أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - دلور ميقري - الوجهُ الجميل لنظام ٍ قبيح















المزيد.....

الوجهُ الجميل لنظام ٍ قبيح


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 1560 - 2006 / 5 / 24 - 10:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


القناعُ الجميل لنظام ٍ قبيح
سنوات ست ، عجفاء ، قضتها سورية في ظل وريث السلطة ؛ الذي ما فتيء بنظر وسائل الإعلام موسوماً بـ " الرئيس الشاب " ، وعلى الرغم من حقيقة تجاوزه الآن الأربعين من العمر . كان والده ، الراحل ، بمثل سنه ، حينما أمر عساكره في خريف عام 1970 ، بالتحرك إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون في ساحة الأمويين بدمشق ، لإذاعة " البيان رقم واحد " ، المُعلن حركته التصحيحية ، المباركة .. أو سمّها ما شئت ! لقد سبق للوالد ، الفريق حافظ الأسد ، أنّ حصلَ من إنقلابيي حركة آذار 1963 ، المنعوتة بدورها بـ " الثورة المجيدة " ، على ترقية صاروخية ، رفعتْ رتبته العسكرية من نقيب إلى لواء . من النافل هنا ، كما أرى ، إعادة ذكر مآثر الوالد الراحل هذا ؛ لأنها باتت معروفة للقاصي والداني والمغيّب والمدفون حياً والمفقود والمولود .. ، وتمّ تقليب مواجعها مراراً وتكراراً ، حتى باتتْ تثير الغثيان ، لا أكثر ولا أقل .

وإذاً ، ففي أواخر ربيع ذلك العام ، المفتتح للألفية الثانية ، هلّ على مرأى من وسائل الإعلام العالمية ، وجهٌ جميلٌ لشابٍ بمقتبل العمر ، وادع ، وبشوش رغم الحزن المتبدي في نظرة عينيه الخضراوين : وعرفَ الجميع يومئذٍ ، أنه الوريث الحتميّ للرئيس الراحل ؛ وتأكد كل ذي بصيرة كذلك ، أنّ منصب نائب الرئيس _ الذي شغله عبد الحليم خدام ، ولمدة ناهزت الستة عشر عاماً _ لا يعني شيئاً في بلد الطائفة المختارة والعائلة المقدسة والأب القائد ! كان على " الدستور " السوريّ ، وربما بصفة إعتباطيته ، أن يطرأ على أحد مواده تعديلٌ أسرع من الصوت ، كيما يُتاح لوريث العهدِ السنُ المناسبة للخلافة . . ؛ وكان على هذا الإبن ، تأثراً لخطى أبيه ، أن يتلقى أيضاً عشية إعلانه رئيساً ، ترقية عسكرية مماثلة ، صاروخية ، رفعته لفريق أول . الرتبة العسكرية كقائد أعلى للجيش ، ومنصب الأمين العام لحزب البعث كرئيس للدولة العقائدية .. ، كل ذلك ، بطبيعة الأمور ، دون أي إعتبار لكون الرجل مدنياً ، متحصلاً على شهادة طب جراحة العيون ، حيث سبق له أن تابع إختصاصه العلميّ في جامعات بريطانية . هكذا ، كل شيء جرى بـ " شفافية وسلاسة " ، على رأي وسائل إعلام النظام ، المؤبدة ، وأضحى وليّ العهد الجمهوري قائداً إلى الأبد .

ما يحصل الآن في سورية ، وعلى رؤوس الأشهاد عربياً وعالمياً ، من هجوم شامل لأجهزة الأمن المُنفلتة على القوى المجتمعية ، المافتئت حيّة بعد ، ليس سوى نتيجة كارثية للعملية الجراحية ، التي جرَتْ تحت مسمى " مسيرة التحديث والإصلاح " ، وبإشراف الدكتور بشار الأسد ، طبعاً . إن حقنة المورفين ، الزائدة _ ما دمنا نتكلم مجازاً _ قد أودَتْ بالمجتمع المريض إلى غيبوبة ، وحدَهُ العالِمُ بالغيب يعلمُ مداها ؛ غيبوبة ٌ مطلوبة ٌ بإلحاح من لدن الطبيب المداويا ، تسهيلاً لأزمته نفسها ، المستعصية على الحل : المواجهة مع المجتمع الدولي ، بخصوص قضية إغتيال الرئيس رفيق الحريري . بمقتضى ما أكدناه آنفاً ، يُصبح الحديث عن إمكانية تجديد ما كان يُنعت ، تساهلاً كذلك ، بـ " ربيع دمشق " ، إن هو إلا أملُ غريق بقشةٍ مهملةٍ تتقاذفها الأمواج . فعندما إنطلقت أبواق النظام الإعلامية ، مبشرة ً بالعهد الجديد من الإصلاح والتطوير والتحديث ، كان ذلك ميسوراً آنئذٍ إتكاءاً على الحجة المستهلكة حدّ البلى : تركة ثقيلة ، موروثة ، من المشاكل والأخطاء ومن الحرس القديم و .. ، علاوة على ضرورات الصراع المصيري مع العدو الصهيوني .. الخ . ثم جاءت حرب تحرير العراق من طاغيته ، البعثي ، كهراوة على أمّ رأس النظام الشقيق ، الديكتاتوريّ ، ليفيق من صدمتها مرعوباً على حقيقة تجاوره ، الحدوديّ ، مع أمريكا ؛ أمّ الديمقراطيات !

منذ البداية ، كان جلياً لكل عارفٍ بطبيعة هذا النظام المستبد ، أنه غير مؤهل بالمرة لأي إصلاح .. ، أنّ التسويف والمماطلة في مسألة التركة الثقيلة ، الهائلة ، من مخلفات العقود البعثية الأربعة ، ما كان إلا كسباً لمزيد من الوقتِ بمواجهة عالم دخل في مرحلة جديدة تماماً ، خصوصاً بعد إعلان الحرب على الإرهاب ؛ مرحلة ، كان من تداعياتها سقوط أنظمة ظلامية عتية ، في أفغانستان والعراق ، وجنوح اخرى ، مماثلة ، إلى الإنفتاح ، كما في ليبيا والسودان . إن إصرار النظام السوري على رفضه التمثل بتلك الدولتيْن الأخيرتيْن ، حتى لو أدى به إلى هاوية السقوط ؛ هكذا إصرار ، يُحيل إلى طبيعة هذا النظام ، الطائفية : فهو على علم ٍ يقين ، ولا شك ، بأنّ أي إنتخابات حرة ، ومراقبة دولياً ، لا يمكن إلا أن تودي به مرة ً واحدة وإلى الأبد . ثم جاءت تجارب الشعب العراقي ، إثر التحرير ، مع صناديق الإقتراع ، المرة تلو الاخرى ، لتعزز هواجس نظام البعث الأسدي ، وتزيده يقيناً من أن الشعب السوريّ ، وفق تكوينه مذهبياً وقومياً ، لن تتردد غالبيته في كنس منظومة الإستبداد ، القائمة على التسلط الطائفي / العنصري .

لا غرو ، والحالة هكذا ، أن يُحرجَ النظامُ تلك القوى السياسية السورية ، التي يُصنفها بـ " المعارضة الوطنية " ، إزاءَ إستهتاره بتنفيذ وعوده الإصلاحية ؛ ومنها على سبيل المثال ، مسألة المحرومين الأكراد من الجنسية السورية ، والتي ما إنفكّ ملفها في غياهب أدراجه منذ عقود طويلة ، مريرة ، من عمر إستبداده . كذلك الأمر ، في ما يتعلق بحلفاء النظام السوري ، من بعض اللبنانيين ، الذين يراودهم نفس الشعور بالإحراج ، لجهة تغييره مواقفه بين يوم وليلة إزاء مسألة ترسيم الحدود وإقامة التمثيل الديبلوماسي بين البلدين : ففي كلا الحالتيْن ، على رأينا ، تتجسّد العقلية البعثية الأسدية بأجلى مظاهر عصابها الطائفي / الريفي ، المريض ؛ حينما تتشبث بإعتبار كل من الجزيرة / في الإقليم الكردي السوري ، ولبنان / في المحيط الإقليمي العربي ، مجرد " مزرعة " للنهب والإبتزاز والسطو وغسيل الأموال ، علاوة على مادة للمساومة مع الدول الغربية . إنّ خسارة النظام لمزرعته اللبنانية ، قد أفقده صوابه لذلك السبب آنف الذكر ، تحديداً ، وليس لخروج جيشه المُذِل ، كما توحي وسائل إعلامه . وبما أنّ " الفلاح يأكل حتى أبيه " ، على حدّ تعبير المثل الروسي ؛ فكان لابد للجيل الجديد من آل الأسد ومخلوف ومن لف لفهم من فلاليح الساحل ، أن يلتفتوا إلى مزرعتهم السورية ، إمعاناً بالإبتزاز مستهدفين هذه المرة رموز السنة ، في السلطة وخارجها على حدّ سواء ، بهذه الحجة أو تلك ( سيف والحمصي وخدام ، كأمثلة ) ، تمهيداً للإستيلاء على أموالهم وممتلكاتهم وأرصدتهم ؛ وهو ما يُذكرنا بطريقة السلاطين العثمانيين في التعامل مع ولاتهم وكبار رجالات دولتهم !



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثقفُ مستبداً
- الدين والفن
- بين إيكو وبركات 3 / 3
- فلتسلُ أبداً أوغاريت
- بين إيكو وبركات 2 / 3
- بين إيكو وبركات 1 / 3
- منتخبات شعرية
- الماضي والحاضر
- الوحدة والتعدد في اللوحة الدمشقية
- مأثورات دمشقية في مآثر كردية
- سرّ كافافيس 2 / 2
- سرّ كافافيس 1 / 2
- الدين والوطن ، في ورقة إخوانيّة
- طغم وعمائم
- علوَنة سوريّة : آثارُ 8 آذار
- بلقنة سورية : جذور 8 آذار
- نساء كردستان ؛ الوجه المجهول لشعب عريق 2 / 2
- نساء كردستان ؛ الوجه المجهول لشعب عريق 1 / 2
- مذاهب متشاحنة ؛ السنّة والعلويون والآخرون
- أثنيات متناحرة ؛ الكرد والسريان ، مثالاً


المزيد.....




- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - دلور ميقري - الوجهُ الجميل لنظام ٍ قبيح