أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - بعد منتصف الحلم














المزيد.....

بعد منتصف الحلم


فوز حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 7212 - 2022 / 4 / 6 - 20:15
المحور: الادب والفن
    


بعد مضي أشهر قليلة على زواجنا .. بدأت الشجارات بيني وبين زوجتي ٠٠
لقد تشاجرنا حول قنوات التلفاز ورنة هاتفي المزعجة ومجفف شعرها العاطل منذ أسابيع وجارتنا الأرملة الجميلة التي ما تزال في مقتبل العمر ٠٠
تشاجرنا حول أخواتها الفضوليات والعقربات أخواتي ٠٠
سأكتب عن المؤامرات التي حاكتها أمي لإفشال هذا الزواج لأنني عزمت على تخصيص فصل طويل عن ذلك حينما اكتشفت أنّ لزوجتي خيالاً في ربط خيوط غير مرئية للأحداث لتنتهي إلى إنها مؤامرة كتلك التي تحيكها أميركا ضد الشرق الأوسط ٠٠
سأذكر كل شيء في كتابي القادم ٠٠ اسميته مذكرات زوج أحمق ليتسنى لكم اقتناؤه من المكتبات لعلكم تتجنبون حفرة وقعت فيها .. مع إيماني إن الحمق صفة متأصلة في جنس الرجال ٠٠
صوت شخيري كانت له الكلمة الفصل في إحلال هدنة مؤقتة حين قررنا النوم في غرفتين منفصلتين ٠٠
لقد تم الأتفاق على ذلك في الأيام التي لا نمارس الجنس فيها .. وهي بالتقادم أمست أيامًا قلائل في الشهر نؤديها كمهمة يطالب بِها الجسد كما تطالب المعدة بالأكل ٠٠
ظننت أنّ قدوم الأطفال قد يخفف من حدة التوتر بيننا .. أدركت أن هذه الحيلة ما هي إلا فخ لإنجاب المزيد من الأغبياء ٠٠
فقدتْ لغة الكلام بيننا أي معنى حتى انتهى الأمر إلى عدم إصدار أية إشارة لئلا يتم تفسيرها من الطرف الآخر على نحو خاطىء ٠٠
لم نعد نتبادل النظرات حينما يحدث أحدنا الآخر ٠٠
لقد تحولت بمرور الوقت إلى كتلة صلدة من المشاعر بينما روحي تمضي إلى الحزن الكامن فيها ٠٠
أما هي لم يعد يشكل وجودي من عدمه أي فارق لديها وكأنها تقول لي ٠٠
لا ترتقي لتصبح عدوي ٠٠
وجدت في الطلاق حلًا مناسبًا.. للمرة الثانية يحشر القدر نفسه في حياتي عندما توفي والدها فارتأيت تأجيل الموضوع .. صدمتان في نفس الوقت قد تؤثر عليها سلبًا ..
في النهاية نحن بشر ٠٠
الهدوء النسبي الممنوح لنا من الأيام سرعان ما تحول إلى صمت مطبق وسكون يشبه سبات الغابات وقت الشتاء .. وجدت نفسي أمام لافتة تحذرني الاقتراب من الموت ولا درب أمامي سواه ٠٠
كل ذلك حدث عندما أخبرني الطبيب بإصابة زوجتي بفيروس كورونا ٠٠
لقد كتبت عن هذا المرض في الجرائد ولم يخطر على بالي إن الجرأة ستبلغ به دخول بيتي ٠٠
التفتُ إليها ٠٠
اندهشت لحظتها لمعرفتي بوجود ما يجبر زوجتي على الصمت .. رأيت الخوف يبتلع الكلمات من فوق لسانها والدموع تتزحلق بغزارة على خديها .. بينما عينيها .. خيم فيهما فجأة حزن يشبه لحظة المغيب ٠٠
تفاجأت بذراعيّ تلتف حولها ونحن نغادر المشفى ..
..................................

كل شيء في البيت اختار الصمت لأجلها .. الأبواب والجدران بينما الوقت يمضي على ساق واحدة ولا شاطىء أمامي ٠٠
كل شيء في المنزل يريد التهامي .. فكرت في إشغال نفسي بالكتابة .. لكني فشلت ٠٠
على حين غفلة بدأت خلايا جسدي تستيقظ الواحدة تلو الأخرى ٠٠
لقد أذابت حرارة جسدها صقيع الحرب الباردة بيننا .. لقد غطى الحب على المشهد كله ٠٠
المرض تمكن من جسدها لكنه أيقظ حبي لها ليخبرني بحقيقة أنني لم أكن الزوج المثالي الذي تتمناه أيّة امرأة ٠٠
وأنا أنظر إليها .. راح الألم يعتصرني من الداخل بينما من الخارج يحيطني الشغف كأنها نهضت برفق لتنفذ إلى داخلي بصمت ٠٠
وضعت الكمامة على وجهي لاقترب منها .. يدها ساخنة ولسانها يهذي بكلمات غير مفهومة ٠٠
سرقت بعض لحظات من إنسانيتي لأقنع نفسي بأنها غير موجودة ٠٠٠
كنت قاسيًا على نفسي في تخيل تلك اللحظة ٠٠
نظرت إلى الزاوية التي تقبع فيها أنانيتي وجبروتها .. كانا ضعيفين أمام هذا الفيروس المتناهي في الصغر لكنه يملك من الحكايا ما يمكنّه من ولادة ذاكرة جديدة ٠٠
استمعت إلى عنادها وقسوتي وهما يترجيان الحياة في فرصة أخرى ..
وأنا أقبل يدها من وراء الكمامة .. ابتسمت عيناها وكأنها تقول لي ٠٠
لم نكن يومًا ما إلى هذا الحد معًا ٠٠
بعد أيام .. لم تكن عدوى الحب فقط هي التي أصابتني .. بل عدوى الكورونا ٠٠٠٠٠٠



#فوز_حمزة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة إلى العصافير
- ابنة الغجرية
- قارىء عداد الكهرباء
- مواسم العطر
- بين الظلال
- أنا ومعطفه الأسود
- موعد غرامي
- الوداع الأخير
- زهرة التوليب
- رماد الشمس
- رسالة من بين ثياب شتائية
- رحيل
- بقعة شاي
- بيرانديللو
- من مكان يدعى الروح
- امرأة في قطار
- حقيبتي السوداء
- ما رأيك ؟
- الباقي .. قطعتان من الشطرنج
- قصيرة ولكن


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 158 مترجمة على قناة الفجر الجزائري ...
- وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبدالمحسن عن عمر يناهز 75 عاماً ب ...
- “أفلام تحبس الأنفاس” الرعب والاكشن مع تردد قناة أم بي سي 2 m ...
- فنان يحول خيمة النزوح إلى مرسم
- الإعلان الأول حصري.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 159 على قصة عش ...
- أكشاك بيع الصحف زيّنت الشوارع لعقود وقد تختفي أمام الصحافة ا ...
- الكويت.. تاريخ حضاري عريق كشفته حفريات علم الآثار في العقود ...
- “نزلها لعيالك هيزقططوا” .. تردد قناة وناسة 2024 لمتابعة الأغ ...
- تونس.. مهرجان الحصان البربري بتالة يعود بعد توقف دام 19 عاما ...
- مصر.. القضاء يحدد موعد الاستئناف في قضية فنانة سورية شهيرة ب ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - بعد منتصف الحلم