أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - اشكالية العنونة ومزاجية التسمية














المزيد.....

اشكالية العنونة ومزاجية التسمية


صلاح زنكنه

الحوار المتمدن-العدد: 7098 - 2021 / 12 / 6 - 16:04
المحور: الادب والفن
    


(جواد الحطاب) هو عنوان قصيدة للصديق الشاعر (وليد حسين) والتي تعد من قصائد (البورتريه) أي رسم ملامح شخصية ما عبر الحروف والكلمات, ووصف بعض خصلاته ومواقفه وسلوكياته بطريقة حميمة, تعبيرا عن لحظة حب, أو استذكار حالة, أو التماهي في ذلك الشخص القريب المقرب, كما فعل الشاعر فوزي كريم حين رثى الشاعر حسين مردان وهو على قيد الحياة.

وقد شاع هذا النوع من القصائد (البورتريه) في شعر ما يسمى بالجيل الثمانيني الذي أنا منه, وقد تناولني شخصيا أكثر من صديق شاعر, مثلما تناولت أنا لاحقا بعض أصدقائي عنوانا ومتنا وعاطفة.

وها هو صديقنا الشاعر وليد حسين, يعيد الكرة ويجعل من قصيدة له عنوانا لشاعر صديق لنا جميعا (جواد الحطاب) له صولاته وجولاته, فضلا عن بصمته المميزة في المشهد الثقافي العراقي, وهو يبتدأ قصيدته بخطاب عام عمومي هلامي, غير مسمى بضمير معين ... (في متاهةِ اللحظةِ / يبدو الحضورُ المشبوبُ بالقلق / استثناءً)

ترى حضور من ؟ واستثناء من ؟ حضور جواد أم وليد ؟ ومن المستثنى من الحضور المشبوب بالقلق ؟ لكنه يباغتنا بصوته الشخصي الأنوي عبر ضمير أنا (أنا وليد) أدعمُ, وأسيرُ, وأصنع ...

(وأنا أدعمُ ظلّي / أسيرُ نحو نهاياتٍ سائبةٍ / أصنعُ وجهاً معتلّاً / فليكن ذاك البريق الذي يداعبُ مخيلتك / يزيحُ بعضَ ما ضجّ في الذاكرة / من تباريحَ وعقمٍ / يوم كان الوجودُ حدثاً)

لغاية هذه الجملة, ما من تشخيص لملمح من ملامح جواد الذي نعرفه, ولنواصل قراءة القصيدة بتروٍ, كي ندرك جوادا غائبا في وغى حروف القصيدة, التي لم تشِ بما تود أن تبوح, فها هو الشاعر يلج مشفى الولادات من دون أي مسوغ فني أو اعتباري, يدل على ماهية جواد الإنسان والشاعر ...
(يستغرق الولاداتِ / وحاضناتِ الخدّجِ المعزولةِ / بألواحٍ زجاجيّةٍ / يستثمرُ الغاياتِ ويتمترَسُ خلف أقنعة لزجةٍ)

وهنا يستدرك الشاعر (وليد) ويتذكر شاعر ألمانيا (ريلكه) تحديدا ... (تذكرتُ ريلكه ومراثيه / ذلك الرومانسيُّ البوهيميُّ المتفرّدُ / وهو يحاولُ أن ينفذَ من عزلتهِ)

وأنا أتساءل بدهشة وحيرة ؟ ما علاقة جواد الحطاب بريلكه الرومانسي البوهيمي المتفرد, سوى أن جواد له مجموعة شعرية بعنوان (ديوان المراثي) التي تختلف كليا مع مراثي ريلكه واشتغاله, ولنتواصل مع مفردات القصيدة, بكل أبعادها وتوصيفاتها, التي لا تقارب أي توصيف لجواد, الذي اتخذه عنوانا سائبا, غير دالٍ على الشاعر وجودا وحضورا واشتغالا ...

(فالتوصيفات غير منصفةٍ / طرّزت ملامحَهُ / بتعجّبٍ سماعيٍّ / كيف يفتّشُ ..! في أوقاتِ جنوحهِ / وكفرهِ العميقِ / عن الإمساك ببيتِ شعرٍ أو قصيدة / دونَ زيارةِ مدنٍ / وعشقِ نساءٍ جانحاتٍ / بالرغبة ربّما)

ولا أدري كيف يكون التعجب سماعيا ! والكفر عميقا ! والنساء جانحات ! ثم يسهب ويطنب شعريا, دون إشارة الى الشاعر الذي هو جواد الحطاب عنونة, بل جواد هنا مجرد اسم سائب كأي اسم آخر, كأن يكون فلان أو علان, وفي ظني الشخصي أن الشاعر كتب قصيدته هذه دون أن يستغور شخصية جواد, لا من قريب ولا من بعيد, بل هو كتبها مسبقا ثم عنونها قسرا (جواد الحطاب) كوني لم أتلمس جوادا, لا اسما ولا رسما, ولا كينونة في مجمل القصيدة, سوى هذه المقاربة مع تضمين مقطع شعري لجواد ...

(هناك تقاربٌ محفوفٌ بالتساؤلِ / مع جواد الحطابِ في استنطاق / نصوصِ المراثي / فالأخير "منحَ الريشَ إقامةَ الهواء " / يضعُ حروفاً أبجدية يتداولُ ( ع ، ر) وكأنًهُ يشيرُ لحرفِ الباءِ ضمناً / فهو كثيرُ الشكِّ / ولا يركن إلّا للكنغر / لهُ جيبٌ خالٍ من العبوات ويستبعدُ الإبلَ / في اعترافاتهِ / لإحدى المحطاتِ المبتزّةِ / ولم ينسَ علاقتَهُ بالقنفذ / ويستأنسُ بالأفعى / ولكنَّ هاجسَهُ يدورُ حول الإنسانِ / أراهُ موغلاً / بمجساتٍ حانيةٍ / على الرغم من عشراتِ الصعقات المميتةِ / والطعنات الغائرة)

أليست هذه الأسطر الأخيرة, عبارة عن ألغاز وأحاجي وطلاسم؟ لا تمت بصلة بمتن القصيدة, التي محورها الشاعر جواد الحطاب, شخصا وحضورا, كائنا وكينونة, اسما وعنوانا, مفرغا إياه من ماهيته, بكل أبعادها الثقافية وسيرورتها الاجتماعية, ترى كيف يتداول الشاعر (ع , ر) ويشير لحرف الباء ضمناً, ومن هو (ع , ر) ؟ وكيف (جواد) يركن للكنغر, ويصاحب القنفذ, ويستأنس بالأفعى, ويستبعد الإبل في اعترافاته لإحدى المحطات (المبتزة) !!! وأية محطة يعني ؟ محطة القطار أم محطة العمر ؟ علما هو يشير الى محطة (قناة) إعلامية بدلالة التوصيف (مبتزة) .. ويبدو أن جواد قد وظف بعض هذه المفردات (الحيوانات) في سياق شعري بعيد المغزى, لكن وليد أنسنها عبر جملة استدراكية (ولكن هاجسه يدور حول الإنسان) وهل الهاجس يدور ؟ !

وأخيرا أقول أن هذه القصيدة التي شابها غموض الفكرة, وهلامية المعنى, امتازت ببعد انفعالي, ولمسة جمالية, ورونق شعري, خالفت عنونتها, والعنوان هو عادة عتبة النص وبوابتها, وكان الأجدى أن يكون العنوان غير هذا, ولا ضير في إهداء القصيدة لجواد الحطاب من باب المحبة والعرفان.



#صلاح_زنكنه (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحب والأسى عن يوم مضى
- لا دين في الصين
- ثلاث نقاط على ثلاثة حروف
- مفردات المحق والإقصاء والتهميش في التراث العربي الإسلامي
- محنة الثقافة .. محنة المثقف
- ثقافة الكراهية
- المنحى السردي في شجرة الحروف
- مقامة الكيروسن بين المخيلة والواقع
- حلول الولادت ومسخها
- فنطازيا رأس الحصان الطائر
- ما لم يقلهُ النقاد في (ما لم يقلهُ الرواة)
- محطات الطفولة والكهولة في (هي والبحر)
- المتنطعون
- ثقافة الطفل
- الإسلام وثقافة العوام
- موظفون ثقافيون
- من أرشيفي القديم 15
- سماحيات 24
- مسؤولية الكتابة
- اللغة المتعالية


المزيد.....




- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...
- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - اشكالية العنونة ومزاجية التسمية