أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد مزيد - الغيرة















المزيد.....

الغيرة


محمد مزيد

الحوار المتمدن-العدد: 6963 - 2021 / 7 / 19 - 11:42
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
هاهو يتبعها وهي تقود سيارتها ، ترتعش أصابعه على مقود سيارته ، ينظر الى تسريحة شعرها ، لقد خرجت من الشقة بتسريحة ذيل الحصان ، لا يدري متى غيرتها بهذه السرعة ، ينساب الآن شعرها الذهبي على كتفيها، يعرف إنها نادرا ما تنظر الى المرآة الامامية، وبالتالي لن تتمكن من معرفة تفاصيل صغيرة في السيارات التي تسير خلفها ، لكنه بالرغم من تأكده من ذلك ، يتخفى خلف سيارات كثيرة يزدحم بها الشارع ، قلبه يخفق بسرعة ، نزع ربطة عنقه ، تعرف إنه لايخرج الا مع الربطة والبدلة حتى في عز الصيف التركي ، نزع السترة ووضعها على الكرسي الخلفي ، صار من الصعب عليها اكتشافها متابعته لها ، اليوم بالذات سيكتشف ، هكذا كان يقول لنفسه ، وقلبه يخفق بشدة ، سر أهتمامها الزائد عن حده ، بـالمصمم الجديد للازياء الذي يعمل في ورشة الخياطة الصغيرة ، كانت زوجته قد طردت قبل اسبوع المصممة زاعمة إنها تسببت بخسارة كبيرة ، حين أتلفت سبعين مترا من القماش النادر ، تم تدارك الخسارة بسرعة أو في الحقيقة هي التي أستطاعت بدبلوماسيتها انقاذ المعمل من تلك الخسارة حين أقنعت مدير شركة النسيج تعويضهم عن تلف القماش تحت المقص الاوتوماتيكي ، وكانت لما عادت من شركة النسيج أبلغت زوجها بان مدير المعمل اقترح عليها مصمما جديدا ، " لم ألتق به في اليومين الذي باشر به عمله ، ولكنني في اليوم الثالث لاحظت أهتمامها الزائد بملابسها، وطريقة رش العطر على وجهها وتحت ابطيها فضلا عن إعتنائها بإناقتها " . كان يراقب زوجته، قبل خروجها الى المعمل، وهي تجلس الى منضدة الزينة تغير تسريحتها بين لحظة وآخرى . منذ عشرين سنة وهو يعرف أدق تفاصيل سلوكها ، لا يتورد خداها في الصباح ، لكنها منذ يومين ، رأى على وجنتيها احمرارا ، مما يؤكد له انها في حالة نفسية مختلفة، عشرون عاما مضت لم ير توردا على خديها مثلما رآها في اليومين الماضيين . مازال يسير خلفها حتى أنعطفت الى فرع يؤدي الى ساحة صغيرة ، يعرف تماما خارطة هذه الشوارع ، فهي حتما ستعود الى الشارع نفسه الذي يسير فيه الان ، لذلك ابطأ في سيره وانتظر خروجها الى مسار الشارع الفرعي الآخر ، أوقف سيارته قبل مئة متر من مدخله ، يعلم انها لن تستطيع الذهاب أبعد من هذا الشارع ، ذلك لان المعمل في هذا الاتجاه الذي يسير فيه ، وما فعلته الا مناورة غبية لتعرف من يسير خلفها ، بقي واقفا يراقب مدخل الفرع الذي ستخرج منه ، أراد أن يدخن لكنه تذكر إنه اقلع عن السيجارة يوم امس ، تشاغل بتقليب مجلة للازياء كانت موضوعة على الكرسي بجانبه ، لم يكن ينظر للمجلة، انحصر تركيزه على الفرع الذي ستخرج منه عجلتها ، يقلب أوراق المجلة باصابع مرتعشة ، تركز عيناه الى مدخل الفرع ، يشعر ثمة بدبيب خيالات مزعجة تحاصره من كل الجهات ، تذكر انها ، في الصباح شربت قهوتها بالحليب على عجل ، وتركت نصفها في الاناء ، وليس هذا من عادتها ، فهي تحب ان ترتشفها الى الآخر ، وتحب أن تدخن سيجارتها نوع كنت وهي تنظر عبر الشرفة الى الحديقة المجاورة في الحي ، لاول مرة يراها تدخن في سيارتها ، ويراها تخرج من دون ان تبلغه بشراء خضار اليوم ، خرجت من الغرفة ترتدي البنطلون الحليبي ، طالما حذرها من ارتداء هذا البنطلون الابيض الذي يكشف عن جمال ردفيها ، لكنها اليوم لبسته غير مبالية بتحذيره ، ولم يعترض ، لايريد أن يعكر مزاجه بتفصيل صغير مثل هذا . خرجت بعجلتها من الفرع ، واستدارت يمينا ، فلحقها ، أيقن انه قد عرف لعبتها ، لذلك اخذ الحذر في تتبعها ، تتميز سيارتها باللون القرمزي ، لون يختلف عن بقية الوان السيارات المطروحة في الشارع ، لا يصعب عليه ملاحقتها وتتبعها ، توقفت في الاشارة الحمراء ، احتسب المسافة بينه وبينها بحدود خمس سيارات صغيرة ، ربع دقيقة ثم اضاءة اللمبة الخضراء ، فانطلقت السيارات ، لم تتوقف أصابعه عن الارتعاش وقلبه عن الخفقان بسرعة ، تذكر ليلة البارحة عبارتها الغامضة عن المصممة التي طردتها قبل اسبوع ، لمحّت له عنها وهي تستعد للجماع ، " تخيل ما تشاء ، حتى لو كانت المصممة " ثم التهمته بجسدها. وصلت الى مفترق طرق ، انحرفت الى اليسار ، أيقن أن هذا الشارع لايؤدي الى المعمل ، أزداد خفقان قلبه ، بدأت لعبته تتصاعد وتائرها ، لحق بالافلات من الاشارة الحمراء وانحرف خلفها ، كانت هناك سيارات قليلة ، حاول ان يبطأ سيره لئلا تكتشف ملاحقته لها ، انعطفت الى فرع اخر يتميز بوجود فندق الاكساتير الشهير ، توقف في بداية الفرع ، وتوارى عنها بالانشغال في البحث عن شيء ما في جوف المقعد بجانبه ، وعندما رفع رأسه ، وجدها قد دخلت الى الفندق ، ضرب المقود بقوة واطلق زفرة حارقة " الى اين أنت ذاهبة يا مجنونة ؟ " اطفأ محرك السيارة وبقي مترددا ، هل يترجل حتى يفاجئها ، ام يستمر في المراقبة ؟ ركن الى الحل الثاني ، فلا يريد ان يفضحها او يفضح نفسه ، وتذكر ليلة الامس ، كانت تنظر اليه تلك النظرة الثاقبة ، وهي تجلس فوقه تؤدي رقصة الحياة الشيقة ، لم تنسجم نظرتها مع مشاعرها الشبقية المتدفقة ، خشي أن تكون المصممة قد افرطت بفضح سرهما المشترك ، ولكن كيف يمكن لإي أمرأة في العالم ان تكشف سرها لغريمتها في الفراش ؟ بقي ينتظر خروجها من الفندق مدة ساعة ، ولما خرجت ، صعدت سيارتها ، وسارت بها على مهل ، شغل محرك سيارته وسار خلفها ، يعرف أن هذا الطريق يؤدي الى كورنيش البحر، اذا أنعطفت يسارا فأنها ذاهبة الى المعمل ، واذا انعطفت يمينا ، فإنها ستذهب باتجاه شقتهما ، أستغرب من بطء سيرها ، حتى أنعطفت الى اليسار ، فأدرك إنها ذاهبة الى المعمل ، تساءل :، هل يمكن أن يسكن المصمم الجديد في هذا الفندق ؟ لماذا لم يصعد معها ؟ سأذهب فورا الى المعمل وأسبقها ، عاد أدراجه الى الشارع الرئيسي الذي يوصله الى المعمل ، وقاد سيارته بسرعة ، وصل قبلها خلال ربع ساعة ، فدخل المعمل ، حيا العاملين والعاملات ، نهضت السكرتيرة ترحب به قبل أن يدخل مكتبه . بعد دقائق دخل رجل في الستين من العمر الى غرفة السكرتيرة ، شعره رمادي ضعيف البنية ، شاهده عبر الزجاج الفاصل يطفئ سيجارته عند نفاضة لدى السكرتيرة قبل دخوله عليه ، القى تحية الصباح وجلس على الكرسي من دون أن يسمح له بذلك " انا المصمم الجديد ، وددت التعرف عليك " كاد قلبه يخرج من صدره فرحا به ، فليس هو الشاب الوسيم المربوع كما تخيله ، وظهر أن السجائر تأكل صدره بسعال حاد ما أن نطق جملته ، شرع الزوج يتفحصه وأخذ يكتم ضحكات مزمجرة لسوء ظنه بزوجته ، غير أن ذهابها الى الفندق كتم عليه مرحه وسروره وأشاع في نفسه القهر ، تحدث بغير تركيز مع المصمم ثم طلب منه الانصراف ، في تلك الاثناء التي خرج بها المصمم، دخلت زوجته ببنطلونها الحليبي الضيق على ردفيها وهي تبتسم ، جلست بجانبه من دون أن تتفوه بكلمة، ثم نهضت فأغلقت الباب حتى لا تسمع السكرتيرة ، قالت له " أكملت احتساء قهوتي بالحليب في مقهى الفندق الذي رأيتني أدخله" .
١٥



#محمد_مزيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طاحون الجسد
- سرير المحافظ يحلق الى السماء
- القلعة العراقية
- اولاد الشوارع
- الثور
- المرقاب
- طراوة رجل
- أبنة خالة باموق
- قصة فصيرة
- نقص حنان
- الاميرة
- الصياد
- أمرأة الباص
- المجنون
- قصة قصيرة - علاقة خطرة
- رواية ( سرير الاستاذ )
- رواية الغرق - الفصل الثاني
- رواية ( الغرق )
- بحر ايجه
- ليست قصيدة


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد مزيد - الغيرة