أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد مزيد - طراوة رجل














المزيد.....

طراوة رجل


محمد مزيد

الحوار المتمدن-العدد: 6631 - 2020 / 7 / 30 - 20:35
المحور: الادب والفن
    


طراوة رجل / قصة قصيرة
بعد سنوات عديدة ، روت علياء هذه القصة الى مجموعة من النساء يفترشن دكة بيت أم غايب ، قالت ، إنها في حرب ايران ، قتلت الضابط الذي قتل أخاها التوأم عصام بمدية حادة مزقت أحشاءه وهو يهّم بمضاجعتها . علياء في ذلك الزمن ، كانت جملية ، وجهها مدور سمراء ، تحب قص شعرها مثل عصام حتى لتبدو مثله حين ترتدي ملابسه العسكرية ، وكانت تنهرها أمها وتضربها بالنعال إن تمادت ولبست ملابس أخيها . يروي لها عصام معاناته في عدم تحمله الألم في الإيفاء بكل طلبات آمر السرية الكثيرة ، حيث يعمل عنده مراسلا . كان قد أنتخبه من بين العديد من الجنود ليكون خادمه المطيع " عصام حباب بس عنده ميوعه شوية " . مات أبونا مبكرا وبقينا تحت رعاية أمنا ، تربية الأم ، كما تعرفن ، ليست مثل تربية الأب . كان أخي عصام يحب أن يرقص عندما يرتدي ملابسي في ليالي الشتاء بعيداً عن أنظار أمي ، ويقلّد سهير زكي وأنا أضحك . كان يحرك وسطه كما تفعل الراقصة المصرية الشهيرة . لكن الحرب الطاحنة أخذت أخي إليها وهو يكره طوال حياته أي ملمح للعنف ، حتى حين أخبرته بأن القصاب سمعني كلمة فيها تحرش " شلون لحم عندي لو تتذوقينه لن تتركيه أبدا " . كان يقول لي هي مجرد كلمات فلماذا ننزل الى مستواه الوضيع " كنت أحبه لبرود أعصابه على العكس من شدة أعصابي وفوران الدم في عروقي . تعّلم من أمي كيف يخبز الخبز ويطبخ لنا أجمل انواع الأطعمة ، وكان يغسل ملابسنا بنفسه . ولما ذهب الى مركز التدريب العسكري ، لم يدربوه مثل بقية الجنود بسبب تلك الميوعة وطراوة صوته وبرود أعصابه ، كنت أشعر بالغيظ من سلوكه ، وأرجع السبب الى أمي التي لم تقس عليه في حياتها قط . ولما أنتقل من مركز التدريب الى إحدى الوحدات العسكرية على جبل موت قريبا من حدود ايران ، خفق قلبي بشدة وأضطربت من سوء ما سيلاقيه من عذاب وألم وسط تلك الوحوش البشرية . كان يروي لي كلما نزل بإجازة دورية إنه في ليالٍ موحشةٍ يبكي من عدم فهم الجنود حالته . حتى جاء في أحدى الاجازات وأخبرني إنه ما عاد يطيق العمل مراسلا يطبخ للآمر ويغسل ملابسه بعيداً عن ساحة الحرب ، وإنه يريد أن يستشهد مثل الأبطال . وفي يوم من الأيام التي لا تنسى في حياتي ، أخبرني أن آمره لا يستحي ، من دون أن يتطرق الى التفاصيل . وفي إجازة آخرى قال أن الآمر ( مو بس لا يستحي .. ولا يخاف الله ) لا يحب عصام الخوض في التفاصيل كما كان شانه في كل أيام حياتنا .
وبعد أن جلبوه ملفوفاً بالعلم العراقي ، أمي ماتت فورا ، وأنا لم أبك عليه أبدا . في اليوم نفسه أخبرني المأمور الذي جاء به ، أن أخي أستشهد بطلقة مسدس صوبت الى رأسه من الخلف . ولمّح المأمور الى خلاف وقع بين المراسل عصام وآمر السرية . وعند مراجعتي لمعاملة تقاعد أخي في وحدته العسكرية ، عثرت على عنوان بيت آمر السرية . منذ مقتل أخي وأنا أغلي نارا ، حتى جاء الوقت المناسب بعد نهاية الحرب ، تعرفت على آمر السرية ، وفي فندق الشيراتون بالبصرة أتممت كل شيء ، أخذت بثأري .



#محمد_مزيد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبنة خالة باموق
- قصة فصيرة
- نقص حنان
- الاميرة
- الصياد
- أمرأة الباص
- المجنون
- قصة قصيرة - علاقة خطرة
- رواية ( سرير الاستاذ )
- رواية الغرق - الفصل الثاني
- رواية ( الغرق )
- بحر ايجه
- ليست قصيدة
- قصة قصيرة جدا
- الجارة
- قراءة في رواية شاكر نوري ..- جحيم الراهب - .. التجديف خارج ا ...
- اعتراف بالحب
- المفوهون العرب
- دولة الاحزاب ام دولة المؤسسات
- قصة قصيرة


المزيد.....




- التشكيلي يحيى الشيخ يقترح جمع دولار من كل مواطن لنصب تماثيله ...
- عمر خيرت: المؤلف المتمرد الذي ترك الموسيقى تحكي
- ليوناردو دافنشي: عبقري النهضة الذي كتب حكاية عن موس الحلاقة ...
- اختفاء يوزف مِنْغِله: فيلم يكشف الجانب النفسي لطبيب أوشفيتس ...
- قصة القلعة الحمراء التي يجري فيها نهر -الجنة-
- زيتون فلسطين.. دليل مرئي للأشجار وزيتها وسكانها
- توم كروز يلقي خطابا مؤثرا بعد تسلّمه جائزة الأوسكار الفخرية ...
- جائزة -الكتاب العربي- تبحث تعزيز التعاون مع مؤسسات ثقافية وأ ...
- تايلور سويفت تتألق بفستان ذهبي من نيكولا جبران في إطلاق ألبو ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد مزيد - طراوة رجل