|
الماضي والحاضر
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 1521 - 2006 / 4 / 15 - 11:59
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
لعلّ وضعُ دمشق كمركز إقليميّ ، تابع ، طوال القرون التي أعقبتْ سقوط دولة بني أيوب ، الكردية ، يُفسّر لنا سببَ إنكماش حضارتها وتقهقرها . ضافرَ هذا الوضعُ سوءاً ، حقيقة إنتقال الثقل السياسي والثقافي والتجاري إلى العواصم السائدة ؛ القاهرة المملوكية ، ومن ثمّ آستانة العثمانيين . إذْ إنتهت " الشام الشريف " ، إلى الإهمال والنسيلن على زمن هؤلاء الأخيرين ؛ الذين ، بالمقابل ، ما توانوا عن جعل عاصمتهم الهمايونية ، أشبهَ بالمتحف الذاخر بعجائب الأرض . علاوة على أنّ دمشق ، إقتسمتْ مع غيرها من المراكز التابعة ، نصيبَها من سوء الإدارة العثمانية وفساد موظفيها ؛ اولئك الواجدين في خيرات المدينة ، الغريبة ، مورداً ينهلون منه ما يستطيعون جمعه من ثروة خاصة . وبهذا الخصوص ، كتب المستشرق ستريبلينغ : " بعدَ هذا كله ، لنا أن نقول أنّ المماليك نشأوا وترعرعوا في سورية ومصر ، وبالتالي كانت تربطهم أواصر من شأنها أن تجعلهم حريصين على سمعة أوطانهم وعلى المظهر الخارجي اللائق بها ؛ وعلى العكس من ذلك كان الموظفون العثمانيون " . (1) كما أنّ عمرانَ دمشق ، وقتئذ ، نراهُ آخذاً في التدهور أيضاً ؛ دمشق التي كانت مضربَ أمثال الأناقة والذوق وقيم الجمال . هكذا ، أضحى سكان المدينة القديمة ، أكثرَ فقراً وخصاصة ، متراكمة جموعهم البائسة في رقعتها الضيّقة ؛ أين الأزقة الملتوية مختبئة ً وراء متاريس مداخلها ، منافحةً عن ساكنيها ، ساعة َ الوقائع الأهلية ، المهولة ، أو الإجتياحات والإستباحات ، المعهودة ، لأصناف العسكر ، النظامية والمرتزقة . خارج أسوار دمشق القديمة ، إتسقتْ ضواح ٍ أحدثَ عهداً ، متحوطة ً بركة َ قاسيون ؛ جبل الخليقة ، بحسب إعتقادات الأهلين ، الغابرة . ها هنا ، وجدَ إبن الحيّ الكرديّ ملاذه وسلامه في حمى حصنه الجبليّ ، الجديد ؛ معتزلاً بشؤونه عن مشاغل الحاضرة ، وشجونها ؛ الحاضرة المشغولة ، بدورها ، بملاحم كردها من قاطني أحياء الميدان والقنوات وسوق ساروجة ، المنتمي أغلبهم لأصناف العسكر ، المريعة . هذه الأحياء / الضواحي ، زحفتْ رويداً على المدينة الأم ، مطوّقة سورها المتداعي ، جاعلة ً من أبوابه مجرّدَ أسماء ، لا أكثر ؛ أو بأحسن الأحوال ، إشاراتٍ تدل على حدود دمشق القديمة . وبدلاً أن تتمدد الحارات القديمة إلى خارج الأسوار ، بادرتْ تلك الضواحي ، بنفسها ، إلى الإتصال بمركز المدينة . وإذاً ، فإنّ نفوس دمشق ، العثمانية ، صاروا إلى إزدياد بفضل موجات المستوطنين ، الغرباء ، وليسَ بفعل إنفجار سكانيّ ؛ حالُ القاهرة ، مثلاً .
تطرقنا ، فيما سلف من مبحثنا ، إلى ما إنعقدَ بين الكرد والشوام من علاقات معقدة ، في كثير من الأحيان ، بسبب طبيعة الأولين ، العسكرية ، التي كانت زمنئذٍ غالبة على مجتمعهم الدمشقي . لن تستقيم رؤيتنا للتحولات الطارئة على ذلك المجتمع ، إذا لم نمِل إلى البحث في الروابط ، الأسرية والعشائرية وحتى القومية ، الناشئة آنذاك بين أكراد المدينة القديمة وإخوانهم في الضواحي ؛ كالصالحية وحيّ ركن الدين . هنا وهناك ، لعبَ أعيان الكرد ، كما سبق وعرضنا في حينه ، أدواراً مهمة في حياة المدينة ، بله وبلاد الشام عامّة ً ، خصوصاً خلال العهد العثماني . إن أسرهم المعروفة ، من عسكرية ودينية ؛ كآل شمدين وبوظو والعابد وأجليقين واليوسف والصاحب .. وغيرها ، كان من أفرادها من تسنم أعلى مناصب الدولة العلية ، كالوالي وقائد الجيش وأمير الحج ، وحتى المستشار الشخصي للسلطان في الآستانة . كانت صلات تلك الأسر بعضها ببعض ، غير مستقرة دائماً ؛ فهي قد تكون متواشجة بحكم القرابة العشائرية ( كآل الزركلي ، المنقسمة شجرتهم إلى فرعيْن : اليوسف والصلح ) ، أو بالإنتماء للصنف العسكريّ الواحد ( كآل الكركوتلي والموصلي والدياربكرلي .. الخ ) . وأحياناً ما تكون تلك الأسر الكردية متنافسة ، بسبب التنازع على الوظائف والمناصب ؛ كحال عائلة شمدين في حيّ الأكراد ، ومنافستها في حيّ سوق ساروجة ، عائلة العابد . ويفيدنا صالح بك بدرخان ، في مذكراته ، أنّ سعيد باشا شمدين _ الزعيم القويّ لحيّ الأكراد ، آنئذٍ _ أصيب بالشلل ولم يُفلح العلاج : " فإضطر لدفع إثني عشر ليرة ذهبية ، للحاج علي بك ويعيّن حفيده عبد الرحمن بك برتبة مير ميران ويكون أميراً للحج .. وقضى بذلك على رقيبه وحاسده هولو باشا " (2) . هذا الأخير ، كان والياً في فترة ما ، ويُعدّ من أهم الشخصيات الكردية في حي سوق ساروجة ، الأرستقراطي . وإذاً ، فيبدو أنّ المسألة لم تنتهِ بتلك البساطة . وهذا يوسف الحكيم ، يروي لنا في مذكراته ، تفاصيل أوفى عن الخلاف : " كان سعيد باشا ، الزعيم الكردي المقيم في دمشق ، أميراً للحج . ولما شاخَ إنتقلت الإمارة إلى حفيده ، عبد الرحمن باشا اليوسف ، بفضل توسّط الشيخ أبي الهدى أفندي . فصعب ذلك على عزت باشا العابد ، وهو إبن دمشق ، فتمكن من نفوذه لدى المراجع العليا المختصة من نزع الإمارة عن عبد الرحمن باشا ، بحجة حداثة سنه ، والعهد بها إلى كبير آل العابد . فغضب الشيخ أبي الهدى وأخذ يواصل مساعيه حتى إستحصل على إرادة سنية بإعادة عبد الرحمن باشا . وأخيراً تم الإتفاق بين آل اليوسف وآل العابد ، بفضل زفاف الغادة الحسناء " الزهراء " ، أخت عبد الرحمن إلى زين الرجال محمد علي بك نجل عزت باشا العابد " . (3)
الرواية الأخيرة ، ذات مغزى . إنّ عزت باشا ، كان بمثابة " إبن دمشق " ؛ بنظر دخيلته ، على الأقل . لا غروَ ، إذاً ، أنّ يرى الرجل أسرته ، النبيلة ، أحقّ بإمارة الحج الشامي من أسرة شمدين . إنّ هذه الإشارة ، للحقيقة ، تلقي ضوءاً على سيكولوجية الكردي الشامي " المُتمثل " : فرغم أنّ كلا الأسرتين ؛ العابد وشمدين ، من أصول كردية ؛ إلا أنّ قِدَم الأولى في دمشق ، وسكنى أفرادها بعيداً عن الحيّ الكرديّ ، جازَ لرأسها نظرته المترفعة تلك . هذا الأمر ، يمكن لنا سحبه أيضاً على العلاقة بين ذلك الحيّ وجاره ؛ حيّ الصالحية . فأكراد هذا الحيّ الأخير ، وبحكم تجذرهم في التربة الشامية منذ أيام الأيوبيين ، ما كان لهم سوى محض أشقائهم في الحيّ المجاور ، بنظرة إبن البلد للغريب ، الطاريء . وينقلُ لنا " العلاف " ، في تاريخه الطريف ، بعض الحوادث العارضة بين أبناء الحارتيْن : " فكان الصوالحة يمنعون الأكراد من المرور في طريقهم للشام [ يقصدُ مركزَ المدينة القديمة ] ، فحصلت مناوشات ووقائع بينهم . حتى تدخل جدّ محمود باشا بوظو مع الشيخ أسعد الصاحب ، رئيس وجوه الصالحية " (4) . جديرٌ بالتنويه ، أنّ الشيخ الصاحب هذا ، هو إبن أخي مولانا خالد ؛ قطب الطريقة النقشبندية . وعلى أي حال ، فإنّ ذاك التقليد المذكور آنفاً _ والمُحيل ، برأينا ، إلى دافع سيكولوجي بحت _ ما فتيءَ حياً بعدُ ؛ متمثلاً بأبناء حي الأكراد الذين ، بدورهم ، باتوا بنظر أنفسهم " أبناء دمشق ، الأصيلين " ، مانحين أشقاءهم القادمين إلى المدينة من الأرياف ، ( الشمال السوري ) ، مشاعرَ الريبة والحذر .
تقادَمَ ، إذاً ، عهدُ الكردِ في مدينة دمشق ، فأسستْ أجيالهم المتلاحقة الحَيْ تلو الحي ؛ من الصالحية _ النواة الأولى لحارة الأكراد ، مروراً بالميدان وسوق ساروجة ، وليسَ إنتهاءً بحي مشاريع دمّر " زور آفا " (5) . كانت الشامُ ، بصفة قدسيتها لدى المسلمين ، نجماً كبيراً ساطعاً ؛ تهادى نحوها ، بشوق ٍ حثيثٍ ، أسلافنا الجبليون ، ممن وجدوا فيها جنة ً وارفة ً ، فإجتنوا من خيراتها وكراماتها . وكان حجم الكرد يزداد أو يتناقص في المدينة ، مع تواتر الحِقب والأحداث التاريخية . ففي زمن الرحالة إبن جبير ، كان أسلافنا أولئك ، نخبة قليلة العدد نسبياً ، مركونة على طرف جبل الخليقة ؛ قاسيون ، في حيّ الصالحية ، الذي أسسوه وأشادوا معظم عمائره الكلاسيكية . وإثر مآس ونكبات وإبادات على أيدي الغزاة ، من مغول وتتر ؛ يُخبرنا مؤرخ دمشقيّ من أواخر القرن الخامس عشر ، وهو إبن طولون الصالحي ، بأنّ سكان محلته كانوا في زمنه زهاء ألف وخمسمائة نفس ، جلهم من الأكراد الأيوبية (6) . وفي أوج الهجرات الكردية ، نحو القرنيْن الثامن عشر والتاسع عشر ، إكتمل شكل حي ركن الدين الذي نعرفه الآن ؛ أو على الأقل ، حتى منتصف القرن العشرين . لقد كان من كثرة العسكر الكردي الدمشقي ، أنهم ما وجدوا متسعاً لسكناهم وعائلاتهم في مركز المدينة ، مما أجبرهم على التوطن بمحاذاة أسوارها ؛ فكان منهم المستوطنة المؤسسة لحيّ الميدان ، العريق (7) . وبعض المصادر المعاصرة ، توردُ رقماً ضخماً _ مبالغاً فيه ، ولا شك _ لعسكر الأكراد بدمشق ، من اللاوند بشكل خاص ، حيث تقدرهم بستة عشر ألفاً ، إصطحبوا الوالي عبد الله باشا الشتجي ، بحدود منتصف القرن الثامن عشر . (8)
هذه الأرقام وتلك ، تحيلنا إلى مسألة العدد التقريبي لكرد دمشق ، ونسبتهم لسكانها إجمالاً . أول إحصاء تقديريّ نعرفه ، في هذا الشأن ، أورده المؤرخ نعمان أفندي قساطلي ( أواخر القرن 19 ) . إنه يثبّت في تاريخه القيّم ، جدولاً بعدد السكان في دمشق ، بحسب مذاهبهم وعناصرهم ، معتمداً في ذلك ، كما يقول ، على إحصاء جرى بأمر الدولة عام 1884 . في هذا الجدول المذكور ، يحتل الأكراد قمته بالنسبة للأقليات الأثنية ، بعدد مكمّل للستة آلاف نفس (9) . هذا مع العلم ، بأن المصادر المعاصرة تفيدنا ، بأنّ المسلمين بشكل عام ، كانوا يحاولون التخفي عن الموظفين الرسميين ، كيلا يتم تسجيلهم فيقاد أبناؤهم إلى الجندية . وهذا ما يُفسر إنخفاض نسبة نفوس الأحياء الإسلامية ، بالنسبة لمثيلاتها من حارات اليهود والنصارى ؛ بحسب وجهة نظر تلك المصادر نفسها . في مستهل العصر الحديث ، أجريَ أكثر من تعداد لسكان المدينة ؛ بدءاً بإحصاء عام 1905 ، الذي تمّ التكتم في حينه عن أرقامه . إلا أنّ ما جاء بعده ، في عام 1922 ، يُفيد برقم 172846 ألفاً ، هم سكان مدينة دمشق . هذا الإحصاء ، كان فيه إلتباسٌ جليّ ؛ إذ ثبّتَ رقم الستة آلاف نفس للحيّ الكرديّ ( 6 ، 4 % من سكان المدينة ) : أيْ أنّ عدد الأكراد بقي على حاله ، منذ إحصائية نعمان أفندي ، قبل أربعين عاماً ؟ ولكن ، هاهو حجم سكان الحي يتضاعف عشر مرات ، في الأربعين عاماً التالية : فبحسب إحصاء عام 1960 ، بلغ تعداد السكان بدمشق أكثر بقليل من نصف المليون ؛ سُجل خلاله في حي الأكراد 55470 نفساً . كما أنّ نسبة الحي لباقي سكان المدينة ، وفق الإحصاء ذاته ، كانت 6 ، 11 % ؛ وهي الأعلى في دمشق (10) . بيْدَ أنّ إلتباساً آخر ، في هذا المضمار ، كان محمولاً على خلفية ذلك الإحصاء ؛ بزعم أنّ عدد أكراد دمشق لا يتجاوزون رقم 16 ألفاً (11) : أيْ أنهم يشكلون نسبة اللث في حي الأكراد ؟ العدد المذكور ، كان من تخلقات الباحث الجغرافي نصوح خيّر ، الذي وقع في تناقض بيّن مع نفسه بالذات ؛ إذ يؤكد في مكان آخر من كتابه ، بأنّ حي الأكراد كان وقتئذٍ محافظاً على حياته الداخلية ولا يقطنه سوى الكرد وبعض النصارى . ولكن ماذا عن المصادر الكردية نفسها ؟ نعم ، لقد إهتم بعض الباحثين الكرد بإبراز دور بني قومه في المجتمعات الغريبة ، وخاصة في دول الجوار . وهذا المؤرخ المعروف ، محمد أمين زكي ، يُقدّر عدد أكراد دمشق بعشرين ألفاً ، في أوائل الثلاثينات (12) . ويبدو أنّ الباحث ، مصطفى نزدار ، لم يطلع على الإحصائية آنفة الذكر ؛ فبموجب أرقامه يجعل أكراد دمشق ثلاثين ألفاً في حدود العام 1976 (13) . أمّا الباحث الكردي ( السوفييتي ) ، جليلي جليل ، فيرفع عددهم إلى 300 ألفاً ، في منتصف الثمانينات . (14)
منذ أوائل ستينات القرن العشرين ، توسع حي الأكراد الدمشقي ، متمدداً في كافة جهاته وإلى حدود تسميته المعروفة الآن ؛ ركن الدين . ورغم أن الكرد إستمروا الكتلة الأساسية لحيهم ، إلا أنه من الملاحظ صيرورته المتنوعة بعناصر متباينة في أصولها ، مختلفة في مذاهبها ومتباعدة في مواقعها . أكراد الحيّ ، راهناً ، مسلمون سنة وعلى المذهب الشافعي ، بوجه إجماليّ . إلا أنّ مصادر التاريخ ، هنا وهناك ، تذكرُ بين اوائل المهاجرين الكرد إلى دمشق ، أعداداً من المنتمين لأديان ومذاهب اخرى ؛ كالنصرانية اليعقوبية واليزيدية والعلوية (15) . يبدو أنّ هؤلاء الأخيرين ، وبحكم إبتعادهم عن مواطنهم الأصلية وغلبة العنصر الإسلامي السني في المدينة ، أدى بهم على أغلب تقدير إلى الإنصهار في بوتقة الأغلبية . وعلى أي حال ، فتوافد دفعات جديدة من المهاجرين على حي الأكراد ، قد رفدَه بعناصر مذهبية جديدة ؛ وخصوصاً من النصارى . إنّ إحصاء عام 1960 لسكان دمشق ، السالف الذكر ، يفيدنا بوجود 5867 نفساً من المسيحيين في حي الأكراد ( حوالي 10 % من قاطنيه ) ، أغلبهم من أبناء الطائفة الأرثوذكسية المهاجرين من اقاليم شمالية ؛ خصوصاً الأرمن ، الفارين من مذابح الترك (16) . كما وتكاثر أبناء الطوائف الإسلامية الاخرى ، من دروز وعلويين وإسماعيليين ، في هذا الحي ؛ بدءاً بأواسط ستينات القرن المنصرم . وإذ إختار الدروز الإنعزال في الجادات العليا ، الواقعة بأسفل جبل قاسيون ؛ فإن الآخرين ، عموماً ، حلوا في بيوت الكرد كمستأجرين ، متوزعين في رقعة الحيّ .
عشية نكبة 1948 ، تدفق الفلسطينيون على حي الأكراد ، فأقاموا بضع أيام في المساجد والمدارس . إلا أن أبناء الكرد هبوا إلى إستقبالهم في منازلهم ، وبعضهم ظل مقيماً لديهم ، ضيفاً ، عشرات السنين . ثم جرى تأسيس مخيم اليرموك ، لأولئك اللاجئين ؛ فما لبثت اعدادهم في ركن الدين أن تناقصت تدريجياً . يجدر بالإشارة هنا ، إلى إنتماء بعض العائلات الفلسطينية للأصل الكردي ، وكانت صلات قربة تربطهم بأبناء قومهم في الحي ؛ وبقي أكثرهم هناك حتى بعد إكتمال حي اليرموك (17) . ثم جاءت نكسة 1967 ، التي فقدت فيها سورية هضبة الجولان ، بالشراكسة إلى دمشق . إختار معظمهم المجاورة في ركن الدين ؛ خصوصاً في الجادة الممتدة بين مسجدَيْ الهداية والنصر . لقد بنوا هناك منازلهم ، على أراض مستملكة للدولة ، حتى عُرفت محلتهم بـ " حارة الشراكسة " . كانت صلات قديمة ، تاريخية وإجتماعية وثقافية ، تربط الكرد بأهل القوقاز هؤلاء ؛ وجدَ التعبير عنها خلال فترة الإنتداب الفرنسي على البلاد ، بالفرق العسكرية المشكلة من أبناء كلا المجموعتيْن ؛ إلى علاقات مصاهرة متبادلة ، عديدة ، وثقت بينهم . (18)
هوامش ومصادر :
1 _ جمال الغيطاني ، قاهريات _ القاهرة 1984 ، ص 22 2 _ صالح بدرخان ، مذكرات _ الطبعة العربية في دمشق 1992 ، ص 65 3 _ يوسف الحكيم ، سورية والعهد العثماني _ بيروت 1980 ، ص 58 4 _ أحمد حلمي العلاف ، دمشق في مطلع القرن العشرين _ دمشق 1976 ، ص 258 5 _ معنى إسم هذه المحلة ، بالكردية : المبنية بالقوة ! 6 _ يوسف جميل نعيسة ، مجتمع مدينة دمشق _ دمشق 1986 ، ص 81 7 _ المصدر نفسه ، ص 90 8 _ نفسه ، ص 247 9 _ نعمان أفندي قساطلي ، الروضة الغناء في دمشق الفيحاء _ بيروت 1878 ، ص 7 10 _ صفوح خيّر ، مدينة دمشق : دراسة في جغرافية المدن _ دمشق 1982 ، 286 11 _ المصدر نفسه ، ص 307 12 _ محمد أمين زكي ، خلاصة تاريخ الكرد وكردستان _ الطبعة العربية في القاهرة 1939 ، ص 36 : وقد إعتمد المؤلف في أرقامه إلى مصدريْن علمييْن ؛ تركي وألماني 13 _ مجموعة باحثين ، الأكراد وكردستان _ الطبعة العربية في بيروت 1982 ، ص 305 14 _ جليلي جليل ، فلكلور أكراد سورية _ الطبعة الكردية في ستوكهولم 1989 ، ص 15 15 _ أنظر في المراجع التالية : تاريخ حسن آغا العبد / تحقيق يوسف جميل نعيسة _ دمشق 1986 ، ص 115 .. مذكرات الشيخ الحسيبي / تحقيق سهيل زكار _ دمشق 1982 ، ص 309 .. عز الدين ملا ، حي الأكراد في مدينة دمشق _ بيروت 1998 ، ص 37 16 _ صفوح خيّر ، مصدر مذكور ، ص 281 : وبحسب الإحصاء نفسه ، وجدَ في حي الأكراد ستة أشخاص فقط ، من اليهود 17 _ حاتم ابو السعود ، مدن فلسطين _ بيروت 1997 : ومعظم هذه العائلات الفلسطينية ، المذكورة ، تنحدر من صفد ونواحيها ؛ مثل الكردي ، الصفدي ، كنجو ، ظاظا ، حميد ، حميدة .. وغيرها 18 _ يوسف عزت باشا ، تاريخ القوقاز _ الطبعة العربية في القاهرة 1933 ، ص 145
( خاتمة القسم الرابع والأخير ، من دراستنا : ملامح اللوحة الكردية الدمشقية )
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوحدة والتعدد في اللوحة الدمشقية
-
مأثورات دمشقية في مآثر كردية
-
سرّ كافافيس 2 / 2
-
سرّ كافافيس 1 / 2
-
الدين والوطن ، في ورقة إخوانيّة
-
طغم وعمائم
-
علوَنة سوريّة : آثارُ 8 آذار
-
بلقنة سورية : جذور 8 آذار
-
نساء كردستان ؛ الوجه المجهول لشعب عريق 2 / 2
-
نساء كردستان ؛ الوجه المجهول لشعب عريق 1 / 2
-
مذاهب متشاحنة ؛ السنّة والعلويون والآخرون
-
أثنيات متناحرة ؛ الكرد والسريان ، مثالاً
-
الوثنيّة الإسلاميّة
-
الموساد ، من كردستان إلى لبنان
-
التعددية ، في وصفة بعثية
-
عيدُ الحبّ البيروتي
-
عبثُ الحوار مع البعث ، تاريخاً وراهناً
-
المقاومة والقمامة : حزب الله بخدمة الشيطان
-
رسام الكاريكاتور بمواجهة الهمجية 2 / 2
-
رسام الكاريكاتور بمواجهة الهمجية
المزيد.....
-
أمطار غزيرة وعواصف تجتاح مدينة أمريكية.. ومدير الطوارئ: -لم
...
-
إعصار يودي بحياة 5 أشخاص ويخلف أضرارا جسيمة في قوانغتشو بجن
...
-
يديعوت أحرونوت: نتنياهو وحكومته كالسحرة الذين باعوا للإسرائي
...
-
غزة تلقي بظلالها على خطاب العشاء السنوي لمراسلي البيت الأبيض
...
-
ماسك يصل إلى الصين
-
الجزيرة ترصد انتشال جثامين الشهداء من تحت ركام المنازل بمخيم
...
-
آبل تجدد محادثاتها مع -أوبن إيه آي- لتوفير ميزات الذكاء الاص
...
-
اجتماع الرياض يطالب بفرض عقوبات فاعلة على إسرائيل ووقف تصدير
...
-
وزير خارجية الإمارات يعلق على فيديو سابق له حذر فيه من الإره
...
-
سموتريتش لنتيناهو: إذا قررتم رفع الراية البيضاء والتراجع عن
...
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|