أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هناء عبيد - رواية اليتيمة والثقافة الشعبية














المزيد.....

رواية اليتيمة والثقافة الشعبية


هناء عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 6973 - 2021 / 7 / 29 - 02:42
المحور: الادب والفن
    


هناء عبيد:
صدرت هذا العام 2021 رواية اليتيمة للأديب المقدسي جميل السلحوت عن مكتبة كل شيء الحيفاوية. تقع الرواية في ٢٦٠ صفحة من الحجم المتوسط وقد حمل غلافها لوحة بريشة الفنان التشكيلي محمد نصر الله.
رواية اليتيمة رواية اجتماعية، تحمل في طياتها رسالة هادفة إلى مجتمعاتنا الذكورية التي تظلم الفتاة في جل شؤونها.
الشخصية المحورية في الرواية هي شخصية عبير التي لا تلقى الاهتمام من والدتها كأخيها عزيز، فرغم تفوقها في المدرسة وحصولها على معدل مرتفع ونيلها المرتبة الأولى في دفعتها، إلا أنها لا تحظى بالتعليم كما حصل مع أخيها الذي لم يكن بذكائها، بل وصل الإجحاف بأن يتم الاستيلاء على هدية تفوقها المالية التي جمعتها مديرة ومعلمات المدرسة لمساعدتها في تعليمها، لإعطائها لأخيها عزيز من أجل المساعدة في مصاريف إتمام زواجه.
والأحداث تتوالى وترسم لنا صورًا متنوعة من سيطرة المجتمعات الذكورية وتعسفها وظلمها للفتاة.
ولعل تسليط الأديب جميل السلحوت الضوء على هذه القضايا، يعطينا فكرة عن مدى حرصه على أن تأخذ المرأة حقوقها، وأن يتوقف الظلم الممارس عليها من قبل المجتمع الذي يبدأ أحيانا من المرأة نفسها.
إذ يبدو أن العادات والتقاليد الموروثة والتي لا تمت للدين بصلة قد ترسخت في العقلية العربية، فأصبحت كأحد المسلمات وإن لم يكن هناك قناعة بجدواها. فرغم الظلم الذي تشتكي منه المرأة، إلا أنها أول من يمارسه على بنات جلدتها.
فأمّ عزيز مثلًا ظلمت ابنتها حينما فضلت ابنها عليها، وأمّ مهيب مارست الظلم على عبير حينما طلبتها للزواج من ابنها مخفية حقيقة مرضه النفسي، كذلك سلوى اقترفت ذنبا أوقع الظلم على عبير حينما أخفت حقيقة ابن خالتها مهيب. أي أن من يشكو من الظلم هو أول من يمارسه.
والمتتبع لروايات الأديب جميل السلحوت سيلاحظ أن له أسلوبه المميز في الكتابة، حيث لغته السهلة الممتنعة المتينة التي تختلط بها بعض المفردات المحكية الفلسطينية؛ لتجعلها أكثر قربًا من القلب والواقعية.
كما أن أسلوبه في السرد يعتمد خطية السرد المتنامي، الذي يتطور بالأحداث تدريجيا حسب مرور الزمن، وقليلًا ما يعتمد أسلوب الاسترجاع (الفلاش باك)، إلا في بعض الأحيان بصورة سريعة. أيضا يعتمد على الحوارات الخارجية وقلما تتواجد الحوارات الداخلية في السرد.
رواية اليتيمة كغيرها من روايات الأديب السلحوت، حيث فلسطين الحاضرة دوما في مجريات الأحداث، وكذلك القدس التي يسكنها؛ نجدها دومًا ماثلة أمامنا بجمالها وشعاعها وتضحية أهلها.
كذلك أسماء مدن وقرى وحارات وشوارع فلسطين تكون موجودة بقوة، لتجعل من الأماكن معالم تدخل القلوب وتترسخ فيها دون استئذان، ولعل هذا من أهم الأمور الّتي تجعلني أستمتع حين قراءة هذه الروايات، فهي تنشلني وإن كان لبرهة من الزمن من الغربة التي أعيش؛ لأتواجد وأتنقل في شوارع وزقاق مدينة مولدي القدس، ووطني فلسطين الذي حرمني الاحتلال من التمتع بدفء أحضانه.
ولا يخفى لأي قارئ مدى تمسك الأديب جميل السلحوت بتراثنا الشعبي، حيث نراه حاضرا بقوة من خلال الأمثال الشعبية التي يذكرها، والتي تتماشى مع أحداث أي عمل أدبي له، كذلك الأهازيج والأناشيد الشعبية التراثية التي تخلق من روايات جميل السلحوت بصمة متميزة.
وليس خافيًا لأحد مدى أهمية حضور هذا التراث، فهو بمثابة توثيق له، يتم تناقله من جيل إلى جيل في ظل احتلال يحاول سرقة كل جزء من أوطاننا بما فيها تراثنا.
يظهر ذكاء الروائي أيضا في ذكر مقاومة أهل فلسطين للاحتلال مهما كان الثمن، فالفلسطيني يفدي أرضه بدمه وروحه، وهذا أمر يحتل مكانة كبيرة من الأهمية؛ لتذكير العالم أن هناك قضية وأرض من حق أهل فلسطين، وأنه لن يتم التنازل عنهما مهما طال الاحتلال والظلم.
والاحتلال الغاشم لم يكتف بسرقة أرضنا فحسب بل يحاول أن يسرق أفراحنا أيضًا، وهذا ما نستخلصه من الرواية، ففي حفل خطبة عزيز، اقتحم المستوطنون بمساعدة الشرطة قاعة الفرح وقاموا بإطلاق الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع، وإنزال العلم الفلسطيني عن بيت الاحتفال، وبهذا يمارس الاحتلال دوره التخريبي الدائم الذي يحاول تعكير صفو أصحاب الأرض ومنعهم من أن يهنئوا بافراحهم، ولكن رغم كل هذا التعسف إلا أن هذا لا يسقط من عزيمة الشعب الذي لا يقف أمام إرادته أي سلاح أو قوة.
ومن الأمور الإيجابية التي حملتها الرواية أيضا، التركيز على دور الكويت وشعبها المعطاء، الذي لم يتوان يوما عن مساندة القضية الفلسطينية والتعاطف الكبير مع الشعب الفلسطيني، وذلك من خلال عائلة العنود وراشد الذين استقبلوا "عبير ومهيب، في بيتهم حينما سافرا إلى الكويت للعمل والإقامة هناك.
الرواية اعتمدت اللغة العربية الفصحى المتينة، والسرد المباشر الذي يجعلها سهلة الفهم، كما أنها أضافت قيمة أدبية ثمينة إلى رفوف المكتبة العربية، إضافة إلى قيمة وثائقية مهمة لصالح القضية الفلسطينية، وتعتبر رصدًا قيّما لحياتنا الاجتماعية والسياسية في فلسطين.
29-7-2021



#هناء_عبيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في المجموعة القصصية نوارس تبحث عن الأحباب للأديبة نزهة ...
- حوار مع المهندس أحمد ممدوح حول منصة اليوتيوب وأهميتها في الو ...
- حوار مع الدكتور وليد سرحان حول الاكتئاب
- هل سيطرت منصة اليوتيوب على العالم المعلوماتي؟
- حوار مع الدكتور وليد سرحان حول الخرف.. أجرى الحوار المهندسة ...
- قراءة في قصة السنجابة والعقاب للكاتبة رفيقة عثمان والشاعر صل ...
- نجاح في غزة
- عيون الحب
- بيروت؛ عيون القلب
- حوار مع الدكتور وليد سرحان عن الشّخصيّة المثاليّة
- عيد بلا عيد
- إنّهم يعشقون القطط
- حوار مع الدكتور وليد سرحان أجرى الحوار هناء عبيد
- فرح فيسبوكيّ
- الورد جميل
- تبسّم للنّبي
- كتاب
- سلالم الأدب
- رحمة العصافير
- شغب وكورونا


المزيد.....




- ابتكار ثوري.. طلاء -يعرق- ليُبرّد المباني!
- كيف يساهم تعليم العربية بكوريا الجنوبية في جسر الفجوة الثقاف ...
- بالتزامن مع تصوير فيلم -مازيراتي: الإخوة-.. البابا لاوُن الر ...
- -الدوما- الروسي بصدد تبني قانون يحظر الأفلام المتعارضة مع ال ...
- المرحلة الانتقالية بسوريا.. مجلس شعب جديد وسط جدل التمثيل وا ...
- تركي آل الشيخ يكشف عن رسالة لن ينساها من -الزعيم-
- الاحتفاء بالأديب حسب الله يحيى.. رحلة ثقافية وفكرية حافلة
- رغم انشغاله بالغناء.. ويل سميث يدرس تجسيد شخصية أوباما سينما ...
- قوارب تراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي ال ...
- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هناء عبيد - رواية اليتيمة والثقافة الشعبية