أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رزان الحسيني - العودة إلى بُطء العيش














المزيد.....

العودة إلى بُطء العيش


رزان الحسيني
كاتبة ادبية وشعرية، ومترجمة.


الحوار المتمدن-العدد: 7075 - 2021 / 11 / 12 - 23:48
المحور: الادب والفن
    


العودة إلى بُطءِ العيش

حيث تغيّر الزمان، وقصَر الوقت، وأصبح العُمر يعدو مثل خيولٍ جامحة، زادت الحاجة بنا إلى أن نضغط زر التوقّف المؤقت، ونتأمل ما يجري حولنا قليلاً. متى أصبح الطعام غذاءً جسدياً فحسب، متى أصبحت الدراسة عبئاً ثقيلاً ليس لها جوّها الخاص سوى النعاس والتذمّر، متى أصبح وقت التلفاز العائلي هو لمّ شملٍ متفرّق، يجلس الجميع في الغرفةِ ذاتها وبأيديهم تلفازهم الصغير، لم أصبحَ نهارنا للشقاء ومساءنا للسهر الوحيد، ولماذا نُنهي مسلسلاتنا وأفلامنا بسرعة حتى ننتقل إلى ما بعدها، لماذا نستيقظ متأخرين وننطلق بسرعة إلى أشغالنا وننظر كل نصف ساعة للوقت، إلى أن ينتهي الأمر بسرعة؟ أصبحت العجلة هي المفهوم العام، وروّاد البُطء سحقتهم عجلة السرعة وهي في طريقها إلى العمل..

يقول ميلان كونديرا في كتابه البُطء: "ثمة وشيجة سرّية بين البُطء والذاكرة، كما بين السرعة والنسيان. لنذكر، بهذا الصدد، وضعية قد تبدو عادية للغاية: رجلٌ يسيرُ في الشارع، ثم فجأة يريد تذكّر أمر ما، لكن الذاكرة لا تُسعفه. في تلك اللحظة، بطريقة آلية يتمهّل في الخطو. أما من يسعى إلى نسيان طارئ شاق وقع له تواً، على العكس يُسرع، لا شعورياً، في مشيته، كما لو أنه يروم اللابتعاد عن طارئٍ ما زال، من حيث الزمن، قريباً جداً منه" لطالما تعرضنا كثيراً لمثل هذا الموقف الذي نحثُّ فيه الخطى مسرعين كأننا نهرب مما حصل للتو، ونُبطئُ -في المقابل- حين لا نودُّ مغادرة اللحظة. ولكن للوهلة الأولى يبدو أن -فجأةً- أصبح جميعنا يُريد النسيان، وحث الخطى، وانتهاء اللحظة، أصبحت حيواتنا هي المركبة التي نسوقها بسرعةٍ عالية لنشعر بالريح تتخلل شعرنا، ونشوة النسيان التي تبعثها السرعة في عقولنا.
لقد تخلّينا عن الجَمعات التي لا يوجد أنترنت فيها، ولا يتخللها غير الضحك والأحاديث الكسولة والمُكسّرات. تخلّينا أيضاً عن المشي البطيء، والوصول إلى أماكننا بحرية، دون أن يضغط غلّ الوقت بحدّهِ على أعناقنا ومعاصمنا، تخلّينا عن الحُب وتفاصيلهِ البطيئة المُشعّة، وأصبحنا ننتقل من مرحلةٍ إلى أخرى بعجلةٍ كأن الحياة سباق، ومن يتأخر في فعل أحد أمورها، يتخلّف عن الركب الراكض. فيشعر بالنقص والخسارة، ويُنظر له نظرة: يا لك من مسكين، مُتأخر.. حتى ولو أنجز ما عليه أخيراً، بحبٍ ومُتعة، يبقى متأخراً بالنسبة للجميع، وإنجازهُ عادياً وبلا طعم..

كانوا يخبروننا أن من شبَّ على شيءٍ شاب عليه، لم شَبَبنا على أكل الخُبز الحار بجانب صوبة علاء الدين قبل الذهاب إلى المدرسة ببطء وضحكاتٍ خاملة، وشِبنا على العجلة الصارخة بالذهاب للأعمال وإنجازها بوقتٍ قياسي، وتفحّصنا للساعة حتى أصبحت لدينا ساعة محددة للنوم، ساعة محددة للطعام، والصداقة، والحب، كأن هذه المفاهيم الحياتية ضيوف نستقبلهم على مضضٍ بأوقات معينة. وكما قال كونديرا: "أين اختفت لذة البُطء؟ أين هم متسكعو الزمن الغابر؟ أين أبطال الأغاني الشعبية الكسالى؟" أين ذهبت لذة الاستمتاع باللحظة، والعيش الحقيقي؟



#رزان_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بَبغاء مَلَكية أم إنسان؟
- الاستشفاء بالفن وسيلة للنضال
- الأزرق للذكر والزهري للأنثى
- حارس سطح العالم والأدب الصافع
- ثماني محاولات للّحاق بسيلڤيا بلاث
- حين تخلّى الملاك الحارس عن حراسته
- ثمانِ محاولات للّحاق بسيلڤيا بلاث
- أهمية النقاش في تنمية الوعي
- هل الكاتب مؤلفٌ أم المؤلف كاتب؟
- المبادئ، بلانك أم عامل X؟
- من -أوديب ملكاً- إلى -الشماعية- هل أثّر فقدان المسرح على الذ ...
- حَبلُ ثقاب
- عِشتار العصرِ الحديث
- 8 آذار للاحتجاج ام للابتهاج؟
- عيد الجيش العراقي ويتامى الحروب
- يعاملون المُدمن كما لو كان مُصاباً بالإنفولنزا
- حقوق الإنسان/ حقوق البشريّة علينا
- في اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة/ لولا مرض هوكينغ لما أص ...
- القرنفل التشرينيّ الثائر
- ثورة القرنفل التشريني


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رزان الحسيني - العودة إلى بُطء العيش