أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد عبد اللطيف سالم - بلدٌ مُدهِشٌ جداً .. بلدٌ هو الدهشة














المزيد.....

بلدٌ مُدهِشٌ جداً .. بلدٌ هو الدهشة


عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث

(Imad A.salim)


الحوار المتمدن-العدد: 7207 - 2022 / 3 / 31 - 12:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نحنُ العراقيّونَ أقَلُّ الشعوبِ إصابةً بالدهشة.
تهطُلُ علينا الأمطارُ خفيفةً، مرّتينِ في العام، فنغرَقُ، لأنّنا نكتَشِفُ أنّ لا مجاري لدينا.. ولا نُصابُ بالدهشة.
تأتي الرياحُ مُحمّلةً بالغبار، فنكتَشِفُ أنّ نصفَ العراقيّينَ مُصابونَ بالربو.. ولا نُصابُ بالدهشة.
يذهبُ المُصابونَ بالربو إلى المستشفيات، فنكتشفُ أنّ لا أوكسجينَ في المستشفيات، ونختَنِق، ونموت.. ولا نُصابُ بالدهشة.
نُصابُ بـ "كورونا"، فنموت، لأنّنا نكتَشِفُ أنّ لا أسِرّةَ كافيةً في المستشفيات.. ولا نُصابُ بالدهشة.
يأتي الشتاءُ ، فنشعرُ بالبرد، ونكتَشِفُ أنّ لا "نفطَ أبيضَ" لدينا، ونحنُ رابع أكبر مُنتِجٍ للنفط في العالم.. ولا نُصابُ بالدهشة.
ننفقُ 40 مليار دولار على الكهرباء، ويأتي الصيفُ، فنشعرُ بالحَرّ، بل ويموتُ "كادحينا"من الحَرّ ، و نكتَشِفُ أنّ لا كهرباء لدينا، فنستورِدُ الكهرباء ممّن لم يُنفِقوا عليها"رُبْع" ما أنفقناهُ نحنُ.. ولا نُصابُ بالدهشة.
نحرِقُ الغازَ الذي لدينا، ونكتَشِفُ أنّ "الاخرينَ"لا يَحْرِقونَ الغازَ الذي لديهم، فنستورِدُهُ منهم.. ولا نُصابُ بالدهشة.
تنخفضُ مناسيبُ دجلة والفرات، ويقطعُ عنّا "الأصدقاء" ما تبقّى من ماء ينابيعهم، ونكتشِفُ أنّ سدودنا قليلةً، وأنّ لاحول لنا ولا قوّةً ولا "تدابير"، وأنّنا قد نموتُ من العطشِ قريباً.. ولا نُصابُ بالدهشة.
يُشكِّلُ رئيسُ الوزراء "اللجان" تلوَ اللجان للتحقّقِ من قتلِنا.. وتُحقِّقُ اللجان في صحّة وقائع نشاهدها بالصوتِ والصورةِ على التلفزيون، ولا تتوصّلُ اللجانَ إلى شيء، ولا نعرِفُ من هو القاتل، ونبقى شهوداً على دم القتيل المسفوكِ "على الهواءِ"مُباشرةً، ونعرِفُ وجوهَ القتَلَة، و "هويّاتهم"، وليس بوسعنا فعلُ شيء عدا الخوفِ والصمت.. ولا نُصابُ بالدهشة.
يستقيلُ رئيسُ الوزراء، أو تنتهي"ولايتهُ" علينا، فنكتَشِفُ أنّ لا أحد يصلَحُ ليكونَ رئيساً للوزراء بدلاً عنه، من بين 40 مليون عراقي، 20 مليوناً منهم(على الأقلّ) يحملون شهادة الدكتوراه .. ولا نُصابُ بالدهشة.
تحتَلُّ "داعشَ" ثُلثَ العراق، فنكتَشِفُ أنّ لا جيش لدينا، مع أنّنا أنفَقْنا على الجيش 50 مليار دولار.. ولا نُصابُ بالدهشة.
تنخَفِضُ أسعارُ "مولانا" خام برنت إلى 20 دولار للبرميل، فنكتَشِفُ أنّ لا عائداتَ لدينا، عدا ايرادات النفط، وبأنّنا يجبُ أن ننتحِر.. ولا نُصابُ بالدهشة.
ترتفِع أسعارُ "مولانا" خام برنت إلى 120 دولار للبرميل، فنكتَشِفُ أنّنا لا نعرفُ ماذا يمكنُ لنا أن نفعلُ بعائداتها، فنـتركهم"يُحاصِصونها"، ونسمحُ لهم بسرقتها، ونُصفّقُ لهم، بل ويُقاتِلُ بعضنا بعضاً، و "نستشهِدُ" من أجلهم لأنّهم يفعلون ذلك.. ونصبحُ أكثر فقراً وموتاً من السابق .. ولا نُصابُ بالدهشة.
تسرَحُ الحيتانُ الكبارُ بيننا، وتمرَح، ونكتَشِفُ أنّنا لا نستطيعُ إصطيادَ حوتِ واحدٍ منها لإطعامِ الجياع.. بينما الجياعُ يحلمونَ بالسردين، و"رؤوس الجِرِّي"، وصغارَ "الزوري".. ولا نُصابُ بالدهشة.
ننتخِبُ "نحنُ" قبل ستّةِ أشهر، ويفوزونَ "هُم"، و يختَلِفونَ على "الكعكة"، ولا "كعكَ" لنا في كلّ هذا، ولا كِسرَةَ خُبزٍ، ولا "إستكانَ" شايٍ مُرّ .. ولا نُصابُ بالدهشة.
نحنُ نموت.. نموتُ كثيراً.. ونَكتَشِفُ أنّنا نموتُ بلا سبَبٍ معقول.. ولا نُصابُ بالدهشة.
كُلُّ هذهِ الأشياءَ إكتَشَفناها.. دونَ دهشة.
ولكن.. أنْ نموتَ أخيراً، ونكتَشِفُ أنّنا قد لا نَجِدُ قبراً لنُدفَنَ فيه.. وإذا وَجَدنا قبراً، فإنّ لا طاقةَ لنا على تحمُّلِ كُلفةِ الدَفن، فهذا هو الأمرُ الوحيد ..الذي يبعَثُ على الدهشة.



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)       Imad_A.salim#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا شيءَ في العراق .. لا شيء .. حتّى العراق هو لا شيء
- الثيرانُ بيضاء وسوداء والمسلخُ واحد لجميع الثيران
- الحُبُّ والموتُ و الروحُ المكسورةُ من فرط الخذلان
- يحدثُ هذا في أرذَلِ العُمر
- عارٌ محض عارٌ خالص
- قبلَ أن أموتَ بثانيةٍ واحدة
- في المنطقةِ الحُرّةِ للحُلمِ
- كأنّها البارحة في معمل الدامرجي
- خوفاً من الخوفِ، ومن صعوبةِ الأسئلة
- الجُمعةُ دِين.. السبتُ سياسة
- جلسة نوّاب حافّة الهاوية
- ما أشبهَ هذه الليلةَ باليوم وليس فقط بالبارحة
- مُقارَبات ومُقارنات عراقيّة - بوتينيّة - أمريكيّة
- الجميلاتُ الغافيات فوق قلبي
- المُحلِّلون والأساتذة والدكاترة والشيوخ.. ودمنا الرخيص المسف ...
- شمالُ الليلِ جنوبُ الفردوس
- نوحٌ يشبهني.. وحدهُ في السفينة
- العصافيرُ السياسيّةُ كُلّها على الشجرة، والعراقيّونَ كُلّهم ...
- العملية السياسية -المثيرة- والنظام السياسي-المثير- في العراق
- المَلِك والقيصر والرئيس وسوق النفط العالميّة


المزيد.....




- تحويلات المصريين بالخارج تقترب من 30 مليار دولار خلال 10 أشه ...
- ربما تم إنشاؤه بالذكاء الاصطناعي.. ما حقيقة فيديو قصف إسرائي ...
- تراث أصفهان الفارسي والمواجهة بين إيران وإسرائيل
- غضب في مدينة البندقية على حفل زفاف جيف بيزوس ولورين سانشيز
- يسمع ضجيج القنابل قبل صوت أمه.. عن طفل رضيع في مستشفيات غزة ...
- -فائقو الثراء- في ألمانيا يمتلكون أكثر من ربع إجمالي الأصول ...
- صحيفة روسية: هل هناك من يستطيع تزويد طهران بالقنبلة النووية؟ ...
- ترامب: يمكن للصين مواصلة شراء النفط الإيراني
- فيتنام تحاكم 41 متهما في قضية فساد بقيمة 45 مليون دولار
- صحف إسرائيلية: هدنة ترامب تريح طهران وتنعش مفاوضات غزة


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد عبد اللطيف سالم - بلدٌ مُدهِشٌ جداً .. بلدٌ هو الدهشة