أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - قارىء عداد الكهرباء














المزيد.....

قارىء عداد الكهرباء


فوز حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 7205 - 2022 / 3 / 29 - 13:50
المحور: الادب والفن
    


ابتسمت وأنا امسك بيديها المعروقتين بفعل الزمن .. تحسستهما بأصابعي وأنا أنظر في عينيها الجميلتين التي أخفت جزءًا منها وراء النظارة الطبية السميكة .. قلت لها بعد أن وضعت رأسي في حجرها :
- عمتي .. هل ما زلت تتذكرين قارىء عداد الكهرباء ؟
توقفت عن الحركة أصابعها المندسة في شعري ودفعتني من كتفي للنهوض من حضنها وبصوت يملؤه الاندهاش سألتني:
- من يكون هذا ؟!
لويت رقبتي ورفعت حاجبي الأيسر وأنا ما أزال أجلس على الأرض قبالتها وقلت لها ..
- لا تحاولي إخفاء الأمر .. فأنا أعرفه ..
ردت بتلعثم :
- أنا لا أكذب .. لا أعرف عن من تتكلمين ..
عدت إلى حضنها أنا أردد :
- بالتأكيد يا عمتي إنك لا تكذبين .. أنا أمزح معكِ ..
وأنا أمسك بيدها وأضعها ثانية بين خصلات شعري أحسست بتشنجها وببرودة سرت منها إلى رأسي .. تساءلت بيني وبين نفسي: لم عمتي تنكر معرفتها به .. ربما لأنني أذكرها بتلك الحادثة التي تسببت بضربها من قبل أبي ..
نهضت وقلت لها بسرعة:
- لكنني شاهدتكما وأنتما تقبلان بعضكما خلف ستارة باب البيت !!
علا وجه عمتي الإحمرار من هول الصدمة لكنها لم ترد.. فاستأنفت حديثي وكأني أريد بذلك رمي الثقل من على كتفي:
- عمتي : أنا من أخبر أبي بذلك !!
بحزن شعرت به يخترق قلبي ردت:
- أعرف أنكِ من فعل ذلك .
- أرجوكِ عمتي .. لا تكرهيني ..
- عزيزتي .. كنتِ دون سن العاشرة .. لا تدركين عواقب ما فعلتِ ..
- لكني تسببت في فراقكما بعد رفض أبي له .. و ...
قاطعتني عمتي قائلة:
- أبوكِ لم يرفضه لهذا السبب إنما ..
قلت صارخة :
- لقد أخبرته أيضًا بأنك كنت تتواعدين معه على سطح الدار وإنه كان يسمعك أغنية لمغني قديم نسيت اسمه الآن ..
- عبد الحليم .. وكانت أغنية حاجة غريبة .. قالت عمتي بتنهد .
كنت أريد أخبارها أنني لا أحب هذا المغني لكن تراجعت في اللحظة الأخيرة حينما تذكرت توبيخها لي في المرة الماضية عندما أخبرتها برأيي و وصفها لي بالسطحية التافهة.
خلعت عمتي نظارتها فبدت عيناها أوسع .. وهي تمسح العدسات بطرف ثوبها سألتني بيأس:
- وماذا غير ذلك ؟ يا ما في جيبك يا حاوي !!
- وأنا أيضا من سرق رسالته من بين الرواية التي كنت تقرأينها وسلمها لأبي ..
- هذه أعرفها .. الكف الذي تلقيته تلك الليلة على وجهي من أبيك كاف لتوضيح الأمر ..
- الذي لا تعرفيه أنني من قال لأبي أن تلك الرواية كانت هدية من قارىء العداد أعطاها لك حينما قابلتيه في الشارع ..
- الآن عرفت سر تقطيع أبوك لتلك الرواية .. كم كنت أعشقها !!
- هل تتذكرين عنوانها ؟
- وكيف أنسى أول رواية قرأتها .. تحت ظلال الزيزفون .. الله يسامح أباك .
- هل تعرفين أنني من وشى بكِ حينما أرسلت له معي بطبق حلوى ومنعتني من تناول حبة من تلك الحلوى ؟
- قبضت عمتي على كفها ووضعته تحت خدها هازة رأسها علامة الأسف .
شعرت بقسوتي تجاهها ..فقلت لها محاولة التخفيف من أثار العنف الذي تركه حديثي معها:
- سامحيني عمتي الحبيبة .. أنتِ من دفعني لفعل كل ذلك حينما رفضتِ اصطحابي معك إلى السينما .. هل تذكرين ؟
- وكيف أنسى وكانت تلك المرة الأخيرة التي أذهب فيها إلى السينما .. الآن فقط عرفت سبب منع والدك لي .
وقفت بعيدًا عنها كمن يحاول رمي قنبلة ويهرب .. قلت:
- اسمعيني عمتي وبعدها افعلي بيّ ما شئتِ .. أنا من أخبر أبي إنه نزار ابن الجيران وإنك تطلقين عليه لقب قارىء عداد الكهرباء لكي يسمحوا لكِ في البقاء معه بحجة أنه يقرأ العداد .
- هذه لم أكن أعرفها .. فهمت الآن لماذا منعني أبوك من فتح الباب لأي طارق ..
بعد شعوري بالراحة لتصريح عمتي الأخير .. فكرت في جعله يومًا للاعترافات فقلت بسرعة :
- هناك شيء أخير أود أخباركِ به .
عدلت من جلستها وشبكت ذراعيها حول صدرها كأنها تقول ماذا بعد .
- في أحد الأيام وأنا عائدة من المدرسة ناداني قارىء عداد الكهرباء .. أقصد نزار وأعطاني لوح شكولا بالبندق وطلب مني تسليمه لكِ .. لكني وقبل أن أصل باب البيت كنت قد التهمته كله .
لم تستطع عمتي التحلي بالصبر أكثر فنهضت من مكانها صوب باب المنزل ..سألتها:
- عمتي .. إلى أين أنتِ ذاهبة ؟
دون أن تلتف ردت:
- سأفتح الباب لعمك نزار .. أقصد قارىء عداد الكهرباء ..



#فوز_حمزة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مواسم العطر
- بين الظلال
- أنا ومعطفه الأسود
- موعد غرامي
- الوداع الأخير
- زهرة التوليب
- رماد الشمس
- رسالة من بين ثياب شتائية
- رحيل
- بقعة شاي
- بيرانديللو
- من مكان يدعى الروح
- امرأة في قطار
- حقيبتي السوداء
- ما رأيك ؟
- الباقي .. قطعتان من الشطرنج
- قصيرة ولكن
- طه الأسمر
- بقايا جسد
- حينما نمسك بالقلم


المزيد.....




- حضور لافت للسينما العراقية في مهرجان عمان السينمائي
- إستذكار الفنان طالب مكي ..تجربة فنية فريدة تتجاوز كل التحديا ...
- براد بيت اختبر شعورا جديدا خلال تصويره فيلم -F1-
- السويد.. هجوم جديد بطائرة مسيرة يستهدف الممثلية التجارية الر ...
- -البحث عن جلادي الأسد-.. فيلم استقصائي يتحول إلى دليل إدانة ...
- تقرير رويترز 2025: الجمهور يفضل الفيديو والصحافة البشرية وهك ...
- هكذا تصوّرت السينما نهاية العالم.. 7 أفلام تناولت الحرب النو ...
- بعد أسابيع من طرح الفيلم ونجاحه.. وفاة نجم -ليلو وستيتش- عن ...
- ابتكار ثوري.. طلاء -يعرق- ليُبرّد المباني!
- كيف يساهم تعليم العربية بكوريا الجنوبية في جسر الفجوة الثقاف ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - قارىء عداد الكهرباء