أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - دلور ميقري - الكوميديا السورية















المزيد.....

الكوميديا السورية


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 1645 - 2006 / 8 / 17 - 11:11
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


" لبنان خرجَ من الحرب منتصراً " ؛ يزعمُ حسن نصر الله ، زعيم حزب الله . " إسرائيل خرجت من الحرب ، منتصرة " ؛ يدعي أولمرت ، رئيس الوزراء الإسرائيلي . لكلّ منهما ، وفق إعتبارات عديدة عسكرية وسياسية ، بعض الحقّ في ما يذهب إليه . ولكنّ المرءَ يتساءل ، مستغرباً ، ما هو موقع بشار الأسد ، الرئيس السوري ، من إعراب تلك الجملة الحربية ، لكي يتغنى بالنصر المتحقق على العدو الإسرائيلي وفقدانه هيبته أمام المقاومة ؟؟ فالدولة العبرية ، حينما ردتْ على عملية حزب الله بخطف جندييها ، كانت على علم بيّن بإمكانياته وقدراته العسكرية ، وكانت مستعدة لدفع الثمن الباهظ الذي أعقب قرارها شنّ تلك الحرب المفتوحة ، الشاملة . ومن جديد ، أيضاً ، يتساءل واحدنا ، عمن الذي فقد هيبته : أهوَ المحاربُ ، وقد قام بما يعتقد أنه واجبه تجاه شعبه ، أم ذلك المراقب عن بعد ، القارع في طبل الشعارات القومية ، الجوفاء ، فيما جبهته العسكرية ، المشرفة على أرضه المحتلة منذ عقودٍ أربعة ، صامتة بلا منازلة ولا مقاومة ولا يحزنون ؟؟ نتذكرُ هنا دموعَ فؤاد السنيورة ، رئيس وزراء لبنان ؛ الدموع العزيزة ، الصادقة ، المنهمرة تأثراً لما حلّ بوطنه الحبيب من خراب وضحايا ؛ نتذكرها ، فيما نسمع ونرى ضحكات الدكتور الأسد المجلجلة ، المقهقهة ، وهوَ يتلو على ربعه خطابَ النصر المؤزر ، فيقابله ذاك الحضور السقيم بالتصفيق والتهليل والهتاف . إنها دموعُ المستضعفين على الأرض ، وما بقيَ غيرها سلاحاً لهم . أما تلك الضحكات ، فهيَ للطاغوت المستأسد على أهله وأشقائه ، العزل والضعفاء ؛ وفي الآن نفسه ، المتخاذل الرعديد أمام جبروت جيرانه الإسرائيليين ، الأقوياء . بيْدَ أننا لا نقول ، " أنّ قوة لبنان في ضعفه " ، كما ترددُ الحكمة / أو اللا حكمة ، المعروفة . بل نقولُ ، أن ّ ديمقراطية لبنان وحريته هما مصدر قوته ؛ وهما قدرُهُ ونصيبُهُ ، وسط هذه الغابة الموسومة بالشرق الأوسط . هنا تكمن قوة لبنان ، لا في " سلاح المقاومة " ، كما يروّجُ له أهلُ الإستبداد ومأجوروهُمُ من إرهابيين وظلاميين وقومويين ، علاوة ً على أبواقهم من إعلاميين موتورين ودعاةٍ دجالين .

في خطابه الأخير ، أمام مؤتمر الصحفيين العرب المنعقد بدمشق ، ينعَتُ الرئيسُ الأسد خصومَهُ اللبنانيين ، من قوى 14 آذار ، بـ " المنتج الإسرائيلي " . ولكي يبرهن على صحة توصيفه هذا ، يقومُ بإستهلاك جمل ومفردات منتمية لعصور ما قبل التاريخ ، العروبية ، وبتوظيف ذكريات وحوادث من هنا وهناك . إلا أنه في غمرة فأفأته ولجلجته ، يتناسى العميدُ ، الجديد ، للقومية العربية ( بعيْدَ إستقالة سلفه ، القذافي ! ) ، أنّ تلك القوى ، العميلة لإسرائيل والمنفذة لأجندتها ـ كذا ، هي التي تشكل الحكومة اللبنانية ، الحالية ، وأن كلاً من حزب الله ومنظمة أمل له وزيرٌ فيها : فهل لهؤلاء الأخيرين ، المقاومين ، علمٌ بتلك العمالة والخيانة ، وهم المشاركون في الحكومة ، فضلاً عن طاولة الحوار الوطني ؟؟ يقيناً ، إنّ كاتبَ خطابات السيّد الرئيس ـ وهوَ على الأغلب أحد أولئك المحللين الإستراتيجيين ، البليدين ، الذين يتحفون فضائياتنا العربية بحضورهم ـ لم ينتبه إلى تلك السقطة الفادحة ، الموصوفة آنفاً ؛ وما كان له أن يفعل ذلك ، مادام عرس المقاومة منعقد في لبنان وطبلها وزرنايتها موجودتان في سورية ! كما أنّ الخطاب البليد ذاك ، وهوَ يخوّن القوى اللبنانية ، الإستقلالية ، التي تحدّت وصاية النظام السوري وأثارت البلد عليها ، لم ينتبه أيضاً إلى سقطةٍ اخرى ، أكثر فداحة ؛ وهيَ أنه بسوق مثل تلك الإتهامات الرخصة ، إنما يثبت الإتهام على نظامه هذا بأنه هوَ من قام بتخطيط وتدبير إغتيال رموز تلك القوى الإستقلالية اللبنانية ، بدءاً بالرئيس الحريري . فما دام الرئيس بشار الأسد ، وبعظمة لسانه ، يصرّح على الملأ في خطابٍ متلفز ، بأنه كان يدرك طبيعة وأهداف تلك القوى الإستقلالية ـ المرتبطة بإسرائيل وأمريكا ، حسب زعمه ـ ومنذ صدور قرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي ؛ أليسَ هذا هو الدليل الساطع ، الصارخ ، المعلن إدانته وعصابته الإرهابية بتدبير جميع تلك الإغتيالات المذكورة ؟؟ خاصة ً أنه يبرر ذلك بتهم العمالة والخيانة ، ويدعو بلا مواربة لرفض قرار مجلس الأمن الأخير ، الخاص بلبنان ، موقظاً بذلك فتنة الحرب الأهلية . علاوة ً على أن تهديد رأس النظام السوري هذا ، الصريح ، بإشاعة عدم الإستقرار في بعض الدول العربية ، " المتخاذلة " ـ على حد تهريفه : أليسَ فيه ما فيه من إدانة لنظامه بتدبير الهجمات الإرهابية ، المستهدفة دول الجوار ، إضافة للدول العربية الاخرى ؟؟

كم كانت مثيرة للسخرية ، تلك التشبيهات غير الموفقة ، في ذلك الخطاب الهجوميّ . إنّ تهكم الرئيس الأسد بقوى 14 آذار ، الإستقلالية ، وما يتوقعه منها من : " ردة فعل ، كوميدية ، على الخطاب " بحسب تعبيره ؛ هذا التهكمُ مردودٌ على صاحبه ، ما دامَ يتجاهل ـ أو لا يعي ، حقا ـ طبيعة المجتمع اللبناني ونظامه الديمقراطي ، والمتيحة للصحافة ووسائل الإعلام الاخرى كلّ الحرية في التعبير عن آرائها وكذلك لمختلف القوى والشخصيات السياسية في البلد . ولو إلتفتَ الأسدُ لحظتئذٍ خلفه ، لربما شعر ببعض الإحراج مما سيراه : فعلى طول وعرض الجدار المواجه للمؤتمرين ، الموقرين ، كان ثمة صورتان عملاقتان لصحيفتيْ " البعث " و " الثورة " ، الحكوميتيْن ، وقد خطّ بموازاتهما جملة تقول : " نحو صحافة ملتزمة بالفكر الوطني والقومي " . صحيفتان وأخت لهما بإسم " تشرين " حسب ، هما المكرمتان الوحيدتان لنظام البعث للصحافة السورية عبر تاريخه ؛ التاريخ المخزي ، الممتد لأكثر من أربعين عاماً من القمع وكبت الحريات وإضطهاد أصحاب الكلمة . ولكي تتناهى " الكوميديا السورية " في خطاب رئيسنا هذا ، فإنه لم ينسَ التهكم بدول الغرب ومؤسساتها الإنسانية : " التي تتباكى على صحفي قابع خلف القضبان في بلادنا وتسأل عن صحته ، بينما هيَ تغض الطرف عن قتل مئات المدنيين في لبنان .. " ، كما جاء في خطابه . هيَ ذي عينة اخرى من ديناغوجية ذلك النظام ، تحيل وبقوة إلى مدى تورطه مع صنيعته الإيرانية ـ حزب آيات الله ـ في تفجير لبنان ، سعياً لإبعاد الأنظار عما يحدث في سورية بالذات من إنتهاك لحقوق الإنسان . ويمضي خطابُ العصر الحجريّ ، إذاً ، في إستعاراته وأحجياته وأهجياته . إنه في سياق إبتزازه الصفيق للدول العربية ، يتشدق برأي عام شعبيّ مماليء لسياساته ، المغامرة ، متناسياً حقيقة غاية في البساطة والأهمية في آن ؛ وهيّ أنّ تلك الدول حرة في إعلامها ولا تقيد آراء مواطنيها ، المتعددة : فماذا عن النظام السوري ، المؤبد في إستبداده ، ومجرد عريضة يوقع عليها مثقفون سوريون للمطالبة بتنقية الأجواء مع دولة لبنان وإحترام سيادتها ؛ هكذا عريضة ، كانت كفيلة وحدها للزج بأولئك المثقفين بالمعتقل والتشهير بهم كعملاء ومرتزقة .. ويحدثونك بعدئذٍ عن الرأي العام العربي ، الشعبي !



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنتصار الظلامية والإستبداد ؟
- ثقافة المقاومة ، ثقافة الموت
- لبنان في فم الأسد ، مجدداً ؟
- صلاح الدين عصرنا
- قصف إعلامي ، عشوائي
- محمد أوزون ؛ كاتبٌ كرديّ على أبواب العالم
- من البونابرت العربيّ إلى الطاغوت الطائفيّ
- الزرقاوي ، وسوداويّة الإسلام السياسي
- الوجهُ الجميل لنظام ٍ قبيح
- المثقفُ مستبداً
- الدين والفن
- بين إيكو وبركات 3 / 3
- فلتسلُ أبداً أوغاريت
- بين إيكو وبركات 2 / 3
- بين إيكو وبركات 1 / 3
- منتخبات شعرية
- الماضي والحاضر
- الوحدة والتعدد في اللوحة الدمشقية
- مأثورات دمشقية في مآثر كردية
- سرّ كافافيس 2 / 2


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - دلور ميقري - الكوميديا السورية