أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - بائعة الورد














المزيد.....

بائعة الورد


فوز حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 7249 - 2022 / 5 / 15 - 14:06
المحور: الادب والفن
    


بخطى ثقيلة وفكر شارد تجاوزها ..
لم يشعر بوجودها .. صوتها الطفولي وهي تناديه .. جعله يتوقف ليلتفتَ نحو صاحبة الصوت ..
أخذ نفسًا من سيجارته قبلَ أن يقترب منها ..
المكان شبه المظلم الذي احتضن جسدها الصغير تنبعث منه روائح كريهة مصدرها حاوية النفايات المعدنية التي جلست بالقرب منها ..
تسمّر في مكانه .. ممزقًا بين أفكاره الساخطة على كل شيء وبين تلك الطفلة ذات العشرةِ أعوام التي اخترقت عالمه على حينِ غفلة لتؤكد له أنه كان محقًا في سخطه.
وبنبرة أقرب للاستغراب منها للسؤال قال لها :
ـ ماذا تريدين؟! تعالي.
احتل التعب قسمات وجهها .. أما عينيها فاكتفت بالصمت ..
كأنها تقول له : إن لم تأت أنت فأذهب عني ..
حاول إيجاد مكانًا بالقرب منها رغم أكوام النفايات وبقايا الماء الآسن التي تجمعت فوقه أعداد لا تحصى من الذباب ..
توجست منه خيفة .. احتضنت الأزهار الحمراء التي تحملها والتي بدأت أوراقها مع نهاية النهار بالذبول فأخذت تميل إلى السواد ..
بادرته وهي تحاول أن تبعد ذبابةً كبيرة كانت تقف على جبينها.
ـ هل ترغب بشراء وردة؟ لم يتبق لدي إلا أربع و أمي حذرتني من العودة قبل بيعها جميعًا ..
خيل إليه أن صوتها يشبه إلى حد كبير صوت ابنته .. إلا أن ابنته ربما الآن نائمة في فراشها تحتضن لعبتها.
ـ بكم الوردة؟
سألها وهو يحاول أن يبدو طبيعيًا.
ـ بألف دينار.
قالتها بصوت منخفض وعيون ارتسم فيها القلق من أن يبدأ في مساومتها فيطلب وردتين مقابل الألف دينار كما يفعل أغلب الناس.
أراد أن يلعن كلَ شيء في الحياة .. لكنه لعن الحياة نفسها .. حياة فيها الطفولة لا تساوي ثمن وردة ..
أخرج من جيبه ورقة نقدية فئة الخمسة آلاف دينار وناولها إياها من دون أن تصدر منه كلمة ..
بإشارة من يده ورأسه رافضَا أخذ باقة الورد التي قدمتها إليه واكتفى بواحدة.
بخطوات طفولية متعبة غادرت المكان وفي داخلها خوف من أن يتراجع ويسترد نقوده.
التفتت إليه قبل عبورها الشارع .. ارتسمت على شفتيها ابتسامة المنتصر.
شعورٌ انتابه لم يستطع ترجمته شده إلى الأرض .. منعه من مغادرة المكان ..
اجهضت الكلمات وهي لم تزل أجنة داخل الشفاه لأنها فقدت كل معنى لها فلاذ بالصمت .. غاب عن الوجود حتى إنه لم يعد يشم رائحة النفايات التي تحيط به ..
لسعة بعوضة تركت أثرًا أحمرار وانتفاخًا على كفه لم تكن كافية لإثارة حنقه .. أضواء الشارع التي عكسها الماء الآسن سرقت منه تركيزه حتى لم يعد يشعر بسقوط الوردة على الأرض ..
لم يعده إلى وعيه إلا صوت منبه سيارة مسرعة وصراخ المارة معلنًا وقوع حادث مفاجىء لبائعة الورد ••



#فوز_حمزة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدخول في الشرنقة
- السيدة انتظار
- لندن 2017
- مذكرات قرد في المنفى
- دار الغياب
- شريكة زوجي
- أمي وذلك العشيق
- ألوان فوق غيمة عابرة
- فقط ارفعي ذراعيكِ
- صفقة مع الحزن
- الظلال الحزينة
- بعد منتصف الحلم
- رسالة إلى العصافير
- ابنة الغجرية
- قارىء عداد الكهرباء
- مواسم العطر
- بين الظلال
- أنا ومعطفه الأسود
- موعد غرامي
- الوداع الأخير


المزيد.....




- -أفلام ميوز-.. ميلانيا ترامب تطلق شركة إنتاج قبل إصدار فيلم ...
- -الزمن تحت الخرسانة- المخيم كعدسة لقراءة المشروع الاستيطاني ...
- الاحتلال يخسر -الفضاء الأزرق-.. وصعود الرواية الفلسطينية يثي ...
- الثقافة: الفيلم المرشح للأوسكار
- إسبانيا: اعتقال الراهبة لورا غارسيا بتهمة تهريب الأعمال الفن ...
- الأمير مولاي رشيد: مهرجان الفيلم بمراكش منصة للحوار وإبراز ا ...
- كهوف الحرب وذاكرة الظلمات اليابانية الغارقة -تحت الأرض- في ق ...
- وفاة الممثلة الجزائرية بيونة عن 73 عاما
- إيران تحظر دخول غابات مدرجة على قائمة التراث العالمي بعد أن ...
- اكتشافات بجنوب شرق تركيا تشرح حياة البشر في العصر الحجري الح ...


المزيد.....

- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - بائعة الورد