أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - رزان الحسيني - الأزرق للذكر والزهري للأنثى














المزيد.....

الأزرق للذكر والزهري للأنثى


رزان الحسيني
كاتبة ادبية وشعرية، ومترجمة.


الحوار المتمدن-العدد: 7033 - 2021 / 9 / 29 - 17:36
المحور: حقوق الانسان
    


إن قصة الوردي والأزرق كانت في الأصل عكسياً، حيث كان الأزرق يعبّر عن الجمال والأنوثة، ويُوصى به الأمهات لبناتٍ جميلات في المستقبل. والوردي يعبّر عن القوة، لذلك يوصى به لرجالٍ أقوياء ومفتولي العضلات. ثم انعكس الأمر في القرن التاسع عشر بعد دعايات عديدة تنصُّ على أن الوردي أقرب للأنوثة، والأزرق أقرب للرجولة.
وهكذا دأبَتْ الأمهات حين يعرفنّ جنس المولود منذ قرون على صبغ حائط غرفة الطفل بالزهري ومشتقّاته -إذا كان أنثى- واقتناء السرير والمهد والستائر باللون نفسه، بالإضافة الى اختيار لُعب أنثوية مثل باربي والمنازل الخشبية وألعاب الطبخ الصغيرة وغيرها، ثم تكبر بين افلام ديزني والأميرات الجميلات اللواتي ينتظرن أميراً لإنقاذهن، بين أفلام للبنات، وكتب للبنات، وملابس للبنات. وكذا الحال بالنسبة للذكر، فما إن يعلم الأبوان بجنسهِ حتى يهرعوا إلى اقتناء كل ما هو أزرق، ويحتوي على حرب ومُسدسات ورشاشات وملابس الأبطال الخارقين والسيارات والقطارات. ثم ألعاب الفيديو المختلفة التي تُساهم في زيادة قسوة الطفل، وبالمقابل إسلوب التعامل مع الطفلة سابق الذكر يُزيد من ضعف وتأطير الطفلة.

إن التقاليد أمرٌ مُحبب عادةً، لكنّه حين ينطوي على تأسيس الشخصيات وقولبتها بالطريقة هذه فإنها يجب أن تُمحى تدريجياً، إن جسم الأنسان يحتوي على عددٍ متساوٍ من الهرمونات الذكرية والأنثوية، وجنسه فحسب لا يحددّ شخصيته منذ أن يولد، للذكر الحق باختيار طريقة عيشه، ولعبه، وحياته.. ولا يجب نبذه وإطلاق عليه صفة الجبان أو الضعيف وتعنيفه نفسياً حين يتخلّف عن المعتاد، كأن لا يشترك في عِراك، أو لا يلعب العاب القتال والسيارات، ولا يرتدي الألوان الغامقة.. بل لا زلنا نرى عوائل تُطلق صفة "كيوت" حين تُريد ذمّ ابنها الهادئ، العاطفي، أو البشوش والمحترم، وينهروه حين يبكي قائلين أن البكاء ليس للرجال، ويشجعّوه حين يضرب إبن الجار أو الحيوان المارّ أو رفاقه في المدرسة ويُقلل الأدب بأنواعه.. مُعتبريها قوة وشخصية، وكل تلك العوامل تجري على رأس الطفل! حتى يبدأ بالشعور بالنقص ومحاولة الإلتحاق بالركب حين يتخلف عنه، حتى لو لم يكن يرغب بذلك.

وللأنثى الحق أيضاً في اختيار ملابسها وطريقة لعبها وظهورها، ولا يجب زجها إلى المطبخ عند أول سنتمترات تطولها قامتها الصغيرة، أو ابعادها عن دراستها. نحن نُشاهد على مدارٍ يوميّ، فتيات صغيرات يتم التنمر عليهن حين يخترن لعب كرة القدم مثلاً، أو يقمن بأعمال يحتكرها الذكور، ويُطلقون عليها صفة "المسترجلة". أما حين ترغب بقص شعرها، أو تسمنُ قليلاً أو كثيراً، فأنوثتها هُنا تُصبح محط جدل الجميع، حتى الجار في رأس الشارع.

تلك التعاملات بشكل منفصل للأطفال، أما حين يتواجدون في بيتٍ واحد، نجد الأبوان يُرسلون الإبنة لمُساعدة أخيها -وهو بنفسِ عمرها- وتلبية طلباته، ويمنعانها من رد الإسادة أو الضرب حين يشتركان بمشّادةٍ ما، لأن الأنثى لا تركل، ولا تردُّ الإساءة.. حتى يكبر هو فيصبح رجل البيت الجديد شاء أم أبى.

إن التفاصيل الصغيرة فيما نقولهُ ونفعلهُ مع الأطفال، هي أساس حياته. حتى حين نظن أنهم لا يسمعون، بل للإنسان ذاكرة تراكمية تسمح لهُ بالاحتفاظ حتى بأبعد الذكريات، بالتالي بناء شعور وشخصية كاملة على أساسها. لا يُريد المجتمع أُناث سطحيات وضعيفات، غير قادرات على الاستقلال والعيش بمفردهن، ولا ذكوراً قُساة ما من مكان للإنسانية بقلوبهم، مُتحكمين ومُحتقرين للنساء. المجتمع على عاتق هؤلاء الشباب والجيل الجديد، فلم لا نقوّمهم بالتي هي أحسن؟

9/21



#رزان_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حارس سطح العالم والأدب الصافع
- ثماني محاولات للّحاق بسيلڤيا بلاث
- حين تخلّى الملاك الحارس عن حراسته
- ثمانِ محاولات للّحاق بسيلڤيا بلاث
- أهمية النقاش في تنمية الوعي
- هل الكاتب مؤلفٌ أم المؤلف كاتب؟
- المبادئ، بلانك أم عامل X؟
- من -أوديب ملكاً- إلى -الشماعية- هل أثّر فقدان المسرح على الذ ...
- حَبلُ ثقاب
- عِشتار العصرِ الحديث
- 8 آذار للاحتجاج ام للابتهاج؟
- عيد الجيش العراقي ويتامى الحروب
- يعاملون المُدمن كما لو كان مُصاباً بالإنفولنزا
- حقوق الإنسان/ حقوق البشريّة علينا
- في اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة/ لولا مرض هوكينغ لما أص ...
- القرنفل التشرينيّ الثائر
- ثورة القرنفل التشريني
- سومريّة
- من قال أنّك في العشرين من عمرك؟
- زهرة القُطن خاصتي


المزيد.....




- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين
- أمير عبد اللهيان: لتكف واشنطن عن دعم جرائم الحرب التي يرتكبه ...
- حماس: الضغوط الأميركية لإطلاق سراح الأسرى لا قيمة لها
- الاحتلال يعقد اجتماعا لمواجهة احتمال صدور مذكرات اعتقال لعدد ...
- مسؤول أمريكي: قرار وقف النار وتبادل الأسرى بيد السنوار.. وقد ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - رزان الحسيني - الأزرق للذكر والزهري للأنثى