أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - امال قرامي - أن تكوني سياسيّة في تونس2019















المزيد.....

أن تكوني سياسيّة في تونس2019


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 6321 - 2019 / 8 / 15 - 16:43
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


وقلّما خرجنا من سرديّة الفخر والاعتزاز بمكاسب «المرأة» التونسية إلى ممارسة النقد الذاتيّ للحركة النسويّة، ومراجعة «الثوابت» و«المقدّسات» التي سيّجتها. ولكن فرض علينا السياق المفصليّ الذي نمرّ به أن نتأمّل اليوم في «دخول التونسيات» إلى سباق الترشّح إلى منصب «رئيس الجمهورية» رغم وعي أغلبهنّ بأنّ حظوظهنّ قليلة، وإدراكهنّ أنّ العوائق لا تزال كثيرة. فالترشّح لهذا المنصب، يبقى في المتخيّل الجمعيّ، حكرا على الذكور، وتظلّ النساء حسب الرأي السائد، دخيلات ووافدات، وطفيليات على عالم السياسيّة الذي يعتبر ذكوريّا بل أحيانا خاصّا بمفتولي العضلات.

غير أنّ عبير موسي واجهت هذه التحديّات وكانت مصرّة على إبداء رغبتها الجديّة والشديدة في تحمّل المسؤوليّة السياسيّة ،وعلى أن تكون أوّل امرأة تقدّم ترشّحها (ترتيبها الرابع). على خلاف سلمى اللومي التي تأخّرت في تقديم ترشّحها لحداثة عهد الحزب الذي أسّسته وتعثّر مساره منذ البدء. ونستشف من وراء حرص «موسي» على الترشّح ما يدلّ على حسن إدارة الحملة الانتخابية التي جعلت الحزب جاهزا لخوض ما قبل الموعد المحدّد وإلى جانب هذين الوجهين المعروفين في الساحة السياسية برزت مجموعة من الأسماء: لمية الخميري، رقية الحافي، فتحية معاوي، روضة الرزقي، ليلى همامي،(التي سبق وأن ترشحت في سنة 2014) حميدة بن جمعة،روضة قفراش، ضحى الحداد، زهرة مهني، مليكة الزديني.
ولعلّ اللافت للانتباه عدم اكتراث أغلب وسائل الإعلام برصد سير المترشحات غير المعروفات، وإخضاعهنّ للدراسة الاستقصائية، واكتفاؤها بتضمين بعض التعليقات حول هذه «الظاهرة»، وهو أمر مخبر عن التفاوت بين المترشحين على مستوى التغطية الإعلامية، من جهة، والحيف الجندريّ، من جهة أخرى علاوة على تبيّن دور الإعلام في تشجيع النساء على اقتحام المجال السياسيّ من عدمه.

ولكن لا بأس، ونحن نمارس السخرية اللاذعة من «استفاقة» النسوان بعد استشراء العدوى والحمّى، أن نمارس تمرينا مماثلا بالتوازي un exercice de symétrie .فإذا كانت سذاجة بعضهنّ قد دفعتهنّ إلى التصريح بأنّ البرنامج يكمن في عدّة مسائل منها السماح بإرتداء «الشورط» ومنع «اللباس الفضفاض والتنكري» فإنّ من المرشّحين من كانوا هم أيضا، محلّ استهزاء. فهذا يعد بتوفير الماء للجميع، وذاك يريد تعدّد الزوجات... ومعنى هذا أنّ سوء فهم مقتضيات العمل السياسيّ، والرغبة في التموقع، والبحث عن البوز، والمرئية، هي عوامل مشتركة بين هذه الفئة من المترشحين، بقطع النظر عن الجنس.

وبصرف النظر عن التعليقات الساخرة التي صاحبت ترشّح النساء-النكرات في فترة شهدت هرولة «الحافي والعريان» نحو التسجيل في «السباق الرئاسيّ» فإنّنا نعتبر أنّ كسر حاجز الخوف من منصب،طالما نُظر إليه على أنّه «مهيب» و ذكوري وفقا لشرط حدّده الفقهاء، ولحديث نبويّ أحكموا توظيفه لمنع النساء من الإمامة والرياسة، قد تمّ. ولا ضير في اعتقادنا، إن تفاوتت خبرات المترشحات على المستوى التجربة السياسية، فالوعي بالحقّ في التمثيليّة وبالمواطنية السياسية، والتصميم، والتحلّي بالجرأة إلى جانب عوامل أخرى، هي صفات مكّنت هذه الكوكبة من النساء من اتّخاذ قرار خوض المغامرة ودخول المعركة السياسية إعلاميا أو فعليّا أو رمزيّا.

وبقطع النظر عن تقييمنا لهذه المبادرات النسائية، وتحليلنا للخلفيات الثانوية وراءها والخطابات التي صيغت على هامشها، وردود الفعل المتضاربة بشأنها فإنّ المترشحات التونسيات سجّلن خطوة جديرة بأن تؤخذ بعين الاعتبار. فما تحقّق رمزيّا هو إرباك التمثلات، وما ترسّخ في المتخيّل الجمعي من تصوّرات تنحاز لصفّ الرجل فتجعل ممارسة السياسة امتيازا خاصّا به. ونقدّر أنّ ما حدث هو التلاعب بالحدود الفاصلة بين الثنائيات المتضادة بين الذكورة/الأنوثة، الخاصّ/العامّ،الداخل/الخارج... وهي حدود كانت صارمة وأثّرت في بناء علاقة كلّ جنس بالسياسة. واستنادا إلى هذه الخلخلة والإرباك لن يتفاجأ التونسيون وغيرهم بارتفاع عدد المترشحات في الحملات الانتخابية القادمة. ونذهب إلى أنّ ما حدث هو مثال حريّ بأن يدرس من منظور يقرن النسويّة/الجندر بالعلوم السياسية، ويقارن بين تجارب مختلف النساء «القادمات» إلى عالم السياسة على المستوى العالمي والعربي. فكم عدد البلدان التي عاشت هذه التجربة؟

وقبل أن نصدر الأحكام الصارمة حول المترشّحات، ونلعن الديمقراطية علينا أن نتساءل: هل تتحصّل الفتاة على تربية تؤهلها لتنمية وعيها برهانات السياسة؟ وهل تساعد المؤسسة التعليمية الشابّات على تمثّل مختلف الأدوار السياسية التي نهضت بها النساء عبر التاريخ؟ وكم عدد البحوث التونسيّة التي حلّلت المتخيّل السياسيّ الذي يتلبّس بالفحولة (imaginaire virile du pouvoir) والخطابات التي تكرّس المركزيّة الذكورية؟ ثمّ ما العلاقة التي تبنيها المرأة بالسياسية والسلطة؟ وكيف تعرّف النساء الفاعلات في المجال السياسيّ أنفسهنّ؟ وهل لهنّ أساليب خاصّة في التواصل تميّزهنّ عن الرجال؟ وما هي طرق بناء الهوية الجندرية في المجال السياسي؟

إنّ التدبّر في هذه الأسئلة يساعدنا على الإقرار بأنّ على التونسيات أن يخضن معركتهنّ الحقيقية من أجل أن يتحوّلن من رقم في المعادلة الانتخابية، وصور باهتة لا لون لها ، وكتلة من أجساد نوشّي بها المشهد، وموضوع للنقاش السياسيّ، وورقة رابحة توظّفها الأحزاب إلى ذوات فاعلة لها قولها وتصوّراتها وكذلك برامجها الخاصة التي تعبّر عن رؤية مغايرة للعمل السياسيّ... عليهنّ أن يتدربن على الفاعلية حتى يكنّ قادرات على تنفيذ برامج الإصلاح والتغيير، ويستطعن ردم الفجوة وتجاوز واقع اللامساواة السياسية.

ولن يُتاح للتونسيات تحقيق هذه الطموحات ما لم يعملن على تغيير طرق التنشئة الاجتماعية، ومناهج التربية والتعليم، وما لم يسهرنّ على تغيير مضامين الكتب المدرسية التي لازالت تكرّس الصور النمطية التقليدية، وما لم يضغطن على المؤسسات الإعلامية والثقافية حتى تعدل عن بخس النساء حقّهن في المشاركة في النقاشات التلفزية والإذاعية، وتعمل على تغيير الخطابات التي تكرّس دونية المرأة التي تنشط سياسيّا في مقابل الإعلاء من شأن الفاعلين السياسيين الذكور.

إنّ تغيير البنى الذهنيّة ليس أمرا هيّنا بل هو جهد طويل النفس ، وهو مسؤولية لا تلقى على عاتق المثقفين/ت فقط بل إنّ المجتمع المدنيّ مدعو إلى تكثيف الأنشطة وفتح النقاش المجتمعيّ حول المشاركة السياسة للمرأة. إلى أن يحين موعد تحقّق هذا المشروع الذي لا يخصّ النخب بقدر ما يعني المؤمنين/ت بترسيخ المواطنة التشاركية ليس أمامنا سوى الإقرار بأنّ منتجي الخطاب السياسي والإعلامي والأكاديمي لا يعترفون بـ«السياسيّة» فلا وجود إلاّ للسياسيّ ورجال السياسية...ولا غرابة في ذلك مادامت اللغة تعكس خيارات الرجال، وتقعيدهم لما قبلوا بتقنينه...وما دامت اللغة تخدم سلطة الرجل باعتباره المعيار. Homme politique

أن تكوني سيّاسية هو أن تخوضي نضالا شرسا من أجل إثبات كفاءتك، و ... هو أن تصمدي أمام المؤامرات، واستراتيجيات الاستبعاد ... هو أن تنهضي بسرعة من الكبوات فلا تنكسري، هو أن تواجهي حملات التشويه والاختراق للمجال الحميمي، ... هو أن تتموقعي وتفرضي قوانينك لخوض اللعبة،...أن تكوني سياسيّة... هي أن تكوني.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسئلة غير بريئة أطرحها في زمن ديمقراطية المشاعر
- هل يؤمن السياسيون بمبدإ التداول ؟
- جثث المهاجرين تفضح الصمت المخجل للفاعلين السياسيين
- محاولات ترسيخ «الأبوية السبسيّة»
- الجهاد بالوكالة
- حدث ومواقف أو انقسام التونسيين حول موت محمّد مرسي
- الأعمال الخيريّة في الدولة المدنيّة
- التونسيون والمسؤوليّة الاجتماعيّة
- «محتسبون»: في مواجهة الحريّات الفرديّة
- مستقبل تونس في المشاريع لا في الأشخاص
- القطيعة
- الجزائريات: في الصفوف الأماميّة
- الإرهاب وقاعدة الفرز
- ردود الفعل على انتهاك حقوق الولدان والأطفال
- الحركة النسائيّة التونسيّة والنقد الذاتيّ
- حقوق النساء في المركز ولكن إلى حين
- المواصفات الجديدة للمترشّحين
- في الاستقطاب الأسري: ما العمل حين يكون الأب مجنّدا للأبناء؟
- ضحايا صناعة التطرّف: ما بين «مدرسة الرقاب» وسجون بلدان النزا ...
- جيل التحوّل الديمقراطي


المزيد.....




- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...
- دراسة: النساء أقلّ عرضة للوفاة في حال العلاج على يد الطبيبات ...
- الدوري الإنجليزي.. الشرطة تقتحم الملعب للقبض على لاعبين بتهم ...
- ” قدمي حالًا “.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في الب ...
- دراسة: الوحدة قد تسبب زيادة الوزن عند النساء!
- تدريب 2 “سياسات الحماية من أجل بيئة عمل آمنة للنساء في المجت ...
- الطفلة جانيت.. اغتصاب وقتل رضيعة سودانية يهز الشارع المصري
- -اغتصاب الرجال والنساء-.. ناشطون يكشفون ما يحدث بسجون إيران ...
- ?حركة طالبان تمنع التعليم للفتيات فوق الصف السادس
- -حرب شاملة- على النساء.. ماذا يحدث في إيران؟


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - امال قرامي - أن تكوني سياسيّة في تونس2019