أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - دلور ميقري - عبثُ الحوار مع البعث ، تاريخاً وراهناً















المزيد.....

عبثُ الحوار مع البعث ، تاريخاً وراهناً


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 1461 - 2006 / 2 / 14 - 10:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الموقف من النظام البعثي ، تتخبط المعارضة السورية من يسارها إلى يمينها ، مروراً بوسطها . إن الحوار مع هذا النظام ، المقترح من لدنها ، والمرفوض قطعاً منه ، يحيلنا إلى مفهوم الحوار ، نفسه ، ؛ لا على أرضية الرفض أو القبول ، بل على شرعيته ، تحديداً . إنّ تعويل بعض معارضينا ، في الآونة الأخيرة ، على إستحضار " الصفحة المشرقة " من التاريخ السياسي للبعث ، في خمسينات القرن الماضي ، لهوَ ضربٌ من العبث ، الصرف : إذ أنّ مسايرة الحزب للعبة البرلمانية ، وقتئذٍ ، وإشتراكه النشط في الحياة الدستورية ، قد قابله في الآن ذاته ، التغلغل في المؤسسة العسكرية ، وخاصة لجهة تجنيد مراتب الضباط ، بدءً بالمعاهد والمدارس والكليات وإنتهاء بالثكنات . فالبعث ، بحسب دستوره : " حركة إنقلابية " ؛ أي أنّ المؤامرة العسكرية هي إستراتيجيته الوحيدة ، المثلى ، للوصول للسلطة ، وما الدخول في اللعبة البرلمانية سوى مجرد تكتيك ، مرحليّ .

تاريخياً ، نعلمُ أنّ البعث باركَ حركة حسني الزعيم ، الإنقلابية ؛ في مرحلتها الأولى على الأقل ، بوهم قدرته على إستيعابها . ثمّ قام بالتخطيط بوساطة أحد رموزه ، أكرم الجوراني ، لما جاء بعدها من إنقلابات ؛ وصولاً إلى مشروع الوحدة مع مصر ، الذي غُدر بموجبه بالديمقراطية الدستورية ، المتمخضة عن سقوط الشيشكلي . لقد إعترف هذا المغامر الداهية ، في مذكراته الشخصية التي صدرت إثر وفاته ، بدوره ذاك ، على خلفية الخشية من هيمنة الحزب الشيوعي على سورية ، خاصة ما حظي به زعيمه خالد بكداش ، آنذاك ، من شعبية كاسحة . كان قبول البعث بحلّ نفسه ، تنفيذاً لفتوى عبد الناصر ، القومية ، ضرباً آخر من الدهاء السياسي : فهو كان يعوّل على كاريزما الشخصية الناصرية ، أساساً ، للتخلص من المنافس التقليديّ ، الخطِر ؛ بكداش . وحينما تمّ للبعث ما أمِل به من الديكتاتور المصري ، فما أسرع ما إنقلب على هذا الأخير ، وراح يبني ما صار يعرف ب " اللجنة العسكرية " ؛ وهي التي كان المقدّر لها أن تصبح ، بعيد بضعة أعوام ، كهيئة أركان الإنقلاب البعثيّ .

المفهوم الإنقلابيّ لهذا الحزب ، تعود جذوره للنظرية ، الأصلية ، التي نهل منها مصادر فكره : وهي الإديولوجية القومية الإشتراكية ، الأوروبية ، بنموذجيْها الفاشيّ والنازيّ . لعلّ حركات سياسية ، اخرى ، في المشرق العربيّ ، قد تأثرت أيضاً ، إلى هذا الحد أو ذاك ، بتلك الإديولوجية ؛ نظير الكتائب اللبنانية والحزب القومي الإجتماعي السوري . على أنّ البعث ، كنظرية مدجنة ، فارق هذين الحزبين عند نقطة مفصلية : ألا وهي نهوضه بحمل ما أسماه " الرسالة الخالدة " لأمة عربية ، مفترضة ، تنبسط لحمتها القومية ، المتجانسة بزعمه ، على رقعة جغرافية بشرية ، تمتد من جبال زاغروس وطوروس شرقاً ، وإلى جبال الأطلس غرباً ؛ رقعة إعتباطية ، في واقع الحال ، ما دامت الجبال المشرقية ، هي موطن الكرد والأرمن وغيرهما من الأثنيات .. ، فيما أنّ الجبال المغربية ، كانت وما فتئت ، مهد الأمازيغ البربر . على هذا ، فالبعث بدأ حوار الطرشان ، منذ مستهل " رسالته الخالدة " ، بنفيه الوجود التاريخي والحضاري لمكوناتٍ أساسية من ما يفترض أنها " الأمة العربية " ؛ من كرد وأرمن وآشوريين وأمازيغ .. وغيرهم . بل وصل به الأمر ، للتنظير بكون هذه المكونات " مجرد ضيوف على الوطن العربي " ، الذي إستقبل هجراتهم بسعة صدره وتسامحه . وبهذا المنطق ، فمن الممكن ، في أي ظرفٍ ، إجلاء من يخالف أعراف الضيافة ؛ أي عدم القبول بالإندماج بالعروبة ( ينظر في موضوعه : كتيّب بعنوان " الوطن العربي ، مشكلاته وإمكاناته " _ من سلسلة أصدرتها القيادة القومية للحزب ، عام 1964 ) .

بهذا المفهوم للعروبة ، المشوّه والمزيّف ، كانت نظرة دعاة البعث للإسلام ، قوميّة بحتة ؛ أيْ حصره بتشكيل إمبراطورية عربية ، إمتدت في أوج الفتوحات ضمن الرقعة الأساسية ، نفسها ، التي من المفترض أن تخلفها الدولة العربية الحديثة ، الموحدة ، ذات " الرسالة الخالدة " . بيدَ أنّ هذا المفهوم ، بدوره ، ما عتم أن ضاق شيئاً فشيئاً ، لينحصر ضمن حدود قطرية ؛ سورية وعراقية ، توّجتها صراعات حكام البلدين مع بعضهما البعض . ثم كان المطب الأخير لرسالة البعث ، في الطائفية السافرة ؛ بإستيلاء جماعة جديد / الأسد ، الإنقلابية ، على السلطة في سورية عام 1966 ، وحصرها تدريجياً في الدائرة العلوية ، المطعّمة لفترة وجيزة من الزمن بنخبة من ضباط الأقليات ،المحترفين ؛ إسماعيليين ودروز . إلى أن تفرّد الأسد ، الأب ، بالقرار السياسي ، في إنقلاب عسكريّ عُرف ب " الحركة التصحيحية " ، مبتدهاً البلاد بحراكٍ ديماغوجيّ لا سابق له ؛ بضمانه ضمّ أحزاب عريقة ؛ يسارية وقومية ، إلى جبهة مشتركة . فضلاً عن تقرّب النظام الجديد من رموز الإسلام السياسي ؛ من أخوان وغيرهم . لقد وفعت جميع تلك القوى ، تقدمية ومحافظة ، في فخ شرعنة الديكتاتورية ، كلّ من موقعه وقناعاته وتبريره الخاص . لقد كان بوهم أقطاب اليسار ، وبإستشارة " الأصدقاء السوفييت " طبعاً ، أنّ إمتلاك القرار السياسي من لدن مجموعة أثنية ، مضطهدة على مرّ تاريخها ، ( أيْ العلويين ) ، لا بدّ أن يقود إلى إجراءات راديكالية ، تقدمية ، تضع سورية في خانة الدول " المتطورة لا رأسمالياً " . علاوة على أنّ مبرر جماعة الأخوان المسلمين ، كان أكثر براغماتية : أنّ وجود علويّ على رأس الهرم السياسي كرئيس وزراء ، أو رئيس في أسوأ الأحوال ، سيجعله ضعيفاً لا شعبية له ، وبالتالي يسهل فرض شروطٍ معينة عليه ، تمهيداً ربما لعزله وتقويض نظامه .

واقعُ سورية راهناً ، وبعد أكثر من عقودٍ إستبدادية أربعة ، يُعيدنا إلى الدوامة نفسها . الأحزاب اليسارية ، المعتكفة خارج جبهة النظام ، والخارجة من مآس قمعية رهيبة ، ما فتئت على برامجها النضالية ، المتخشبة ؛ بخطاب خارجيّ يصبّ في مجرى سياسة النظام البعثي ، ذاته ، المستنفر ضد : " الإمبريالية الأمريكية ومشروعها في الشرق الأوسط الكبير .. الخ " ؛ كما نستشفه من " إعلان دمشق " ، على سبيل المثال . وفي الطرف المقابل ، يتوحّد خطاب الجماعات الإسلامية السورية ، من أخوان وأضرابهم ، أيضاً وأيضاً ، مع السياسة الخارجية للنظام الديكتاتوري ؛ خاصة في العراق وفلسطين ، وبشكل أقل ، بالنسبة للبنان . لا غروَ ، إذاً ، أن تكون مقولة " رفض الإستقواء بالخارج " هي المهيمنة على مشاريع أقطاب وتيارات المعارضة السورية ، الفاعلة ؛ المقولة المنطلقة ، أساساً ، من رفضها لما تسميه " الإحتلال الأمريكي للعراق " ، وما تمخض عنه من رسم خارطة سياسية جديدة لذلك البلد ، الذي كان منكوباً ، أيضاً ، بالإستبداد البعثي . إن رفض " النموذج العراقي " ، يستتبعه ، بالضرورة ، إنكار الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي ، هناك وهنا : هذا هو ، برأينا ، سرّ التشدد تجاه المسألة الكردية ، الذي تبديه هذه الجهة أو تلك من المعارضة السورية . المفارقة ، من جانب آخر ، أنّ يدَ المعارضة السورية ، عموماً ، ممدودة للنظام الديكتاتوري ، المتهم بالطائفية ؛ في الوقت الذي يُنكر على أبناء الطائفة العلوية ، المنتمين لقوى يسارية وليبرالية ، يدَ التعاون نفسها ؛ هذه الطائفة المُسَخرة ، قسراً ، لمصلحة النظام الفئوية المحضة .



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المقاومة والقمامة : حزب الله بخدمة الشيطان
- رسام الكاريكاتور بمواجهة الهمجية 2 / 2
- رسام الكاريكاتور بمواجهة الهمجية
- إعتذار صليبي من قلعة الإسلام
- التحوّلات الكردية : أقلية وأكثرية
- الإجتماعيات الكرديّة : تقاليدٌ وتجديد
- الإجتماعيات الكردية : طِباعٌ وأعراف
- الإجتماعيات الكردية : فقهٌ وتصوّف
- القصبات الكردية (2 / 2)
- الإجتماعيات الكردية : عامّة وأعيان
- رؤيا رامبو
- الميلاد والموت
- القصبات الكردية
- المهاجر الكردية الأولى
- كي لا ينام الدم
- سنوات النهضة الكردية: مدرسة الشام
- المصادر الاسطورية لملحمة ياشار کمال ..جبل آ?ري


المزيد.....




- قائد الجيش الإيراني يتوعد أمريكا بـ-رد قوي- بعد ضرباتها على ...
- رسم بياني يوضح تفاصيل عملية -مطرقة منتصف الليل-
- بعد الضربات الأمريكية إسرائيل لا تسعى لـ-حرب استنزاف- مع إير ...
- ترامب يؤكد تدمير المواقع النووية الإيرانية ويجتمع مع فريقه ا ...
- مركز أصفهان لمعالجة اليورانيوم منشأة إيرانية تعرضت لقصف إسرا ...
- عاجل.. الجيش الإسرائيلي: عطلنا القدرة التشغيلة لستة مطارات ع ...
- العربدة الصهيو-امبريالية تتصاعد ولا حلّ إلا في أن تواجهها ال ...
- منظومة الامتحانات عنوان لفشل المنظومة التّربويّة
- كوريا الشمالية تُعلّق على ضربات أمريكا لمنشآت نووية إيرانية ...
- شاهد.. طاقم CNN يضطر للإخلاء أثناء البث المباشر تزامنًا مع إ ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - دلور ميقري - عبثُ الحوار مع البعث ، تاريخاً وراهناً