أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد مزيد - الثور














المزيد.....

الثور


محمد مزيد

الحوار المتمدن-العدد: 6722 - 2020 / 11 / 3 - 22:24
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
صرت حارساً ليلياً في مزرعة تملكها سيدة ألمانية، قيل لي إنها تمنح مبلغا جيدا، فضلا عن توفير سلة غذائية أسبوعية لي ولعائلتي من منتوجات المزرعة، ويمكنني أرسال هذه السلة الى عائلتي عند الأستراحة اليومية خلال الـ 4 ساعات التي آوي فيها الى منزلي ما بين الساعة الثالثة والسابعة مساء.
قبلت بهذه الوظيفة لإسباب عديدة أهمها عشقي الدائم للطبيعة ،ولاسيما الأشجار العملاقة ، والزهور البرية ، والخضرة الممتدة على مستوى البصر، والسبب الثاني تفرغي لقراءة الروايات والقصص بعيدا عن مطحنة البيت الصوتية ، اذ انني اميل الى الهدوء والصمت وهذا غير متوفر في بيتي للأسف.
قال لي مساعد المدام صاحبة المزرعة أن عملي الذي علي القيام به اثناء فترة الحراسة هو مراقبة " ثور " لونه أبيض مع بقع سود تحبه السيدة كثيرا، وتريد أن توفر له كل أسباب السعادة ما دامت لديه همة كبيرة في تلقيح الأبقار في الإسطبل المجاور قريباً من المزرعة تحت حراسة شخص كبير السن لايتطلب منه جهدا سوى المراقبة .
فهمت من كلام المساعد قبل تعرفي على المدام ونحن نتجه اليها لملاقاتها في مكتبها ، أن الحراسة تعني مراقبة " الثور " وتقديم الطعام له في أوقات محددة .
دخلت الى غرفتي الخاصة والتي تقع أقصى يمين المزرعة ، كانت ذات رائحة نفاذه ، فيها سرير يتسع لشخص واحد وبراد يصدر صوتا مزعجا، وبجانبه مرآة كبيرة على مستوى قامة أنسان، وثمة نافذة تطل على الاسطبل الذي وضع فيه الثور ، نمط تغيير الحياة وتبديل روتينها هو ما دفعني لقبول الوظيفة .
أستلقيت على السرير وأطلت التحديق بالسقف ، شعرت إنني يمكن أن أألف وجودي في هذا المكان البعيد عن صخب المدينة، والبيت الذي تدور فيه مطحنة الأصوات .. فكرت كثيرا في الجلسة التي تمت فيها مباركة السيدة لعملي في مزرعتها ، كانت تجلس على حافة الكرسي بتنورتها السوداء ذات الفتحة الواسعة من جهة الفخذ الايمن ، ترتدي قميصا أبيض شفاف ، بين أصابعها سيجارة تنفث دخانها بهدوء وهي تتحدث بصوت ناعم، عن كيفية تحسين اداء الثور في المزرعة ، كانت توجه كلامها الى المساعد ولم تنظر اليّ سوى مرة واحدة، وهذا ما أشعرني بالإهانة ، ولكنني غضضت النظر عن هذا الأمر بسبب قسوة الحياة التي أعيشها وحاجتي الى العمل ، نظرت الى وجهها، فوجدت آثار حزن في عينيها، وثمة بقعة سوداء تحت جفنيها ، عرفت من المساعد أن زوجها سكير ويلعب الروليت ويخسر دائما، ولا تستطيع تطليقه ، لأن المزرعة في الأصل عائدة له لكنها أستطاعت أن تتملكها بمرور الأيام . قلت إنني وجدت ثمة حزن وقهر يبدوان من عينيها، وهي تنظر الى يدي المنطرحة على ذراع الأريكة الجلدية، والآخرى بجانب فخذي الأيسر ، كنت ألمح محاولاتها لمنع نفسها الا تظهر كيف تبلع ريقها بين حين وآخر ، ورجل مثلي أمضى عمره بالفراسة يستطيع بسهولة التنبوء بما في داخل المرأة من عالم محطم .
في صباح اليوم التالي ، جلبوا أحدى البقرات الى زريبة الثور ، في تلك الإثناء جاءت سيارة المرسيدس ووقفت بجانب السور من الجهة البعيدة عن غرفتي ، ترجلت السيدة وأومأت لي بالتحية من بعيد ، كانت قد وقفت بطريقة مثيرة ، وضعت احدى قدميها على مسند ثانوي من السور وامسكت بذراعيها المسند العلوي ، كشفت تنورتها الزرقاء عن فخذين ابيضين مثل الثلج .
تمت عملية لقاح البقرة بيسر ، كنت اثناءها مشغولا بمراقبة السيدة الفاتنة التي أندمجت مع مشهد المواقعة الجنسية بين الثور والبقرة ، تضع قدمها اليمنى على السياج وتستبدله بعد لحظات بقدمها اليسرى .
بقيت صورة الفخذين الابيضين عالقة في ذهني ، حتى جاء المساء، واثناء غروب الشمس لاحظت انوار سيارة المارسيدس تقترب من السياج، نهضتُ من فراشي وتركت الكتاب على الوسادة لاستقبل السيدة ، التي ما أن رأتني حتى ترجلت من سيارتها وأتجهت صوب الغرفة من الجهة الاخرى ، كانت بدون المساعد ، دخلت الغرفة من الباب الاخر، عرفت ذلك من خلال اضاءة مصباح الغرفة ، فهرعت إليها .. دخلت الغرفة فوجدتها تجلس على السرير كاشفة عن فخذيها ، قالت إنها سعيدة أن يكون شخص مثقف مثلي يعمل لديها في رعاية ثورها الجديد ، ثم وقفت لتعطيني ظهرها وهي تنظر الى وجهها في المرآة، تعدل تسريحة شعرها ، وقوفها بهذا الشكل لا يمكن أن تخطئها فراستي ، أطالت أمام المرآة ، مؤخرة كبيرة كان يبدو انها لم ترتد تحتها شيئا ، أنشلغت بإعداد قدح الشاي لها ، جلست ثانية على السرير وبدأت تحتسيه وهي تنظر لي تلك النظرة الحزينة .
وأنا ممدد على سريري ، عرفت كل حكاية هذه المرأة ، لاسيما حين قالت لي اثناء المغادرة " هذا الثور ألماني لايجامع الا بحضوري " وضحكت. كانت ضحكتها شلال من الموسيقى بمقاطع بالغة الرهافة والعهر معا .
بعد منتصف الليل وانا اقرأ بكتابي ، سمعت صوت محرك سيارة المارسيدس قريبا من غرفتي ، دخلت السيدة الغرفة وهي تبتسم ، ترتدي ثوبا ورديا شفافا ، ألتقطت الكتاب من بين يدي وألقته خارج الغرفة ثم تمددت على السرير وقالت " هيا يا ثوري " .
لحظات الصفاء التي ينعم بها الإنسان في الصباح ، كنت أفتقد إليها منذ زمن بعيد .. تناولت فطوري الصباحي . وبعد ساعتين سأذهب الى بيتي لأرى زوجتي ، لكنني أرجأت الذهاب، ووجدتني أنعم بسعادة لامثيل لها ، منتظرا الليل الذي سأمضي فيه لحظات الجمال مثلما عشتها ليلة أمس .
زوجتي ليست من النوع الذي يتذمر، عندما قلت لها قد لا أستطيع المجيء هذا اليوم الى البيت .. وطوال أسبوع وأنا في المزرعة لا أنوي الذهاب الى البيت ، ولكن بعد مرض السيدة ، عدت الى البيت ونمت بجانب زوجتي ، قالت لي " ماذا جرى لثوري الجميل ، لماذا لايهيج ؟ " .



#محمد_مزيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرقاب
- طراوة رجل
- أبنة خالة باموق
- قصة فصيرة
- نقص حنان
- الاميرة
- الصياد
- أمرأة الباص
- المجنون
- قصة قصيرة - علاقة خطرة
- رواية ( سرير الاستاذ )
- رواية الغرق - الفصل الثاني
- رواية ( الغرق )
- بحر ايجه
- ليست قصيدة
- قصة قصيرة جدا
- الجارة
- قراءة في رواية شاكر نوري ..- جحيم الراهب - .. التجديف خارج ا ...
- اعتراف بالحب
- المفوهون العرب


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد مزيد - الثور