أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي عبد الحميد - الثرثرة ضد الإبداع !














المزيد.....

الثرثرة ضد الإبداع !


سامي عبد الحميد

الحوار المتمدن-العدد: 7001 - 2021 / 8 / 27 - 00:04
المحور: الادب والفن
    


شاهدت قبل أيام عملاً مسرحياً عراقياً أخرجه مخرج شاب كانت الثرثرة في جميع عناصر الانتاج هي الطاغية والتكرار الممل هو الملح البارز حتى كاد المتفرج أن يجزع. ونقصد بالثرثرة هنا الإفراط في القول والفعل والإفراط في الشكل الفني كالإفراط بالطعام الذي يقود إلى التخمة والى المرض أحياناً.
تبدأ الثرثرة في ذلك العمل من النص حيث يدور الحوار بين الشخصيات وهم من جنسيات عربية وفتاة فرنسية، حول فكرة واحدة لا تتطور ومشكلة واحدة لا تتعقد ولا تتصاعد إلى ذروة منطقية، بل إلى ذروات شكلية بالاداء الصوتي – صراخ ثم صمت مفاجئ. فتحدِث إيقاعاً بوحدات متكررة ويصبح رتيباً.
هناك ثرثرة في المنظر المسرحي حيث استخدم المصمم عدداً من السكك الحديد وضعها على خشبة المسرح من غير الاستفادة منها في دعم الفعل الدرامي. وكان يريد منا أن نؤولها على إنها سكة قطار فوقع في تناقض عندما وضع ما يشبه السلالم الحديدية على الجدار الخلفي للمسرح وراح الممثلون يتسلقونها وهم يلقون حواراتهم.
تمثّلت الثرثرة أكثر في حركة الممثلين. فكانوا طيلة العرض يتحركون حركات انتقالية لم نجد لها أي مبرر وهنا لا بد من الإشارة إلى أنواع الحركة التي يقوم بها الممثلون في المسرح! أولها – الحركة الإلزامية التي يجب على الممثلين أن يؤدونها وإلا توقف الفعل الدرامي وتتوقف الأحداث ولم نجد في ذلك العمل المسرحي أية حركة الزامية بل ان أكثرها حركة لف ودوران على خشبة المسرح وفي مناطقه المختلفة. ثانيها – الحركة الواقعية وهذه أيضاً لم نجد لها أثراً إلا نادراً مثل الحركة نحو جهاز التلفون والتقاط السماعة التي تكررت ولم تفهم فحواها، ومن هو المتكلم. ثالثهاً: الحركة التقنية التي من شأنها إحداث تكوينات معبرة لها دلالات معينة ولم نشهد في ذلك العمل أي تكوين من هذا النوع إطلاقاً. وهكذا تكررت حركات الممثلين إلى حد التخمة فيما عدا لحظات سكون لا مبررة لها بين الحين والآخر لتتبعها الحركات العشوائية المتكررة ومنها حركة نقل الممثلين للكراسي وغلقها وفتحها والجلوس عليها والقيام والابتعاد عنها بلا مبرر لا منطقي ولا فني.
لعل أبرز العناصر وأكثرها ثرثرة وإسرافاً في ذلك العمل هي تلك الصور المنعكسة على الشاشة البيضاء وقد قضينا حوالي عشر دقائق نتفرج نحن والممثلون على صور مشوشة غير واضحة لأحداث مرّت بالعالم وليس من تعليق عليها يوضح فحواها وأماكن وقوعها. ثم تلتها صور للممثلين أثناء تنفيذهم لأدوارهم المرهفة والتي لم يكن لها أي مبرر لكوننا نرى أولئك الممثلين بشحمهم ولحمهم على خشبة المسرح فما فائدة صورهم علماً أن قوة المسرح تكمن في الممثل الحي وعلاقته بالمتفرج وهو السر في بقاء المسرح حياً رغم ظهور الفن السابع – السينما واذا كانت هناك ضرورة لاستخدام الصور المنعكسة في العرض المسرحي فربما يحسن استخدمها كوثيقة ويستحيل عرضها حية. ولا أدري ما الغاية من تكرار عرض صور الممثلين الفوتوغرافية كمثل تلك التي ينفذها البوليس للمتهمين بجرائم معينة فهل كانت جميع شخصيات المسرحية قد ارتكبت جرائم؟ وهل أراد المخرج أن يدينهم ولماذا سماهم (مسافرين)؟ إلى أين هم مسافرون، وما علاقة عنوان المسرحية (بوابة رقم 7) بسفرهم. تلك أسئلة ظلت بلا إجابات واضحة أو لنقل مشوشة شوشتها ثرثرة حركة الممثلين وتعاملهم مع الكراسي ودخولهم وخروجهم من أحد المرافق الصحية وعدم وضوح الكثير من الكلمات والعبارات التي كان يلقيها الممثلون. وهنا اتساءل: لماذا أجبر المخرج الممثلين أن يتحدثوا بلغاتهم المختلفة وخصوصاً تلك التي قد لا يفهمها المتفرج العراقي ومنها اللغة الفرنسية واللهجة العامية الفرنسية؟ هل أراد أن يعرِّفنا بهوياتهم، وهل هذه الطريقة الوحيدة لذلك؟
وأقول بصراحة لقد أضاع المخرج ابداعه بتلك الثرثرة الحركية والسمعية والضوئية (كانت هناك تغيرات كثيرة في الاضاءة وفي الإطفاء والاشعال) وبذلك الإسراف في الصور المنعكسة على الشاشة. وكان بإمكانه ان يظهر ابداعه لو أكتفى بخمس وثلاثين أو أربعين دقيقة كزمن للعرض، لأن الإسراف والتبذير والثرثرة تدعو إلى إرهاق بصر وسمع المتفرج وتقودهم إلى الكف عن متابعة العرض، نعم قد يكون التكرار مطلوباً في الفن المسرحي لغرض التأكيد ولكن عندما يزيد عن حده يتحول إلى ضده.



#سامي_عبد_الحميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشاركة المجموعات المسرحية من خارج بغداد في المهرجانات الخارج ...
- مصطلح (الجماليات) والتبذير باستخدامه
- مصطلح (الجماليات) والتبذير باستخدامه 2
- استذكار (ملحمة كلكامش) و(بغداد الأزل)
- هكذا سيستمر تحجيم ذائقة الجمهور المسرحي ؟!
- لا تجريب بدون تقليد ولا تجريب بدون تجديد
- هل تزول الرقابة على المسرح ؟
- ملاحظات حول جائزة الإبداع العراقي
- لم يعترضوا على مقارنة الأعمال المسرحية في الماضي والحاضر
- الشاعرة وفن الكوريوغراف
- الفاشية والمسرح
- حول (دائرة السينما والمسرح) وعملها 2
- حول (دائرة السينما والمسرح) وعملها
- تقنيات جديدة لفن التمثيل
- تقنيات جديدة لفن التمثيل 2
- المخرجون الجدد والمسرحية العالمية !
- ثلاث مسرحيات تتعرض لتقسيم البلاد !!
- ثلاث مسرحيات تتعرض لتقسيم البلاد !! 2
- حول اليوبيل الفضي لمهرجان القاهرة الدولي 2
- حول اليوبيل الفضي لمهرجان القاهرة الدولي


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي عبد الحميد - الثرثرة ضد الإبداع !