|
الأحزاب الإسلامية من الخطاب المضلل الى السقوط
ادهم ابراهيم
(Adham Ibraheem)
الحوار المتمدن-العدد: 7036 - 2021 / 10 / 3 - 11:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الاحزاب الاسلامية من الخطاب المضلل الى السقوط
خلال العقدين الاخيرين من القرن الماضي نشطت الحركات الاسلامية بشكل كبير ، ثم ظهرت حركات اصولية وجهادية ذات نزعات عدوانية عنيفة تجاه الآخر المختلف مهما كان فكره . وتكفير بعضهم بعضا في صراع وحروب اهلية لانهاية لها .
وكان للاوضاع السياسية والاقتصادية السيئة في دول المنطقة دورا مهما في بروز هذه الحركات ، ثم تغولها بهذا الشكل العدواني .
وقد جرى توظيف الظلم والفقر والحرمان الذي عانت منه الشعوب ، كنتيجة طبيعية للانظمة الديكتاتورية ، اضافة الى غياب العدالة والاستقرار الاجتماعي . فتم تجنيد الشباب بوعود غير واقعية ، واطروحات مثالية مضللة تصور لهم حكم اسلامي فاضل ، ومجتمع عادل مترفع عن كل المساوئ . وتم نشر شعار "الاسلام هو الحل ليعطي مفهوما طوباويا واسعا من دون اي معطيات واقعية او برامج سياسية او اقتصادية لمعرفة الحلول المقدمة لانتشال المجتمعات المتخلفة من واقعها المأساوي . وكانت اغلب الحركات الاسلامية السياسية ذات افكار ضحلة وانتهازية ، تتاجر بقصص وحكايات اسلامية قديمة عن الخليفة العادل، والمجتمع الاسلامي الزاهد ، والسلف الصالح ، لترويج دعاياتها بهدف الوصول الى السلطة باي شكل كان ، سواء بالتضليل عن طريق الديموقراطية "التي لاتؤمن بها" او بالقوة والترهيب .
وقد جرى استغلال انتفاضات الشعوب العربية بوجه الانظمة الديكتاتورية فيما يسمى بالربيع العربي لتقديم الوعود بتحقيق مجتمعات اسلامية مثالية قائمة على العدل والاحسان . والاطروحات المقدمة تدفع بالمواطن البسيط للانبهار بها من خلال النماذج التاريخية ، والتصورات غيرالواقعية التي تعمق المفهوم الاصلاحي الخيالي لحال الدولة المنشودة . وقد نجحت هذه الحركات الى حد ما في تعطيل عقل الإنسان العربي ليصبح أسيراً للشعارات المضللة وخادماً لها من دون وعي ، بعد ان شلت إرادته .
فتكونت لدى كثير من المجتمعات وخصوصا في اوساط الفقراء والمهمشين ، صورة وهمية مكررة لمستقبل اسلامي نزيه قادر على تخليصهم من واقعهم المأساوي. وكأن التاريخ سيعيد نفسه من دون ادوات وبرامج فاعلة ، ولا آخذين في الاعتبار التطور الكبير الحاصل في كل مجالات الحياة . واستخدموا كل اساليب التضليل الاعلامي وعلى المنابر للاستحواذ على عقل وفكر المواطن ، من خلال الخطابات الدينية الطائفية والمذهبية اوالدعوة للحفاظ على المقدسات . وجعلوا الناس تعيش في حالة من الانتشاء الرومانسي وكأنهم قد ضمنوا مستقبلهم ومستقبل اولادهم .
وكان من نتيجة التضليل الجماهيري الواسع هذا ، وصول الاحزاب الاسلامية الى السلطة من خلال الانتخابات البرلمانية في بعض الدول مثل مصر، والكويت، والمغرب وتونس وغيرها . ثم حاولت بعض الحركات الراديكالية تطبيق هذه المفاهيم والنظريات بالقوة مثل القاعدة وداعش والنصرة وغيرها . ومن خلال الممارسة الواقعية في الحكم ، انكشفت الاغطية عن هذه الحركات وقياداتها ، فظهرت عيوبها وافتقارها الى الفكر العلمي للدولة الحديثة التي تؤسس على الاعتدال والتعايش الاجتماعي وقبول الاخر . يضاف الى ذلك عدم ايمان هذه الحركات بمفهوم المواطنة والقومية ، وحرية الرأي والانفتاح الفكري ، ناهيك عن افتقارها للكفاءة والخبرة في ادارة الدولة . فوجد الإسلاميون من خلال تبوءهم للسلطة ان امامهم مشكلات وازمات اجتماعية وسياسية غير قادرين على احتواءها او معالجتها ، لافتقارهم للاساليب العلمية السليمة ، وجمود فكرهم المقيد بنظريات محدودة غير واقعية . وهكذا فقدت الحركات الاسلامية مصداقيتها امام جمهورها وامام الشعوب التي انتظرت انتشالها من الواقع المرير وتنفيذ الوعود بالرخاء والبحبوحة من خلال المجتمع الفاضل والدولة العادلة .
فانكشفت اساليب الخداع والايهام والخطب الفلسفية المثالية والمضللة .
ومما زاد في تأزم الاوضاع والتخبط في ادارة الدولة فقدان الامن والتنازع على المصالح ، ناهيك عن الفساد المستشري والمحسوبية والمحاصصاتية والعائلية . كما بانت بشكل سافر السياسات المتزمتة والعدوانية للحركات الاسلامية تجاه الغير وخصوصا الطوائف والاديان الاخرى ، مما عرض بعض المجتمعات الى التقسيم والتفتيت الفعلي .
وعندئذ ادرك المواطن البسيط ان الشعارات العاطفية المضللة التي طرحتها الاحزاب الاسلاموية كانت مجرد اوهام لا اساس لها على ارض الواقع . وانها اداة ترويج اعلامي للوصول الى السلطة . وهكذا عجزت هذه الاحزاب عن ايجاد مخرج للتحديات والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تحتاج إلى الخبرة والحلول القابلة للتنفيذ ، فاصطدمت الافكار المثالية على صخرة الواقع ، واختفت جنة الخلافة الإسلامية الموعودة .
ورغم ذلك مازالت ذيول هذه الاحزاب تتاجر بالتطرف الديني والعصبية الطائفية التي لا تنتج سوى الكراهية والعدوان وتفتيت المجتمعات . ان وعي الناس قد تجاوز هذه الاحزاب ، فلم تعد قادرة على مواصلة التضليل والوهم ، فانقلبوا عليها بعد ان شاهدوا المآسي من استمرار البطالة والغلاء وتدهور الخدمات . ووسط السخط الشعبي على حكم هذه الاحزاب نراها آيلة الى الزوال في كثير من البلدان بعد ان تبخرت الاحلام وانكشفت الاوهام . ادهم ابراهيم
Sent from my Galaxy
#ادهم_ابراهيم (هاشتاغ)
Adham_Ibraheem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراق بين الديكتاتورية السابقة والدكتاتوريات الجديدة
-
سلوك بعض مستخدمي التواصل الاجتماعي يعكس مدى الانحدار في الاخ
...
-
النفق المظلم الذي دخلنا به هل هناك ضوء في نهايته ؟
-
الانسحاب الأمريكي من افغانستان. . دروس وعبر
-
الناصرية مدينة الحضارة والادب والبطولة
-
تأثير العقل الباطن في حياتنا
-
تونس ليست الاولى ولا الاخيرة في مواجهة الاسلام السياسي
-
التهافت والتجهيل في الفضائيات العراقية
-
المواجهة المحتملة بين الولايات المتحدة والفصائل الولائية في
...
-
الواقع والامل في رواية غلمان الكرات الطائشة
-
اخلاقيات الذكاء الاصطناعي
-
كتاب موجز تاريخ العراق الحديث
-
القضية الفلسطينية. . المشكلة والحل
-
التواصل الانساني من الإيماءات الى الهواتف الذكية
-
رسالة مفتوحة الى السيد رئيس الولايات المتحدة الامريكية جو با
...
-
فاجعة مستشفى ابن الخطيب اسبابها وتبعاتها
-
الاستغلال السياسي للدين والطائفة
-
فنجان القهوة . . وماوراءه
-
العلمو نورن
-
في ذكرى الغزو الأمريكي للعراق
المزيد.....
-
الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
-
لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
-
مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال
...
-
في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار
...
-
الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
-
وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات
...
-
لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
-
البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا
...
-
المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م
...
-
تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|