أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - الأعمال الخيريّة في الدولة المدنيّة














المزيد.....

الأعمال الخيريّة في الدولة المدنيّة


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 6257 - 2019 / 6 / 11 - 09:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



العيش الكريم لجميع المواطنين؟

سؤال وجيه يطرحه أغلب التونسيين اليوم، وهو معبّر عن تمثّل للدولة يصلها بالرموز الأنثوية فهي «الأمّ الراعية» والحنون والخدوم التي يجب أن توفّر كلّ الاحتياجات لأبنائها وقد عكست لغة الدستور هذه النظرة إذ نعتت الدولة في عديد الفصول بأنّها راعية وضامنة وساهرة... ولكن يبدو أنّ هذه الدولة قد وصلت مرحلة الشيخوخة أو المرض فما عادت قادرة على أداء مهامها وتقديم الخدمات. ولعلّ وزارة الشؤون الدينية تعدّ أبرز مثال عن عجز بعض الوزارات عن تغيير طريقة عملها وخطابها بما يتلاءم مع السياق الجديد. فالمشرفون على إدارة الشأن الدينيّ لم يتجرّؤوا على تحفيز الناس على بذل أموال الحجّ في خدمة الصالح العامّ كبناء المستشفيات وتجهيزها إلى غير ذلك من الخدمات.

وأمام هذا الوضع حلّت بعض مكونات المجتمع المدنيّ لتضطلع بدورها في سدّ الفجوة بين الطبقات وتذليل بعض الصعوبات وتقديم بعض الحلول.ومن هذه المنظمّات والجمعيّات التي عرفت تطوّرا ملفتا للانتباه في السنوات الأخيرة: الجمعيّات الخيريّة التي تقدّم بعض الخدمات الصحيّة والتعليميّة وغيرها.

غير أنّ ما يثير القلق في عمل هذه الجمعيّات الخيريّة هو أنّ عددا منها بات يروم الحلول محلّ الدولة إذ يلتبس العمل الخيريّ، في نظر المشرفين على هذه الجمعيّات، بالدعويّ وبالسياسيّ وبالأيديولوجيا. ففي مقابل المساعدات التي تقدّم لمختلف الأفراد (شباب وكهول وشيوخ ونساء...)هناك ولاءات تُبنى وانتماءات تعزّز الأحزاب ودعاية تنجز لفائدة القيادات الحزبيّة. فليست «القفّة» التي تقدّم في الأعياد وفي رمضان وغيره من المناسبات سوى وسيلة لكسب أنصار جدد للحزب يدافعون عن «قرب» المسؤولين من الشعب وخدمتهم «للزواولة» ويساهمون في الترويج لخطابات القياديين.

وحين يظهر العمل السياسي في لبوس العمل الخيريّ تتضّح عمليّة التلاعب بالعقول والقلوب ويغدو النشاط الخيريّ وسيلة لتصنيف الناس وأداة لمراقبتهم وأداة تساعد على تأسيس القاعدة الاجتماعية والسياسية للحزب. ولئن كان هذا الشكل المتعارف عليه بالنسبة إلى الجمعيات الخيرية ذات التوجه الدينيّ فإنّ جمعيّات أخرى أصبحت هي الأخرى مطيّة لتحقيق الطموح الشخصيّ والتأثير في نوايا التصويت. أمّا الجامع بين كلّ هذه الجمعيّات الخيريّة فهو إصرارها على «مسرحة» العمل الخيريّ وتوظيفها لصور المنتفعين بالخدمات من أجل التموقع ونيل مزيد من الامتيازات. ولا يهمّ إن انتهكت كرامة المعوزين الذين يقبلون على موائد «الرحمة» أو تحوّلت أجساد المختونين «مجانّا» إلى فضاء للعرض، بل لا يهمّ الوصم وما تخلّفه هذه الأحداث في نفوس الصبيان . فكم من فتى عيّره خلاّنه بأنّه «ختن في الشعبة» ...

إنّ هذه الممارسات القائمة على استغلال الآخرين وتحويلهم إلى أدوات لتحقيق أغراض متعدّدة كالاستقطاب في مجال التطرّف العنيف أو التوظيف في الحملات الانتخابية وغيرها يفرض إعادة النظر في ضبط مفهوم العمل الخيريّ وتحديد هويّة الجمعيّة الخيريّة تشريعيّا واجتماعيا فضلا عن ضبط مهامها ومسؤولياتها دون أن نتغافل عن ضرورة إلزامها باحترام الدستور وما نص عليه من قيم وفي مقدمتها الكرامة وكذلك إخضاعها للمراقبة والمساءلة والمحاسبة.

إنّ من مهامّ الجمعيّات التي تروم خدمة الصالح العامّ في الدولة المدنيّة ترسيخ مبدأ العمل التطوّعي لدى جميع الأفراد، وخاصّة الناشئة وحثّهم على العطاء دون مقابل وتشجيعهم على أخذ زمام المبادرات والتفكير في البدائل والانخراط في العمل الجماعيّ إلى غير ذلك. أمّا مسؤولية المواطن فتكمن في ممارسة اليقظة ومطالبة الجمعية برقم التسجيل وقانونها الداخلي إلى غير ذلك من التفاصيل التي تساعده على التمييز بين الجمعيات التي تلتزم بالعمل وفق الضوابط القانونيّة والجمعيات الفاقدة للمصداقية fake charity وتحميه في ذات الوقت من الوقوع ضحيّة التلاعب بالعقول.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التونسيون والمسؤوليّة الاجتماعيّة
- «محتسبون»: في مواجهة الحريّات الفرديّة
- مستقبل تونس في المشاريع لا في الأشخاص
- القطيعة
- الجزائريات: في الصفوف الأماميّة
- الإرهاب وقاعدة الفرز
- ردود الفعل على انتهاك حقوق الولدان والأطفال
- الحركة النسائيّة التونسيّة والنقد الذاتيّ
- حقوق النساء في المركز ولكن إلى حين
- المواصفات الجديدة للمترشّحين
- في الاستقطاب الأسري: ما العمل حين يكون الأب مجنّدا للأبناء؟
- ضحايا صناعة التطرّف: ما بين «مدرسة الرقاب» وسجون بلدان النزا ...
- جيل التحوّل الديمقراطي
- التونسيّون تحت المجهر
- مدرسة العنف ...
- في الحق في عدم الصوم....«موش بالسيف» ...
- قراءة في الحملات الانتخابية البلدية
- في الأداء السياسي
- 8 مارس بطعم نضالي: بنات الحداد أم بنات بورقيبة؟
- وقفة تأمّل ...


المزيد.....




- صور صادمة من غابات الأمازون إلى مناجم تشيلي توثق حجم الجمال ...
- من -سارق الأرز- إلى نقانق الدم.. اكتشف ألذ أطباق كوريا الجنو ...
- السعودية تُعلق على اتفاق وقف إطلاق النار بين -طرفي التصعيد- ...
- وزير دفاع إسرائيل: سنرد بقوة على انتهاك إيران لوقف إطلاق الن ...
- الجيش الإسرائيلي: صواريخ أُطلقت من إيران بعد وقف إطلاق النار ...
- ألمانيا ـ قطاع صناعة الأسلحة يطالب حلف الناتو بضمانات سريعة ...
- هجوم إيراني على قاعدة العديد الأمريكية في قطر: إدانات دولية ...
- إيران تستهدف قاعدة العديد الأمريكية في قطر والدوحة تعتبر اله ...
- -هنيئا للجميع-... ترامب يعلن نهاية الحرب بين إيران وإسرائيل ...
- ست موجات جديدة من الصواريخ الإيرانية على إسرائيل خلال ساعتين ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - الأعمال الخيريّة في الدولة المدنيّة