أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء اللامي - المخبوصون















المزيد.....

المخبوصون


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 482 - 2003 / 5 / 9 - 04:45
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    



                                                 

    الخبصُ فعلُكَ الخبيصَ  في الطنيجر " القِدر " والخبيصُ الحلواء المخبوصة ، وخبص خبصا أي ماثَ . و نسأل صاحب معجم "لسان العرب ":
- و ما معنى ما ثَ  يا بن منظور ؟
- معناها مَرَسَ الشيء وخلطه إذا انداف .
هذا هو المعنى القاموسي لهذه لكلمة  الفصحى ، أما معناها في اللهجة العراقية فيحمل دلالات كثيرة سنحاول استيضاحها من خلال العرض التالي لشخصيات وكتابات وممارسات عراقية :
  كتب أحد المخبوصين قبل بضعة أيام ما معناه ، إن الوجود الأمريكي  في العراق ليس استعمارا كلاسيكيا كما تزعم الكتابات "الغوغائية" التي تسمي هذا الوجود احتلالا . ويحاول هذا المخبوص أن يقيم الحجة على أن " الوجود الأمريكي في العراق " هو حالة جديدة لا سابقة لها في تاريخ الجن والأنس و لا علاقة لها بظاهرة الاستعمار الكلاسيكي . وإذا ما علمنا أن الكاتب هو أحد الذين صفقوا ودعوا وحرضوا على شن الحرب العدوانية على العراق بحجة نزع أسلحة الدمار الشامل التي لم يظهر لها أثر حتى الآن ، فسوف نفهم أن كلامه هذا يبرر الاحتلال ويغطي على المجازر التي يرتكبها الهمج الأمريكان بحق شعبنا فيما ينام رموز النظام المنهار في أمن وسلام وطمأنينة .
 إضافة صغيرة هي أن هذا السيد يصف دعاة مقاومة الاحتلال بوصف يستعيره من الترسانة الإعلامية البعثية ، فمن المعروف أن إعلام النظام البعثي الفاشي هو الذي أطلق اسم "الغوغاء " على جماهير انتفاضة ربيع 1991 في العراق ، ويبدوا أن الذاكرة الشمولية واحدة في جوهرها  سواء كانت دكتاتورية "سرمهر"  كما في حالة حزب عفلق أو ديموقراطية  "قوبيه " كما في حالة حزب بوش .
والواقع هو أن الاحتلال الأمريكي للعراق هو أخطر بكثير من أي احتلال واستعمار تقليدي ، وما يحدث الآن من تدمير منهجي للعراق ، وحشد لمسببات ودوافع الحرب الأهلية ، وتشتيت لقوى المجتمع العراقي وإعادتها إلى حالة بدائية كانت سادة في بدايات القرن التاسع عشر ،  ومن " بشائر " هذا الاستعمار الحداثوي نشوء و تفاقم  ظواهر النزاعات العنصرية والاشتباكات بين مليشيات الأحزاب الكردية المستقوية بالمحتلين والسكان العرب في مدن كثيرة آخرها معركة مدينة الخالص ، كما أطلت الأوبئة برأسها ، وقائمة الإصابات بمرض الهيضة " الكوليرة " في البصرة في ارتفاع .
   لقد بلغت الخسة والانحطاط ببعض أفراد المليشيات المتعاونة مع المحتلين أنهم طردوا ضيوف العراق ( عراق عبد الكريم قاسم  خصوصا والذي تأسس جيش التحرير الفلسطيني بمبادرة واقتراح منه  ) من العوائل الفلسطينية من بيوتها واتخذوا من تلك البيوت مقرات لأحزابهم  في حين جبن هؤلاء " الأبطال  الحزبيون  " عن التحرش بمسلحي منظمة " مجاهدي خلق " الإرهابية الإيرانية  المحمية من قبل المحتلين . دع عنك استمرار  تهريب وسرقة وتفكيك العشرات من المصانع والمؤسسات العراقية في بغداد محافظات الوسط ونقلها إلى شمال العراق أو بيعها إلى تجار التهريب في إيران . ومن حق كل عراقي أن يتساءل هو : أمام هذا الاستهتار المليشياوي والعار الذي يلحقه الحزب الأمريكي العراقي لماذا لا تتحرك المؤسسات السياسية والدينية والعلمية والإنسانية الشريفة في العراق ، وتحديدا لماذا تسكت الحوزة العلمية العراقية والأحزاب الاستقلالية والوطنية العراقية عن هذه الممارسات القذرة ؟
نعم ، احتلال العراق من قبل الغزاة الإنكلو أمريكان هو أخطر بكثير من ظاهرة الاستعمار الكلاسيكي يا سيد مخبوص ، وما تقسيم العراق إلى ثلاث محميات واحدة أمريكية وثانية بولونية وثالثة بريطانية وتجميع جيش من المرتزقة الأجانب تحت مسمى " القوات متعددة الجنسيات " إلا علامة على طريق الكارثة التي يجر الأمريكان العراق والعراقيون إليها والتي لم نرَ  منها حتى الآن سوى  قمة جبل الجماجم والدماء .
ونختصر فنقول ، أي تحرير وديموقراطية تلك التي تتسع لتشمل الخيرات التالية : وباء الكوليرا والتهجير العرقي وسرقة وتفكيك الدولة و عنصرية وسوفيتية وطائفية صاعدة و تقسيم العراق إلى محميات واشتباكات مسلحة  ومنع إصلاح المرافق الخدماتية ومجاعة تطرق الباب وصدام وقيادته على قيد الحياة في أمن وأمان ووزراؤه وضباطه يعودون إلى السلطة بالتدريج وبموافقة المحتلين ومجازر في الشوارع العامة ومقابر جماعية تكتشف بالعشرات دون رصد أو ضبط أو أرشفة وسجناء بعشرات الآلاف مجهولو المصير حتى الآن .. فهل هذه أعراض التحرير أم علامات يوم القيامة ؟ 
حجة هذا المخبوص الرافض لاعتبار الاحتلال احتلالا والاستعمار استعمارا كلاسيكيا هو أن القوات الأمريكية الحليفة جاءت وأنقذتنا من نظام فاشي همجي وفي الواقع فلا أحد ينكر أن سقوط نظام البعث الفاشي هو من النتائج الجانبية للغزو ، هذا السقوط الذي  أبهج كل عراقي شريف ولكن الثمن كان باهظا في الأرواح وغيرها ومازال الأخطر في الطريق ! وأقول ردا على هذه الحجة أن الاستعمار البريطاني " الكلاسيكي " طرح أيضا هذه التعلة في سنة 1914 حين  زعم ضباطه وفي مقدمتهم الجنرال مود أنهم جاؤوا محررين للعراقيين من همجية وظلم وخوازيق الدولة العثمانية المتخلفة التي أذاقت شعبنا مر العذاب قرابة الأربعة قرون وكان البريطانيون صادقين أيضا فقد طردوا العثمانيين من العراق وحرروه ولكن لحسابهم البريطاني الاستعمارية . الفرق هو أن أجدادنا كانوا أكثر حداثة واستقلالية منا نحن اليوم حين سخروا من جيش التحرير البريطاني وأذاقوه الويلات في حروب وثورات وانتفاضات انتهت بتحرير العراق في الرابع عشر من تموز 1958 . قاتل  قسم من أجدادنا ضد " محرريهم " الذين يسميهم بعض المخبوصين   " الاستعمار الكلاسيكي "  وركض قسم آخر منهم وكانوا أقلية خلفهم ككلاب الصيد وضباع ميدان القتال يستلقطون منهم الحقائب الوزارية والمقرات الحزبية والصحف العلنية واللجان الاستشارية  ونحن سائرون على ذات الخط مع فرق واحد هو أن كلاب الصيد هي التي بدأت العمل وليس المقاومة ومع ذلك فإذا كان من حق مؤيدي الحزب الأمريكي رفض اعتبار الاحتلال الأمريكي استعمارا كلاسيكيا بل احتلالا تحريريا وحداثويا فلماذا لا يكون من حق العراقيين الرافضين للاحتلال القول "
 نحن أيضا لسنا مقاومة كلاسيكية يا سادة ، نحن مقاومة حداثوية أيضا .. وما في حدا أحسن من حدا ، كما يقول وديع الصافي ..  آه أيها التاريخ كم أنت ماكر و فضائحي ومخبوص !

المخبوص الثاني وهو زميل قلم أعتز بصداقته قبل عدة قرون ، كتب ما معناه أن ضباط النظام البعثي الفاشي الذين سلموا بغداد إلى الغزاة ليسوا خونة طالما كانوا يخونون نظام يقوده طاغية كصدام حسين ، وقال الزميل كلاما طويلا وعريضا فهمت منه أن مفهوم الخيانة ذاته قابل للتعديل المضموني حسب وجود أو عدم وجود طاغية هو صدام حسين  وصدام حسين بالذات ! فالخائن والذي يسلم البلد والعاصمة سيكون مناضلا وطنيا إذا كان  " صاد " موجودا  في طرف المعادلة ، أما إذا استعضنا عن صاد  بسين  أو عين تربيع ، فالوطني سيكون هو الخائن ! وهكذا يحول الزميل   التاريخ  والجغرافيا والوعي الإنساني إلى جدول ضرب بائس لا روح فيه ولا معنى ! والسؤال الذي أطرحه على زميلي المخبوص هو :
وماذا إذا أثبتت الوثائق والأدلة في المستقبل إن الذي خان وسلم بغداد هو صدام حسين ذاته  وليس هذا الضابط أو ذاك  ؟ هل سيتحول الطاغية إلى بطل ومحرر أم أن البطل سيتحول إلى مجرد بغل سوريالي  ذي قرنين ملونين بالأصفر والأخضر والبنفسجي ؟

 

 

 



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات المجزرة الديموقراطية / 35/ الدلال -غارنر- في سوق الهر ...
- يوميات المجزرة الديموقراطية /34/ لماذا يفتح البيشمركة مقراته ...
- يوميات المجزرة الديموقراطية -33-: أحمد أبو رغال الكبيسي !
- توضيح : لم أتراجع عن مقاطعة - الزمان - رغم إعادة نشرها للمقا ...
- يوميات المجزرة الديموقراطية /32/ نصائح مجانية الى أهالي تكري ...
- يوميات المجزرة الديموقراطية /31/ سعد البزاز والقفزة الكبرى : ...
- يوميات المجزرة / 29 / الحوزة والصدريون وظروف مقاومة الاحتلال
- يوميات المجزرة الديموقراطية /30/ وحدة اليسار الديموقراطي الع ...
- يوميات المجزرة الديموقراطية /28/الملف السري لرئيس الحكومة ال ...
- يوميات المجزرة الديموقراطية/27/ المجلس الأعلى: ضمير العراقي ...
- يوميات المجزرة الديموقراطية /26/ لا شيعية ولا سنية ..دولة قا ...
- يوميات المجزرة الديموقراطية /25/ نعم للإدارة المدنية المستقل ...
- يوميات المجزرة /24/ نصف جيش الجلبي من بقايا أنطون لحد !
- زهرة بابونج صغيرة ؟ لا!
- قصيدة شعبية رائعة عن البطل العراقي شعلان أبو الجون لسعيد الص ...
- يوميات المجزرة الديموقراطية /23/ هل سيعيد الأمريكان صدام الى ...
- يوميات المجزرة الديموقراطية /22/ شكرا.. أهل كركوك على نضجكم ...
- يوميات المجزرة الديموقراطية /21/ سقط الصنم وستلحق به أصنام !
- يوميات المجزرة الديموقراطية /20/ مجزرة الصحفيين كمقدمة لمجزر ...
- يوميات المجزرة الديموقراطية /19/ جماعة الجلبي ، مترجمون بملا ...


المزيد.....




- أنباء عن نية بلجيكا تزويد أوكرانيا بـ4 مقاتلات -إف-16-
- فريق روسي يحقق -إنجازات ذهبية- في أولمبياد -منديلييف- للكيمي ...
- خبير عسكري يكشف مصير طائرات F-16 بعد وصولها إلى أوكرانيا
- الاتحاد الأوروبي يخصص 68 مليون يورو كمساعدات إنسانية للفلسطي ...
- شاهد: قدامى المحاربين البريطانيين يجتمعون في لندن لإحياء الذ ...
- وابل من الانتقادات بعد تبني قانون الترحيل إلى رواندا
- سوريا.. أمر إداري بإنهاء استدعاء الضباط الاحتياطيين والاحتفا ...
- طبيب: الشخير يمكن أن يسبب مشكلات جنسية للذكور
- مصر تنفذ مشروعا ضخما بدولة إفريقية لإنقاذ حياة عدد كبير من ا ...
- خبير أمني مصري يكشف عن خطة إسرائيلية لكسب تعاطف العالم


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء اللامي - المخبوصون