أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لخضر خلفاوي - وحوش الله*!















المزيد.....

وحوش الله*!


لخضر خلفاوي
(Lakhdar Khelfaoui)


الحوار المتمدن-العدد: 7128 - 2022 / 1 / 6 - 10:22
المحور: الادب والفن
    




 « …في وقت الإرهاب ، كانت سيارة نقل جماعي تقل مسافرين في حدود مغرب الشمس تعرض ركابها لحاجز ( مُزيَّف ) ينشِّطه إرهابيون (أي حاجز غير حكومي) أو ما يسمي بـ « الجماعات المُسلّحة ».. احتجزوا كل من في السيارة و اقتدادوهم إلى أدغال الغابة الجبلية التي يتوسطها الطريق الوطني بعد ذبح السائق و حرق سيارته .. مشوا لوقت طويل حتى ليصلوا إلى مخدع خاص بهم يتخذونه كمركز مؤقت لقيادة كل العمليات الدامية ضد أعوان الدولة و ضد المدنيين .. كان بين المسافرين رجل و زوجته…
عند وصولهم إلى معسكر الإرهابين لينظر الأمير في أمرهم و في ما غنمه و سباه جنوده المجاهدين في سبيل الله .. تم قتلفور ذلك ذبحا و رميا بالرصاص الرجال و سُبَيت فتاة أو فتاتين لأن (السّارد) لم تؤكد معلوماته عدتهن، لقد أحتجزن لإرغامهن على جهاد نكاح في إمتاع جند الله..
لم يبق من الأسرى و الضحايا عدا ذلك الرجل و زوجته ، كانا حديثا الزواج ، و بدأ الأمير متشددا معهما في المعاملة و متهمهما بتواطؤهما مع الظالمين و الجبارين و الطواغيت التابعين للنظام القائم في الجزائر و تقصيرهم في عدم دعمهم للمجاهدين في سبيل الله « لتحرير البلاد من الطغمة الحاكمة تاع خالد نزار و العربي بلخير و القائمة طويلة .. » حاولا أن يدافعا عن أنفسهما و أنه ليس لهما لا جَمَل و لا ناقة فيما يحدث من اقتتال و تناحر و انقلابات سياسية في البلد و هما شابين فتيين يحاولان أن يعيشا بما يرضي الله و رسوله .
ـ « يا سي الأمير! و اراس قدرك و رحمة يمّه رانا غير حشيشة طالبة معيشة » ، أي مجرد نبات يحتاج للسقي فقط لينمو بخير و عافية .. كان الزوج الأسير يبرّر و يتوسل أمام تهديد و وعيد الأمير ، فقاطعه الأمير غاضبا متهمهما بالعمالة و النفاق:
« ـ سأقطع رأس " الحشيشة تاع أُمّاتكم، حتى أريكما جزاء من يحارب الله و رسوله و جنوده…! »
ـ تملّك الزوج الرعب أكثر من ذي قبل ، حتى بالا تزامنا من شدة هول الصورة التي سبقت مخيالهما بسبب التهديد الهمجي لهما ؛ و قد شاهدا بأمّ عينهما قبلها بدقائق رؤوسا قُطّعت و فُصِّلت عن أجسادها ...و بدأ الزوج و زوجته يتوسلان الأمير الدموي ألا يقربهما بسوء و يكون رحيما محسنا
ـ ضحك ساخرا الأمير و جماعته التي تحلِّق و تحاصر الزوج الأسير
ـ أرى أنكما بدأتما بسقي الأرض عاجلا لينمو حشيش خنوعكما و عميانكما لعقود أمام حكم حفدة فرنسا و أزلامها .. سيكون بولكما ممتزجا بدمكهما فداء و تزكية لهذه الأرض التي ضحى لأجلها مليون و نصف مليون شهيدا لأجل طرد الإستعمار الفرنسي الغاشم الكافر..
كانت الفتاة الشابة زوجة الرجل ترتعش، متشبثة بذراع زوجها تكاد أن تقع و لا تستطيع حتى الوقوف بشكل صحيح للرعب الذي تملكها و هي ترى و تسمع وعيد الأمير و حولها سيوف مضرجة بدم من سبقها و أسلحة أوتوماتيكية نارية..
جرى الرجل نحو الأمير و جثا أمامه يتوسله و يقبل قدميه « النتنتين » أن يتركهما و حالهما لكي يعيشا بسلام ، فإنهما لم يرَيَا من الحياة شيئا!!
نظر إليه الأمير باستعلاء و تكبر و سوّلت له نفسه أنه أقوى من ملك الموت أو خوَّله الله و فوضه مهمة تطهير الأرض ممن لا يراهم في صف رب « الملكوت »
ـ انهض و استمع إليَّ أيها الجبان و عدو دين الله و الحقّ ، بالأمس كُنتُم تنادون و تهتفون في الشوارع و الساحات العمومية تطالبون بالدولة الإسلامية و بتطبيق شرع الله و بضرورة تغيير النظام و تساندون " الجبهة الإسلامية " بهتافات و شعار «لا إله إلا الله ، عليها نحيا و عليها نموت و عليها نلقى الله ! » و بمجرد رؤيتكم لدبابة الطاغوت في الشارع و سمعتم كم طلقة رصاص تنازلتم و نكصتم و انقلبتم خاسئين! و مع ذلك سوف أمنحكما فرصة ـ حياتكما في الحياة ـ واحدة وحيدة لتَنجُوَا معا من عقاب الله من خلال قصاص قطع رأسكما
ـ نعم .. نعم .. نعم .. سنفعل ما تريده يا « سي الأمير ! » يردُّ أمير الجماعة المسلّحة بغضب شديد و يوقف حديث الرّجل:
ـ « واش سي الأمير هذه تاع أمك! لا تناديني بـ « سي » .. عوّدتكم « الأفلان » الحزب الواحد الفاسق اللي سرق البلاد مذ الإستقلال و لصوص الإدارة منذ الإستقلال تطبعتم كي الكلاب على هذه الكلمة « اللُّحاسية » النفاقية الخنوعية .. لا تكررها أبدا أمامي عندي حساسية منها .. إني أخاف الله من هكذا وصف .. ناديني بـ « الأمير حاف » .. تواضعوا يرفعكم الرّب … هيّا أكمل .. أكمل .. حتى لا يسبق سيفي عدل الله!
ـ عذرا .. عذرا .. اسمحلي يا أميرنا .. فقط احقن دمنا و جنبنا الفناء العاجل .. مرنا و إنَّا لك طائعين لمرضاة الله و أمير جنده، رد الرجل بعد انفراج بصيص أمل للبقاء حيّا هو و زوجته .
و راح يأمره بالإقتراب منه فورا و الرّجل يرتعش، يرتعد، و لم تبق في مثانته حتى ما سيسقي به الأرض مجددا… ثم سحبه إليه الأمير من ذقنه بقوة و أخذ يوشوش في أذنه بكلام غير مفهوم.. كانت زوجته كلما وقعت و أُغمي عليها تستيقظ بصفعات و صراخ أعوان الأمير فيمسكونها ساندين لها لإبقائها واقفة بين أذرعهم ينتظرون قرار الأمير في أمر هذا الزوج.
بعدما انتهى الأمير من وشوشاته مع الزوج .. بقي الرّجل لبرهة مشدوها .. مخدرا ينظر إلى زوجته بحيرة و أسف و اكتراث ملحوظ و تعجب أصمّ .. لم يدعه يصمت طويلا فباغته الأمير بالسؤال هيّا .. موافق أو لا … إنك ستثير غضبي يا رجل .. لن أبق طول الليلة بهكذا صبر و ضبط نفس . اذا فعلتما ما أريده و طلبته سوف اعتق رقبتكما و أخلي سبيلكما لكن تبقيا خدما لنا إما تلتحق أنت بمعسكر التدريب أو تنظم إلى صفوفنا بعد التكوين و اجتياز امتحانات الولاء لنا أو نوكل لك مهاما أخرى كالتحري لحسابنا في المدن و تقصي أخبار المرتدين و الكفار هناك..
و صاحبتك ستنظم إلى الأخوات المجاهدات في مخيمنا و معسكرنا و تقوم بالأعمال التي ترضي الله و جنوده في الأرض
ـ نعم .. نعم .. عذرا .. عذرا .. رجاءا عذرا .. أنا ...طيبّب ! و لمَ لا ، أمر الأمير و جند الله مطاع ، الله يبارك فيك ، فمن أحيا نفسا فقد أحيا الناس جميعا و أنت ستحيي ضعف الناس جميعا بكرمك هذا و صون عنقي و عنق صاحبتي هذه
ـ إذن ماذا تنتظرا ، هلمّا إلي و ابتغيا من فضل الله
موافق يا أمير ..ثم إنطلق الرّجل إلى زوجته و أخذ بدوره يوشوش في أذنها و العناصر المسلّحة الإجرامية تضحك و تمزح و كأنهم كما الجنّ يسترقون الكلام اللامسموع أو يعرفون سيناريو أميرهم القويّ… صرخت الزوجة و صكّت وجهها و شرعت تبكي و تولولو و زوجها يحاول تهدئتها … ثم اصطحبها جرّا و اقتربا من الأمير الذي كان يمشّط لحيته الكثيفة الملبّدة الطويلة و الروائح الكريهة تنبعث منها و من فمه و من كل موضع منه كالجيفة و هو ينظر إليهما بمكر و بنشوة القاضي القدير القوي المسيطر بيده أمر كل من يقع بين يديه!
ـ هيّا أتبعاني ، سريعا ، سريعا ..و اقتاد الأمير الرجل و زوجته إلى مكان مُوغل في ظلمات الغابة .. كانت الظلمات تتحرك في الظلمات .. بينما بقي جنده و أعوانه مع من أسروا و سبوا ينتطرون ، كان هذا السيناريو طبقوه ألف مرة و يعرفون مقاصد أميرهم.
سُمِعَ بعد دقائق قليلة تأوّهات انتشائية متتالية تسدّ خواء الظلام و تشوّش على صمت الليل الغادر ؛ كانت تشبه خنخنة أو قُباع خنزير يحرث الأرض بحثا عن مأكله .. كلما تتالى ذلك الصوت ينبعث على بعد عشرات الأمتار كلما ازداد ضحك و سخرية عناصر الجماعة المسلحة ..
عاد الأمير مقتادا للزوج ثم وصل مكان التجمّع أخذ يربط سرواله و هو يضحك منتشيا ثم توجه بالقول إلى الرجل،
ـ بارك الله فيكما لقد صدقتما و أحسنتما .. الآن فأنت آمن ، سيقتادك أحدهم إلى مكان إيوائك .
انصرف الرجل و بعد خطوتين توقف فجأة و استدار نحو الأمير ، و سأله بتردد و خوف كبير ..
ـ سيدي الأمير ، ألا تصحبني زوجتي ، لقد وعدتنا !
رد الأمير .. أجل ، لقد وعدتكما و لم أخلف وعدي و حقنت دم رقبتكما و لم أزهق روحكما ... لكن صاحبتك هذه لم تعد زوجتك ، هي لا تحلُّ لك و أنت لا تحلّ لها ، فأنتما أخوين من الرضاعة !
الآن و قد علمت حقي من صاحبتك ، انصرف يا عبد الله و لا تلتفت أبدا ... مختما رده بقهقهة شاركه فيها بقية الوحوش الآدمية .
عندما اختفى الرجل أُمِر باقتياد المرأة إلى مخدع الأمير الخاص المُؤَمّن.. و علّق الأمير "عنتر " حينها قائلا بكل سخرية لوزيره المقرّب "الزوابري" : أرأيت يا صاحبي ، هذا الرجل و زوجته تنازلا عن شرفهما و قبلا الخضوع انقاذا لحياتهما ، ما قيمة البقاء حيّا اذا فقدت شرفك و لم تدافع عنه بشراسة إلى آخر قطرة من دمك !مخطئ من قال أن الحياة أغلى من كل شيء، الشرف أغلى ! هؤلاء الصنف من الناس سريع الاستسلام ، و الثقة فيهم هشة لا تبنى بهم دولة قوية . ثم أمر مساعده بإخراج جهاز اتصال لا سلكي تستخدمه الكتائب العسكرية النظامية.
-رجاءً ،، رجاءً اتصل بالرقم المباشر المؤمَّن الخاص بصاحبنا " سي التوفيق ربّ دزاير " ، لأخبره بنفسي أن العملية تمت كما ينبغي و بنجاح و نحن في انتظار تعليماته المقبلة .. »
ـــــــــــــ دونت في 10 أكتوبر 2021
*1)مستوحاة من وقائع حقيقية في تسعينيات القرن الماضي.

*2) كاتب، مفكّر، إعلامي و فنان تشكيلي



#لخضر_خلفاوي (هاشتاغ)       Lakhdar_Khelfaoui#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- « الرّاعي الوحيد* »
- « الرّاعي الوحيد* »
- فسحة -مقبريّة- في حضرة Père Lachaise : عندما تتعقّد الحياة ي ...
- أفكار :*1) أفّاكو الكتابة ! 2) غثيان نفسي فكري 3) معضلة الع ...
- ما ليس لهم ليْ!
- كُرّاسة عُمر الخيام...
- نصوص سردية :إنحناءات الشجر - حياة عابرة - حائط المكَبّة - ال ...
- -المُجَسِّدْ-
- الله أعلم !
- « حالة تَعبْ و عَتبْ! »
- قواريري ال « 11 »
- الخوف من الحياة
- « شريف » و « زوربا ».. صلوات يبتسم لها الرّب!
- « فراولة برلمانية للمتعة فلا خوف على الجزائرين إن هُم يُنكَح ...
- أفكار فِق-هيَ: الرسول و (ا.ل.م.ص) و ما أدراك ما المصّ!
- العار و الخزي: لا خير في أمة تُغتصب فيه معلّماته و تُعنّف!
- بلاغ عاجل! بحث في فائدة « العميد » الأديب صالح جبار
- القيَّامة!
- ألواحُ الزُّور
- التنَيُّز » بالشّعر


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لخضر خلفاوي - وحوش الله*!