أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - دلور ميقري - الدين والفن















المزيد.....

الدين والفن


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 1553 - 2006 / 5 / 17 - 03:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أن تتآلف قلوب المؤمنين ، المنتمين إلى عقيدتيْن سماويتيْن ، في خفقة مشتركة ، فهو على تواضع علمنا أمرٌ صحيّ وجدير بالثناء . إنّ الأنباء الأخيرة ، الآتية من الهند ، تفيدُ بغضبة عارمة لنصاراها ومسلميها إحتجاجاً على عرض فيلم " شيفرة دافنشي " ، المأخوذ عن رواية بالإسم نفسه للمؤلف دان براون . لا بل أنّ الحمية أخذتْ بإخواننا المسلمين غيرة ً على ما أسماه زعماؤهم هناك : " إهانة الفيلم لنبيّنا عيسى عليه السلام " ، حدّ أنهم إقترحوا على أندادهم من الرؤساء المسيحيين ، القيامَ بحملة موحّدة لمنع عرض ذاك الفيلم المعني ، الموسوم بالتجديف على نبيّ الله . الهند ، تلك الفسيفساء العجيبة من المعتقدات واللغات والثقافات ، لم تشهدَ بمناسبة رسوم الكاريكاتور ، الدانمركية ، ردة فعل متطرفة ، كما كانه شأن العديد من الدول الاخرى ، الآسيوية . وعندي ، أنّ سبب ذلك قد يكون مرده إلى حكمة أولئك الزعماء المسلمين أنفسهم ، ومعرفتهم بطبيعة فسيفساء بلدهم غير المحتملة ردة فعل عنيفة ، قد تؤدي للمزيد من التشنج بين معتنقي العقيدتين السماويتين وفي مجتمع تهيمن عليه عقيدة الأغلبية الهندوسية .

وفي هذا المقام ، نعود بذاكرتنا إلى أواخر ثمانينات القرن المنصرم ، حينما أوقدتْ فتوى الخميني ، بخصوص رواية " آيات شيطانية " ، أوارَ فتنة كبرى على مستوى معمورتنا ؛ طال لهبها الهندَ بشكل خاص ، لإنحدار كاتب الرواية ، ( سلمان رشدي ) ، منها . وبغض النظر عن أصوات أصولية ، هنا وهناك ، شاءتْ تحميل النصرانية " وزرَ " شطحات ذلك الكاتب بحكم إقامته وجنسيته البريطانية ؛ إلا أنّ ردة فعل المؤمنين ، غالباً ، إقتصرتْ على التنديد به وكتابه . وهو التنديد الذي شاركهم فيه وقتئذٍ ، العديدُ من الشخصيات الأوروبية والأمريكية ، الشهيرة ؛ من سياسية ولاهوتية وإجتماعية . مبادرة تلك الشخصيات ، بذلك الموقف المتضامن مع ما أسمي " مشاعر المسلمين المتأذية بشدة " ، لم يكن بالضرورة إقتناعاً من أغلبها بتخطيل الكاتب المعني ، أو على الأقل تأييد كبت حرية الإبداع الفني عبْرَ " تابو " المحرمات الدينية . فمهما بلغت العقلية الغربية من محافظة ورجعية ، إلا أنها لا يمكن الإرتداد إلى تأييد ممارسات بالية ، غير متحضرة ، تعود لأزمان القرون الوسطى ؛ كما هو حال العقلية الإسلامية ، عموماً ، المشتركة راهناً في مسألة الإنتصار لكبت الحريات الشخصية ، سياسية كانت أم فكرية . ربما تنحو العقلية الغربية ، الليبرالية ، في موضوع غاية في الحساسية دينياً ( كرواية رشدي أو الكاريكاتور الدانمركي ) ، إلى محاولة الظهور بموقف حياديّ ، أكثر منه تضامنيّ مع هذا الأديب أو ذاك الفنان . وهوَ موقف / أو لاموقف ، يعتقد صاحبه ، بدوره ، أنه مساهمة إيجابية منه في تبديد سحب الإحتقان في مجتمع غربيّ ، مأهول بتجمعات المهاجرين القادمين من الدول الإسلامية .

كاتب هذه السطور ، المنذورة لذاك الخبر الموصوف ، سيعترفُ لكم ببساطة أنه لم يقرأ بعدُ رواية " شيفرة دافنشي " ، ولم يتسن له أيضاً مشاهدة الفيلم السينمائي المأخوذ عنها : ولكن السؤال الملحّ برأيي ، ما إذا كان الغاضبون على كلا العمليْن ؛ من مسلمين ومسيحيين ، يشاركونني في الإعتراف نفسه ؟ بعيداً عن عياني ، فمن النافل التأكيد هنا على أنّ القراءة الأدبية أو متابعة الأفلام السينمائية ، غير واردة في شيمة إخوتنا المؤمنين ؛ لما فيها من مضيعة للوقت في حياة قصيرة ، مبتسرة ، حافلة بأوقات العبادة والذكر والقيام والسجود ووو .. ، أملاً في حياة اخرى ، أبقى وأجدى . يقيناً ، أنّ هذا الحال ينسحبُ على أفاضل القوم المؤمنين ، من دعاة وعلماء وفقهاء وحجات وآيات : فمَن مِن هؤلاء " قتلَ وقتهُ " مرةً بإنشغالات كهذه ، أدبية أو فنية ؟ لا جدوى ، إذاً ، في حالنا الراهن ، المظلم ، من الركون إلى ناقدٍ متنور ذي خلفية إسلامية _ كسيّد قطب ، مثلاً _ يتواصل مع أعمال إبداعية ، مهما تكن إشكاليتها على صعيد التقاطع مع المحرم الدينيّ ، المزعوم . إن تأكيدنا على المرادفة الأخيرة ، قد لا يخلو كذلك من إشكال . بيدَ أنه من المحال ، وفي أي عصر من العصور ، تلازم الدين والفن دون إشكالية ما . فالأولُ يقينٌ ، فيما الآخرُ غواية ٌ : ولطالما رُميَ الشعراء بمآخذ وجرائر التجديف والشطح والزندقة و .. ، من لدن قضاة محاكم تفتيشنا ، فدفع الواحد منهم حياته ثمناً لأبياتٍ معميّة الكلمات أو طائشة المعاني ؛ نظير الحلاج وإبن المقفع والسهروردي وغيرهم .

الغريب الآن ، في عصرنا العولميّ الأكثر حدائة ، أنّ فعل الشِعر _ تبعاً لخصلته كفن صعب ، مراوغ ، فضلاً عن إنحسار شعبيّته ؛ هكذا فعل ، صار مسكوتاً عنه في تابو التحريم الدينيّ ، لـ " صالح " أفعال الرواية والمسرحية والمقالة والفيلم والرسم الكاريكاتوري .. ؛ وهي الفنون المضروب عليها ، في وقتنا العسِر هذا ، حصارٌ شديد من الأعين المراقبة ، اليقظة ، المتسقطة لشطحة هنا أو تجديف هناك . ففي مصر ، على سبيل التمثيل لا الحصر ، ثمة محامون متفرغون للمهمة تلك ، الموصوفة بالمنافحة عن قيم ديننا الحنيف ، يوافونَ بتقاريرهم المتواترة أئمة التكفير ومشايخ التوتير ، المرتبط أغلبهم ، بدوره ، بشخصيات الأمية السياسية أو رجال فساد الأعمال ، الطموحين لهذا المنصب الوزاري أو ذاك المقعد النيابيّ . فلم تشهد عصور وادي النيل الإسلامية ، جميعاً ، أرقام فادحة في أحكام " قانونية " بالردة والتطليق والحبس ، على الكتاب والفنانين والمفكرين .. ، علاوة على " فتاوى " القتل والإباحة ، كما كانه حال العقدين الأخيرين من أعوام عصر ما بعد الحداثة . حتى أن ّ الحكومة المصرية ، في عصف الأزمات البنيوية والمعيشية والثقافية ووو .. ، لا تجد ما تتباهى به سوى أرقام السياحة الغربية ! إنّ السكوت عن قمع المثقف ، كاتباً كان أو فناناً ، قد أدى إلى نتيجة كارثية ، في أرض الكنانة ؛ ربما من تجلياتها اليوم ، إنفراط عقد المجتمع المتعايشة فيه مكونات دينية مختلفة ، لطالما ساد الوئام بينها حتى في أحلك عهود الإنحطاط التاريخية . خطرٌ كهذا ، يُلقي أيضاً اليوم بظلاله على دول عربية اخرى ، كانت قيم العلمانية مترسخة فيها حتى أمس القريب ؛ حال سورية والعراق والجزائر وتونس وفلسطين المحتلة واليمن بإقليمها الجنوبي .. ، حيث شواهد وعلامات عديدة ، على صعيد أزمة الحكم والمجتمع ، تنبي بإحتقانات مزمنة ، متفجرة قريباً لا محالة .



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين إيكو وبركات 3 / 3
- فلتسلُ أبداً أوغاريت
- بين إيكو وبركات 2 / 3
- بين إيكو وبركات 1 / 3
- منتخبات شعرية
- الماضي والحاضر
- الوحدة والتعدد في اللوحة الدمشقية
- مأثورات دمشقية في مآثر كردية
- سرّ كافافيس 2 / 2
- سرّ كافافيس 1 / 2
- الدين والوطن ، في ورقة إخوانيّة
- طغم وعمائم
- علوَنة سوريّة : آثارُ 8 آذار
- بلقنة سورية : جذور 8 آذار
- نساء كردستان ؛ الوجه المجهول لشعب عريق 2 / 2
- نساء كردستان ؛ الوجه المجهول لشعب عريق 1 / 2
- مذاهب متشاحنة ؛ السنّة والعلويون والآخرون
- أثنيات متناحرة ؛ الكرد والسريان ، مثالاً
- الوثنيّة الإسلاميّة
- الموساد ، من كردستان إلى لبنان


المزيد.....




- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - دلور ميقري - الدين والفن