أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - مواسم العطر














المزيد.....

مواسم العطر


فوز حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 7198 - 2022 / 3 / 22 - 11:18
المحور: الادب والفن
    


في هذه اللحظة بالذات .. تمنيت أن يتوقف الزمن دقائق فقط لأستعيد فيها توازني وألتقط فيها أنفاسي فأنا لم أكن مستعدة للمشهد الذي أراه الآن أمامي ..
النهار في هذه اللحظة معبأ بشمس الربيع كما كان النهار الذي غادر فيه ..
سرت خطوتين باتجاهه وأنا أرجو الله أن لا يكون هو .. يا لي من كاذبة !! توقفت أتساءل مع نفسي: هل سيتعرف إلي بعد مرور زمن ينسى فيه الإنسان أشياء كثيرة ؟
ثانية واحدة مرتْ بيّ جعلتني سعيدة ثم أخرى أغرت الدمع بالهطول .. ابتسمت .. بعدها تملكني الغضب ثم وجدت نفسي هادئة مستسلمة .. انشطرت إلى عشر نساء يتقافزن من خلفي وفوقي .. يتناسلن من تحت جلدي .. لم يسبق حدوث مثل هذا الشيء لي !!
كان مشغولًا بالتحدث مع فتاة .. رمي عقب السيجارة التي أجهز على بقيتها بحذائه ..
من بين الشقوقِ والجدران القديمة .. تسربت الرائحة .. أغمضت عينيّ .. تركتها تعبثُ بيّ .. تتسلل من ذاكرتي لتملأ الهواء .. إنه عطر زهرة النارنج .
تمكن مني ذلك العبير عابثًا بأسراري وموطن ذكرياتي ..
كلما تقدمت خطوة أصبح العالم أصغر فلا أعود أبصر إلا من ثقب في قلبي ..
أنا التي ظننت أن قلبي مات من ثلاثين عامًا .. وما هذا الذي بين ضلوعي إلا قبر ضم رفات الحب الوحيد الذي عرفته ..
مسحت حبات العرق من على جبيني بيدي المرتجفة .. تقدمت قليلاً باتجاهه و لم يخطر على بالي ما سيقوله الجيران والمارة عني وأنا امرأة لم يمضِ على ترملها سوى شهور قليلة .. لاحقت فكرة سيطرت على كل حواسي .. أخذتني إلى ضفة بعيدة تاركة العالم على الضفة الأخرى .. بستان مليء بالأشجار وثمة فتاة في الثامنة عشر تختبىء خلف شجرة نارنج تختلس النظر الى شاب يتلفت بحذر كبير وخوف أكبر قبل أن يمنحها تلك النظرة التي تشعرها بأنها موجودة .. وبأنها أنثى ..
لم يعد يفصلني عنه سوى لحظات بلون زهرة النارنج ناصعة البياض ..
أيه أيّها القدر .. هل تحاول السخرية مرة آخرى بتدبيرك هذا اللقاء ؟.. ألم يكفيك ما فعلته في المرة الاولى حينما زرعت الكرهَ بين أبي وأبيه فلم نحصد إلا الفراق والألم وحفنة من ذكريات تربك القلب وتشتت العقل كلما مرت على الخاطر ؟
غادر القرية بعدما تم رفضه ليكمل دراسته تاركا إياي انتظره كل موسم خلف ذات الشجرة .. لكنه لم يعد !!
قبل أيام حينما أخبرني ابني أن أرملاً وأبنته قد سكنوا البيت المقابل لبيتنا .. لم أهتم أو أعلق .. ربما لأشهد ولادة موسمًا طال انتظاري له .
أصبحت قريبة منه حتى أني سمعت بعضًا من حديثه مع الفتاة .. العطر ملأ كل شيء .. ناديته من خلف شجرة النارنج .. كان صوتي خجولاً خافتاً وخائفاً ..
التفت يبحث عن صوت ظن أنه سمعه من قبل ..
أحسست بارتجاف قلبه .. أطال النظر في عينيّ يبحث في ملامحي عني .. بما تغيرت كثيراً .. لكن العطر كان أقوى من الزمن وبدهشة لم تستطع عيناه إخفاءها .. خطى نحوي ثلاث خطوات وهي كل ما بيني وبينه .. تركت يدي تغفو وتحلم بين يديهِ .. والتقينا لأول مرة .. تحت شجرة النارنج ..



#فوز_حمزة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الظلال
- أنا ومعطفه الأسود
- موعد غرامي
- الوداع الأخير
- زهرة التوليب
- رماد الشمس
- رسالة من بين ثياب شتائية
- رحيل
- بقعة شاي
- بيرانديللو
- من مكان يدعى الروح
- امرأة في قطار
- حقيبتي السوداء
- ما رأيك ؟
- الباقي .. قطعتان من الشطرنج
- قصيرة ولكن
- طه الأسمر
- بقايا جسد
- حينما نمسك بالقلم
- ساخن جدًا جدًا


المزيد.....




- العثور على جثمان عم الفنانة أنغام داخل شقته بعد أيام من وفات ...
- بعد سقوطه على المسرح.. خالد المظفر يطمئن جمهوره: -لن تنكسر ع ...
- حماس: تصريحات ويتكوف مضللة وزيارته إلى غزة مسرحية لتلميع صور ...
- الأنشطة الثقافية في ليبيا .. ترفٌ أم إنقاذٌ للشباب من آثار ا ...
- -كاش كوش-.. حين تعيد العظام المطمورة كتابة تاريخ المغرب القد ...
- صدر حديثا : الفكاهة ودلالتها الاجتماعية في الثقافة العرب ...
- صدر حديثا ؛ ديوان رنين الوطن يشدني اليه للشاعر جاسر الياس دا ...
- بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ ...
- صدور العدد (26) من مجلة شرمولا الأدبية
- الفيلم السعودي -الزرفة-.. الكوميديا التي غادرت جوهرها


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - مواسم العطر