أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - هل نحن على استعداد لمواجهة تداعيات الأزمة؟














المزيد.....

هل نحن على استعداد لمواجهة تداعيات الأزمة؟


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 6520 - 2020 / 3 / 22 - 13:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لقد مكّنتنا هذه المحنة من مواجهة مجموعة من «الحقائق» أوّلها: ما يتعلّق بإدارة الأزمة على المستوى السياسي. ففي الوقت الذي تحتاج فيه الشعوب إلى قيادة مسوؤلة تتعالى على الخصومات وكلّ ما من شأنه أن يوحي بالصراع حول المصالح والامتيازات والأيديولوجيات..، أو على الأقلّ تتفق على تأجيلها إلى حين تطويق الخطر، وجدنا تنافسا بين أقطاب السلطة تجلّى في الارتباك على مستوى اتّخاذ القرارات، والميل نحو المعاينة، والتريّث بدل اتّخاذ قرارات جريئة تستشرف القادم. وثانيها: ظاهرة الخطابات المتضاربة الصادرة عن جهات يُفترض أنّها مسؤولة سياسيّا، ولكن وجدناها معبّرة عن حالة انفلات تجلّت في تدوينات وتصريحات تنتقد أو تفنّد أو تكذّب قرارات الحكومة، ... وثالثها: عدم استغلال من هم في أعلى الهرم السياق المفصلي للتموقع من جديد بحيث يتسنّى لهم صناعة نماذج يمكن الاقتداء بها كأن يقرّر الوزراء، وأعضاء الهيئات الدستورية التنازل عن جميع الامتيازات التي يتمتعون بها. ورابعها: ما يتصل بالعجز عن صياغة خطاب سياسيّ إدماجيّ لا تقتصر فيه التطمينات على أرباب الأعمال والأموال والموظفين «الضامنين لاستمرار المنوال الاقتصادي المتوحّش» بل تشمل الفئات التي تجاهلها المسؤولون كالمشرّدين بلا مأوى، وعمّال الحظائر و«البرباشة»، والمعينات المنزليات، والمنتصبين في الطريق العامّ لبيع الخضر والخبز والبيض وغيرهم من المنسيين وغير المرئيين. وممّا لاشكّ كان لأداء المسؤولين انعكاسات على التونسيين إذ تعمّقت أزمة الشكّ وارتفعت الأصوات المندّدة بهذا الارتباك والسياسات «البطيئة» وغير الناجعة.

هل كان علينا أن نعيش أزمة «الكورونا» حتى نكتشف أنماط سلوك التونسيين/ات وطريقة تفاعلهم مع المخاطر التي تهدّد أمنهم الصحيّ وحياتهم؟

إذا كان هذا حال المسؤولين فلا تسأل بعد ذلك عن حالات انفلات «العوام»، وائتمارهم بما تمليه عليهم غريزة البقاء من تلهّف على تجميع مواد الاستهلاك الغذائي وغيرها، واعتداء بعضهم على الممتلكات الخاصّة وعدم انضباط البعض الآخر إلى غير ذلك من المظاهر الدالة على استشراء الفردانية والأنانية، والرغبة في حفظ النفس حتى وإن أدّى ذلك إلى السطو والنهب. ولا يفوتنا في هذا السياق أن نذكّر بارتفاع عدد الجرائم قبيل اندلاع أزمة الكورونا، وتخوّف التونسيين من مخاطر تهدّد أمنهم العامّ(الإرهاب، التهريب...).
هل كان علينا أن نمرّ بهذه التجربة حتى نتبيّن درجة وعي التونسيين ووطنيتهم ومدى قدرتهم على ابتكار أفكار وحلول تجسّد التضامن؟

وقد تجلّى ذلك في مبادرات شبابية للتوعية، وأخرى فردية يتطوّع فيها المرء لأداء خدمات للمعوزين أو يتبرّع بوقته أو سيارته أو بعض ما يملك أو يقدّم حلولا عمليّة تجنّب بعضهم الوقوع فريسة الملل والتأزّم النفسي إلى غير ذلك. ولئن قصّر الفنّانون التونسيون المستقرين في مصر على وجه الخصوص، في التبرّع فإنّ أصحاب بعض المصحّات الخاصّة أو الفنادق أو المساكن الخاصّة كانوا في الموعد ليعبّروا عن حسّ وطنيّ رائع وتضامن محفّز للآخرين.

تثبت هذه المحنة التي نمرّ بها اختلاف التونسيين في التعامل مع الموقف ومفارقتهم لنسق التنميط. فمنهم من تجاوز حالة الهلع إلى الانغماس في السخرية والبحث عن النكتة والملحة والطرفة والإبداع ، ومنهم من تجاوز الاستقطاب الأيديولوجي ليثني عن المجهود الذي يبذله وزير الصحة، ومنهم من يقارن بين تجارب الأمم، ومنهم من يبحث عن تاريخ الكوارث والطاعون، ومنهم من يتطوّع بإرسال الأدعية والرقى والفتاوى الخاصّة بجواز دفن الميت دون تغسيله في زمن الأوبئة، ومنهم من يحرّض على العصيان بالتجمّع في الساحات للدعاء والصلاة...

ومهما اختلفت أشكال التأقلم مع ما تفرضه «لكورونا» من قيود على حرّية الحركة والسلوك، والتفاعل بين الأجساد... فإنّ الفرصة سانحة لإعادة النظر في طبيعة العلاقة بين: من يملك السلطة ومن يتوجّب عليه الإذعان لأوامر الضبط والرقابة، ولإعادة ترتيب العلاقة بين الإنسان والطبيعة، بين الفرد وثقافة الاستهلاك،...لأنّنا ببساطة لن نعود إلى الوضع الطبيعيّ والعادي الذي كنّا عليه...

هناك زمن «ما قبل الكورونا» وأزمنة «ما بعد الكورونا» فهل نحن على استعداد لمواجهة تداعيات الأزمة على كافة الأصعدة؟



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكورونا بين السياسيّ والدينيّ
- 8 مارس 2020 عندما تُضرب الفتيات والنساء
- السياسة بين «الطهر والنجاسة»
- السياسة والجدل حول اللغة
- «ليلة سقوط الحكومة» من منظور التحليل الجندري
- روائح المطبخ السياسيّ
- الهجانة السياسيّة
- الشجاعة في مواجهة الظاهرة: العنف ضدّ النساء والسياسة
- في محاولات صناعة الشخصية السياسية الكاريزماتية
- في طرق استقبال مبادرات الشباب
- مساءلة
- في أداء المترشّحين وأشكال عرض الذات
- النسوان في قلب العمليّة الانتخابيّة
- ساعة الحسم
- الوصم السياسيّ: قراءة في سلوك الناخبين
- حيرة الناخبين
- أن تكوني سياسيّة في تونس2019
- أسئلة غير بريئة أطرحها في زمن ديمقراطية المشاعر
- هل يؤمن السياسيون بمبدإ التداول ؟
- جثث المهاجرين تفضح الصمت المخجل للفاعلين السياسيين


المزيد.....




- حزب الله: إيران حقّقت نصرا مؤزرا
- كيف تطيل عمر مناشف الميكروفايبر وتحافظ على فعاليتها؟
- 16 قتيلا في احتجاجات بكينيا
- اعتمد على المباغتة.. الجزيرة تحصل على تفاصيل كمين خان يونس
- الموساد يشيد بعملائه داخل إيران وبدعم الـ-سي آي إيه- للهجوم ...
- إصابة 3345 إسرائيليا بالحرب مع إيران و41 ألفا طالبوا بتعويض ...
- أبو عبيدة: جثث العدو ستصبح حدثا دائما ما لم يتوقف العدوان
- لماذا تتجه طهران لمنع الوكالة الدولية لتفتيش منشآتها؟
- كاتب روسي يدعو موسكو للتحرك دبلوماسيا من موقع قوة
- موقع تركي: القبة الفولاذية باتت ضرورة ملحة لتركيا


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - هل نحن على استعداد لمواجهة تداعيات الأزمة؟