|
قيم سارة
نادية خلوف
(Nadia Khaloof)
الحوار المتمدن-العدد: 6999 - 2021 / 8 / 25 - 10:34
المحور:
الادب والفن
لم أكن أعرف معنى الحريّة لولا سارة! من هي سارة ؟ في الحقيقة كانت سارة هي جنية تعيش في جوار بيتنا في القرية ، لم يبق في ذاكرتي من القرية ، سوى بضع لقطات ، فقد غادرتها في الثالثة من عمري، ثم تم محوّ ذاكرتي من قبل مجهول ، حيث لا أتذكر تفاصيل حياتي، كل ما أتذكره أنني لم أكن راضية ، بل ربما غاضبة ، وليس من وقت طويل عرفت أنّ اإنسان الغاضب هو مريض نفسي. . . في المدينة التي عاشت فيها عائلتي ، و التي لا أعرف بها سوى شارع بيتنا ، وشارع المدرسة . كنت أعرف البريّة جيداً، كنت أرعى غنمات أمّي عندما كنت في السابعة . كنّ ثلاث غنمات ، إحداهن تحبّها أمي كثيراً لأنها تدّر الكثير من الحليب . أسميتها سارة على اسم الجنية ، لم أكن أعرف أن اسم سارة يمكن أن يكون للبشر، عرفت فيما بعد أن هناك فتيات بهذا الاسم . سارة الغنمة كانت صديقتي المفضلة، كانت تسمح لي بالركوب على ظهرها لثوان ، منحتني الكثير من قيمي الحالية ، فكلما وقعت في فخ نصبه لي أحدهم أعتقد أنّه بسبب سارة لدرجة أنني سميت كلّ ما أحمله من فكر ب" قيم سارة" . . . في مرّة تعاطف معي قريب لنا ، كان وضيعاً في نظري ، لكنّني أكبرت فيه أنّه قدّر قيمتي ، بدأت في التّخلي عن قيم سارة بعدها . اعتقدت أن العالم مختلف، مشيت وراء تعاطف ذلك الشخص ، تعرّفنا أكثر عن قرب ، فإذ به لا يزال وضيعاً. اعتذرت من سارة -غنمة أمّي- لأنّني تخليت عن قيمها. تقولون أن الأغنام لا تفهم ! في الحقيقة أنني عاشرتهم ، اكتشفت ذكاءهم، أما أنهم يقودونهم إلى الذبح، فهذا شيء آخر . هم يذبحونهم لأنّهم أقوى . أليس هذا ما يجري مع البشر؟ عندما كنت أعيش مع قطيع أمي الصغير ، كنا نتسلى معاً في الرعى ، نمارس الحريّة ، وحتى أحياناً نطبّق الاشتراكية، ففي مرّة لكثرة ما أعجبني طريقة أكل قطيع أمي للعشب نزلت ، مشيت على أربع ، تذوّقت العشب الذي كان سوف يصبح قمحاً من بستان قريب للمرعى. كان طعمه رائعاً ، فيه بعض الحلاوة الطبيعية ، أصبحت أمرّر القطيع في البستان مروراً عابراً ، وعندما نتجاوز البستان يرتاحون، ويجترون ، عملية الاجترار ألذ من عمليّة العلك بالنسبة للمجتر. بعض البشر أصبح لديهم ميول اجترارية . هي ذكريات الطفولة الجميلة، وعندما أسمع بمصطلح الحرية اليوم أتذكّر سارة، وقيمها ، فلولاها لما عرفت طعم " الجبس" في أيلول، حيث كنت أمر على بستان أبو علي في طريق ذهابي إلى المرعى، أختار جبسة أو اثنتين، ثم أطبشها بالأرض فتنفلق ، ويظهر قلبها الأحمر ، أمد يدي في قلبها، آكل حتى أشبع، ثم أمسح يدي بثيابي ، في مرة لم أجد البطيخ. طبشت بصلة . طعمها لذيذ. أليست كل تلك الأشياء حرية؟ أزعم أنّني أرغب بالعودة إلى المرعى كي أتمتّع بالحريّة ، وبقيم سارة. . .
#نادية_خلوف (هاشتاغ)
Nadia_Khaloof#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مذطرات أمل المبعثرة
-
العمق، و السّطحيّة
-
لا تصدقوا وعود طالبان
-
التّطبع مع المكان
-
هل تغيرت طالبان؟
-
رأي المجتمع بالنساء
-
سقوط نظام أفغانستان
-
ما بعد طالبان
-
قصة موت في برج التجارة العالمي
-
ثرثرة من أجل الثرثرة
-
ثوري ، أم غير ثوري؟
-
يوم الفخر - البرايد-
-
زمن الرأي و الرأي الكاره
-
مزيّفون دون أن ندري
-
من حكايات أمل
-
في النسوية ، وعقدة الزواج في سورية
-
الجنس مقابل الترّقي في الوظيفة
-
حقاً إن الفقر عار!
-
صناديق الاقتراع
-
ثورات الرّبيع، وحكام القطيع
المزيد.....
-
اختتام أعمال منتدى -الساحة الحمراء- للكتاب في موسكو
-
عثمان 164 الاعلان 3 مترجم.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 164 الم
...
-
فيلم مغربي -ممنوع على أقل من 16 سنة-.. ونجمته تؤكد: -المشاهد
...
-
نمو كبير في الطلب على دراسة اللغة الروسية في إفريقيا
-
الحرب والغرب، والثقافة
-
-الإله والمعنى في زمن الحداثة-.. رفيق عبد السلام: هزيمتنا سي
...
-
مصر.. قرار من جهات التحقيق بخصوص صاحب واقعة الصفع من عمرو دي
...
-
والد الشاب صاحب واقعة الصفع من عمرو دياب يكشف عن حالة نجله ب
...
-
تابع الحلقة الجديدة 28 .. مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 28
...
-
تابع عرض مسلسل قيامة عثمان الحلقة 164 مترجمة عبر ترددات القن
...
المزيد.....
-
أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة
/ ريتا عودة
-
صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس
...
/ شاهر أحمد نصر
-
حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا
/ السيد حافظ
-
غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا
...
/ مروة محمد أبواليزيد
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
المزيد.....
|