أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - حتى لا يجف النهر














المزيد.....

حتى لا يجف النهر


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 6937 - 2021 / 6 / 23 - 17:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مخطئ من يعتقد أن مصر هبة النيل وحده. في الواقع، هي، علاوة على مواردها الطبيعية المتنوعة، صنيعة الشعوب التي سكنتها وعمرتها على مر التاريخ وهبتهم، إذا كانت هبة حقاً، إلى الجيل الحالي وأجيال المستقبل. والنيل رافد واحد فقط ضمن هذه الصنعة البديعة العريقة. هكذا تغنى المطرب على الحجار بكلمات الشاعر سيد حجاب واصفاً باني مصر بأنه "كان في الأصل حلواني، وعلشان كده مصر يا ولاد حلوة الحلوات... وادي وبوادي وبحور وجسور ومواني...." بعد تنحية العواطف الوطنية جانباً، مصر قطعة من كوكب الأرض في شكل دولة ذات سيادة مثل أي دولة أخرى عبر الكرة الأرضية. وكل الأرض عبارة عن موارد طبيعية يستكشفها ويصطنعها الإنسان بجهده وعقله ويسفيد منها في حياته ورفاهيته. والموارد الطبيعية كثيرة، كثيرة بلا حصر، حصرها الوحيد في جهد الإنسان وابتكاره.

كل الموارد الطبيعية المستغلة اليوم قد ظلت مدفونه في الأرض بلا قيمة منذ ملايين السنين حتى ابتكر الانسان لها استخداما واستخرجها وصنعها. المياه العذبة مورد واحد فقط، رغم أهميته. والمياه العذبة لا توجد في الأنهار فقط، رغم أهمية الأنهار الطبيعية. المياه موجودة في الأرض في كل مكان. الأنهار توفر المياه العذبة مجاناً، وفي غياب الأنهار لن يعدم الانسان السبيل إلى المياه العذبة، لكن بتكلفة نسبية. وحتى لو كانت معظم دول العالم الحالية قد عمرت حول الأنهار، إلا أن هناك دول كثيرة عدمت الأنهار منذ نشأتها لكنها لم تعدم السبيل إلى المياه العذبة للزراعة والشرب، السعودية ودول الخليح مثلاً.

نهر النيل قد يجف فعلاً في يوم من الأيام، ربما في المستقبل البعيد. لكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن مصر ستنتهي من الوجود بانتهاء وجود النهر. وجود مصر ليس مرهون بوجود أي مورد طبيعي مهما عظمت أهميته. وإذا كان وجودها مرهون بشي حقاً فهو سواعد وعقول سكانها وأبنائها وأجيالها القادمة. هؤلاء، المصريون، هم أصل كل شيء ومبتغاه. ومن دونهم لا يساوي النهر، ولا أي مورد طبيعي آخر، أي شيء على الإطلاق.

النزاع الجاري بين مصر وأثيوبيا حول النهر والزعامة في المنطقة سيستقر في مرحلة ما فوق "ميزان" المصالح والقوة بين البلدين. فإذا كانت إثيوبيا تلعب حالياً بورقة المياه، مصر أيضاً لديها أوراقها. وكما أتوقع، سوف تستمر اللعبة محتدمة بين البلدين لعدة عقود في المستقبل، لأنها في الأصل تنافس على الريادة والتنمية والقيادة في أفريقيا. إثيوبيا تتحدى مصر لتخطف من الأخيرة المكانة القيادية التي ظلت مصر تحتكرها طوال التاريخ الحديث وعبر حقب سحيقة متقطعة منذ الفراعنة. تلك هي المعركة الحقيقية- التنافس على التنمية والزعامة في أفريقيا. المهم، المعركة ستبرد حرارتها عبر الزمن فوق ميزان المصالح الإقليمية والتوازنات الدولية، وسيجد البلدان أن التعاون بينهما يخدم مصالحهما بشكل أفضل من تنويعات الصراع سواء المكشوفة أو المستترة.

النهر الأهم في مصر ليس نهر النيل، بل النهر البشري. إذا جف نهر النيل، يمكن تعويضه. لكن ماذا إذا نضبت حيوية الإنسان المصري وقدرته على بذل الجهد والإبتكار؟ ماذا لو سدت عنه من فوق أبواب الرزق والعيش، وحرية الحركة والتفكير والتعبير والمحاولة والخطأ والتجريب والابتكار؟ ماذا لو أمرناه: "لا تفعل شيء، نفذ ما يطلب منك فقط ولا تتعب نفسك وسنوفر لك متطلباتك من مأكل ومشرب وملبس ومسكن وخلافه"؟ هنا نجرده من آدميته، من إنسانيته، من فرديته، ومن روحه. هنا يتحول إلى مجرد آلة أو دميه بيد تمسك به وتحركه.

الإنسان هو أصل كل شيء في حياة الإنسان، ومبتغاه. الإنسان هو القيمة الجوهرية، التي من دونها يفقد كل شيء آخر مهما عظم قيمته وأهميته، بالنسبة إلى الإنسان بالطبع.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رآيت مناماً
- ذات صباح أسود حالك
- فليبقى القضيب منتصباً
- آل البيت السامي
- شرعية يوليو
- عراق في مهب الريح
- الانقلاب المبارك
- جمال وثورته
- الأنبياء المؤسسون
- ابن الله
- وطن عربي حقاً؟
- وما نيل الأوطان بالتمني، لكنها تؤخذ غلابا
- أنا الإنسان، أنا الوطن: قصةُُ حياة 7
- أنا الإنسان، أنا الوطن: قصةُُ حياة 6
- وحي السماء
- قول الصدق
- أنا الإنسان، أنا الوطن: قصةُُ حياة 5
- أنا الإنسان، أنا الوطن: قصةُُ حياة 4
- سلام على إسرائيل
- أنا الإنسان، أنا الوطن: قصةُُ حياة 3


المزيد.....




- مسؤول إسرائيلي لـCNN: ننتظر قرار ترامب بشأن إيران
- ماكرون يحذر من -تداعيات- تغيير النظام الإيراني -عسكريا-: -سي ...
- غزة - عشرات القتلى من منتظري المساعدات وإسرائيل تحقق في الوا ...
- -نيويورك تايمز-: القوات الأمريكية في حالة تأهب قصوى في قواعد ...
- أردوغان: نتنياهو أكبر تهديد لأمن المنطقة
- صفارات الإنذار تدوي في مناطق واسعة من إسرائيل بعد رصد إطلاق ...
- زيلينسكي يطلب من الدول الغربية دعما بـ 40 مليار دولار سنويا ...
- وزير مصري سابق يفجر مفاجأة بشأن الصراع بين إسرائيل وإيران
- إعلام: مستشارو ترامب منقسمون بشأن توجيه ضربة أمريكية لإيران ...
- -سي إن إن-: ترامب رفض إرسال مسؤولين للتفاوض مع إيران وتخلى ع ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - حتى لا يجف النهر