أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد مزيد - طاحون الجسد














المزيد.....

طاحون الجسد


محمد مزيد

الحوار المتمدن-العدد: 6961 - 2021 / 7 / 17 - 14:41
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
طاحونة الجسد
لم تتأكد الأرملة البيضاء حقا ، من سبب أهتمام أبنها بصديقه الأشقر الذي يماثله بالعمر والبنية الجسدية ، شاب مربوع يتمتع بالحيوية والمرح والصحة ، يضحك كثيرا على ولدها ويصفه بالإخرق ، بالرغم من انها لاتجد في ولدها الا صورة مجسدة حية لوالده الراحل ، كالهدوء والأتزان . وعندما يخرج الشابان من كوخها على سفح الجبل بعد تناول فطور الصباح، وهما يسيران باتجاه المرعى ليطعما الدجاج والخراف والبقرة الوحيدة ، كانت تراقبهما من النافذة ، وقلبها مع أبنها تخشى أن يسقط بسبب جريه السريع قبل صديقه وهما ينحدران الى الوادي ، وقبل أن يختفيا عن أنظارها ، كانت ترى صديقه يتلفت بإتجاه الكوخ ، كأنه يعلم إنها تراقبهما .
بعد أن اختفيا عن ناظريها ، عادت الى شؤونها في ترتيب أثاث كوخها ، الوسائد المتناثرة على الارائك ، وترتيب سرير ولدها ، وجدت سرير صديقه مرتبا بالكامل ، وتاملت طريقة طي البطانية ، جلست على السرير وحاولت أن تشم عطر الشاب ، أسكرتها رائحة العطر ، جعلتها بمزاج آخر لم تتوقع على إثره هبوب رياحه على جسدها الجميل ، مدت يدها لتداعب مكان منامه تتحسس الشرشف الوردي باصابع شبه متيبسة ، ثم غادرت الغرفة لتنظر الى المرآة ، لا تريد أن تخزّي نفسها ويقل إحترامها لذاتها ، سألت نفسها طوال الليلة الماضية وهي تتقلب على فراشها " هل من حقها ؟ " غير إنها كانت تشعر برغبات مدمرة عميقة تريد أن تفجر كل ينابيع المياه في روحها الحزينة . وضعت يدها على خدها ، ومسحت آثار بودرة كانت قد وضعتها ليلة الامس . تقول لها غريزتها ، إنها مازالت تمتلك الجمال الآسر الذي يجعل الرجال يعجبون بها ، وهي بهذه القوام الرشيقة والردفين الكبيرين . بدأت تتضايق من ملابسها ، تشعر ثمة باهتزازات ورغبات عنيفة في أماكن حساسة من جسدها ، تريد أن تقول لنفسها " لا تقتربي من المخازي " لكنها لا تقوى على ذلك ، كانت نظرات الشاب ليلة الامس ثاقبة حفرت شروخا بليغة في روحها ، وجدت في عينيه ذلك اللمعان الصافي الغامض ، غريزتها لاتخطئ في فهم كل ذلك اللمعان ، ذهبت مرة آخرى الى سرير صديق ولدها وتمددت عليه ، واضعة يديها على فخذيها ورددت في نفسها " مازلت شابة " وإثناء نهوضها من رقودها قالت نفسها " ما هذه المخازي " .
هرعت الى النافذة لترى الطبيعة والطيور وهي تتغازل، تنسج حياتها بحرية وبدون رقابة ، لا تدري الى أين تذهب برغابتها الدفينة ، السحيقة ، فهي لم تر من الحياة سوى مدة قصيرة أمضتها مع زوجها الذي أختطفه الموت سريعا وبقي جنينها يلبط في بطنها يريد الخروج قبل الآوان ، وبقيت في صراع دائم من أجل أن يشب ويصبح مثل الرجال ، بالرغم من كل النداءات المغرية التي كانت تستصرخها ، لكنها تجيب عليها بانها غير قادرة على جعل نفسها اضحوكة، " ولدي قبل كل شيء ومنتهى كل شيء " ، لكن الولد شب وأصبح كبيرا وصار لديه أصدقاء رائعون مثله يمضون أوقاتا طيبة معه في مزرعتها ، وهذا الشاب الاشقر يأتي اليه كل سنة ، من المدينة الكبيرة ، ليمضي معه شهرا ، يكركران الى الصباح ويتحدثان في أمور لا تفقه معناها ، حتى قالت ليلة الامس " لم لا " ومن أجل ذلك أعدت نفسها هذه الليلة ، هذه الليلة بالذات ، وهي تحاول طرد وساوس العار والخزي ، " لم لا " هو الصوت القوي الذي أخذ يصارعها .. أعدت وجبة الغداء وبانتظار اطلالتهما ، غير أن الذي حصل ، أن ولدها جاء لوحده ، وقال لها بأن صديقه غادر المزرعة لظرف طارئ بعد إتصال من أمه .. نظرت الى ولدها الشاب الجميل وقبلته فرحة ، نسيت صراخ الغابة في جسدها ومحت بسرعة دوي الطاحونة في جسدها .



#محمد_مزيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سرير المحافظ يحلق الى السماء
- القلعة العراقية
- اولاد الشوارع
- الثور
- المرقاب
- طراوة رجل
- أبنة خالة باموق
- قصة فصيرة
- نقص حنان
- الاميرة
- الصياد
- أمرأة الباص
- المجنون
- قصة قصيرة - علاقة خطرة
- رواية ( سرير الاستاذ )
- رواية الغرق - الفصل الثاني
- رواية ( الغرق )
- بحر ايجه
- ليست قصيدة
- قصة قصيرة جدا


المزيد.....




- في عيد التلفزيون العراقي... ذاكرة وطن تُبَثّ بالصوت والصورة
- شارك في -ربيع قرطبة وملوك الطوائف-، ماذا نعرف عن الفنان المغ ...
- اللغة الروسية في متناول العرب
- فلسطين تتصدر ترشيحات جوائز النقاد للأفلام العربية في دورتها ...
- عُمان تعيد رسم المشهد الثقافي والإعلامي للأطفال
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع ...
- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد مزيد - طاحون الجسد