أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صفوت سابا - فيلم- ريش- : عندما يزن الريش أطناناً















المزيد.....

فيلم- ريش- : عندما يزن الريش أطناناً


صفوت سابا

الحوار المتمدن-العدد: 7069 - 2021 / 11 / 6 - 16:07
المحور: الادب والفن
    


مرحبا بكم في فيلم "ريش"، الفيلم الذي أثار ضجة منذ عرضه في مهرجان الجونة.

أبطال الفيلم أسرة تتكون من أم وأب وثلاثة أطفال يبدو أكبرهم في السادسة من عمره، وهي تعيش في أحد بيوت المناطق العشوائية الفقيرة والقذرة في منطقة صناعية.
خلال أحداث الفيلم نرى الزوجة مجبرة على مواجهة حقيقة المجتمع الذكوري بعد أن يختفي الزوج بطريقة ساذجة يوهم بها المتفرج أنه قد تحول إلى دجاجة بواسطة ساحر خلال حفلة عيد ميلاد ابنها البالغ من العمر 4 سنوات.


تقضي الأم وقتا في البحث عن الساحر الذي حول زوجها إلى دجاجة، تيأس بعد أن يطردها ضابط البوليس أثناء إبلاغها عنه، ينفض الجميع من حولها وتجد نفسها عاجزة عن تلبية أبسط احتياجات العيش لنفسها ولأولادها.
تتقدم الزوجة للعمل في أحد المصانع يخيب الموظف أملها بالقول: " ملكيش شغل عندنا ... الأوامر عندنا كدا، ممنوع شغل الستات في المصنع"، حتى أنها تضطر إلى الخدمة في أحد المنازل الذي سرعان ما تطرد منه.


عندما ينصحها رئيس الوردية في الشركة التي عمل فيها زوجها أنه لا يستطيع أن يصرف لها راتب زوجها إذ لا يوجد ما يثبت أن الزوج مريض أو متوفي، وعلى هذا فهو متغيب عن العمل. إلا أن رئيس الوردية يوافق على تعيين أبنها الأكبر ذي الست سنوات في الشركة بدلاً من أبيه. ثم يطلب منها أن تحرر محضراً في البوليس ليثبت أن والد الطفل متغيب عن العمل حتى يحق للطفل الإستمرار في الشغل وصرف مرتب والده.


تذهب الزوجة لتحرير المحضر يتعرف رجل البوليس على صورة زوجها ويخبرها بأنه موجود في القسم إذ تم العثور عليه ضمن مجموعة من المشردين الذين لم يكن لديهم ما يثبت شخصياتهم. وعندما تتعرف الزوجة على زوجها المختفي تكتشف أنه مشلول، عاجز عن الكلام و الحركة، ولم يبق له من مظاهر الحياة سوى عيون شاخصة وصدر يعلو ويهبط مع كل نفس.
وهنا تستمر الزوجة في الإهتمام بزوجها الشبه ميت حتى يأمرها الطبيب بإرساله إلى المستشفى حيث أن حالته لا تسمح بوجوده في البيت، فترسله وتذبح الدجاجة في نفس اليوم.


رسالة الفيلم
----------
الفيلم يناقش حياة الفئة المهمشة في المجتمع التي تعيش في فقر مدقع، ولا يمكن معرفة أن الفيلم تدور أحداثه في مصر إلا من خلال لهجة الشخصيات والنقود المتداولة في الفيلم. ويركز على معاناة المرأة في مجتمع ذكوري أخضعها للفقر والتحرش والتهميش من خلال آليات إجتماعية وثقافة قاسية تفتقر إلى الإنسانية وصيانة أبسط حقوق الإنسان. مجتمع يتعامل مع المرأة بإزدراء وتعال ورغبة محمومة في السيطرة عليها وقصقصت جناحيها. فالرجل هو من له الحق في العمل والتحكم في دخل الأسرة وإيداعه في صندوق مغلق داخل دولاب، وهو الذي يمنح زوجته مصروفها اليومي تحت أوامر مشددة لكيفية صرفه في تفاصيل دقيقة تمتد إلى تفاصيل ما يمكنها طبخه وما لا يمكنها. وفي المقابل فهي تطبخ وتنظف وتهتم بتربية الأولاد مع الاهتمام بطعام زوجها وتنظيف ثيابه ومسح حذائه وغيرها من الأعمال التي ينظر إليها على أنها دونية قاصرة على المرأة في مجتمعها.
الفيلم يلقي الضوء على عدة مشاكل واجهتها البطلة كالعيش في مجتمع ذكوري يقيدها ويتربص لها ويتحرش بها ، مشكلة الأم كعائل وحيد للأسرة "Single mum" التي تعول ثلاثة أطفال بسبب ترملها أو طلاقها أو طفشان زوجها كما في حالة الفيلم، وصعوبة توظيف المرأة في مجتمع لا يعترف بصلاحيتها للعمل، وغيرها.


الفضاء
-----
وقد حدد الفيلم الفضاء الذي عاشت فيه الأسرة من خلال ديكور لحيطان مقشرة الطلاء وأثاث قديم بالي تظهر فيه الخدوش وأرائك ذات مساند أكل عليها الزمن وشرب تتسرب أحشاءها في كتل من الحشو. وقد أجاد المخرج استخدام الفضاء بما يتمشى مع الميزانية المحدودة للفيلم من خلال الكوادر التصويرية البدائية التي تمثل واقع الحياة الذي تدور فيه أحداث الفيلم. فلا يوجد في العشوائيات فضاء طبيعي، بل دارت الغالبية العظمى من مشاهد الفيلم في فضاء الأستوديو، في الداخل في وقت النهار.


المتتاليات المحورية
------------------
وقد ظهر في الفيلم مجموعة من المشاهد المتتاليات المحورية مثل الافتتاحية التي كان لها دور محوري في تمهيد ذهن المشاهد إلى العالم الذي يدور فيه الفيلم، وشخصيات الفيلم وتكويناتها النفسية والإجتماعية الظاهرة منها والخفية، والعلاقة بين هذه الشخصيات. وقد أبدع المخرج في هذه المتتالية لرسم صورة الزوجة التي تعمل ليل نهار كادحة في منزل بائس، تطبخ وتنظف وتهتم بأولادها وتخضع لأوامر زوجها في حالة دائمة من الإحباط والعبوس والتجهم، تصرخ دون أن تنطق بكلمة، وتبتسم وعيناها محبطتان بشكل دائم. ثم جاءت المتتالية التي يختفي فيها الزوج ويترك لزوجته دجاجة بدلا منه، وبعدها أحداث البحث عن الساحر، وتليها متتالية البحث عن عمل، ومتتالية التحرش بالزوجة، ومتتالية العثور عن الزوج، وأخيراً المتتالية الختامية التي فيها تتخلص الزوجة من رباط زوجها من خلال إرساله إلى المستشفى في انتظار الموت، ثم ذبح الدجاجة.


الحوار
----
الحوار طوال الفيلم مقتضب و ممل وساذج، يتمشى مع بساطة شخصياته، وثقافة البيئة التي تدور فيها أحداث الفيلم. وقد اعتمد الفيلم على الصورة أكثر من الحوار تمشياً مع التقنية الهامة في عالم السينما التي تدعو إلى "التصوير أكثر من السرد": " show, don t tell " وهي تقنية هامة يستخدمها المخرج المحترف حتى لا يتورط في حوارات غير الضرورية. وقد أدت هذه التقنية إلى خلق مشاهد وكوادر سينمائية قريبة إلى واقع الأحداث بكل تفاصيلها من خلال الصور بدلا من إغراق المشاهد في شرح وتفسير ما يحدث من خلال الحوار. بالإضافة فإننا نرى الملابس والديكور والإكسسوارات تخدم المضمون الدلالي للفيلم وتؤكد على تقنية "التصوير أكثر من السرد". المضمون الدلالي يتمحور من جهة حول ما يشاهد من ديكور، وملابس، وإكسسوارات، ومن جهة أخرى حول ما يسمع من خلال المنطوق. وقد كان المضمون الرمزي للقطات والمشاهد والمتتاليات واضحاً جليا طوال الفيلم يعكس البعد الثقافية والإجتماعي والإنساني لرسالة الفيلم. فنرى التفاعلات بين البطلة وزوجها دون كلام باردة جامدة لا تتعدى التفاعلات اليومية التي يقتضيها العيش دون أي عواطف، أو رومانسية، أو اهتمام، أو أي نوع من التقدير من أيهما تجاه الآخر. والرجل هنا هو الصورة الجديدة "لسي السيد"، فنحن لا نراه ألا متصدراً للمشهد في فخر وثبات فاتحاً رجليه ومستمتعاً بسيجارته أو شرابه وطعامه. والمرأة خاضعة، مقهورة، صامته ومغلوب على أمرها، لهذا لم يتحرك للزوج ساكن عندما تحول زوجها إلى دجاجة بالرغم من أنها بدافع الواجب بذلت الجهد المتوقع منها في محاولة العثور على الساحر الذي تسبب في اختفاء زوجها. هذا الزوج الذي كان متعباً قبل إختفائه وبعده، حتى الفرخة التي كانت ترمز إليه كانت متعبة للزوجة تملي عليها شروطها فهي لا تأكل إلا على السرير وهي فاتحة رجليها تماما مثل الزوج بعد أن تدلك الزوجة بطنها، كما كانت تصدر أصواتنا لا يصدرها بقية الدجاج.


الشخصيات
---------
أما الشخصيات في هذا الفيلم فقد نجحت في توصيل أهداف المشاهد ببراعة من خلال ملابس بسيطة وملامح مقهورة نبرات صوت مكدودة. وقد نجحت بطلة الفيلم في القيام بدورها بتلقائية واحتراف وصدق. وقد أظهر الفيلم الشخصية الرئيسة في الفيلم مثالاً للعفة والطهارة، والوفاء لزوجها بالرغم مما عانته منه قبل إختفائه. كما تظهر البطلة كريمة تقتسم قوتها مع من تراه محتاجاً كالشخص الذي رأته في قسم البوليس في مشهد العثور على زوجها.
وقد فاز الفيلم عن جدارة بالجائزة الكبرى لمسابقة أسبوع النقاد الدولي وهو الفيلم المصري الأول الذي يفوز بالجائزة الكبرى في أسبوع نقاد مهرجان (كان). لا شك الفيلم يستحق أن يفوز بالجوائز الدولية التي نالها إذ أنه ليس قصة أو خبرة سينمائية الفريدة يصعب على المرء أن يشاهدها بعيداً عن الحياة داخل العشوائيات بل أن أبطاله ليسوا مجرد ممثلين، لكنه فيلم يلعب فيه الناس أدوارهم الحقيقية في حياتهم الخاصة.


والفيلم لا يسئ لمصر من قريب أو بعيد بل هو بمثابة عودة مصر لدورها القيادي في إطلاق حرية الإبداع للفن والمبدعين! للأسف هناك من رفضوا إيذاء أعينهم برؤية الحقيقة وادعوا أن الفيلم الفائز مجرد مؤامرة!.
طاقم التمثيل: دميانا نصار – سامي بسيوني – محمد عبد الهادي – فادي مينا فوزي – أبو سيفين نبيل ويصا.
القصة والسيناريو والحوار: عمر الزهيري والكاتب أحمد عام
المخرج: عمر الزهيري
مدة الفيلم: ساعتين إلا خمس دقائق



#صفوت_سابا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في فَقْه الدورة الشهرية في الكنيسة القبطية
- قبل ما اشوفك
- إعدام راهب: قراءة في تقرير مجلس حقوق الإنسان
- الفن: بيان الجمعية المصرية للتنوير
- الحُزْن الحَزِين
- - زَارَتْنِي أُمِّي بالأمْسِ -
- البابا والإصلاح
- رأس البابا وأُذُن فان جوخ
- البابا والصحفية والجيوش الإلكترونية
- بابا الإِسْكَنْدَرِيَّةُ والأساقفة
- مَجْهُولٌ أَخْرَق
- أُورْشَلِيمَ تأكل أَفْرَخها
- آخِر وصَايَا إمرأة مَهْزُومَة
- وَحْيٌ يُضْحِك الثَّكْلَى
- يا صاحبي: لا تنس أيامًا قَضَيْناها - ديسمبر 1986
- مِلْءُ الزَّمَانِ
- كَلَّا لَنْ يَحْدُث شيئٌ إنْ مُتَّ
- اذبحني فوق مائدة سحورك
- أَبُو جَهْل في بَلْدَتِى
- هكذا قال العَمّ بنيامين: فى الشُّكر


المزيد.....




- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صفوت سابا - فيلم- ريش- : عندما يزن الريش أطناناً