أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - من ثقافة تبرير الفساد إلى التربية على ثقافة المساءلة والمحاسبة














المزيد.....

من ثقافة تبرير الفساد إلى التربية على ثقافة المساءلة والمحاسبة


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 6611 - 2020 / 7 / 6 - 09:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أطاح الفساد بأنظمة استبداديّة كثيرة:
إيران وأوغاندا 1979، الأرجنتين 1982، الفلبين والبرازيل 1986 وأندونيسيا 1998وغيرها.

وكان من المتوقّع مع تجارب الانتقال الديمقراطي أن يتحوّل ملفّ «الفساد» إلى أولويّة تأتي على رأس كلّ المشاريع والتصوّرات ليتولّى الفاعلون الجدد من خلالها، تأسيس مسار إصلاحي جذريّ يتجاور فيه بناء الديمقراطية مع مكافحة الفساد. ولكن أثبتت هذه التجارب السياسية على اختلافها، أنّ «اللعبة السياسية» ورهانات السلطة والرغبة في ممارسة الحكم تأتي على حساب وضع آليات دقيقة لمراقبة الأنشطة المؤدية إلى الفساد، والعمل على الحدّ من هذه الظاهرة. وانطلاقا من هذه الخيارات: الواعية أو غير الواعية مثّل الفساد تحدّيا كبيرا ونقطة سوداء في تجربة الانتقال الديمقراطي.

ونقدّر أنّ ظاهرة الفساد قد مرّت في تونس بموجات عديدة تزامنت كلّ موجة مع تجربة مخصوصة في الحكم اقترنت في حالات، بغياب التصوّرات وقلّة الخبرة، وضعف مؤسسات الدولة، واتصلت في حالات أخرى، ببعض العوامل كتأزّم الوضع الاقتصاديّ وانتشار الإرهاب واتّساع مجال أنشطة التهريب وغيرها دون أن نتغافل عن هويّة الفاعلين في الحكومة. فأغلب الّذين «هندسوا» مرحلة الانتقال الديمقراطي لم يبدوا أيّة إرادة حقيقية في التصدّي لأخطبوط الفساد بل وجدنا من بين هؤلاء من استغلّ هذا الملفّ لصالحه فوظّفه وتلاعب به واستعمله لكسب تموقع سياسيّ أو لتهديد خصومه وعثرنا على من تدرّب على ضروب من الفساد المقنّع ومن اكتسب مهارات وطوّر خطاب التبرير والاستدلال ...

ويسمح لنا هذا التشخيص السريع بالإقرار أوّلا: بمحدودية دور مؤسسات الدولة في التصدّي لظاهرة الفساد وقدرتها على رسم السياسات الناجعة، وثانيا: بأهميّة السياق الاجتماعيّ الذي أثّر في مسار نموّ ظاهرة الفساد فجعله يحظى بمقبولية اجتماعية. فالمتأمّل في ردود فعل التونسيين تجاه قضايا الفساد ينتبه إلى أنّها لا تتجاوز الانتقادات اللاذعة والاستنكار والتعجبّ فهي مجرد ‹حالة نفسية› تنتاب البعض ولا تشكّل لديهم هاجسا يدعو إلى التفكّر والتدبّر في وسائل العلاج. ولذلك سرعان ما يطوى ملف «الفضيحة» ويفقد الحدث أهميته ويتناسى القوم التفاصيل، وهو أمر مفهوم إذ الكلّ مورّط في سلوك ينمّ عن دخلنة الفساد بشكل أو بآخر، والكلّ يبرّر بأنّ بعض المسالك ‹مقبولة› لقضاء المصلحة الذاتية وضررها قليل بل لا وجه للمقارنة بين فساد الحيتان، والأسود و«تحيّل» المستضعفين من أجل قوت اليوم فهي «ضمار» و«تدبير راس» و«فهلوة»...

وبالرغم من استماتة عدد من الناشطين الحقوقيين في فضح شبكات الفساد ونضالهم من أجل إسقاط ‹نظام بن عليّ الفاسد› فإنّ هذه الأصوات خفتت في مرحلة الانتقال الديمقراطي ولم تعمل على تكوين حركة مقاومة قوية (منظمات، جمعيات...) anti-corruption تهدف إلى التصدّي لظاهرة الفساد مع أنّ استعادة المجتمع المدنيّ لدوره الفعّال لها ما يبرّرها في هذا الفضاء السياسي الجديد. فمتى قصرت الدولة في رسم سياسات ناجعة للحدّ من الفساد وغابت الإرادة السياسية تعيّن على المجتمع المدنيّ أن ينهض بدوره. ونذهب إلى أنّ مساحات تدخّل المجتمع المدنيّ لا تتوقّف عند برامج التوعية بالمفاهيم والمصطلحات (الفساد، المساءلة الأفقية والعمودية، الداخلية، الخارجية ،المحاسبة، الحوكمة...) والتفاعل مع بعض المبادرات التشريعية التي تهدف إلى تسهيل بعض العمليات...بل نحن في أمس الحاجة إلى رصد أوجه الفساد في المؤسسات التربوية والتعليمية والطبية والثقافية والإعلامية والأمنية والاقتصادية وغيرها لتحليلها وشرح دواعي تورّط الناس في هذا السلوك وضبط درجات الفساد.

إنّ الجميع معنيّ بتغيير البوصلة: الانتقال من وضع المشاهدة والفرجة والولولة إلى الفعل في الواقع من خلال الانخراط في العمل الجمعياتي، والتحوّل من قراءة مؤشر ارتفاع حالات الفساد إلى إنتاج بحوث متخصصة في مجالات لها صلة بالفساد تتجاوز العلوم السياسية والقانونية إلى البحوث الاجتماعية، والنفسية والأنتبولوجية والجندرية وغيرها علّنا بذلك نتمكنّ من وضع خطّة وطنية شمولية لمكافحة وباء الفساد.

إنّنا بحاجة إلى عقد اجتماعيّ جديد يضع ملفّ الفساد في الصدارة... إنّنا بحاجة إلى الانتقال من ثقافة «تدبير الراس، ومشي حاجة، وأعطيني قهوتي...» إلى التربية على ثقافة المساءلة والمحاسبة.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الترفّق بالديمقراطية الناشئة
- مجلس الشعب و«التسويق» لثقافة العنف
- الشباب والحكومة وثنائية: المركز والهامش
- عرس ديمقراطيّ أم تعرية لواقع متأزّم؟
- معركة: الصناديق
- الغنوشيّ ... والاختبار العسير
- سياسات ارتجالية
- لثم الوجه ...ولا تكميم الأفواه
- العنف ضدّ النساء في زمن الكورونا
- حين تتحوّل الكورونا إلى مرآة نرى فيها عيوبنا
- طقوس الموت في زمن الكورونا
- هل نحن على استعداد لمواجهة تداعيات الأزمة؟
- الكورونا بين السياسيّ والدينيّ
- 8 مارس 2020 عندما تُضرب الفتيات والنساء
- السياسة بين «الطهر والنجاسة»
- السياسة والجدل حول اللغة
- «ليلة سقوط الحكومة» من منظور التحليل الجندري
- روائح المطبخ السياسيّ
- الهجانة السياسيّة
- الشجاعة في مواجهة الظاهرة: العنف ضدّ النساء والسياسة


المزيد.....




- شاهد.. فوضى وذعر بمركز تجاري بالدوحة عقب هجوم إيران الصاروخي ...
- إيران تدعي سقوط 6 صواريخ على قاعدة العديد الجوية.. وتؤكد: ال ...
- أول تعليق من إدارة ترامب بعد هجوم إيران على قاعدة العديد بقط ...
- تداول فيديو مزعوم عن -هروب جماعي من قطر نحو السعودية عبر منف ...
- وزارة الصحة الفلسطينية في غزة: مقتل أكثر من 17 ألف طفل منذ ا ...
- تضامن عربي مع قطر إثر القصف الإيراني لقاعدة العديد
- حماس تنفي بيانا منسوبا إليها بشأن التصعيد العسكري في الخليج ...
- قراءة في الحسابات الإسرائيلية بعد الضربة الأميركية لإيران
- عشرات الشهداء في غزة والقسام تعلن استهداف 3 جنود إسرائيليين ...
- الفلاحي: إيران بدأت تنوع أهدافها وتستهدف إيلام إسرائيل


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - من ثقافة تبرير الفساد إلى التربية على ثقافة المساءلة والمحاسبة