدرك -بوضوح وأسف- التهاون العظيم في ترجمة الأعمال الأدبية، المهمة وغير المهمة، فقد يتوفّر كتاباً واحداً مترجماً لهم أو قد لا يوجد حتى، ولا يتم ترجمة كتب هؤلاء المؤلفين المهمين إلا بعد فوزهم وتعريف العالم العربي بهم.

إن أزمة الترجمة تمخضت من أزمة القراءة نفسها التي مرّ ويمر بها العالم العربي، ورغم أن مسؤولية الاهتمام بالقراءةِ والكتبِ المترجمةِ والتشجيع عليها تقع على عاتق الدولة والمؤسسات الثقافية أولاً، إلا أنها لا تقع عليها وحدها، بل يتحملُ المعلمُ والأسرةُ والأصدقاء، مسؤولية الحث على القراءة،لأن المجتمع الراكدُ أدبياً، والمُهملُ للكتب؛ هو مجتمعٌ جامدٌ يُراوح في مكانه دون القدرة على التطور. ومتى ما بدأ العالم العربي يقرأ بجدية، بدأ بالتطور والتغيير، وبدأ بفرزِ الكتبِ وتحديد جودتها وفصل التجارة عن القراءة، حيث بيّنت الإحصائيات أيضاً أن أكثر الكتب مبيعاً في العالم العربي هي الكتب الدينية أولاً، ثم كتب الطبخ والأبراج، ثم كتب التنمية البشرية. أي إن القراءة لمجرد القراءة وحدها، غير مفيدة أيضاً، دون العمل على تحديد جودة اللغة والمحتوى. وكل ذلك يبدأ حين نُطلع الدول العربية على ثقافة الدول الأخرى، ونطلع الدول الأخرى على ثقافتنا، والأدب العربي؛ عن طريق الترجمة. إن مسؤولية إنتاج الكتب في الوقت الحالي -وبغياب الرقابة- تعتمد بالدرجة الأساس على القارئ، فهو من يحدد نوعية الكتب في السوق وجودتها ولغتها، وله تخضع أغلب دور النشر والطباعة، وفي الوقت الذي يُقدم به للجميع العناوين نفسها ونوعيات محددة، يجب أن تكون هنالك إرادة قوية وصوت مسموع لأولئك الذين يُطالبون بتوسيع الترجمة والعمل على قدمٍ وساق لجلب العالم للقارئ العربي.

ولذلك، وبعد التفكير فيما سبق، يتّضح أن أزمة الترجمة التي تمرّ بها المكتبة العربية تعود إلى شحة التشجيع فحسب، فبدون القارئ الحقيقي، والدعم المادي والمعنوي، والأهم.. بدون دور النشر التي تخدم الأدب لا السوق، لا يمكن للترجمة أن تزدهر. وإن أسبابها تعود لأصلٍ واحٍد فقط، وهو اللامبالاة من الأغلب، وقلة الاهتمام بالمترجمين الخرّيجين والهواة على حد سواء، إلا اللهم من محاولات ضئيلة هنا وهناك.



#رزان_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مساميرٌ على حائط الريح
- برقيةٌ للملكِ الأعمى
- العودة إلى بُطء العيش
- بَبغاء مَلَكية أم إنسان؟
- الاستشفاء بالفن وسيلة للنضال
- الأزرق للذكر والزهري للأنثى
- حارس سطح العالم والأدب الصافع
- ثماني محاولات للّحاق بسيلڤيا بلاث
- حين تخلّى الملاك الحارس عن حراسته
- ثمانِ محاولات للّحاق بسيلڤيا بلاث
- أهمية النقاش في تنمية الوعي
- هل الكاتب مؤلفٌ أم المؤلف كاتب؟
- المبادئ، بلانك أم عامل X؟
- من -أوديب ملكاً- إلى -الشماعية- هل أثّر فقدان المسرح على الذ ...
- حَبلُ ثقاب
- عِشتار العصرِ الحديث
- 8 آذار للاحتجاج ام للابتهاج؟
- عيد الجيش العراقي ويتامى الحروب
- يعاملون المُدمن كما لو كان مُصاباً بالإنفولنزا
- حقوق الإنسان/ حقوق البشريّة علينا


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رزان الحسيني - أزمة الترجمة، قلة الموارد أم شحّة التشجيع؟