|
الماضي والحاضر
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 1521 - 2006 / 4 / 15 - 11:59
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
لعلّ وضعُ دمشق كمركز إقليميّ ، تابع ، طوال القرون التي أعقبتْ سقوط دولة بني أيوب ، الكردية ، يُفسّر لنا سببَ إنكماش حضارتها وتقهقرها . ضافرَ هذا الوضعُ سوءاً ، حقيقة إنتقال الثقل السياسي والثقافي والتجاري إلى العواصم السائدة ؛ القاهرة المملوكية ، ومن ثمّ آستانة العثمانيين . إذْ إنتهت " الشام الشريف " ، إلى الإهمال والنسيلن على زمن هؤلاء الأخيرين ؛ الذين ، بالمقابل ، ما توانوا عن جعل عاصمتهم الهمايونية ، أشبهَ بالمتحف الذاخر بعجائب الأرض . علاوة على أنّ دمشق ، إقتسمتْ مع غيرها من المراكز التابعة ، نصيبَها من سوء الإدارة العثمانية وفساد موظفيها ؛ اولئك الواجدين في خيرات المدينة ، الغريبة ، مورداً ينهلون منه ما يستطيعون جمعه من ثروة خاصة . وبهذا الخصوص ، كتب المستشرق ستريبلينغ : " بعدَ هذا كله ، لنا أن نقول أنّ المماليك نشأوا وترعرعوا في سورية ومصر ، وبالتالي كانت تربطهم أواصر من شأنها أن تجعلهم حريصين على سمعة أوطانهم وعلى المظهر الخارجي اللائق بها ؛ وعلى العكس من ذلك كان الموظفون العثمانيون " . (1) كما أنّ عمرانَ دمشق ، وقتئذ ، نراهُ آخذاً في التدهور أيضاً ؛ دمشق التي كانت مضربَ أمثال الأناقة والذوق وقيم الجمال . هكذا ، أضحى سكان المدينة القديمة ، أكثرَ فقراً وخصاصة ، متراكمة جموعهم البائسة في رقعتها الضيّقة ؛ أين الأزقة الملتوية مختبئة ً وراء متاريس مداخلها ، منافحةً عن ساكنيها ، ساعة َ الوقائع الأهلية ، المهولة ، أو الإجتياحات والإستباحات ، المعهودة ، لأصناف العسكر ، النظامية والمرتزقة . خارج أسوار دمشق القديمة ، إتسقتْ ضواح ٍ أحدثَ عهداً ، متحوطة ً بركة َ قاسيون ؛ جبل الخليقة ، بحسب إعتقادات الأهلين ، الغابرة . ها هنا ، وجدَ إبن الحيّ الكرديّ ملاذه وسلامه في حمى حصنه الجبليّ ، الجديد ؛ معتزلاً بشؤونه عن مشاغل الحاضرة ، وشجونها ؛ الحاضرة المشغولة ، بدورها ، بملاحم كردها من قاطني أحياء الميدان والقنوات وسوق ساروجة ، المنتمي أغلبهم لأصناف العسكر ، المريعة . هذه الأحياء / الضواحي ، زحفتْ رويداً على المدينة الأم ، مطوّقة سورها المتداعي ، جاعلة ً من أبوابه مجرّدَ أسماء ، لا أكثر ؛ أو بأحسن الأحوال ، إشاراتٍ تدل على حدود دمشق القديمة . وبدلاً أن تتمدد الحارات القديمة إلى خارج الأسوار ، بادرتْ تلك الضواحي ، بنفسها ، إلى الإتصال بمركز المدينة . وإذاً ، فإنّ نفوس دمشق ، العثمانية ، صاروا إلى إزدياد بفضل موجات المستوطنين ، الغرباء ، وليسَ بفعل إنفجار سكانيّ ؛ حالُ القاهرة ، مثلاً .
تطرقنا ، فيما سلف من مبحثنا ، إلى ما إنعقدَ بين الكرد والشوام من علاقات معقدة ، في كثير من الأحيان ، بسبب طبيعة الأولين ، العسكرية ، التي كانت زمنئذٍ غالبة على مجتمعهم الدمشقي . لن تستقيم رؤيتنا للتحولات الطارئة على ذلك المجتمع ، إذا لم نمِل إلى البحث في الروابط ، الأسرية والعشائرية وحتى القومية ، الناشئة آنذاك بين أكراد المدينة القديمة وإخوانهم في الضواحي ؛ كالصالحية وحيّ ركن الدين . هنا وهناك ، لعبَ أعيان الكرد ، كما سبق وعرضنا في حينه ، أدواراً مهمة في حياة المدينة ، بله وبلاد الشام عامّة ً ، خصوصاً خلال العهد العثماني . إن أسرهم المعروفة ، من عسكرية ودينية ؛ كآل شمدين وبوظو والعابد وأجليقين واليوسف والصاحب .. وغيرها ، كان من أفرادها من تسنم أعلى مناصب الدولة العلية ، كالوالي وقائد الجيش وأمير الحج ، وحتى المستشار الشخصي للسلطان في الآستانة . كانت صلات تلك الأسر بعضها ببعض ، غير مستقرة دائماً ؛ فهي قد تكون متواشجة بحكم القرابة العشائرية ( كآل الزركلي ، المنقسمة شجرتهم إلى فرعيْن : اليوسف والصلح ) ، أو بالإنتماء للصنف العسكريّ الواحد ( كآل الكركوتلي والموصلي والدياربكرلي .. الخ ) . وأحياناً ما تكون تلك الأسر الكردية متنافسة ، بسبب التنازع على الوظائف والمناصب ؛ كحال عائلة شمدين في حيّ الأكراد ، ومنافستها في حيّ سوق ساروجة ، عائلة العابد . ويفيدنا صالح بك بدرخان ، في مذكراته ، أنّ سعيد باشا شمدين _ الزعيم القويّ لحيّ الأكراد ، آنئذٍ _ أصيب بالشلل ولم يُفلح العلاج : " فإضطر لدفع إثني عشر ليرة ذهبية ، للحاج علي بك ويعيّن حفيده عبد الرحمن بك برتبة مير ميران ويكون أميراً للحج .. وقضى بذلك على رقيبه وحاسده هولو باشا " (2) . هذا الأخير ، كان والياً في فترة ما ، ويُعدّ من أهم الشخصيات الكردية في حي سوق ساروجة ، الأرستقراطي . وإذاً ، فيبدو أنّ المسألة لم تنتهِ بتلك البساطة . وهذا يوسف الحكيم ، يروي لنا في مذكراته ، تفاصيل أوفى عن الخلاف : " كان سعيد باشا ، الزعيم الكردي المقيم في دمشق ، أميراً للحج . ولما شاخَ إنتقلت الإمارة إلى حفيده ، عبد الرحمن باشا اليوسف ، بفضل توسّط الشيخ أبي الهدى أفندي . فصعب ذلك على عزت باشا العابد ، وهو إبن دمشق ، فتمكن من نفوذه لدى المراجع العليا المختصة من نزع الإمارة عن عبد الرحمن باشا ، بحجة حداثة سنه ، والعهد بها إلى كبير آل العابد . فغضب الشيخ أبي الهدى وأخذ يواصل مساعيه حتى إستحصل على إرادة سنية بإعادة عبد الرحمن باشا . وأخيراً تم الإتفاق بين آل اليوسف وآل العابد ، بفضل زفاف الغادة الحسناء " الزهراء " ، أخت عبد الرحمن إلى زين الرجال محمد علي بك نجل عزت باشا العابد " . (3)
الرواية الأخيرة ، ذات مغزى . إنّ عزت باشا ، كان بمثابة " إبن دمشق " ؛ بنظر دخيلته ، على الأقل . لا غروَ ، إذاً ، أنّ يرى الرجل أسرته ، النبيلة ، أحقّ بإمارة الحج الشامي من أسرة شمدين . إنّ هذه الإشارة ، للحقيقة ، تلقي ضوءاً على سيكولوجية الكردي الشامي " المُتمثل " : فرغم أنّ كلا الأسرتين ؛ العابد وشمدين ، من أصول كردية ؛ إلا أنّ قِدَم الأولى في دمشق ، وسكنى أفرادها بعيداً عن الحيّ الكرديّ ، جازَ لرأسها نظرته المترفعة تلك . هذا الأمر ، يمكن لنا سحبه أيضاً على العلاقة بين ذلك الحيّ وجاره ؛ حيّ الصالحية . فأكراد هذا الحيّ الأخير ، وبحكم تجذرهم في التربة الشامية منذ أيام الأيوبيين ، ما كان لهم سوى محض أشقائهم في الحيّ المجاور ، بنظرة إبن البلد للغريب ، الطاريء . وينقلُ لنا " العلاف " ، في تاريخه الطريف ، بعض الحوادث العارضة بين أبناء الحارتيْن : " فكان الصوالحة يمنعون الأكراد من المرور في طريقهم للشام [ يقصدُ مركزَ المدينة القديمة ] ، فحصلت مناوشات ووقائع بينهم . حتى تدخل جدّ محمود باشا بوظو مع الشيخ أسعد الصاحب ، رئيس وجوه الصالحية " (4) . جديرٌ بالتنويه ، أنّ الشيخ الصاحب هذا ، هو إبن أخي مولانا خالد ؛ قطب الطريقة النقشبندية . وعلى أي حال ، فإنّ ذاك التقليد المذكور آنفاً _ والمُحيل ، برأينا ، إلى دافع سيكولوجي بحت _ ما فتيءَ حياً بعدُ ؛ متمثلاً بأبناء حي الأكراد الذين ، بدورهم ، باتوا بنظر أنفسهم " أبناء دمشق ، الأصيلين " ، مانحين أشقاءهم القادمين إلى المدينة من الأرياف ، ( الشمال السوري ) ، مشاعرَ الريبة والحذر .
تقادَمَ ، إذاً ، عهدُ الكردِ في مدينة دمشق ، فأسستْ أجيالهم المتلاحقة الحَيْ تلو الحي ؛ من الصالحية _ النواة الأولى لحارة الأكراد ، مروراً بالميدان وسوق ساروجة ، وليسَ إنتهاءً بحي مشاريع دمّر " زور آفا " (5) . كانت الشامُ ، بصفة قدسيتها لدى المسلمين ، نجماً كبيراً ساطعاً ؛ تهادى نحوها ، بشوق ٍ حثيثٍ ، أسلافنا الجبليون ، ممن وجدوا فيها جنة ً وارفة ً ، فإجتنوا من خيراتها وكراماتها . وكان حجم الكرد يزداد أو يتناقص في المدينة ، مع تواتر الحِقب والأحداث التاريخية . ففي زمن الرحالة إبن جبير ، كان أسلافنا أولئك ، نخبة قليلة العدد نسبياً ، مركونة على طرف جبل الخليقة ؛ قاسيون ، في حيّ الصالحية ، الذي أسسوه وأشادوا معظم عمائره الكلاسيكية . وإثر مآس ونكبات وإبادات على أيدي الغزاة ، من مغول وتتر ؛ يُخبرنا مؤرخ دمشقيّ من أواخر القرن الخامس عشر ، وهو إبن طولون الصالحي ، بأنّ سكان محلته كانوا في زمنه زهاء ألف وخمسمائة نفس ، جلهم من الأكراد الأيوبية (6) . وفي أوج الهجرات الكردية ، نحو القرنيْن الثامن عشر والتاسع عشر ، إكتمل شكل حي ركن الدين الذي نعرفه الآن ؛ أو على الأقل ، حتى منتصف القرن العشرين . لقد كان من كثرة العسكر الكردي الدمشقي ، أنهم ما وجدوا متسعاً لسكناهم وعائلاتهم في مركز المدينة ، مما أجبرهم على التوطن بمحاذاة أسوارها ؛ فكان منهم المستوطنة المؤسسة لحيّ الميدان ، العريق (7) . وبعض المصادر المعاصرة ، توردُ رقماً ضخماً _ مبالغاً فيه ، ولا شك _ لعسكر الأكراد بدمشق ، من اللاوند بشكل خاص ، حيث تقدرهم بستة عشر ألفاً ، إصطحبوا الوالي عبد الله باشا الشتجي ، بحدود منتصف القرن الثامن عشر . (8)
هذه الأرقام وتلك ، تحيلنا إلى مسألة العدد التقريبي لكرد دمشق ، ونسبتهم لسكانها إجمالاً . أول إحصاء تقديريّ نعرفه ، في هذا الشأن ، أورده المؤرخ نعمان أفندي قساطلي ( أواخر القرن 19 ) . إنه يثبّت في تاريخه القيّم ، جدولاً بعدد السكان في دمشق ، بحسب مذاهبهم وعناصرهم ، معتمداً في ذلك ، كما يقول ، على إحصاء جرى بأمر الدولة عام 1884 . في هذا الجدول المذكور ، يحتل الأكراد قمته بالنسبة للأقليات الأثنية ، بعدد مكمّل للستة آلاف نفس (9) . هذا مع العلم ، بأن المصادر المعاصرة تفيدنا ، بأنّ المسلمين بشكل عام ، كانوا يحاولون التخفي عن الموظفين الرسميين ، كيلا يتم تسجيلهم فيقاد أبناؤهم إلى الجندية . وهذا ما يُفسر إنخفاض نسبة نفوس الأحياء الإسلامية ، بالنسبة لمثيلاتها من حارات اليهود والنصارى ؛ بحسب وجهة نظر تلك المصادر نفسها . في مستهل العصر الحديث ، أجريَ أكثر من تعداد لسكان المدينة ؛ بدءاً بإحصاء عام 1905 ، الذي تمّ التكتم في حينه عن أرقامه . إلا أنّ ما جاء بعده ، في عام 1922 ، يُفيد برقم 172846 ألفاً ، هم سكان مدينة دمشق . هذا الإحصاء ، كان فيه إلتباسٌ جليّ ؛ إذ ثبّتَ رقم الستة آلاف نفس للحيّ الكرديّ ( 6 ، 4 % من سكان المدينة ) : أيْ أنّ عدد الأكراد بقي على حاله ، منذ إحصائية نعمان أفندي ، قبل أربعين عاماً ؟ ولكن ، هاهو حجم سكان الحي يتضاعف عشر مرات ، في الأربعين عاماً التالية : فبحسب إحصاء عام 1960 ، بلغ تعداد السكان بدمشق أكثر بقليل من نصف المليون ؛ سُجل خلاله في حي الأكراد 55470 نفساً . كما أنّ نسبة الحي لباقي سكان المدينة ، وفق الإحصاء ذاته ، كانت 6 ، 11 % ؛ وهي الأعلى في دمشق (10) . بيْدَ أنّ إلتباساً آخر ، في هذا المضمار ، كان محمولاً على خلفية ذلك الإحصاء ؛ بزعم أنّ عدد أكراد دمشق لا يتجاوزون رقم 16 ألفاً (11) : أيْ أنهم يشكلون نسبة اللث في حي الأكراد ؟ العدد المذكور ، كان من تخلقات الباحث الجغرافي نصوح خيّر ، الذي وقع في تناقض بيّن مع نفسه بالذات ؛ إذ يؤكد في مكان آخر من كتابه ، بأنّ حي الأكراد كان وقتئذٍ محافظاً على حياته الداخلية ولا يقطنه سوى الكرد وبعض النصارى . ولكن ماذا عن المصادر الكردية نفسها ؟ نعم ، لقد إهتم بعض الباحثين الكرد بإبراز دور بني قومه في المجتمعات الغريبة ، وخاصة في دول الجوار . وهذا المؤرخ المعروف ، محمد أمين زكي ، يُقدّر عدد أكراد دمشق بعشرين ألفاً ، في أوائل الثلاثينات (12) . ويبدو أنّ الباحث ، مصطفى نزدار ، لم يطلع على الإحصائية آنفة الذكر ؛ فبموجب أرقامه يجعل أكراد دمشق ثلاثين ألفاً في حدود العام 1976 (13) . أمّا الباحث الكردي ( السوفييتي ) ، جليلي جليل ، فيرفع عددهم إلى 300 ألفاً ، في منتصف الثمانينات . (14)
منذ أوائل ستينات القرن العشرين ، توسع حي الأكراد الدمشقي ، متمدداً في كافة جهاته وإلى حدود تسميته المعروفة الآن ؛ ركن الدين . ورغم أن الكرد إستمروا الكتلة الأساسية لحيهم ، إلا أنه من الملاحظ صيرورته المتنوعة بعناصر متباينة في أصولها ، مختلفة في مذاهبها ومتباعدة في مواقعها . أكراد الحيّ ، راهناً ، مسلمون سنة وعلى المذهب الشافعي ، بوجه إجماليّ . إلا أنّ مصادر التاريخ ، هنا وهناك ، تذكرُ بين اوائل المهاجرين الكرد إلى دمشق ، أعداداً من المنتمين لأديان ومذاهب اخرى ؛ كالنصرانية اليعقوبية واليزيدية والعلوية (15) . يبدو أنّ هؤلاء الأخيرين ، وبحكم إبتعادهم عن مواطنهم الأصلية وغلبة العنصر الإسلامي السني في المدينة ، أدى بهم على أغلب تقدير إلى الإنصهار في بوتقة الأغلبية . وعلى أي حال ، فتوافد دفعات جديدة من المهاجرين على حي الأكراد ، قد رفدَه بعناصر مذهبية جديدة ؛ وخصوصاً من النصارى . إنّ إحصاء عام 1960 لسكان دمشق ، السالف الذكر ، يفيدنا بوجود 5867 نفساً من المسيحيين في حي الأكراد ( حوالي 10 % من قاطنيه ) ، أغلبهم من أبناء الطائفة الأرثوذكسية المهاجرين من اقاليم شمالية ؛ خصوصاً الأرمن ، الفارين من مذابح الترك (16) . كما وتكاثر أبناء الطوائف الإسلامية الاخرى ، من دروز وعلويين وإسماعيليين ، في هذا الحي ؛ بدءاً بأواسط ستينات القرن المنصرم . وإذ إختار الدروز الإنعزال في الجادات العليا ، الواقعة بأسفل جبل قاسيون ؛ فإن الآخرين ، عموماً ، حلوا في بيوت الكرد كمستأجرين ، متوزعين في رقعة الحيّ .
عشية نكبة 1948 ، تدفق الفلسطينيون على حي الأكراد ، فأقاموا بضع أيام في المساجد والمدارس . إلا أن أبناء الكرد هبوا إلى إستقبالهم في منازلهم ، وبعضهم ظل مقيماً لديهم ، ضيفاً ، عشرات السنين . ثم جرى تأسيس مخيم اليرموك ، لأولئك اللاجئين ؛ فما لبثت اعدادهم في ركن الدين أن تناقصت تدريجياً . يجدر بالإشارة هنا ، إلى إنتماء بعض العائلات الفلسطينية للأصل الكردي ، وكانت صلات قربة تربطهم بأبناء قومهم في الحي ؛ وبقي أكثرهم هناك حتى بعد إكتمال حي اليرموك (17) . ثم جاءت نكسة 1967 ، التي فقدت فيها سورية هضبة الجولان ، بالشراكسة إلى دمشق . إختار معظمهم المجاورة في ركن الدين ؛ خصوصاً في الجادة الممتدة بين مسجدَيْ الهداية والنصر . لقد بنوا هناك منازلهم ، على أراض مستملكة للدولة ، حتى عُرفت محلتهم بـ " حارة الشراكسة " . كانت صلات قديمة ، تاريخية وإجتماعية وثقافية ، تربط الكرد بأهل القوقاز هؤلاء ؛ وجدَ التعبير عنها خلال فترة الإنتداب الفرنسي على البلاد ، بالفرق العسكرية المشكلة من أبناء كلا المجموعتيْن ؛ إلى علاقات مصاهرة متبادلة ، عديدة ، وثقت بينهم . (18)
هوامش ومصادر :
1 _ جمال الغيطاني ، قاهريات _ القاهرة 1984 ، ص 22 2 _ صالح بدرخان ، مذكرات _ الطبعة العربية في دمشق 1992 ، ص 65 3 _ يوسف الحكيم ، سورية والعهد العثماني _ بيروت 1980 ، ص 58 4 _ أحمد حلمي العلاف ، دمشق في مطلع القرن العشرين _ دمشق 1976 ، ص 258 5 _ معنى إسم هذه المحلة ، بالكردية : المبنية بالقوة ! 6 _ يوسف جميل نعيسة ، مجتمع مدينة دمشق _ دمشق 1986 ، ص 81 7 _ المصدر نفسه ، ص 90 8 _ نفسه ، ص 247 9 _ نعمان أفندي قساطلي ، الروضة الغناء في دمشق الفيحاء _ بيروت 1878 ، ص 7 10 _ صفوح خيّر ، مدينة دمشق : دراسة في جغرافية المدن _ دمشق 1982 ، 286 11 _ المصدر نفسه ، ص 307 12 _ محمد أمين زكي ، خلاصة تاريخ الكرد وكردستان _ الطبعة العربية في القاهرة 1939 ، ص 36 : وقد إعتمد المؤلف في أرقامه إلى مصدريْن علمييْن ؛ تركي وألماني 13 _ مجموعة باحثين ، الأكراد وكردستان _ الطبعة العربية في بيروت 1982 ، ص 305 14 _ جليلي جليل ، فلكلور أكراد سورية _ الطبعة الكردية في ستوكهولم 1989 ، ص 15 15 _ أنظر في المراجع التالية : تاريخ حسن آغا العبد / تحقيق يوسف جميل نعيسة _ دمشق 1986 ، ص 115 .. مذكرات الشيخ الحسيبي / تحقيق سهيل زكار _ دمشق 1982 ، ص 309 .. عز الدين ملا ، حي الأكراد في مدينة دمشق _ بيروت 1998 ، ص 37 16 _ صفوح خيّر ، مصدر مذكور ، ص 281 : وبحسب الإحصاء نفسه ، وجدَ في حي الأكراد ستة أشخاص فقط ، من اليهود 17 _ حاتم ابو السعود ، مدن فلسطين _ بيروت 1997 : ومعظم هذه العائلات الفلسطينية ، المذكورة ، تنحدر من صفد ونواحيها ؛ مثل الكردي ، الصفدي ، كنجو ، ظاظا ، حميد ، حميدة .. وغيرها 18 _ يوسف عزت باشا ، تاريخ القوقاز _ الطبعة العربية في القاهرة 1933 ، ص 145
( خاتمة القسم الرابع والأخير ، من دراستنا : ملامح اللوحة الكردية الدمشقية )
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوحدة والتعدد في اللوحة الدمشقية
-
مأثورات دمشقية في مآثر كردية
-
سرّ كافافيس 2 / 2
-
سرّ كافافيس 1 / 2
-
الدين والوطن ، في ورقة إخوانيّة
-
طغم وعمائم
-
علوَنة سوريّة : آثارُ 8 آذار
-
بلقنة سورية : جذور 8 آذار
-
نساء كردستان ؛ الوجه المجهول لشعب عريق 2 / 2
-
نساء كردستان ؛ الوجه المجهول لشعب عريق 1 / 2
-
مذاهب متشاحنة ؛ السنّة والعلويون والآخرون
-
أثنيات متناحرة ؛ الكرد والسريان ، مثالاً
-
الوثنيّة الإسلاميّة
-
الموساد ، من كردستان إلى لبنان
-
التعددية ، في وصفة بعثية
-
عيدُ الحبّ البيروتي
-
عبثُ الحوار مع البعث ، تاريخاً وراهناً
-
المقاومة والقمامة : حزب الله بخدمة الشيطان
-
رسام الكاريكاتور بمواجهة الهمجية 2 / 2
-
رسام الكاريكاتور بمواجهة الهمجية
المزيد.....
-
هيفا وهبي بإطلالة -الشورت- والجوارب الشبكيّة
-
المكسيك.. أغاني مدح وتمجيد عصابات المخدرات تثير الجدل
-
-النووي الإيراني سيصل أوروبا-.. وزير دفاع إسرائيل الأسبق يعل
...
-
غالانت لـCNN: أعدنا برنامج إيران النووي سنوات للوراء.. وأمام
...
-
السبب الحقيقي لاندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران
-
دونيتسك.. ارتفاع ضحايا القصف الأوكراني إلى 14 بينهم نساء وأط
...
-
الجيش الإسرائيلي: حيدنا قيادة الطوارئ العسكرية الرئيسية لإير
...
-
مسقط.. القبض على شبكة لممارسة أعمال منافية للآداب
-
قطر: الأمن الإقليمي لا يتحمل مزيدا من الأزمات والتصعيد
-
-نوستراداموس الحي- يتنبأ بمصير -مثير للجدل- لزواج هاري وميغا
...
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|