|
عيدُ الحبّ البيروتي
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 1463 - 2006 / 2 / 16 - 11:30
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
تقصّدتُ النومَ باكراً ، كيما توقظني بيروتُ . كنتُ على يقين ٍ ، بأنه من الصعب عليها أن تنام . هي الطفلة السعيدة لمقدم عيد الحبّ ؛ سعادة أذكرها حينما كنا أطفالاً ، نتعجّل ليلة مماثلة في بطئها ، أن تنقضي بعجالتنا الملهوفة لصبيحة اليوم الأول من عيدٍ سعيدٍ ، أو مبارك : ما كنا ، بعدُ ، محظوظين كأولادنا ، بمعرفة عيد الحبّ ؛ أو عيدُ فالانتين ، كما تتعجّمُهُ إبنتي بظرافة سنواتها الستّ . كان مقدّراً لبيروت ، الطفلة ، في عام ٍ مضى ، أن تستبدلَ عيدَ فالانتين ، بمأتم أبيها الشهيد ، رفيق الحريري . على أنه ، في المقابل ، ما كان ليدور بخلد القاتل أن مأتم ضحيّته ، سيضحي عيداً للحريّة ، متماهياً بعيد فالانتين ؛ الحبّ الأحمر _ كدم الحريري ، الموشّح بأزرقَ لفحتِهِ . حبّ لبنان ، عيدٌ . لبنان بطوائفه الرئيسة ، المتعاقدة أيدي رموزها الوطنية ، الثلاثة ، خلفَ منصّة ٍ شجرةٍ ، وارفة ، مُشرفة على ساحةٍ حديقةٍ ؛ حيثُ كلّ صبيةٍ زهرة ٌ وكلّ شاب غصنٌ . " ساحة الشهداء " ؛ ساحة ُ فرج الله الحلو ، معروف سعد ، كمال جنبلاط ، بشير الجميّل ، حسن خالد ، رينيه معوّض ، رفيق الحريري ، سمير قصير ، جورج حاوي ، جبران تويني .. وكلّ الشهداء ، الذين كانوا هناك ؛ محتفىً بهم بإسم رفيقهم ؛ رفيق الحريري . ثمّة شهداءٌ أحياءٌ ، أيضاً ، كانوا يهتفون مع مليون صوتٍ هادر: " كفى قتلاً ! " ؛ مليون صوت ، أصدى في أذنيْ القاتل الجبان ، الأصمّ عن الحقيقة ، لأنهُ والغٌ في الدم حتى أذنيْه.
حبّ لبنان ، دَيْنٌ . يسددُهُ كلّ عاشق ٍ ، على طريقته . أغرابٌ ، كانت أطيافهم هناك ؛ شهداء عشاق لبيروت ، ثمّة في " ساحة الشهداء " : ساحة غسان كنفاني ، كمال ناصر ، ناصر السعيد ، باسم لعيبي ، نضال آلرشي ، وغيرهم .. ؛ أغراب ، إعتطبوا بين ورود وأزاهير الجنة ، بعدما إغترفوا من ثمارها وهم يرددون مع شاعر فلسطين : " بيروتُ ، خيمتنا الأخيرة ". أحياءٌ أغرابٌ ؛ عشاقٌ أيضاً ، كانوا هناك بقلوبهم إذ لم يمكنهم الحضور بشخوصهم ؛ بعيونهم المتعلقة _ كعيوني ، بالشاشة الصغيرة ، ترقبُ الجمع الكبير ، المتكابر على الجرح الكبير ، بزحفه الحثيث نحو تلك الساحة الحديقة . دينٌ نسدده ، جميعاً ، وفاءً لحسناء المدن ؛ الكريمة في حبّها إذ عزّ الحبّ في مدن ٍ سجون ٍ بين محيط وخليج . بيروت ، حسناءُ الحريّة ؛ بطرْفِها الأغرّ المتقلّب بقلق خفيّ على طرَفِ جارتها الحبيسة ؛ دمشق ، الحسناء المشوّه جمالها بقبح سجّانها .
الشامُ ، مدينتي الحسناء وشامة الدنيا . سيكون لها ، أيضاً ، موعدُ إنتفاض ٍ على سجانها ، لا محالة _ كإنتفاضة جارتها ، بيروت ، على السجان نفسه ، قبل عام ٍ كامل ٍ ، في يوم 14 شباط ؛ هذا الذي تستعيدُ عيدَهُ اليوم : عيد الحبّ والحريّة . قلوبنا كانت هناك ، في ساحة الشهداء ، واجفة ، مترقبة ، خشية ضربة الغدر من ربيب الغدر ! بيْدَ أنّ القاتل الجبان توارى ، بحضور أطياف ضحاياه المريّشة الأجنحة فوق الحشود المليونية ؛ بحضور ضحاياه الأحياء ، المترتبين في قائمة الموت السوداء ، ؛ أولئك الذين تحدّوا متفجراته بجسارة حضورهم ، وبأصواتهم المتفجرة غضباً ، المنددة بإرهابه وأزلامه وحلفائه ؛ بحضور ٍ غائبٍ للسوريين المرميين خلف قضبان الإستبداد ؛ ولأولئك المنفيين في أرضين أبعدَ من قبضة الديكتاتور الأب البائد ، الغاشم ، أو وارثه الإبن الفأفاء ، الغشيم :
" لا مَسْرى بعدُ قلتَ يا قلبُ ، تلكَ الرؤى مَنفى رؤىً مواجيدُ الغيّ فيها داعية ٌ ، وأنتَ مُريدُ .
للغيّ مراتبٌ أكوانٌ ؛ أسوارُهُ _ كأسوار دمشق ، سبعة ٌ وبابُهُ البقسُ للتواجد غير المُرائي ، مفتاحه السرّ : رحماكَ ، كيفَ إلى درجاتٍ عصيّةٍ غير مرئيةٍ سبيل إرتقائك ، ولم يُشذبَ شِندابها أحَدٌ صَمَدُ ؟
وأنتَ ، أيها المنفيّ كنبيّ أنت الأكثر إرتخاءً في هذا الربيع الرخيّ : لكَ أوانُ الوردِ إبتزغ َ وإتسَقتْ منهُ ألوانُ ها في مسكبتكَ ، أخيراً ، إزدهَرَ وَجْدُ ( تلكَ الرؤى منفى ، لا مسرى بعدُ ) "
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عبثُ الحوار مع البعث ، تاريخاً وراهناً
-
المقاومة والقمامة : حزب الله بخدمة الشيطان
-
رسام الكاريكاتور بمواجهة الهمجية 2 / 2
-
رسام الكاريكاتور بمواجهة الهمجية
-
إعتذار صليبي من قلعة الإسلام
-
التحوّلات الكردية : أقلية وأكثرية
-
الإجتماعيات الكرديّة : تقاليدٌ وتجديد
-
الإجتماعيات الكردية : طِباعٌ وأعراف
-
الإجتماعيات الكردية : فقهٌ وتصوّف
-
القصبات الكردية (2 / 2)
-
الإجتماعيات الكردية : عامّة وأعيان
-
رؤيا رامبو
-
الميلاد والموت
-
القصبات الكردية
-
المهاجر الكردية الأولى
-
كي لا ينام الدم
-
سنوات النهضة الكردية: مدرسة الشام
-
المصادر الاسطورية لملحمة ياشار کمال ..جبل آ?ري
المزيد.....
-
وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي
...
-
الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني -
...
-
-لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق
...
-
أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
-
شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر
...
-
قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل
...
-
وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال
...
-
أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
-
الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا
...
-
آلهة الحرب
المزيد.....
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
-
حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2)
/ جوزيف ضاهر
-
بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول
/ محمد شيخ أحمد
المزيد.....
|