أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - السياسة والجدل حول اللغة














المزيد.....

السياسة والجدل حول اللغة


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 6492 - 2020 / 2 / 16 - 09:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



مجالات الصراع حول السلطة متعدّدة تتمظهر في السياسيّ والاجتماعيّ والاقتصاديّ والدينيّ والثقافيّ، ونجد لها أثرا في المعارك

التي تُخاض تارة باسم الدفاع عن المقدّس أو الدولة أو الهوّية... وباسم التطوّر والمدنيّة والحداثة طورا آخر. ولكن قلّما انتبه التونسيون إلى الصراع الذي يُخاض منذ انطلاق مسار التحوّل الديمقراطيّ حول لغة التواصل في فضاءات مختلفة كالمجلس التأسيسيّ ومجلس الشعب، وفي وسائل الإعلام وآخرها المناظرات السياسية فضلا عن لغة صياغة الخطاب السياسيّ، والبيانات الصادرة عن رئاسة الجمهوريّة وغيرها.

إنّ موضوع العلاقة بين الفصحى واللهجة التونسيّة من جهة، والفصحى واللغات الأعجمية ،من جهة أخرى من أهمّ المواضيع التي توضّح الصلة بين السلطة واللغة، ودور قوى التغيير في إحداث الإرباك والخلخلة... ولا بدّ أن نتذّكر في هذا السياق كيف أراد أغلب نوّاب حزب النهضة فرض اللغة العربية، بدلالاتها الرمزيّة وأبعادها الهووية، لغة للنقاش داخل المجلس التأسيسيّ، وكيف كانت ردود الفعل تجاه تونسي/تونسيات المهجر اللذين وجدوا أنفسهم في مأزق وفي موضع سخرية قُصد منه إبراز التفوّق اللغويّ في مرحلة بدا فيها «عرض الذات» أوّل خطوة للتموقع السياسيّ التسلّطيّ. وعلينا أن نتذكّر أيضا كيف حُسم النزاع بالاعتراف بإمكانية «التعايش» اللغويّ فبدا تجاور الفصحى مع اللهجة التونسية في مرحلة لاحقة ، مقبولا في التواصل السياسيّ.

ولا يمكن أن نتغاضى عن محاولات تجاوز واقع التهميش و«الحقرة» على المستوى اللغوي والتراتبية التفاضلية بين اللهجات إذ سرعان ما فُرضت ممارسة لهجات كان التونسيّ/ة يجد حرجا في الإعلان عنها حتى لا يُصنّف ضمن فئة «ما وراء البلايك» و«Zéro 8» فصار النائب يتحدّث بكلّ أريحية عن مواقفه وتصوراته «بلغته الأمّ» دون أن يلتجئ إلى وضع قناع «البلدية» و«المتحضرين». والواقع أنّ الجدل حول هيمنة لغة على أخرى ولهجة على أخرى و فرض قواعد اتصالية جديدة في وسائل الإعلام لم يقف عند ذلك الحدّ إذ سرعان ما «فُرض» على المثقفين/ات والجامعيين و«الخبراء» تغيير السجلّ اللغوي والمعجم الاصطلاحي حتى يكسبوا ودّ الشعب ويحتلّوا مرئية تليق بهم. وبين التوفيق بين الفصحى واللهجة المحلية والتحكمّ في العبارات الوافدة والدخيلة صار التفاوض ليغدو الأهمّ هو تبليغ الرسالة. وفي سياق الصراع حول المرجعيات التزم الفرنكوفونيون بقواعد اللعبة، فراحوا يستنجدون باللهجة التونسية كلّما خانتهم العبارة وفي المقابل سعت قيادات إسلامية تأثرت بالأنجلوسكسونيّة زمن المنفى إلى توشية خطابها ببعض العبارات.
وضمن هذا الصراع يتنزّل الجدل اليوم، حول أسباب اختيار رئيس الجمهوريّة استعمال اللغة العربية لغة للتواصل، وإصراره على هذا الاختيار رغم كلّ الانتقادات التي وجّهها الإعلاميون له منذ وصوله إلى السلطة، وكلّ الانتقادات التي وجّهها له أهل اللغة والمدافعون عن صفويتها les puristes. وقد تحوّل النقاش إلى فرصة للتأويل والبحث عن تموقع «سعيد» الأيديولوجي. فهو يتفق في نظر البعض، مع ما يروّج له الإسلاميون من ادعاءات تتهم الزعيم بورقيبة بالاعتداء على اللغة العربية الفصحى وفرض التغريب، وهو في نظر فئة أخرى مناصر للقوميّة، وهو حسب البعض مستوعب لما أتت به دراسات ما بعد الاستعمار من مفاهيم، وهو في نظر البعض الآخر صاحب «نمط لغوي» يتماهى مع روح الثورة، وهو في نظر آخرين «ثوري» خارج عن «النمط الحداثي»...

ولاشكّ عندنا أنّ واقع استعمال اللغة العربية بعد التحوّلات التي عرفها مجتمعنا حريّ بأن يُدرس ذلك أنّه يرتبط بتصوّرات ومواقف يفرضها «المدّ الثوري»، وما ينجم عنه من محاولات لإعادة النظر في تاريخ الدولة المعاصرة وكلّ ما يصاحب هذا الموضوع من جدل حول السياسات اللغويّة التي فرضتها دولة الاستقلال وغيرها من المواضيع. ولكن نرى في ردود الفعل على «ثبات سعيد» على موقفه من لغة التواصل ما يشير إلى ديناميكية جديدة بين السلطة والسلطة المضادة، وبين السياسي والمبدع تجلّت في نصّ بلقاسم بن جابر: «في ولاية الأمير أبي الدهماء قيس بن أبي سعيد». جعل الله زمنه سعدا وخيرا ولله الأمر من قبل ومن بعد... «جعل الله زمنه سعدا وخيرا ولله الأمر من قبل ومن بعد».

فهل سيكون «سعيد» محفّزا للمبدعين فنستعيد عصر المقامات؟



#امال_قرامي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «ليلة سقوط الحكومة» من منظور التحليل الجندري
- روائح المطبخ السياسيّ
- الهجانة السياسيّة
- الشجاعة في مواجهة الظاهرة: العنف ضدّ النساء والسياسة
- في محاولات صناعة الشخصية السياسية الكاريزماتية
- في طرق استقبال مبادرات الشباب
- مساءلة
- في أداء المترشّحين وأشكال عرض الذات
- النسوان في قلب العمليّة الانتخابيّة
- ساعة الحسم
- الوصم السياسيّ: قراءة في سلوك الناخبين
- حيرة الناخبين
- أن تكوني سياسيّة في تونس2019
- أسئلة غير بريئة أطرحها في زمن ديمقراطية المشاعر
- هل يؤمن السياسيون بمبدإ التداول ؟
- جثث المهاجرين تفضح الصمت المخجل للفاعلين السياسيين
- محاولات ترسيخ «الأبوية السبسيّة»
- الجهاد بالوكالة
- حدث ومواقف أو انقسام التونسيين حول موت محمّد مرسي
- الأعمال الخيريّة في الدولة المدنيّة


المزيد.....




- -هل من صحوة؟-.. مفتي سلطنة عُمان يهاجم سعي بعض العرب للتطبيع ...
- بلد عربي على رأس القائمة.. ترامب يفرض رسوماً جمركية جديدة عل ...
- رسائل بين دمشق وتل أبيب.. المبعوث الأمريكي: الشرع شريك يمكن ...
- اكتشاف مدينة غامضة تحت البحر يرجح أن عمرها أقدم من أهرامات م ...
- الولايات المتحدة: أبل تسجل أرباحا قياسية مع ارتفاع مبيعات آي ...
- اعتداءات بالضفة والمستوطنون يتأهبون لاقتحام واسع للمسجد الأق ...
- الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ درع أميركا الداخلي لمواجهة ...
- مبعوث ترامب يزور موسكو وزيلينسكي ينفي سقوط مدينة بالشرق
- مقطورات مغمورة ومركبات عالقة.. شاهد نتائج الفيضانات الخطيرة ...
- بايدن يُحذر: أمريكا تواجه -أياما مظلمة- في عهد ترامب


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - السياسة والجدل حول اللغة