أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفساد الإداري والمالي - محمد عبد الكريم يوسف - البيئات الحاضنة للفساد















المزيد.....

البيئات الحاضنة للفساد


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 7094 - 2021 / 12 / 2 - 05:40
المحور: الفساد الإداري والمالي
    


الأسباب الكامنة وراء الفساد وتفشيه في المجتمعات، يمكن إجمال مجموعة من العوامل المرافقة والمساعدة لممارسة الفساد التي تشكّل في مجملها ما يسمى ببيئة الفساد . وتجدر الملاحظة هنا إلى أن هذه الأسباب، وإن كانت متواجدة بشكل أو بآخر في المجتمعات كلها، تتدرج وتختلف في الأهمية بين مجتمع وآخر، فقد يكون لأحد الأسباب الأهمية الأولى في انتشار الفساد في بلد أو مجتمع ما، بينما يكون في مجتمع آخر سبباً ثانوياً. وبشكل عام، يمكن إجمال هذه الأسباب في النقاط الآتية:

ضعف سيادة القانون:

في معظم المجتمعات التي لم تستكمل حزمة التشريعات الخاصة بتنظيم العمل العام، وعدم كفاية التشريعات الخاصة بتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، أو وجود ضعف في احترام سيادة القانون تُنتهك الحقوق والحريات دون رادع، وتصادر حرية الرأي والتعبير والتنظيم، كما يحاصر دور الصحافة ووسائل الإعلام، وتهمّش الأحزاب والنقابات، وتضعف معها مؤسسات المجتمع المدني، ويختلّ التوازن بين السلطات الثلاث: التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، ويستشري الفساد الاقتصادي والاجتماعي، وبذلك يتم نسف مرتكزات التنمية السياسية جميعها.

ضعف الجهاز القضائي:

إنَّ استقلالية وفعالية أجهزة النيابة العامة التي تتولى التحقيق والملاحقة للكشف عن الجرائم وتقديمها إلى محاكم لا يتمتع قضاتها بقدرتهم على تنفيذ الأحكام التي يصدرونها، يفتح المجال للإفلات من العقاب والمحاسبة والردع بما يشجع بعض الأشخاص على استسهال التطاول على المال العام، أو استغلال موقعه الوظيفي للحصول على مكاسب خاصة له أو لجماعته.

ضعف الإرادة والنية الصادقة لمكافحة الفساد:

وتتمثل في عدم اتخاذها إجراءات صارمة وقائية، أو علاجية عقابية بحق عناصر الفساد، بسبب انغماس هذه القيادة نفسها أو بعض أطرافها في الفساد، وبالتالي لا يتم تطبيق النظام بدقة وفاعلية على الجميع بسبب الحصانات، ويفلت من العقاب مَن لديه وساطة، أو محسوبية، أو نفوذ.

ضعف أجهزة الرقابة في الدولة وعدم استقلاليتها:

إنَّ عدم استكمال بناء مؤسسات الدولة الرقابية بدءًا من وجود برلمان يراقب أعمال الحكومة كلها مرورا بوجود هيئات رقابة مالية وإدارية مثل ديوان الرقابة المالية والإدارية يضعف آليات المساءلة في قطاعات المجتمع المختلفة خاصة في الدول التي لا تلتزم بمبدأ الفصل المتوازن بين السلطات الثلاث: التنفيذية، والتشريعية، والقضائية، في النظام السياسي؛ مما يقود إلى طغيان السلطة التنفيذية على السلطات الأخرى، وهو ما يؤدي إلى الإخلال بمبدأ الرقابة المتبادلة. يقود غياب الرقابة والمتابعة، بطبيعة الحال، إلى غياب الشفافية، خصوصاً فيما يتعلق بالأعمال العامّة للدولة. وينتج عن ذلك تمتع المسؤولين الحكوميين بحرية واسعة في التصرف، وبقليل من الخضوع للمساءلة؛ مما يشجعهم على استغلال مناصبهم، لتحقيق مكاسب شخصية.
تدخل الحكومة في السوق الاقتصادي:

وتتمثل في كونها منافساً للتجار بديلا عن دورها الإشرافي والرقابي وصنع السياسات العامة، فالأرباح المتاحة تجعلهم المسؤولين في هذه الحالة عرضة للرشاوى من أطراف في القطاع الخاص أو استخدام السلطة الممنوحة والصلاحيات للحصول على تسهيلات للأطراف ذوي العلاقة من الأقارب والمحسوبين عليهم.

ضعف دور مؤسسات المجتمع المدني:

إن ضعف دور المؤسسات المدنية في الحياة العامة، والمؤسسات المتخصصة بمحاربة الفساد، أو التي تعمل على التوعية بأهمية مكافحته. إنَّ ضعف المؤسسات الأهلية بأشكالها المختلفة مثل النقابات بأنواعها، والمؤسسات الأهلية بما فيها الجمعيات الخيرية والمهنية، ومؤسسات البحوث المتخصصة في المشاركة في بلورة السياسات العامة وإقرار الموازنات والخطط الوطنية في المجالات المختلفة والرقابة على تنفيذها بشكل عام وعلى أعمال الحكومة بشكل خاصّ، والأعمال العامّة بشكل عام. خاصة إذا ترافق ذلك مع ضعف دور وسائل الإعلام ومحدودية الحريات التي تتمتع بها هذه الوسائل في الكشف عن قضايا الفساد.

ازدياد فرص انتشار الفساد في البلدان التي تمّر في مراحل انتقالية:

تشهد هذه البلدان ظروفاً خاصّة، سواء كانت سياسية مثل الانتقال من مرحلة الحرب إلى مرحلة بناء الدولة، أو ظروفاً اقتصادية مثل التحوّل من نظام اقتصادي إلى آخر، أو ظروفاً اجتماعية خاصة تؤثر على النظام السياسي بشكل كبير. خاصة عندما يترافق الوضع الانتقالي مع حداثة بناء المؤسسات الوطنية والقوانين أو عدم اكتمالها؛ الأمر الذي يوفر بيئة مناسبة للفاسدين، وتزداد الفرص للفساد مع ضعف الجهاز الرقابي في الرقابة على أعمال الموظفين في هذه المراحل الانتقالية.

انتشار الجهل مع ثقافة متساهلة:

يسهم الجهل والتخلف وعدم الوعي بأهمية المحافظة على المال العام ونبذ الواسطة والمحسوبية والإبلاغ عن الفاسدين في تفشي الفساد، فحيثما هناك جهل عام بالحقوق الفردية للمواطن وبحقه في الاطلاع والمساءلة على دور الحكومة، وعملها في كثير من المجالات. وكذلك قلة الوعي بطبيعة الفساد وأشكاله ومخاطره، إضافة إلى ضعف الوعي الديمقراطي، والوعي بحقوق المواطن يساهم في انتشار الفساد، بالإضافة إلى عدم المعرفة بالآليات والنظم الإدارية التي تتم من خلالها ممارسة السلطة؛ وبالتالي عدم القدرة على الاعتراض على أعمال الحكومة بسبب عدم استخدام نظام للشكاوى فعال.

انخفاض أجور الموظفين الحكوميين وارتفاع مستوى المعيشة:

وهو الأمر الذي يشكل دافعاً قوياً لقيام البعض بالبحث عن مصادر مالية أخرى، حتى لو كان ذلك من خلال الرشوة الصغيرة بخشيش أو إكرامية التي يتم تبريرها أحيانا من قبل البعض لحصوله على الخدمة بشكل أفضل دون الانتباه أن ذلك قد يكون على حساب الحق في القانون أو على حساب آخر.

لا يمكن لأي منظومة تحارب الفساد وتعزز قيم الشفافية أن تنجح من دون تأمين البيئة القانونية و الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المناسبة والتي تمكن هذه المنظومات من تطبيق القانون وتعزيز قيم الشفافية في المؤسسات والمجتمعات .


المراجع

1. المهنية والنزاهة قطاع الخدمة العامة – مركز النزاهة في قطاع الدفاع ، 2015
2. معالجة تضارب المصالح في القطاع العام– مركز النزاهة في قطاع الدفاع ، 2015
3. إدارة المال العام - تفويض صنع القرار – مركز النزاهة في قطاع الدفاع ، 2015
4. تنمية الإدارة المهنية في المؤسسات العامة– مركز النزاهة في قطاع الدفاع ، 2015
5. الحصول على المعلومات وحدود الشفافية العامة– مركز النزاهة في قطاع الدفاع ، 2015
6. إدارة مخاطر الفساد والاحتيال العقاري في قطاع الدفاع– مركز النزاهة في قطاع الدفاع ، 2015



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلام، أوفي زوفي
- وعاد الهدوء، أوفي زوفي
- الفيلسوف ، هيذر أوبي
- الواقع، أوفي زوفي
- ندفة من الحقيقة، أوفي زوفي
- الفساد ، تعريفه وماهيته
- قريب من أطفالي، اوفي زوفي
- نور قليل، أوفي زوفي
- الفساد المالي وأشكاله
- زهرة أرجوانية صغيرة، أوفي زوفي
- الحب الاول، بريان باتين
- التصنيف العالمي لمؤسسات مكافحة الفساد
- أي بني، أوفي زوفي
- إذا رحلت عن الدنيا قبلي، الدكتور أنتوني ثيودور
- وزير الامتحانات ، بريان باتن
- الجهل، فيليب لاركن
- ليلة البارحة ، جينيفر ريدوت
- قصيدة حب للمجرة , أدريان هنري
- أغنية الليل، أدريان هنري
- العزلة ، أندرو بارنز


المزيد.....




- الحرس الثوري الإيراني: ردنا سيكون أوسع نطاقا في حال كررت إسر ...
- زاخاروفا تشبه نظام كييف بتنظيم -القاعدة- بعد تصريحات وزير خا ...
- إعلامية مصرية شهيرة تعلن حصولها على حكم قضائي ضد الإعلامي ني ...
- السفير الروسي في سيئول: روسيا وكوريا الجنوبية يمكنهما تحسين ...
- بلينكن يحذر نتنياهو من خسارة فرصة التطبيع مع السعودية
- مصر.. الهيئة الوطنية للإعلام تكشف تفاصيل سقوط أحد موظفيها من ...
- حرب غزة تنسف شعارات الغرب
- زاخاروفا: استنتاجات خبراء العقوبات ضد بيونغ يانغ مبنية على م ...
- صدى احتجاجات الطلاب يتردد في فلسطين
- القوات الإسرائيلية تفجر مباني جامعة الأزهر في منطقة المغراقة ...


المزيد.....

- The Political Economy of Corruption in Iran / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفساد الإداري والمالي - محمد عبد الكريم يوسف - البيئات الحاضنة للفساد