أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - جمهور تقوده الأهواء














المزيد.....

جمهور تقوده الأهواء


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 6720 - 2020 / 11 / 1 - 09:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



صار من المتوقّع مع كلّ حدث إرهابيّ أو بيان سياسيّ أو جريمة أو فاجعة... أن تنطلق تعليقات المتلقّين للخبر وتنتشر المواقف الانطباعية والانفعالات:

الغضب والحنق والاستياء والتعبير عن الكره: كره الذات وكره الآخر... وكأنّه لا مجال للتريّث والتدقيق في المصادر المتنوّعة والاستقصاء ومحاولة استيعاب ما حدث والبحث عن مصادر أخرى للتحقّق من الوقائع... وكأنّه لا وقت لدى الجمهور للتدبّر والتفكّر إن هي إلاّ أهواء (غضب ...) تتلاعب بهم فتدفعهم إلى التعبير عن المكبوت والمكتوم والقابع في اللاوعي والمتخيّل...

فما إن ذاع خبر الاعتداء الوحشيّ على المصلّين في كنيسة نيس حتى انطلقت التعليقات والتأويلات والتدوينات وغيرها. وانخرطت الجموع في إصدار الأحكام وتحميل مسؤولية ما حدث إلى هذا الطرف أو ذاك. ثمّ سرعان ما انتشرت صورة «القاتل» وحدّد اسمه ولقبه ومدينته، ووُصف المسار الذي قطعه من لامبادوسا Lampedusa إلى فرنسا. ولم تمر بعض الساعات حتى ظهر فيديو لوليد السعيدي يؤكّد فيه على تبنّي «جماعة أنصار المهدي بتونس والمغرب العربي» للعمليّة ويهدّد فيه «الصليبيين ومن والاهم إلى يوم الدين» بالذبح «انتصارا لرسول الله».

إنّ ما يسترعي الانتباه في ردود الفعل والتعاطي مع هذه المعلومات ذات السمة الانسيابية هو استعداد أغلب المتفاعلين، وهم من المُدينين للتطرّف والإرهاب، للدفاع عن وجهات نظرهم بكلّ شدّة، ولا ضير إن لعن الواحد منهم من خالفه في الرأي، وشتمه واحتقره... فالسياق يُحفّز على إظهار «الحماسة» وممارسة «الهجاء»، أي العنف اللفظيّ والرمزيّ وتلك لعمري مفارقة من بين مفارقات أخرى: أن يمارس العنف بدعوى إدانة العنف والتطرّف والإرهاب.

أمّا المناصرون لـ«غزو بلاد الإفرنج» و«تركيع فرنسا»، والمتأثّرون بأدبيات «الصارم المسلول على شاتم الرسول» فإنّهم وجدوا في شعار «نصرة رسول الله» ضالتهم. فأظهروا الفعل الإجرامي في ثوب «الجهاد» وبرّروا التوحّش باسم الغيرة على الإسلام و«الاستشهاد في سبيل الله».. ولم يجدوا حرجا في التعبير عن مشاعر الفرح والحبور والغبطة والتماهي مع من قتلوا أخذا بالثأر وحماية للعرض إذ لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى ... حتى يراق على جوانبه الدمُ

ولا مانع لدى هؤلاء الناقمين على فرنسا والغرب أن يتلاعبوا بالعقول «بفبركة الفيديوهات» وتغيير المعطيات وإذاعة الإشاعات. فهوية المعتدي في مدينة Avignon ، وهو فرنسيّ، تصبح هويّة الإرهابيّ التونسيّ في محاولة للتضليل وكسب مزيد الأنصار إذ «لا علاقة للإسلام والمسلمين بعملية نيس».

إنّ هذه المواقف المتشنّجة والمتسرّعة تُبين عن مدى هيمنة الأهواء (الغضب، الفرح،...) على أصحابها، وعسر عقلنة المواقف وما يواجهه الفرد من أزمات وأحداث في حياته اليومية، وهو أمر يحول دون توفير مناخ حقيقيّ للنقاش المعمّق الذي تواجه فيه الفكرة بالحجّة ويقابل فيه الرأي المتهافت بالمنطق والبرهان. إنّه مناخ يحجب إمكانات متنوعّة للتفاعل مع الطارئ والمباغت والصادم والمربك للقناعات والمسلّمات والمزحزح للحدود. ولا غرابة في ذلك ما دمنا غير محصّنين، فنظامنا التعليمي ومناهجنا التربوية تجعلنا في الغالب، غير قادرين على حسن الإصغاء واستيعاب ما يحدث وإدراك الخلفيات الثاوية . أمّا أدوات التحليل المعتمدة لدينا فقد صارت قاصرة عن تقديم فهم مغاير يواكب ما ينتج معرفيّا هنا وهناك. ولا تسل عمّا فعلته البرامج التلفزيونية «الترفيهية والسياسية» ووسائل التواصل بنا حتى بتنا نطالب بالحقّ في الصحة النفسية.

العالم يتحرّك من حولنا وتعاد فيه صياغة الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية وتبتكر فيه مفاهيم ومصطلحات ونظريات ومقاربات ونحن لا نكاد نبرح مكاننا نقف على الأطلال فنتحسّر على الماضي التليد والأمجاد، ونغضب عند قراءة قصيدة، ونطرب عند سماع آية فنردّد «الله الله»، ونثور لرسم كاركاتوريّ فنذبح باسم الله ونكبّر... هي الأهواء (الجشع، الغضب، الندم، البغض،الكراهية...) تسيطر على سلوكنا وخطاباتنا وقراراتنا فتُفتح مساحات للتعبير عن العواطف والمشاعر وتتسع دائرة التوتّر، والخصومات والصراع، والعنف.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجلس بعيون نوّابه: «وشهد شاهد من أهلها »
- مجتمع يتحوّل.. وقوم لا يبصرون
- مسؤوليّة الإعلام في الحدّ من ظاهرة العنف
- الأحزاب والهجرة اللانظامية
- الغنوشي ومحنة الخروج من موقع القيادة
- كلام موجع حول التعاطي مع الإرهاب
- «إياك أعني واسمعي يا جارة»
- ما وراء ردود أفعال الأحزاب على حكومة «المشيشي»
- تأملات في مسار الانتقال الديمقراطي
- وقفة تأمّل في دلالات «عيد المرأة التونسيّة»
- هل يستخلص «المشيشي» الدروس من التجارب السابقة؟ ما الذي جناه ...
- التجربة التونسيّة في بؤرة التحديق
- الأداء السياسيّ طريق لانتزاع الاعتراف
- من ثقافة تبرير الفساد إلى التربية على ثقافة المساءلة والمحاس ...
- الترفّق بالديمقراطية الناشئة
- مجلس الشعب و«التسويق» لثقافة العنف
- الشباب والحكومة وثنائية: المركز والهامش
- عرس ديمقراطيّ أم تعرية لواقع متأزّم؟
- معركة: الصناديق
- الغنوشيّ ... والاختبار العسير


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - جمهور تقوده الأهواء