أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - السياسة والقمامة














المزيد.....

السياسة والقمامة


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 6858 - 2021 / 4 / 3 - 20:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



وشركات الإشهار والزيادة في «نسب المشاهدة». ويرجع مبرّر المقاطعة إلى الاختلاف حول تحديد مفهوم الترفيه والتسلية والمضامين التي ينتظرها التونسيون في هذا السياق التاريخي: كلّ حسب انتمائه الثقافي والاجتماعي والأيديولوجي وقناعاته وتوقّعاته ودرجة وعيه...
فأغلب هذه البرامج تحترف «نشر غسيل» الفنانين والإعلاميين وغيرهم أو البحث عن الإثارة وامتهان كرامة الآخرين، والإيقاع بالضيوف في شرك «الفضائحية» والتسويق للتفاهة والابتذال وردود الفعل البدائية وغيرها. ولذا فإنّها تعدّ حسب الجمهور الباحث عن التسلية الفعليّة لا المفتعلة، والثريّة لا المبتذلة برامج تسوّق للرداءة والبلادة... تتعسّف على المشاهد/ة باعتبار أنّها تزعم أنّ مستوى التونسيّ هو هذا، وأنّه لا يرغب في البرامج الفكرية أو الاجتماعيّة الجادّة والنقدية ومن ثمّة فهي برامج تراعي الذوق العامّ وما يطلبه المشاهدون. ونظرا إلى أنّ استشراء هذه البرامج أضحى ملفتا للانتباه وأنّ المشرفين عليها باتوا يتعمّدون الاستخفاف بالتونسيين فقد شاع في السنوات الأخيرة، الانتقاد والتبرّم والحديث عن «التلفزة القمامة» télé-poubelle وكذلك الإذاعة القمامة في إشارة واضحة إلى البرامج التي تفتقر إلى المضامين ذات الجودة والقيمة.
لكنّ ما يسترعي الانتباه خلال هذا «الموسم السياسي» هو انتقال هذه الرداءة والبلاهة من الفضائيات إلى عالم السياسة. فنحن أمام حوارات وأداء وممارسات وعلاقات سياسية قد نشأت في حاويات القمامة، وتغذّت من المواد المتعفّنة فـ«تخمّرت» وانتشرت الروائح الكريهة وأصبحت سامّة مضرّة بالصحّة النفسيّة للتونسيين، وهو أمر خطير لاسيما وأنّ وزارة البيئة صارت غير قادرة على عمليّة «تدوير النفايات» recyclage أو حرق النفايات بل إنّ الشرطة البيئية معطّلة وعاجزة عن إنزال العقوبات بالمخالفين ومن ثمّة انتشر المفسدون في الأرض.
«فاحت ريحتكم» قالها المحتجّون في بيروت تنديدا ببلوغ الفساد أعلى درجة، وإفراغ السياسية من مضامينها الجادّة وموت «السياسي». وها أنّ التونسيين يردّدون هذه العبارة بعد أن انتشرت عدوى «التلفزة القمامة» في صفوف الفاعلين السياسيين وعمّ الوباء وتنافس الأخوة الأعداء في الابتذال:ألفاظ سوقية وحركات جسد تسوّق للبلطجة وغزوات وتنمّر وعنف وسقوط أخلاقيّ... كلّ واحد يريد أن يعرّي المستور علّه يلفت انتباه الجمهور بمهارته في استعراض الفضائح، فيكسب الأنصار مُتاناسيا أنّ منطق «تورّي نوريّ» قد كشف الزيف والخداع وانعدام الأخلاق ومستوى الانحطاط... ولاشكّ عندنا أنّ التاريخ سيلفظ هذه الفئة الطفيليّة المنتعشة من سياق جعل من هبّ ودبّ يدعّي أنّه «سياسيّ» و«رجل دولة» وله رؤية سياسية... ولذلك يردّد المحتجّون: ستذهبون إلى «مزبلة التاريخ».
وبما أنّ السياسة صارت في بلدنا حاوية قمامة كبرى تلفظ مع كلّ يوم جزءا ممّا بداخلها فيصيبنا الغثيان وتتهاوى مناعتنا فإنّنا نعتقد أنّه آن الأوان للتخلّص منها بأسرع وقت ممكن لأنّ كلّ المعقّمات والتلاقيح لن تساعدنا على مقاومة «كورونا السياسة».
لاطائل، في نظرنا، من وراء البحث عن مشاريع الإصلاح وبعث أكاديميا السياسة والديمقراطية ... فالفئة التي صارت تستحوذ على اهتمامنا هي «البرباشة» بعد أن ارتفع عددهم وصاروا مرئيين تراهم في الأحياء «الراقية» يفتّشون في حاويات القمامة، ويقتاتون على بقايا موائد «الأثرياء» يجمعون ما يعثرون عليه ويُعدّ في نظرهم ذا قيمة... تتحدّث إلى أغلبهم فترى عيونا غائرة وبالا شاردا.
وتكمن المفارقة في أنّ سياسييّ القمامة لا يكترثون بهذه الفئة ويعتبرونها غير مرئية، وعلى الهامش والحال أنّنا جميعا صرنا غير مرئيين في نظر من يعتبرون أنفسهم مجرد أرقام ... عابرون في حياة لم يختاروها. وهؤلاء لا يبالون بمن نجح في الانتخابات ومن حاك الدسائس لمن لا يعرفون أصلا من يحكم البلاد ولا يسمعون بالرؤساء المتناحرين على المواقع والسلطة ...
هذه بعض أسرار القمامة وأشكال التصرّف فيها وقائمة الفاعلين المنتسبين إليها وحقّ لنا اليوم إقحام مبحث القمامة في كلّ المجالات: السياسية والإعلام والتعليم والثقافة...



#امال_قرامي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لولا الخوف «لزغردت النهضاويات»
- تدمير الفعل السياسيّ
- التدافع
- تمثّل الثامن من آذار ومحدداته
- ألا هبوّا وانزلوا إلى الشوارع
- البون الشاسع بين اهتمامات السياسيين ومشاغل الناس
- من يحمي الأمنيين من أنفسهم؟
- أزمة الرجولة
- المشيشي يعتصم بالحزام والقوى الاحتجاجيّة تطالبه بالبرهنة على ...
- مجلس الهياط والمهايطة
- الإعلام والتطبيع مع العنف
- انتهت الفرص وعيل الصبر
- قراءة في الانتخابات الأمريكية من منظور سياسات الهويات
- جمهور تقوده الأهواء
- المجلس بعيون نوّابه: «وشهد شاهد من أهلها »
- مجتمع يتحوّل.. وقوم لا يبصرون
- مسؤوليّة الإعلام في الحدّ من ظاهرة العنف
- الأحزاب والهجرة اللانظامية
- الغنوشي ومحنة الخروج من موقع القيادة
- كلام موجع حول التعاطي مع الإرهاب


المزيد.....




- في خطوة غير مسبوقة... غواصتان نوويتان أمريكيتان تتحركان نحو ...
- الولايات المتحدة: فيضانات مفاجئة تغمر الشوارع وتشل حركة السف ...
- إيران تعيد 1.5 مليون أفغاني إلى بلادهم، وتتهم بعضهم بـ -التج ...
- ماذا قال ترامب عن بوتين والعقوبات على روسيا بعد نشر الغواصتي ...
- اتهامات أمميّة لإسرائيل بتحويل نظام المساعدات إلى -مصيدة موت ...
- باريس توقف إجلاء غزيين بعد كشف تصريحات معادية للسامية لطالبة ...
- هل ستمنح غيسلين ماكسويل الشريكة السابقة لجيفري إبستين عفوا ر ...
- كامالا هاريس تكشف عن موقف -لم تتوقعه- في ولاية ترامب الثانية ...
- ايه آي2027: هل يمكن أن تكون هذه هي الطريقة التي قد يدمر بها ...
- مصادر أممية: إسرائيل قتلت في يومين 105 من الباحثين عن المساع ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - السياسة والقمامة