دفتر 12 _ الشقاء الانساني ، تكملة وخاتمة

حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 7092 - 2021 / 11 / 30 - 19:08
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    

دفتر 12
( الشقاء الإنساني ، تتمة وخاتمة )

1
الشقاء الإنساني يتلازم مع الجهل ، والتعصب ، والغضب والكراهية ، ومع الإدمان ، ونمط العيش الذي يتناقض مع القيم الإنسانية المشتركة ( نموذجها الحالي حقوق الانسان ) . والعكس صحيح دوما ، بحيث تنسجم حالة الصحة العقلية والسعادة مع القيم الإنسانية المشتركة .
المثال الأوضح الإدمان .
كل مدمن كاذب _ة وخائف _ة وغاضب _ ة وشقي بالتزامن .
السبب والتفسير واضحين بجلاء ، تقود المدمن _ة الحاجة القهرية لتكرار الأمس بصورة حرفية .
بينما الصحة المتكاملة والسعادة نقيض ذلك ، وتتمثل بالإرادة الحرة .
تعني الإرادة الحرة إمكانية العيش في الحاضر والمستقبل ، بطريقة مختلفة عن الأمس والماضي . ولا تعني الامتناع عن الأكل والشرب بالطبع .
....
يمكن تصنيف مختلف أنواع العيش ، وأشكاله ، عبر ثلاثة مستويات من الأدنى حيث الشقاء والمرض إلى الأعلى حيث الصحة والسعادة :
1 _ حالة الإدمان .
اليوم تكرار للأمس .
2 _ حالة الإرادة الحرة .
اليوم مزدوج بطبيعته ، الحياة نتيجة والزمن صدفة .
الحياة بدلالة الالتزام ، بدل الحياة بدلالة الدوافع اللاشعورية .
3 _ المستوى المتوسط بينهما .
الحياة على مستوى اليوم واللحظة فقط ، والتعامل مع الزمن والحياة ، وكأن كل يوم منفصل بالفعل عن سابقه .
الحياة استمرارية : من الماضي إلى الحاضر : سبب _ نتيجة .
والزمن استمرارية مختلفة : من المستقبل إلى الحاضر : احتمال _ نتيجة .
....
ربما يصلح التدخين الارادي كمثال ، يتضمن المستويات الثلاثة .
....
التدخين الإيجابي ( الإرادي ) ؟!
نظرا للأهمية البالغة لعادة التدخين ، والآثار التي تتركها على المستويين الشخصي للمدخن _ة والاجتماعي للعائلة والزملاء .
أيضا لسبب شخصي ، حيث كانت لعملية التوقف عن التدخين نتائج حاسمة على مختلف جوانب حياتي _ الفكرية خاصة .
بالإضافة إلى أن التدخين يمثل العادة صفر بين أنواع الإدمان ، وأشكاله المتنوعة . لهذه الأسباب مجتمعة أعود إلى فكرة التدخين الارادي ، مرارا .
يمكن تشبيه فكرة ، وخبرة ، التدخين الارادي بالموقف البوذي من العدو .
مع صعوبة الموافقة على مبالغة البوذية في موقف ( الشكر ) للعدو ، وهي حالة قد تصلح في مجتمع الرهبنة والزهد ، لكن يتعذر تحقيقها في الدول والمجتمعات الحديثة كما أعتقد .
....
لنتخيل تاريخ ربطة العنق ... أليست اكثر أهمية من الحياة الشخصية لنابليون وتشرشل وستالين ؟!
ربما تعطي صورة جيدة عن الثقافة الحالية ، العالمية والمحلية على السواء ، أو العلاقة بين الثقافة والمجتمع .
وربما بين الحياة والزمن بصورة خاصة .
....
ليس من السهل معرفة أي شيء بشكل صحيح ، ونهائي .
بل أظنه غير ممكن .
....
2
كيف يقضي الإدمان على الإرادة الحرة للإنسان ، بالمعنى الحرفي ؟
يشبه الإدمان عملية الاقتراض بفائدة مرتفعة ، تتزايد عن الدخل بالفعل ، ومع كل يوم تتزايد الديون مع فوائدها .
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد من التدهور ، والانحدار ، بل يترافق ارتفاع الديون مع تناقص الطاقة الإيجابية .
ويمكن توقع النتيجة ، ارتقاع الديون بشكل متصاعد ، مع الإفلاس الاقتصادي في الحالة الأولى ، والاكتئاب في الثانية .
....
لنتأمل حالة فردية نمطية حالة مراهق _ة أو كهل _ة ، مع التدخين والرياضة ...
وقبل ذلك ، سأحاول معالجة سؤال أعتقد أنه هام :
هو يوجد تدخين إيجابي أو إرادي ؟
خلال القرنين السابقين ، كان للسيجارة دور البطولة مناصفة مع الكحول . خسرت السيجارة المعركة خلال الصف الثاني من القرن العشرين ، وما يزال الكأس في موقع ، ودور قريب من البطولة .
....
لدى كل فرد عادات شخصية ، سرية غالبا ، أسوأ من التدخين .
هذا اعتقاد شخصي ، ربما تكون أنت من الاستثناءات .
لكن بصراحة لست كذلك ، حتى اليوم .
ما أرغب بقوله بوضوح ، لدى الشخصية المتوسطة في سوريا وجوارها مثلا ، قد تكون عادة التدخين متوسطة وربما غير سلبية .
....
ملحق 1
لماذا تفشل العلاقات الإنسانية ، والعاطفية خاصة ، بشكل شبه ثابت ؟
1
هذا السؤال محور كتاب فن الحب لأريك فروم .
الكتاب المذكور يشبه كتابتي عن السعادة أو الحب أو الزمن ، لو قيض لأحدها أن يتحول إلى كتاب بالفعل .
فهو كتاب حواري وليس جدليا ، على خلاف بقية كتب أريك فروم التي قرأتها ( الدين والتحليل النفسي ، فن الاصغاء ، المجتمع السليم ، الهروب من الحرية ، الانسان لأجل ذاته ، ... على سبيل المثال ) ، بترجمات متعددة ومصطلحات مختلفة بحسب المترجمين .
الفرق بين الجدل والحوار ، يشبه الفرق بين القيم والأخلاق ، ما يزال الخلط بينهما ليس على مستوى الثقافة العربية فقط ، بل العالمية كما أعتقد .
والفضل بمعرفتي وفهمي للفرق بينهما ، وتحريضي على دراسة الموضوعين ، يعود إلى كتاب ( في مواجهة التعصب ) ريتشارد سينيت وترجمة حسن بحري ، بالإضافة إلى كتب أريك فروم بالطبع ، بفضلها تعلمت القراءة المتكررة لنفس الكتاب أو النص ، وتعلمت فن التفكير والاصغاء كما اعتقد .
....
فن الحب كتاب حواري وليس جدلي ، من جهة الأسلوب والصياغة .
حيث يفكر الكاتب بصوت عال ، ويعرض هواجسه كما هي . وليس لديه قناعات أو معتقدات جاهزة ، ويرغب بتوصيلها للقارئ _ة من خلال السجال مع آخر ( عدو أو خصم أو صديق ) .
كتابتي الفكرية ، حول الزمن والحياة والواقع ، ضمن هذا المنظور .
باستثناء فكرة الجدلية العكسية بين الحياة والزمن . فأنا أعتقد أنها اكتشاف علمي حاسم ، وتاريخي ، يشبه نظرية داروين ، والجاذبية عند نيوتن ، ودوران الأرض حول الشمس عند غاليلي وكوبرنيكوس .
وهي الفكرة الوحيدة التي أعتقد أنها لا تقبل الحوار ، مثل حقوق الانسان والديمقراطية ، حيث أن الجدل فيها لا يتعدى حدي الغفلة أو الخداع .
2
أعتقد أن أسباب فشل العلاقات العاطفية ، وغيرها ، يعود إلى مصدرين مختلفين ومنفصلين بالكامل : الموقع والشخصية . أو بالمصطلحات التاريخية سبب مباشر وسبب غير مباشر أو أسباب .
.....
مثال على مشاكل الموقع ، مشكلة الحماية والكنة ، أيضا مشكلة الجيران وخاصة عند اختلاف طبيعة الحياة : مثلا الرعاة قرب الفلاحين .
في هذا النوع من المشاكل ، تتحدد المشكلة بشكل موضوعي ومن الخارج .
بينما مشاكل الشخصية تختلف بالكامل ، حيث أنها تتعلق بدرجة النضج والصحة العقلية . مثالها الاختلاف بين الأخوة أو الأزواج .
يوجد نوع ثالث من المشاكل ، غير القابلة للحل ، وهي تتضمن النوعين .
3
الغضب ماهية الشقاء
والطمأنينة ماهية السعادة
.....
يخلط الكثيرون بين الرضا واللطف والامتنان ، وبين الذل والنفاق والانتهازية . مع أنه ، بسهولة بالغة يمكن التمييز بينهما من خلال أمثلة معروفة مثل نيلسون مانديلا والمهاتما غاندي .
لا يجادل عاقل بأن الشجاع تنقصهما ، أو الذكاء والعبقرية أو احترام النفس والآخر . يمثل الاثنان النموذج الإنساني الأكمل خلال القرن العشرين .
والنقيض هتلر وموسوليني وغالبية زعماء العرب والمسلمين اليوم .
لحسن الحظ في أيامنا هذه ، الشخصية المتوسطة بدرجة الذكاء أو الحساسية يمكنها التمييز بين الشجاعة والمقامرة ، وبين الالتزام والادمان .
ملحق 2
سوف أتوقف عن تكملة كتاب السعادة ، وأركز اهتمامي لما تبقى من السنة لموضوع : الواقع ، أو الكون ، طبيعته وماهيته .

#حسين_عجيب (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل