أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - مذكرات قرد في المنفى















المزيد.....

مذكرات قرد في المنفى


فوز حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 7237 - 2022 / 5 / 3 - 14:09
المحور: الادب والفن
    


في غابات الصفصاف الجنوبية المحاذية لنهر الزازون الكبير و في يوم ربيعي مبهج ..
ولدت لقردين شابين تزوجا بعد قصة حب كبيرة ..
مقدمي كان مبعث سرور لوالديّ و العشيرة التي فرحت بولادة ولي العهد مما جعلني مدللًا أنال ما أشاء دون معارضة .. فنشأت معتقدًا أن العالم كله تحت أمري ..
عندما كبرت قليلًا بدأت بضرب القرود أقراني ومشاكستهم وافتعال المشاكل معهم وأشياء أخرى كنت أفعلها أخجل الآن من ذكرها ..
كل ذلك ولا أحد يجرؤ على نهري أو توبيخي .. فأبي الشيخ "رائيد" كانَ محترمًا مهاب الجانب ينصاع له الجميع حتى أصبحت حكمته في السلم وحنكته في الحرب حديث غابتنا والغابات المجاورة .. مع ذلك لم يكن بمقدور أبي الوقوف في وجه أمي القردة " فتوح" سليلة الحسب والنسب عندما كنت احتمي وراءها بعد كل مصيبة أفعلها .. أصبحت مصدرًا للمشاكل .. بل وصل الأمر بينهم في تبادل الاتهامات في شأن تربيتي ليقررا الانفصال لكن سرعان ما تهدأ الأمور بينهما بعد تدخل الأهل والمعارف ..
عندما كبرت قليلًا عرفت بوجود مشاكل أخرى بينهم .. فأمي لم تكن لديها هواية سوى إثارة الغيرة لدى الصديقات و زرع الفتنة بينهن مما سبب إحراجًا لأبي أمام وجهاء القبيلة و بدلًا من أن يضع حدًا لتصرفاتها .. أخذ لقلة حيلته يجد التبريرات لها ..
أما ناقصات عقل ودين فكانت عبارته الأشهر للتنصل من أي موقف يعصى عليه ..
وكما يقول إخوتنا من بني البشر " دوام الحال من المحال " مات أبي فجأة على إثر صدمة نفسية كما أكد طبيب القبيلة..
دفن أبي نهارًا ليدب في الليل النزاع بين أبناء العشيرة حول المنصب ..
في الليلة التي اجتمعت فيها العائلة لتناقش الأمر وتبت فيه .. كان القمر فيها غائبًا .. احتدت الأمور حتى وصل الأمر بعمي " سمعان " إلى ضرب عمي "سلوان" فلم يكن من الأخير إلا في إتخاذ القرار بهجر قبيلته تصطحبه عمتي العانس "تسواهن" رغم أنهما لم يطيقا من قبل بعضهما لأن عمتي وبسببِ غيرتها كانت وراء طلاق عمي من زوجته الجميلة .. ما فعله الاثنان يندرج تحت عنوان .. عدو عدوي صديقي ..
لأول مرة ينصت عمي لعمتي حينما أشارت عليه بالذهاب إلى الأسد "تاج الدين" .. ملك غابة إيسونومو التي تقع خلف النهر الكبير بمحاذاة أشجار القيقب وشرح الحال له علَّ قلبه يرق ويسمح لهم بالعيش معهم ..
لم تستغرق موافقة الملك طويلًا .. ليس بسبب رحمته بل حكمته .. حرب طويلة خاضها أفراد قبيلته مع قبيلتنا راح ضحيتها آلاف الخراف السوداء والبيضاء والحمراء دون التوصل لحل نهائي وجذري للتسوية هو السبب وراء موافقته .. فها هي الأسرار جاءته تسير على قدميها لتنحني أمامه وتقدم خدماتها مجانًا ..
رعاية الملك والسهرِ على راحته .. لم يتركوا لعمي "سلوان" وقتًا لأي شيء آخر .. عمي لم يكن قردًا طموحًا فرضى بما وصل إليه .. في حين أن عمتي وجدت الوقت الكافي والجو المناسب لممارسة هوايتها الوحيدة في زرع الفتنة بين أي حيوان وزوجته ..
كان على العمة توثيق علاقتها بزوجة الملك من خلال تقديم خدماتها المجانية في قراءة طالع الملكة وبيان ما سيحدث لها من تغييرات في المستقبل لأن الملكة مولودة حين كان برج الجدي يستعد للدخول في العذراء مما يعني حصولها على كل ما ترغب ..
الخطوة الذكية التي قامت بها عمتي تجاه الملكة أتت أكلها .. أصبحت بين ليلة وضحاها الصديقة المقربة واخت الملكة التي لم تلدها أمها .. بالرغم من أنه لا شيء في الكون يجعل من قردة اخت لبوة .. للنساء شؤون لا أحد يتمكن من حل ألغازها ..
ابتسم الحظ أخيرًا .. في إحدى النهارات الربيعية الدافئة وبينما كانت العمة مستلقية على أغصانِ شجرة الكستناء تتأمل السماء وتفكر في حبيبها الذي هجرها من أجل قردة أخرى .. شعرت بحركة وأصوات تحتها .. إنها ولية نعمتها .. حرصت على ألا تحدث ضجيجًا قد ينبه زوجة الملك التي كانت متكئة على جذع الشجرة ترتشف قهوتها الصباحية وتتحدث بهاتفها النقال ..
في ثوان .. تحول جسد عمتي إلى آذان صاغية .. توردت وجنتاها والتمعت عيناها وكأنها وجدت كنزًا أثمن بكثير من عريس هارب وحبيب خائن .. فهمس الملكة الذي تحول بعد قليل إلى كلام مسموع جعل عمتي تكتشف سرًا خطيرًا قد يهدم العرش فوق رأسها ..
لقد عرفت عمتي أن للملكة عشيقًا ..
تحول رأس عمتي إلى جهاز حاسوب متطور جدًا ..
لم تنسْ كلمة واحدة من كلمات الغزل والحب غير العذري الذي سمعته الآن .. كيف تنسى الشيء الذي يجعلها في مصاف الأميرات وربما الملكات .. فأحلام عمتي ليس لها حدود .. بالرغم من أنها كانت تريد من وراء ذلك الحفاظ على سمعة الملك وليس شيئًا آخر كما ستخبر حينما يقدم لها أثمن هدية .. شيء واحد نغص عليها فرحتها .. هي عدم معرفة اسم العشيق .. في النهاية اكتفت بهذا الإنجاز حاليًا ..
بدأت الطبول تدق والمزامير تعزف بعودة الملك من رحلة الصيد .. جلالته محبوب من الجميع.. استقبل رعيته وأمارات السعادة بادية عليه .. كنزها الذي تخبئه منحها الجرأة لتقترب و تطلب مقابلته على انفراد لأمر جلل يخص شرف المملكة وسيادتها ..
ثلاثة أيام مضتْ قبل أن يأذن الملك " تاج الدين " لعمتي بالدخول عليه .. لا أحد يستطيع التكهن بمعاناتها خلال الأيام الماضية ..
هيبة الملك ووسامته أجبرت عمتي لأن تطيل النظر في وجهه متمنية اليوم الذي ستصبح فيه عروسه .. نظرت إلى كرسي الملكة وتخيلت نفسها جالسة عليه .. يبدو واسعًا .. لكن لا بأس .. دائمًا الحلول موجودة ..
شيء جديد لم تكن تعرفه عن الملك أدركته الآن .. كان حكيمًا .. يستخدم أذنيه أكثر من لسانه .. قراراته تأتي بعد تفكير وتمحيص .. وهذا ما جرى عندما ودع عمتي وشكرها بعد وعد قطعه لها بأن الأمور ستكون بخير ..
نسيت إخباركم عن هدية الملك لها .. عقداً من اللؤلؤ الأبيض تتوسطه ماسة كبيرة وهي رمز المملكة..
نامت عمتي تلك الليلة وهي تحتضن وسادتها الخالية .. رأت في منامها الملك " تاج الدين " يمسك بيدها يعلنها زوجة له طالبًا من حاشيته تقديم فروض الولاء والطاعة لملكتهم الجديدة .. أما هي ستفعل أي شيء للانتقام من أبناء عشيرتها الذين لم تر منهم سوى الخذلان ..
في فجر اليوم التالي .. بينما وقفت الحشود تحيي مليكها وتدعو له بأن يسدد الله خطاه وتدعو للجواسيس بالموت وتتوعد كل من تسول له نفسه بالتطاول على سيادة المملكة العظمى ..
أمر الملك بأعدام عمتي تسواهن وترك جثتها معلقة بأغصان الشجرة التي تنصتت منها على سيدتها كي تكون عبرة لغيرها ..
في ذات اللحظة .. كانت الملكة الموقرة بنت سيد الأسود حاكم الغابات الجنوبية كلها .. تكلم عشيقها من " الأيفون 13 " الذي أهداه لها الملك بعد عودته من رحلة الصيد كتعبيرِ عن اشتياقه وحبه ..
قام الملك بفرض حصار اقتصادي على مملكتنا كنوع من العقوبة لأنه ظن أن ما فعلته عمتي كان مخططًا له ويندرج تحت بند الجاسوسية ..
أما نحن .. مجتمع القرود .. بعضنا هرب لسفوح الجبال أو عبر البحار .. والبعض الآخر لم يجد غير طلب المغفرة من الملك وتقديمِ كل ما من شأنه إثبات ولائنا ويؤكد إننا لم نزل قردة ..



#فوز_حمزة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دار الغياب
- شريكة زوجي
- أمي وذلك العشيق
- ألوان فوق غيمة عابرة
- فقط ارفعي ذراعيكِ
- صفقة مع الحزن
- الظلال الحزينة
- بعد منتصف الحلم
- رسالة إلى العصافير
- ابنة الغجرية
- قارىء عداد الكهرباء
- مواسم العطر
- بين الظلال
- أنا ومعطفه الأسود
- موعد غرامي
- الوداع الأخير
- زهرة التوليب
- رماد الشمس
- رسالة من بين ثياب شتائية
- رحيل


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - مذكرات قرد في المنفى