أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي البوزيدي - ___قصّة شعريّة___ بيتٌ يتكوّن من غرفة واحدة و قلب أبي














المزيد.....

___قصّة شعريّة___ بيتٌ يتكوّن من غرفة واحدة و قلب أبي


فتحي البوزيدي

الحوار المتمدن-العدد: 7250 - 2022 / 5 / 16 - 23:21
المحور: الادب والفن
    


ضيّقة جدّا بيوت الفقراء,
لا تتّسع
لطاولة كبيرة.
لا تتّسع
لأصناف كثيرة من الطّعام.
"لا تتناولْ خبزك بسرعة كي لا يغصّ بيتُنا بالشّياطين...
الشّياطينُ تشاركُنا رزقَنا إذا أكلنا بلهفة"
هكذا حدّثني أبي.
***
قلب أبي أوسع من بيتنا,
لهذا يحبّ أن نجتمع في غرفة لا تتّسع لنا إلّا إذا جلسنا متعانقين.
***
بيتنا يتكوّن من غرفة واحدة و قلب أبي.
أربعة أطفال و أمّهم ينامون في قلبٍ واحد!
قبل أن ننام,
كنّا نسير مسافة طويلة إلى مقبرتنا العائليّة..
أظنّ أنّ المقبرة تقع في مدخل الشّريَان الأبْهر!
هناك يرقد
جدّي,
جدّتي,
أخي: خامسنا الّذي مات رضيعا.
هناك
في تلك المقبرة
تعلّمتُ قراءة سورة الفاتحة,
و تعلّمتُ لغة طيور تحطّ على شواهد القبور.
***
في كوابيسي
أرى أثرا من دم أبي على أصابعي!
لم أصدّق تفسير فرويد لجريمتي
كذِبَ الطّبيب أيضا في تقرير الوفاة,
أو لعلّكم لم تحسنوا قراءة جريمتي في خطّه الرّديء!
***
هل يشفى المجرم من كوابيسه إذا شخّص جريمته؟
سأجرّب المثول في قفص الذّاكرة إذن:
[بِلا قصد قتلتُه]
اعترفتُ دون حاجة إلى حصص تعذيب لدى فرقة أمن الدّولة...
قتْل أبيك جريمة لا تخصّ الدّولة,
لكنّ الذّاكرة تتقن أساليب التّعذيب..
تتقن اقتلاع اعترافاتك.
[اعترفتُ إذن أنّي كنت أتناول قطعة خبز بلهفة,
أنّ أبي كان ينظر إليّ دون أن ينبّهني إلى حضور الشّياطين ببيتنا,
و هكذا بلا قصد قتلتُه.]

القتلة يبحثون عن مبرّرات لجرائمهم.
و أنا ما زلت أفسّر نظرة الآباء بأنّهم لا يشبعون من أبنائهم.
لكنّ أبي مات جائعا, و هو ينظر إلى الشّياطين تأكل معي حصّته من الرّغيف.
***
بعد تكذيب فرويد و الطّبيب,
بعد الاعتراف و تشخيص الجريمة,
لم أُشْفَ من كوابيسي!
صرت أشعر أنّ الذّنب أكبر من بيتنا.
بيوت الفقراء ضيّقة جدّا,
لا تتسع لمعانقة جثمان أبي الممدّد
***
دون عناق
غادرت الغرفة الضيّقة بحثا عن قلبه
لأجالسه هناك.
سأعانقه أيضا.
أعلم أنّ قلبه كان يتّسع إلى تشييع جنازات كلّ الضّحايا
في الفيتنام..
في ملجإ العامريّة..
في مخيّمات جنين...
أعلم أنّ قلبه يتّسع لي كي أعانق جثمانه الممدّد.
سأستأذنه إن كان يسمح لي بتعبيد طرق في قلبي لعبور جنازات كلّ الجياع الّذين أكلت الشّياطين حصّتهم من الرّغيف!
سأطلب منه نقل مقبرتنا العائليّة إلى شرياني!
و أن أحفر له في قلبي قبرا,
أقرأُ عليه سورة الفاتحة..
و أحدّث الطّيور الّتي تزوره.



#فتحي_البوزيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قبّعة المهرّج, كلاكيت و ت.إس.إليوت
- أشجار زيتون, حذاء رياضيّ, جذوعنا المكسورة
- عوْدَة -بينوكيو- من رحلته إلى كهف أفلاطون
- الانتظار أمام الباب الخلفيّ للجنّة
- واجهات زجاجيّة
- المطبخ, سرير-بروكست-, الوطن
- أسطورةُ أكلِ رأسِ الشّاعرِ
- هجرةٌ من الصّحراء إلى الماء
- حدّثني أبي العائد من السّماء قال
- -جاكسون بولوك- أكل وجهي الغريب
- لم أولد من ضلع أبي
- حكاية طيور كانت قلوبا
- وطن الرّيح و حديث -خرافة-
- مِن يوميّات أستاذ لاجئ إلى ثقب قطعة جبن
- أجمعُ رمادَ الأجنحة في زجاجة عطر فارغة
- برغوث برأس -لاش فاليزا-
- كيف صرتُ جبلا لا يحسن البكاء؟
- قطّ يتقيّأ كلمة
- تابوهات
- حَرِيقَان


المزيد.....




- الفيلم التونسي -سماء بلا أرض- يحصد النجمة الذهبية بالمهرجان ...
- الممثل بورتش كومبتلي أوغلو قلق على حياته بسبب -بوران- في -ال ...
- -أزرق المايا-: لغز الصبغة التي أُعيد ابتكارها بعد قرنين من ض ...
- وزير الثقافة الباكستاني يشيد بالحضارة الإيرانية
- تحقيق يكشف: مليارديرات يسعون لتشكيل الرواية الأمريكية لصالح ...
- زيارة الألف مؤثر.. بين تسويق الرواية والهروب من الحقيقة
- إبادة بلا ضجيج.. اغتيال الأدباء والمفكرين في غزة
- -سماء بلا أرض- للتونسية اريج السحيري يتوج بالنجمة الذهبية لم ...
- جدة تشهد افتتاح الدورة الخامسة لمهرجان البحر الاحمر السينمائ ...
- الأونروا تطالب بترجمة التأييد الدولي والسياسي لها إلى دعم حق ...


المزيد.....

- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي البوزيدي - ___قصّة شعريّة___ بيتٌ يتكوّن من غرفة واحدة و قلب أبي