|
اولاد الشوارع
محمد مزيد
الحوار المتمدن-العدد: 6894 - 2021 / 5 / 10 - 17:20
المحور:
الادب والفن
تمت بيني وبين أمرأة جميلة سوداء ، مطلقة ، عمرها ( 24 ) عاما ، تعيش مع والدها الذي يعمل وزيرا في إحدى دول افريقيا ، دردشة عبر الفيسبوك ثم عبر السكايب ، وبعد أن تعمقت العلاقة بيننا وجهت لي دعوة لزيارة بلدها ، تصورت أن الامر مجرد مزحة وطرافة ، لكنها حين بعثت لي ببطاقة الطائرة ذهابا وإيابا، محيت نظرية المزحة والطرافة ، وصار الامر جديا ، لذلك قررت السفر فعلا بدافع الفضول والاكتشاف ... وضعت في الحقيبة ملابسي الداخلية وبدلة زرقاء مع قميصين ، وافردت للحاسوب حقيبة صغيرة احملها على ظهري ، صعدت الطائرة في الموعد المحدد وطارت بنا ، وعندما وصلنا الى مطار نيروبي عاصمة كينيا ، لم استغرب من دقة التنظيم وجماليات المطار والسوق الحرة ، كنت انظر الى المستقبلين خارج قاعة الانتظار فلم اعثر عليها ، كتبت لي قبل هبوط الطائرة " إنها سترتدي ثوبا أبيض قصيرا ، وبتسريحة شعر تشبه الكرة " ، بقيت حائرا لا اعرف ماذا افعل ، فلا وجود لفتاة ترتدي ثوبا ابيض ، اخرجت الموبايل واتصلت بها عبر الواتساب ، " اين انت " وبعد دقائق من الانتظار المشحون بالتوتر كتبت " انا اقف خلفك " ، ألتفت اليها ، وجه أسود فاحم وأبتسامة بيضاء تكشف عن إسنان كأنها صف من اللؤلؤ ، ثوبها الابيض يشع بنور يحيط بجسدها الاسود ، ترتدي قلادة ذهبية تنتهي الى وجه تمثال عند مفرق نهديها اللامعين . حملت هي الحقيبة الصغيرة نيابة عني وتقدمتني تسير بغنج وسعادة ، وبين حين واخر تلتفت الي لتتأكد من محاكاتي لخطواتها الرشيقة وهي تمشي امامي تتلوى عجيزتها على ايقاع موسيقى خاصة بها وحدها . أقلتني من المطار بسيارتها الشخصية المكشوفة بسبب الحر ، الى المدينة ، كانت تترنم بموسيقى افريقية خاصة بها وتردد كلماتها ، قلت لها ماذا تقول كلمات هذه الاغنية ، فقالت انها باللغة السواحلية ، لغة بلادها وجميع البلدان المجاورة لهم . ثوبها القصير يكشف عن فخذين مبرومين لامعين ، وبالرغم من الموسم شتاء الا ان الجو حار جدا ورطب بحيث أحسست أن شعيرات جسدي في الاماكن العميقة تعرقت ثم قالت " اخلع قمصلتك افضل لك كي لاتضحك الناس علينا " واطلقت ضحكة داعرة بصوتها الجميل ، تبدو شوارع العاصمة منظمة ومشجرة باشجار متنوعة ، الا ان شجرة الصنوبر يغلب عليها، وصلنا الى منطقة أكثر نظافة من شوارع المدينة ، ووصلت الى بيت يشبه الفيلا ، ركنت السيارة بجانب البيت ، في مقدمته شرفة واسعة وعريضة ، فأشارت الى الشرفة " هذه ستكون غرفتك " دلفنا الى البيت ، امشي خلفها بيدي الحقيبة الكبيرة ادحرجها على ارضية المرمر البرتقالي ، صعدنا السلم بخطوات بطيئة، كنت أتجنب النظر الى مؤخرتها شبه المكشوفة ، وهي تحمل حقيبتي الصغيرة ، ثم دخلت غرفة الشرفة محاولا تخفيف توتري نتيجة صدمة المكان السحري الجميل ، جلست على السرير العريض ، أشارت الى ملابسي المتعرقة بأن اخلعها والدخول الى الحمام ، وأومأت الى باب جانبي فأذعنت لها ودخلت الحمام بملابسي الداخلية ، كنت تحت دش المياه متوقعا بين لحظة وآخرى دخولها علي ، الا انها ، لم تدخل، فأنهيت الإستحمام على عجل وخرجت لابسا البرنص الابيض المعلق خلف الباب ، كانت قد أعدت طعام الغداء ، وطلبت مني مرافقتها الى الاسفل . في الصالة تناولت الطعام ، وبعدها شربت الشاي ودخنت سيجارتي ، كانت هي تحوم حولي مثل الفراشة بثوبها الابيض القصير ، حدثتني اثناء تناول الطعام عن اولاد الشوارع الذي يحكمون بلادها ، قالت " كل الوزراء ورؤساء الاحزاب وحتى الرئيس هم من اولاد الشوارع ، مصطلح لم أفهمه في البدء ، وذكرني برواية سلمان رشدي " اولاد الشوارع " ، لكنها أوضحت لي أن الاستعمار البريطاني أستلم الحكم بعد البرتغالي وبقي في البلاد حتى الأستقلال عام 1964 وجعل النظام ملكيا تابعا تديره الشركات البريطانية ، بعد هذا التاريخ تحررنا وبدأ حكم الشعب ، لكن الذين يحكموننا هم من اولاد الشوارع اي انهم لا اب ولا ام لهم حتى والدها الوزير ، اي انهم جاءوا عن زنى ، وقالت " ليست هناك محرمات تقف بوجه عمليات الاخصاب بين الفتيات والشباب ، وهي قد فقدت عذريتها في عمر الـ 15 عاما بالرغم من انها تعيش حياة مرفهة مع والدها . قلت لها " اذن مشكلتكم في المحرمات " لم افهم بعدها كل ما قالت عن طبيعة الحياة لديهم ، وخرجنا نتجول في العاصمة بسيارتها وكانت تشير الى اولاد الشوارع عند كل رصيف ينتظرون ما يلقى في القمامة من طعام زائد ، قالت " ان آفة دولتنا هي الفساد ، وسألتني " هل لديكم فساد في دولتكم ؟ فقلت بصوت عال سمعه كل المارة على الرصيف " لا يا بووووي " .
#محمد_مزيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الثور
-
المرقاب
-
طراوة رجل
-
أبنة خالة باموق
-
قصة فصيرة
-
نقص حنان
-
الاميرة
-
الصياد
-
أمرأة الباص
-
المجنون
-
قصة قصيرة - علاقة خطرة
-
رواية ( سرير الاستاذ )
-
رواية الغرق - الفصل الثاني
-
رواية ( الغرق )
-
بحر ايجه
-
ليست قصيدة
-
قصة قصيرة جدا
-
الجارة
-
قراءة في رواية شاكر نوري ..- جحيم الراهب - .. التجديف خارج ا
...
-
اعتراف بالحب
المزيد.....
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|